مجددا مع البطاقة التموينية وقرارات الحكومة بشأنها؟
تيسير الآلوسي
إذا تم التراجع عن قرار إلغاء البطاقة التموينية فإن مطالب الناس الفعلية الكاملة لا تقف عند الاستمرار بها؛ ولكنها تتطلع إلى مثابرة شعبية ونخبوية مستمرة متصلة، تصرّ على الآتي:
1. تطهير نظام البطاقة من أشكال الفساد فيه وهي قضايا فساد بنيوي من تركيبة النظام ..
2. كما ينبغي أن تتحسن مواد البطاقة نوعيا وكميا بمفرداتها لتكون بمستوى احترام حاجات الفقراء الفعلية كونهم بني آدم كما كل البشرية التي تتساوى في مطالب العيش الكريم...
3. أن يجري رسم استراتيجية لمعالجة ظواهر الفقر وإزالته نهائيا من بلد الثروات والخيرات.
4. أن يتم وضع خطة بعيدة المدى للانتهاء من البطاقة التموينية والانتقال لاقتصاد يضمن الحدود المتوسطة لأبناء البلاد وبناتها نسبة لمستوى الدخل الوطني.
5. ألا نُفاجأ بقرارات جديدة وهزات مرتجلة تخلل الأوضاع وتؤثر سلبيا على السوق وعلى أوضاع الناس فمن جهة تطلق العقال لانفلات الأسعار ومن جهة تُنتج أزمات منها التضخم وضعف القدرة الشرائية وما إليها..
فهل هذا كبير على بلد فيه خيرات الثروتان البشرية والمادية؟ هل هذا مستحيل في بلد يملك آخر قطرة نفط عالميا وفيه ميزانية تعادل خمس من ميزانيات كبريات دول المنطقة!!؟
لكل القوى التي وقفت ضد هذا الارتجال، وضد هذا العبث بمصائر فقراء البلاد، أقول: لا تتوقفوا عن الحزم في مطالبكم وحقوقكم فأنتم لا تستجدون لقمة العيش بل هي حقوق العراقيين الثابتة في بلدهم.. و لا تنسوا أنّ هناك من يحسدونكم على كونكم مواطنين في هذه البلاد الغنية، كونكم بحسابات الرياضيات المجردة [عندهم] من بين أوائل أغنى المواطنين عالميا!!! وإن كانت جيوبكم خاوية من القرش الأحمر ويبدو أنهم لا ينظرون إلى جيبوكم بل إلى ثرواتكم.. فتقدموا وما ضاع حق وراءه مطالب..
من جهة أخرى أغمز لكم؛ أنّ خياراتكم لانتخابات المجالس البلدية والانتخابات البرلمانية القابلة لا تحتاجون فيها لتوصية، فبرقع التقوى المزيف الذي جاءت به قوى الطائفية السياسية قد تمزق وأزيل.. ولا يمكن حتى للعشو في بصر البعض أن يخفي الفضائح التي تكشفت في الحركات والأحزاب التي تدير الحكومة.
ألم تروا آليات العمل حيث الفساد بات بنيويا، وقد اتحد فيه التاجر والسياسي بل صارا شخصية واحدة، تضع كامل الثروة بلا نقصان في جيوبهم، جيوب السراق والناهبين؛ فهل ستعيدونهم إلى الكرسي ليواصلوا الفساد والإفساد؟ ليواصلوا سرقة أرواحكم بعد أن انتهوا من نهب ثرواتكم!!؟
الإجابة أمر يعود إليكم.. لقد صرحتم بمطلبكم في التغيير في تظاهرات فبراير2011.. وبقي عليكم تثبيت هذا الرأي السديد بخياركم الجديد لمن خبرتموهم في معادنهم الزكية وبرامجهم البنائية المهمة وأنفسهم الكبيرة الأبية، فأسميتموهم "أصحاب الأيادي البيضاء".. فإذا جاء خياركم موحِّدا صوتكم، الصوت الشعبي العريض، مع العقل النخبوي المتخصص والضمائر الحية النزيهة فإن العلاج يأتي حاسما ونهائيا وإلا فإننا جميعا في سلة بطاقة الفقراء المريضة الهزيلة التي ستصير هذه المرة تابوت ملايين منا، وحاشا أن يميتنا همج الجريمة والفساد..
لا تقبلوا أن يقولوا لنا أنتم تمسكتم بهذه البطاقة وعليكم تحمل ثغراتها وسلبياتها.. لا تقبلوا أن ترد البضاعة فاسدة خرِبة لا تقبلوا سياسة الضحك على الذقون وقشمريات الفاسدين.. إنهم يخيرونكم بين بطاقة هزيلة بائسة فارغة إلا من هواء فاسد وبين الخضوع لخيار شروط صندوق النقد والبنك الدوليين بالتحول لاقتصاد السوق بلا مقدمات وبلا استعداد بنيوي ينظر لملايين الفقراء المهددين بغوائل الزمن وليس أقلها أعلى نسبة فساد عالمي حيث الفساد كما مر معنا بنيوي بوجود سلطة إحالة البلاد والعباد إلى "غنيمة" يتحاصصون فيها.. وحيث الإرهاب يدفع الشعبُ أتاوة بلطجته من ثروات الوطن البشرية أولا حيث إزهاق أرواح مئات الآلاف والمادية حيث ميزانية البلاد هي البنك الرئيس دوليا للإرهاب وقواه الأقليمية والمحلية!!
إن أسسا عديدة يمكن اعتمادها نزيهة لبطاقة الأزمة، مع أنها بطاقة بالإكراه، ولكن لا يجوز القبول بها خاوية ملأى بالعبث والسمسرة بصحتنا وغذائنا.. حيث مرة تصل محملة بمسببات الأمراض والسرطنة وكأن العراقي يحيا في بيئة نظيفة من المسرطنات ليضاف له برادة الحديد وغيرها!! ولا تقبلوا بالنقصان فيها ويجب مراقبة ميزان الغش والخداع. وأي ميزان هو ميزان أدعياء التدين والتقوى وهم لا يوفون الكيل!!؟
والقرار من قبل ومن بعد، بأيديكم وأصواتكم الهادرة. والحكيم من التجربة يستفيد ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين وقد اكتويتكم ما يقارب العشر سنين العجاف وليس الاثنتين! فحزموا أمركم وخياركم وإلا فــ "لات ساعة مندم"...
يرجى مراجعة المادة السابقة بالخصوص : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=331678