إلى بنغازي في يوم التضامن الوطني ضد التهميش
أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
رئيس جامعة ابن رشد في هولندا
تنطلق في القريب مظاهرات احتجاج ضد التهميش الذي تعاني منه بنغازي؛ وضد حالات التمييز المناطقي فضلا عن إهمال متعمد وعن قصدية في توجيه فعاليات تشويه ضد بنغازي من جهات تسللت لجهاز الدولة وأخرى تقيم في مغاور الجهل بجبال غير بعيدة.
ولمن يريد إغماض العين أو قد يسهو نقول بدءا وقبل الخوض في جوهر الموضوع: ينبغي الالتفات إلى موضوع تنظيم التظاهرة والقوى التي ستكون في ذات المكان وتأمين سلامة المشاركين وسيرهم بالاتجاهات المحددة من دون تضارب من جهة ومن دون أن تُسرق لصالح قوة أو أخرى. المسؤولية على المنظمين في إيجاد الوسائل الكفيلة والضمانات التي تحمي الغاية الرئيسة من التظاهرة وألا يجيرونها هي الأخرى ضد بنغازي و أهلها.
ولبنغازي وأهلها نقول: أنتم تتظاهرون من أجل مدينتكم، وهي مدينة العلماء والمفكرين والمبدعين، وتلكم حقيقة يعرفها القاصي والداني.. وهي إلى ذلك، مدينة المبادرة والمبادأة حيث الانتفاضات والثورات وحيث فبراير الخير كان منطلق اللهيب من هنا.
وفي ضوء ذلك فأنتم أصحاب الوعي الألمع بأن التظاهرة التي تدافع عن بنغازي هي في الوقت ذاته تدافع عن ليبيا الجديدة. وهي تعلن وتؤكد مبدأ المساواة وطنيا ورفض الفئوية والمناطقية والتشظي بينها.. كما تؤكد أن بنغازي هي جوهرة ليبيا الثقافية الاقتصادية وهي الاسم اللامع لليبييات والليبيين، يفخرون بها ويتضامنون معها، مثلما أهلها؛ وهي ليست وحيدة معزولة بل إنّ هذا الرد يأتي لتوكيد وحدة الليبييات والليبيين بكل مناطقهم ومدنهم..
إن الاحتجاج يأتي واضحا في هدفه كونه احتجاجا على من تسلل في الدولة الجديدة وبات يلعب بخبثه ضد برامج التحديث والتجديد والبناء والتقدم. فيما ينبغي أن تشمل عملية التحديث والبناء الجميع ولا يقبل بإقصاء أو إلغاء أو تهميش..
والاحتجاج يأتي ضد من أرادوا تشويه بنغازي وتصويرها كما المغاور التي ينطلقون منها حيث جهل تلك القوى وتخلفها الذي ينطق عن تشددها وغلوها وعدائها للاستقرار والسلام والتقدم.
ها هي بنغازي النور والشمس الساطعة تقول كلمتها شعبيا نخبويا رسميا ألا تهميش ولا تشويه. فبنغازي التي أطلقت صيحة الثورة الأولى هي التي تحمي ثورتها من الفساد والانحراف إلى جانب كل أهل ليبيا الذين يقفون معها اليوم..
إن أهل بنغازي لا يخرجون لوحدهم اليوم ضد محاولات تهميشها وتشويهها بل يخرج معهم أهل ليبيا الجديدة.. فسلمتم أيها الأحرار وامضوا على بركة الله في مسيرة بناء الدولة المدنية بوعيكم ونباهتكم وقدرات العطاء المتصل المستمر.. وأنتم الأعلون حيث التنوير والروح المدني ضد الجهل والتخلف وأفكار الظلام التي تتلفح زورا وبهتانا بالتدين وهي الأبعد عن الدين وحيث المتسللون الأدعياء باسم ليبيا الجديدة وهم الأبعد عمقا باتجاه تاريخ من الاستغلال والانتهازية..
بنغازي اليوم تحتضن بناتها وأبنائها لا تمييز بينهم وهي بنغازي التسامح والسلام؛ والعقل والحكمة، بنغازي التعايش بين التنوع والتعدد في الأطياف.. وبصمات الهوية الإنسانية وحقوقها في التعبير... هذه بنغازي التي تجيش بغنى التنوع وبتمدنها وبانتمائها لعصر الحداثة والعلوم وإبداعات الآداب والفنون وعمق الثقافة وروعة خطابها التنويري، هي بنغازي التحدي والتظاهرة التي تنطلق لإنقاذ وجودها بتوكيد دورها المتقدم.
و هبة بنغازي تدافع عن نفسها هي هبة ثورية جديدة لتعديل المسار وللشراكة وطنيا على أساس المساواة ولا إقصاء ولا إلغاء بل عمل يرفع الجميع ويضعهم حيث المكانة والمكان الذي يستحقون..
تحية لبنغازي المدينة وبنغازي البنغازيات وبنغازي البنغازيين بنغازي الليبيات والليبيين وهم جميعا يحيلون الحلم والألم إلى الواقع والأمل ينتصرون لأنفسهم في انتصارهم لليبيا الجديدة..