أمسية شعرية موسيقية لرابطة بابل للكتّاب الديموقراطيين
انعقدت في مدينة لاهاي دنهاخ بهولندا أمسية شعرية موسيقية بعد زمن من الجفاف في الأنشطة الأدبية والفنية في أجواء عاصمة السلام والعدل.. فلقد مضى وقت طويل تلكأ فيه كثير من الأنشطة لعدد من الجمعيات العراقية وتم التركيز في حينه على أماسي سياسية ومناظرات فكرية تخص الوضع العام في البلاد بالتحديد منها ما خص الدستور وصياغته وهو أمر مهم سيتعمق تقدمه والنجاح فيه بتنشيط الخطاب الثقافي إلى جانبه..
وها هي رابطة بابل للكتّاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين تعود لتحتفي بشعراء العراق بمختلف الأطياف الوطنية.. وقبل أن نقدم الشعراء والشواعر نشير إلى أن الرابطة عملت على إشراك المنتديات العراقية المتنوعة حيث ساهم النادي الثقافي الكردي والنادي الثقافي المندائي في إحياء الأمسية فألقي فيها كلمتان باسمهما وجرى الترحيب بالعمل المشترك بين الأندية والتجمعات العراقية لخدمة الثقافة المتنورة وتقديم الجهود الإبداعية واللقاء بجمهورهما...
وألقت الفنانة التشكيلية المعروفة عفيفة لعيبي سكرتير رابطة بابل للكتاب والفنانين الديموقراطيين كلمة استعرضت فيها جذور الرابطة ومرحلة ولادتها كما أشارت للظروف المحيطة بها من جهة تضييق الدعم وانعدامه في السنوات الأخيرة وبقيت تعتمد جهودا فردية مثابرة من أجل تعزيز موقع ثقافتنا ونتاجات مبدعينا، شاكرة للجمهور كثافة الحضور والإصرار عليه بعد أيام من التعب والمثابرة في أجواء الانتخابات التي شكلت عرس العراقيين في الوطن والمهجر وديدن الرابطة أن تعمل على دعم تلك الجهود وتفعيلها..
ثم قدم الدكتور تيسير الآلوسي الذي أدار جلسات الأمسية الشاعرة العراقية الكردستانية فينوس فائق بوصف نتاجها الشعري حالة من التمرد على الثوابت التي تكلست في الأداء الشعري وعلى المحظور الاجتماعي والديني بما يقدم قصيدة تمتلئ جمالا وفكرا نقديا فاعلا.. فقرأت الشاعرة قصائد باللغات العربية والكردية والهولندية ...
قدم الدكتور الآلوسي أيضا الشاعر ناجي رحيم واصفا إياه بالمشاكس في حياته كما في شعره والمتخم شعرا بالانزياحات الجمالية والصور العميقة بوصفها محمول قصيدته الفلسفية العمق ولكنها اللاعبة الماهرة الحاذقة في تلوين أجواء التلقي بالبهجة والسرور على الرغم من المواجع التي تشير إليها.. وقرأ الشاعر باللغتين العربية والهولندية ..
وكان قد رافق القراءة الشعرية موسيقا آلة السنطور للفنان وسام أيوب العزاوي ما أتاح للمتلقي السباحة في إيقاع القصيدة وموسيقا الشعر وتداعيات صوره فانتقلت الموسيقا بين موسيقا الهور وموسيقا الجبل وإيقاعات القصيدة شرقية اللغة وغربيتها وبين الإسهام والإبحار في أجواء الرومانس وسرعة الحركة وتنقلاتها في مقاطع التمرد والثورة فكان عمق الانسجام بعيدا في ما أتاحه من إضافات ولمسات جمالية أصيلة وفريدة في القدرات التعبيرية وميدانها الفسيح في تعميق الاتصال وإيماضات القصائد في ذهن المتلقي...
بعد ذلك تداخل الجمهور في أسئلة وتعليقات موجهة إلى الشعراء وإدارة المنصة ومن ذلك ما ارتبط بأهمية الخطاب الثقافي وتوكيد قيم الإبداع الأدبي والفني وتعزيز الدعم والتقدم به إلى جانب طبيعة اللغة وتأثيرها في توجيه القصيدة وإيقاعها وإشكالات البناء الشعري وتوظيفات أزمنته بين المرجعية والصورة المتخيلة للقصيدة وإشكالية ترجمة القصيدة إلى لغة أوروبية أو الكتابة باللغة الهولندية وطبيعة التجربة وآثارها على تجربة الشاعر وتطويرها..
وبعد استراحة قصيرة عاد الجمع ليلتئم على قراءات سريعة في الشعر أعقبها عزف منفرد على السنطور شنفت له الأسماع وأطرب جمهوره من الجيلين العراقيين الأول والثاني من أبناء الجالية العراقية هنا.. فعزف الفنان العزاوي سحر الرافدين وهي مقطوعة من تأليفه تتحدث عن مراحل من تاريخ العراق هي السومرية العريقة في تراث الإنسانية ثم زمن ألف ليلة وليلة ومفاخر زمن ولادة بغداد الحاضرة البهية وزمن بغداديات مطلع القرن الماضي حيث تبختر بغداد بقيمها وتقاليدها الاجتماعية زمن "الأفندي" وسلطته التقليدية وثقافة الشارع العراقي بين التقاليد الإيجابية والنتائج الإبداعية في فنَّـي الأغنبية والموسيقا فاستمعنا إلى المقامات العراقية وإلى الأغنية الستينية والخمسينية وبعض الإيقاعات الراقصة..
وبعد رحلة سويعات الجمال تركت جمهورها متعطشا لملتقيات أخريات شبيهة، انتهينا لتكريم رمزي للشاعرة فينوس فائق والشاعر ناجي رحيم والفنان وسام العزاوي وباقات الورد من النادي الثقافي الكردي ومن رابطة بابل التي نظمت الأمسية... فيما كان الجمهور يؤكد لزوم مواصلة الأماسي الثقافية الجميلة كهذه ووقف تداعيات الانقطاع عن الحراك والنشاط...
وتقدمت رابطة بابل للكتاب والفنانين الديموقراطيين العراقيين على لسان الدكتور الآلوسي بالشكر للحضور الكريم من جمهورنا ولذائقته الراقية وللحوار البناء الذي حظيت به الأمسية وللاحتفاء الكريم من ذياك الجمهور العزيز بمبدعينا آملين أن تتاح الفرص الوطيدة لمواصلة تلك الملتقيات المشرقة في سماء مدن الغيوم وأمطار الخير والعطاء...
ملاحظة: هناك قراءة نقدية في قصائد الأمسية سيجري نشرها قريبا...
متابعة ألواح سومرية معاصرة