إدانة محاولات فرض فلسفة أحادية و\أو إدخال الخطاب الطائفي في البرامج الجامعية العراقية
المرصد السومري لحقوق الإنسان
أوردت بعض الأخبار دعوة وزير التعليم العالي العراقي السيد علي الأديب الجارة"إيران إلى مساعدة الوزارة في سد النقص الذي تعانيه الجامعات العراقية في مجالات الفقه والحديث والعلوم القرآنية،..." وأشارت بعض الشخصيات في تصريحاتها الصحفية بالخصوص إلى "أن المناهج والكتب التي تدرس حاليا تضع المذهب الشيعي "موضع اتهام وتثير التفرقة الطائفية وتنشر الإرهاب" كما أشارت تلك الأصوات إلى أنّ "وزارة الثقافة الإيرانية أعلنت عن نيتها إنشاء "كرسي اللغة الفارسية" في الجامعات العراقية."
ومع تطلع جامعاتنا لتحديث برامجها، وإغناء التفاعلات مع التجاريب الأخرى ومنها حال الاتساع في دراسة اللغات الحية، فإنّ الأكاديميين العراقيين يتطلعون بدءا لأن يكون للجامعة العراقية استقلاليتها العلمية من جهة واعتمادها الروح الأكاديمي وأدوات العصر والحداثة في جهود التغيير والتطوير. إلا أنّ قراءتنا للأخبار الأخيرة [إنْ صدق ما ورد فيها] وجدت: جملة من القرارات التي كانت اتخذتها جهات حكومية بعينها، بما يؤدي إلى منع الجامعة من أية ممارسة أو نشاط سياسي؛ فضلا عن أن تطبيق مثل تلك القرارات جرى بصيغة حرمت الطلبة والأساتذة من النشاط المهني الديموقراطي واتجهت لعزل الجامعة عن خدمة التقدم ومسيرة البناء عبر ما نجم عن تلك القرارات من فصل الجامعة عن المجتمع!
والكارثة، أن تطبيق قرار (منع العمل السياسي) بصورة مشوهة منح فرصة مضافة أخرى لبلطجة اتسمت بالمافيوية، أطلقت يد بعض الأطراف حزبيا بوقت منعت النشاط السليم المفترض وجوده في الحرم الجامعي! ومن جهة ثانية تأتي اليوم صيغ مثل محاولة إنشاء جامعات تفصل بين الذكور والإناث أو تكون مخصوصة بالإناث! ومن مثل طلب تحديث المناهج ليس في إطار قرارات الجامعات العراقية علميا ولا في إطار توظيف أسس التعاون العلمي الأنجع مع الجامعات العالمية الأحدث بل في إطار أبعد تضييقا؛ بوضع الطلب حصرا بطرف بعينه، معروف عنه فرض مناهج تخضع لأدلجة ماضوية من جهة وأحادية مرضية تتجسد بخطاب الطائفية السياسية بدل الخطاب العلمي المتطلع إليه من جهة أخرى!؟
إنّ صوتنا نرفعه اليوم، في حال صحّت تلك الأنباء أو بعضها؛ ليكون احتجاجا قويا ضد استبدال أدلجة الجامعات من خطاب بعثفاشي أحادي مرضي إلى خطاب طائفيسياسي هو الآخر أحادي مرضي يخلق الفتن والاضطرابات من جهة ويصادر حرية البحث العلمي ويُخضِع البرامج الجامعية لسطوة سياسية خطيرة وبلطجة قوى لا علاقة لها بالجامعات سوى من بوابة مسخها بإخضاعها لحزبوية ضيقة الأفق ولفلسفتها المرضية المفضوحة.
كما أننا نطالب هنا باستعادة الجامعات لحريتها واستقلاليتها وبمنع مصادرة أنشطة منتسبيها، المهنية الديموقراطية، وبوقف أية تدخلات في توجيه برامجها علميا أكاديميا وحظر تشويه تلك البرامج بخطاب حزبوي ضيق الأفق ومرضي يتعارض وقيم العقل العلمي، ونشجب فرض علاقات تعاون تتناقض وأسس علاقات التعاون العلمي، وتضعه في سلة فرض خطاب مؤدلج بفلسفة الطائفية السياسية بالمخالفة مع ما هو متعارف عليه في علاقات التعاون العلمي بين الجامعات.
ونحن نضم صوتنا مع أصوات جامعاتنا العراقية في مساعيها لاستعادة مكانها ومكانتها العلمية من جهة وفي تحديث برامجها بأسس موضوعية علمية مكينة بعيدا عن مثل تلك التوجهات المتعارضة جوهريا مع قوانين عمل الجامعات بوصفها البيت العلمي المعتمد أكاديميا بلوائح وقوانين معروفة عالميا.
ونتمنى هنا على مسؤولي التعليم العالي في العراق ليس الاكتفاء بنفي تلك الأخبار ولا مجرد التراجع عن القرارات غير الصائبة التي تمّ اتخاذها فعليا بل في أن تتحمل مسؤولياتها وتؤكد العمل ببرامج تستند لجهود علمائنا وأساتذة الجامعات وإداراتها العلمية الأكاديمية وبما يحترم تطلعات طلبة الجامعات ومطالبهم وحقوقهم في ممارسة أنشطتهم الحرة المستقلة وبما يخدم حركة بناء العقل العلمي في بلادنا أسوة بمسار أممي يرتقي ومعطيات العصر...