من أجل منظمة مجتمع مدني متخصصة في وضع البرامج والحلول الأنضج لتشغيل العائدين إلى الوطن
رسالة إلى مثقفينا ومبدعينا وأكاديميينا من العائدين للمشاركة في بناء الوطن
رئيس جامعة ابن رشد في هولندا
عاد منذ العام 2003 آلاف من العراقيات والعراقيين من حملة الشهادات العلمية بمختلف التخصصات ومن المثقفين المبدعين من حملة الفكر وجميعهم من أبناء الوطن المتمسكين ببنائه وإعادة إعماره بتضحيات لم يدخروا جهدا، وهم العقل العلمي للعراق، إلا وقدموه من أجل عراق جديد لا يتوسد مجد تراثه حسب بل يعيد بهاء وجوده في حاضره ومستقبله..
ولكن من بين المشكلات التي عانى منها أغلب هؤلاء اللواتي والذين عادوا إلى الوطن، هي روتين الاستقبال بخاصة بشان حقوق عودتهم إلى وظائفهم وهم يستحقون بالأصل وبالمعنى الأشمل والأعمق أن يكونوا في سدة مسؤولية بناء البلاد بما يحملون من كفاءات وغنى معرفي وإبداعي...
وأكثر من هذا وذاك مضيّ عقد من الزمن ومازال جلّ أصحاب الشهادات بعيدين عن الحصول على حقوقهم في التوظيف والعمل بذرائع وحجج واهية.. وبما يجابهونه في كثير من الأحيان من سلسلة من الخروقات الحقوقية والروتينية الوظيفية ومن اختلاق العقبات والمشكلات كيما يبقوا بعيدين عن نيل مطلبهم الأبسط بالتوظيف!
ولعل كثير من المنظمات التخصصية والنقابات والاتحادات وجهات منها منظمات العاطلين عن العمل أدخلت في برامجها فقرة الدفاع عن حقوق هؤلاء.. ولكن المشكلة باتت من التفاقم ومن العمق والاتساع ما يتطلب إنشاء منظمة نقابية مخصوصة في بلادنا؛ تعالج بشكل مباشر قضية متابعة القوانين الصادرة بخصوص التشغيل والإعادة للوظائف بما يجعلها قادرة على استكناه الثغرات التي يستغلها بعضهم أو التي يقعون أسرى تطبيقات قانونية تعسفية تتعارض وروح الدستور وقوانين حقوق الإنسان ومصالح هذه الشريحة المتسعة الكبيرة..
وفي ضوء ولادة مثل هذه المنظمة ودراساتها الموضوعية يمكن تحديد المطالب بالتعديلات القانونية المؤملة لحل المشكلات التي تعترض تشغيل العقل الوطني العراقي العائد من مهجره القسري. وتعالج ظروف عيشهم غير الطبيعية فضلا عن استثمار وجودهم بطريقة بنيوية ستكون أكثر أهمية من رأس المال المالي كون رأس المال البشري العائد جاهز بخبراته وإمكاناته وطاقات عطائه المميزة.
إنني أقترح على جميع العائدات والعائدين من الكوادر العلمية من حملة الشهادات الجامعية الأولية والعليا ومن حملة شهادات المعاهد التخصصية ليشرعوا في التحضير لمؤتمر تأسيسي لمنظمة العقل العلمي العائد من المهاجر ولهم أن يشكّلوا اليوم قبل الغد لجنة تحضيرية تتابع الاستعدادات وتسجيل المنظمة رسميا في بغداد والمحافظات ومتابعة شؤون العائدين..
علما أن هذا الاتجاه سيكون بوابة عملية أيضا يمكنها بالتنسيق مع الجهات الرسمية المعنية ترتيب إجراءات عودة الطاقات المهاجرة على وفق الطاقة الاستيعابية وتنظيم جدولة مناسبة لتلك العودة لا تضغط سلبيا لا على مؤسسات الدولة ولا على العائد وظروف عيشه..
إن وجود ((مؤسسة مجتمع مدني)) فاعلة بوصفها منظمة عاملة تحيا ظروف عيش هذه الكوكبة النبيلة التي عادت، لَأمر يبقى ضرورة مميزة ومهمة وتأسيسية لحل كثير من التعقيدات والمشكلات. ومن دونها ستبقى هذه الكوكبة من أبناء الوطن في حيص بيص ضيم وظلم وتعسف كبير وستطول مديات المعاناة وسيكون تعطيل مساهماتهم في البناء سببا لمشكلات تتوالد بمشكلات أخرى تتراكم وربما تنفجر سلبا..
وفي وقت يرحب الوطن والشعب بعودة بناته وأبنائه فإنه سيكون أكثر فخرا بكونهم يمارسون أنشطتهم بطريقة مدنية مسؤولة وبتفاعلات ترسم الخطط والقوانين والأساليب المناسبة لحل المعضلات وليس بالاحتجاجات الفردية التي تطحن المواطن نفسه ولا تعيد له حقا فيما تولِّد شروخا عميقة الغور في القيم الناشئة عن هذه الجريمة المرتكبة بحق بنات الوطن وأبنائه وتعطيل كفاءاتهم عن العمل..
ولربما استطاعت هذه المنظمة إيجاد قواعد بيانات عملية مناسبة تستطيع في ضوئها وبحسب التخصصات المهنية والإبداعية توجيه فرص الحلول وتوفير عناصر متابعة رسمية يمكنها ولوج أماكن لا يستطيع الفرد وصولها أو إيجاد صلات خطاب موضوعي معها ما يقف عثرة دون حل الإشكالات التي تجابهه.
أذن، أدعو للشروع بالآتي:
1. تشكيل لجنة تحضيرية من العائدين أنفسهم في داخل الوطن.
2. إعداد وثائق مثل هذه المنظمة على وفق قوانين مؤسسات المجتمع المدني العراقية.
3. الإعلان عن فكرة المنظمة ودعوة المعنيين للانضمام وليكونوا الأعضاء المؤسسين.
4. طلب شكل رسمي من الدعم والرعاية غير المشروطة لتوفير فرصة الانطلاق و\أو البحث عن مصدر تمويل مناسب لعقد المؤتمر كبادرة أولى.
5. الإعلان عن موعد المؤتمر التأسيسي ومكان انعقاده والدعوة إليه رسميا.
6. ينبغي للمؤتمر أن يطلق إعلان بشان التعديلات القانونية الضرورية بالخصوص وعن حق المنظمة في إطار القوانين المرعية متابعة مصالح أعضائها.
7. دعوة الجهات الرسمية للمشاركة بصفة مراقب في المؤتمر التأسيسي تعزيزا للصلات واشكال التنسيق بين مؤسسة المجتمع المدني الوليدة وبين تلك الجهات وتعبيرا عن تمسك بضوابط القانون والعمل الفعلي المباشر مع جميع الأطراف لحسم القضايا العالقة..
إن هذه المعالجة والتصورات والمقترحات التي تقدمها، لا تنفي وجود أنشطة جزئية ومحاولات من جهات رسمية وحكومية للمعالجة وكذلك للدفاع عن مصالح هذه الكوكبة ولكن الرؤية هنا ترى ضرورة وجود منظمة محددة البرامج والأهداف يمكنها التركيز على حال هذه الكوكبة وظروف عيشها وما جابهته وتجابهه من ظروف تعسفية معقدة.
وتتطلع هذه المعالجة أن تجد الفكرة التي تقتحرها، حالا من التفاعل المباشر عمليا، وتمنيات بالموفقية للجميع من أجل العراقية والعراقي وظروف عيشهما واسثمار طاقات الفعل والبناء عندهما بدل التعطيل والتبطل وتشتت الجهود التي لا تسمح بمعالجة جوهرية حاسمة ونهائية وهو ما تأمل هذه الورقة أن تتحول به لمستوى التنظيم والإنتاج المثمر لمصلحة الجميع.