شجب المضايقات الاستفزازية من جانب قوات الاتحادية للمتظاهرين، والمطالبة بوقفها وسحب تلك القوات بعيدا عن ميادين التظاهر
في دلالة على الموقف السلبي من التظاهرات وممارسة إجراءات مضادة لحقوق المواطنين في التظاهر وحق التعبير الحر، فضحت الوقائع الجارية من طرف القوات الاتحادية تجاوزاتها وأفعالها التي تتناقض والمعطيات الدستورية والقوانين الحقوقية المرعية. مثلما أشرت مخاطر نهج قيادتها وطبيعة السياسة التي تحكم توجهاتها.
لقد اتسمت تلك الممارسات بالمماطلة والتسويف وإرسال لجان غير ذات صلاحية واختلاق متحدثين من خارج إطار المتظاهرين للحوار معهم وليس مع الممثلين الحقيقيين للمتظاهرين وسحب صلاحيات منح رخص التظاهر وتقطيع أوصال المدن ومنع وصول المواطنين إلى ميادين الاعتصام والتظاهر بغية تحجيم تلك الحركات الشعبية بتكميم الأفواه ومنع وسائل الإعلام من التغطية المناسبة لتلك التظاهرات..
والجديد في ممارسات قوات الاتحادية تمثل في إرسال مندسين لتشخيص الناشطين من منظمي الاعتصامات والتظاهرات، واستغلال صيغ المخبر السري بقصد المطاردة والتضييق والاعتقال. كما ظهرت عناصر اعتقلت وسط المتظاهرين وزعمت أنها جاءت لاغتيال ناشطين باسم قوات الاتحادية أو بأوامرها! وما يثير الأجواء أن قوات الاتحادية احتكت مع حمايات وشرطة محلية وأبعد من ذلك وأخطر منه أنها شرعت في حصار كارثي بقطع الماء والكهرباء عن ساحة الاعتصام بمدينة الموصل! كما بدأت بمنع إيصال الطعام إليهم!؟
إن هذه التحولات العجلى في ممارسات الاتحادية، باتت جريمة في نطاق ممارسات نوعية جديدة تتناقض والقانون الدستوري وأي شكل للقيم الإنسانية ومبادئ الحريات والحقوق.. وهي ممارسة لا يمكنها إلا أن تنتهي بصدامات مباشرة بين المتظاهرين السلميين وتلك القوات المدججة بأسلحة أكبر من مواجهة مواطن عاري الصدر لا يحمل حتى العصا في يديه.. ومثل هذه الممارسة تشكل جريمة أخرى ومحاولة أخرى لاستدراج المتظاهرين باتجاه صيغ عنفية ربما بقصد قمع التظاهرات بوحشية ليست غريبة على من يحضِّر بـ ليل لتلك الاصطدامات..
وفي وقت لم نشهد من جانب مسؤولي الداخلية سوى إطلاق الاتهامات والتصريحات التي تؤكد الانحياز الطائفي من جهة والعمل وكأنهم قوى حزبية أو فئوية تتقاطع والآخر بطريقة حزبية لا دلالة فيها على المهام الوظيفية ولا على أي مؤشر لآليات عمل مؤسسي حكومي؛ فإننا في الوقت ذاته نرصد تغافل تلك الشخصيات المسؤولة في الحكومة وتحديدا في الداخلية، عن مهامها الوظيفية الحيادية المحصورة بحماية التظاهر وبعدم التدخل في توجهات التظاهرات وشعاراتها...
إننا نحمّل هنا رئيس (مجلس) الوزراء بوصفه الرسمي هذا وبوصفه قائدا عاما تأتمر قوات الاتحادية بأوامره وبكونه مسؤولا عن وزارة الداخلية ومجموع الجهات الأمنية الاتحادية، المسؤولية كاملة عن تلك الممارسات التي لا تكتفي بخرق القانون ولكنها تكاد تجر الأوضاع لصدامات تثير قلق أبناء شعبنا والحريصين على السلم الأهلي ووحدة البلاد وحماية الحريات والحقوق...
كما نؤكد على واجبات الحكومة وأجهزتها في الآتي:
1. سحب قوات الاتحادية وتسليم المهام للأجهزة المحلية المسؤولة بأسرع وقت متاح.
2. فتح التحقيق في تهمة محاولات اغتيال شخصيات منظمة للتظاهرات، و\أو اعتقالهم مثلما جرى مع السيد اللافي في الأنبار.
3. وقف فوري لأية اعتداءات واحتكاكات تجري مع السلطات المحلية أو مع المتظاهرين.
4. وقف فوري لأشكال الحصار وإنهاء عاجل لقطع الماء والكهرباء والغذاء عن ميادين الاعتصام والتظاهر.
5. وقف سياسة تقطيع أوصال المدن بشوارعها الرئيسة والفرعية والسماح للفئات الشعبية بالتظاهر بحرية وضمان حق التعبير الحر وحمايته.
6. وقف التصريحات الاستفزازية والخطاب الإعلامي المعادي لحرية التظاهر ووقف أعمال التشويه والتضليل تجاه التظاهر ومطالبه الفعلية.
7. وقف الخطاب السياسي التقسيمي المستند لاختلاق التناحر الطائفي وافتعال مبررات ممارسته عبر محاولات جرّ الآخر للطائفية وفلسفتها..
إننا في المرصد السومري لحقوق الإنسان نحمِّل الحكومة ورئاستها تحديدا والأجهزة المعنية والشخصيات المسؤولة فيها كامل المسؤولية عن التداعيات التي تجري ميدانيا على الأرض. حيث تتعمد سياسة قوات الاتحادية ممارسات عدائية مستفزة لا ينجم عنها سوى الدفع باتجاه العنف وتأجيج المشاعر والتضييق بما يجرها باتجاهات التفجر على أسس تناقضية تمكّن القوى والعناصر الطائفية المشحونة من تصدّر المشهد وهو ما تفضح تلك المنهجية الرعناء توجهه لجر المتظاهرين لاصطدام عنفي، وبهذا فأما أن يكون من يوجه قوات الاتحادية يتقصد الأمر لمآرب سياسية أبعد خطورة أو أنه كما برهنت التجاريب فشل في استقراء الواقع عن جهل وعدم كفاءة. وفي كلتا الحالين لابد من حسم الأمر رسميا.
ونشدد في المرصد السومري لحقوق الإنسان على ضمان حق التظاهر والتعبير وعلى واجب كفالته وحمايته وندين هنا كل ممارسة تقف بوجه هذا الحق المشروع أو تشويهه أو محاولة دفعه باتجاهات خاطئة غير محسوبة العواقب.. وندعو القوى الوطنية الديموقراطية للوقوف بفاعلية أكبر وأوضح ميدانيا كيما لا تتجه الأمور نحو تداعيات خطيرة تنذر بكوارث انهيارات شاملة. مطالبين المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية التدخل العاجل لفض أشكال الحصار ووقف نهج القوى المتخندقة خلف كرسي السلطة وتوجهاتها الطائفية..
ونحن هنا نؤكد على أن الأساس في السمو الدستوري يبقى بيد الشعب وقواه الحية، وليس بيد العناصر التي تتحكم بالكرسي الحكومي. واثقين من أن قوى الشعب لن تترك التداعيات تأتي على حساب أخوّة الوطن حيث المساواة ورفض التهميش والمصادرة والإلغاء وبناء دولة مدنية ديموقراطية هي دولة المواطنة والحريات والحقوق ووحدة مكونات الشعب وتفاعلها إيجابا كما كانت دوما. والنصر لحقوق الشعب وحرياته ومطالبه العادلة.
المرصد السومري لحقوق الإنسان \ البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
لاهاي هولندا 24. 02. 2013