مجددا مع اللاجئ العراقي وحالة الإعادة القسرية!؟
رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان
باحث أكاديمي في العلوم السياسية
مجددا أشارت الأنباء إلى استدعاء السلطات السويدية لمئات [وربما لآلاف منهم على وجبات] من طالبي اللجوء من العراقيين الذين استنفدوا إجراءات طلباتهم من دون قرار قبول لطلباتهم تلك، بغاية إعادتهم إلى بغداد بسلسلة من الرحلات المخصوصة بهذه الإعادة؛ التي تتم قسريا ومن دون قبول طالبي اللجوء العودة بسبب ما يتهددهم من مخاطر، كما تتم في ضوء الاتفاقية التي عقدتها الحكومة العراقية مع السويد العام 2008، بما حاول أن يعطي صورة إيجابية عن الحكومة العراقية ودورها في العمل الفاعل مع المجتمع الدولي وبناء الاستقرار والأمن المحلي والإقليمي وهو أمر فيه من الادعاء الشيء الكثير وليس فيه غير محاولات تسويق صورة غير سليمة قطعا..
أولا لأن الحكومة العراقية نفسها غير قادرة على حماية نفسها وهي ما زالت تحتمي خلف أسوار منطقة معزولة عن الوضع الميداني للشعب..
وثانيا فإن من يتابع الأخبار اليومية للعراق يرصد حجم الأعمال الإرهابية وما تخلفه من ضحايا من أبناء الشعب العراقي.
وثالثا إن حالات التناحر والاحتراب السياسي بين الكتل والحركات المتحكمة بالمشهد العام مازالت تشكل غطاء خطيرا وممرا لجرائم كثيرة سواء بمسمى الحرب الطائفية أم جرائم متنوعة أخرى تطيح يوميا بالأبرياء.
ورابعا إن العراق مازال بظروف مأساوية من جهة انعدام الخدمات الإنسانية الأساس ومن شلل الدورة الاقتصادية وسيادة البطالة والفقر ونسبة غير هيّنة من حالات الفقر المدقع فضلا عن انعدام الخدمات الصحية والتعليمية.. وكل ذلك مما يشيع الجريمة وتهديد حيوات الناس البسطاء..
وإن فئات المجموعات القومية والدينية من مسيحيين وأيزديين ومندائيين وغيرهم تتعرض للتصفية الدموية البشعة.. كما إن فئات الصحافيين والأساتذة والأطباء والقضاة وعدد من التخصصات العلمية والمهنية الأخرى تتعرض لمجزرة مسجلة دوليا ولدى المنظمات الحقوقية..
ولقد تم تسجيل العراق كسابع أفشل دولة عالميا ورابع دولة بالفساد ما يعني أنها دولة عاجزة عن استيعاب أوضاعها وحلها والمصطلح والتشخيص الدولي هنا يتضمن أن الدولة مهددة بالانهيار..
وبعد هذا كله، تستند دولة كالسويد إلى اتفاقية تمتلئ بالادعاء والمزاعم التي يعرفها القاصي والداني لتستغلها خدمة لقرارت جائرة بحق طالبي لجوء (عراقيين)..
إنّ قضية اللاجئ العراقي في السويد ينبغي أن تؤخذ في ضوء خلفياتها الحقوقية.. فوجودهم لسنوات عديدة وتأقلمهم هناك وولادة أبناء لهم بالسويد فضلا عن حقهم المكفول في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في اختيار جنسيتهم إلى جانب حقيقة أن عودتهم تعني تهديدا صريحا مباشرا لحيواتهم مع كونهم لا يملكون في العراق البنى الأساس لوجودهم بعد أن باعوا كل ما يمتلكون و\أو فقدوها في حروب الطائفية والإرهاب والفساد ما يعني عودتهم في ظروف تراجيدية تستلبهم إنسانيتهم..
إنّ هذه الإعادة القسرية مرفوضة في أصل القوانين السويدية ذاتها وفي القوانين الأوروبية والأممية الإنسانية فضلا عن كونها لا تضحي بهذه الآلاف من طالبي اللجوء بل تعرّض العراق لهزات إضافية هو في غنى عن وقوعها فوق ما لديه من مشكلات عصية!
إننا هنا نناشد الحكومة السويدية للنظر إلى هؤلاء واستيعابهم وحل قضيتهم بقرار جمعي بوصفهم أناس اختاروا العيش في السويد لينخرطوا في مسيرة بناء إنساني بعيدا عما تَهدَّدَهم ويتهددهم وأبناءهم من الذين وُلِدوا في السويد [ولهم الحق في الجنسية السويدية] كما نناشد المنظمات الدولية المعنية والمحكمة الأوروبية لاتخاذ قرار مناسب ينصفهم ويؤكد الموقف الإنساني والحقوقي السليم لأوروبا. ونناشد المنظمة الأممية كيما تتدخل للمساهمة بالحل.
أما الحكومة العراقية فإننا ناشد فيها العناصر الوطنية الإيجابية الواعية لاستثمار كل المتاح كيما توقف البروباغندا الرخيصة للسياستين الداخلية والخارجية التي ضحَّت وتضحي بأبناء الشعب العراقي لمصلحة ممارسات انتهازية تصور الحكومة بصورة غير حقيقتها.. منتظرين هنا الضغط لتعديل الاتفاقية المعنية مع السويد ولرفض استقبال المُعادين قسريا. ويمكن لأي موظف صاحب قرار في المطار أن يمارس دوره على أساس نصوص الدستور والقوانين المرعية في العراق وعلى أساس صلاحياته الوظيفية التي ترفض إيقاع الأبرياء في مصيدة التهديد أو إكراههم على أمر لا يقبلون به.. فربما كان رفض استقبال الطائرات التي تحمل المعادين قسرا أحد هذه الأمثلة التي نشير إليها...
إننا ندرك أن المشكلة مستعصية، مركبة وتجري وقائعها أسرع من تحركاتنا الميدانية الفعلية حقوقيا ولكن رفع الصوت عاليا وتنبيه منظمات حقوق الإنسان وتفعيل أدوارها مهمة منتظرة.. ربما مثلا كان لوقفة من السويديين من أصل عراقي ومن يتضامن معهم في مطار الترحيلات سيوفر فعلا مناسبا وربما إجراءات عديدة من قبيل التوجه بمستجدات مادية ملموسة إلى القضاء السويدي سيساعد في اللحظة الأخيرة على توجيه الأنظار إلى الحقائق..
إن القضية لن تنتهي بالترحيل القسري وبالإكراه الذي يمكن أن يحصل بأية لحظة؛ ولكنها ستكون بتداعيات بعيدة المدى منها أن القرار الذي سيشارك في تداعيات الأحداث عراقيا سيكون إضافة تراجيدية أخرى ومقدمة لكوارث لهم ولآخرين.. ولا يمكن أن يقبل سويدي مثل هذا إلا أولئك العنصريين المعادين للأجانب وتأثيراتهم السلبية التي تضغط لتنفيذ القرار ...
من جهة ثالثة فإن الحكومة العراقية التي تتشدق بتوفير الظروف الإنسانية ملزمة أن تضيف إلى قائمة واجباتها، التي سجَّل المجتمع الدولي فشلها الذريع فيها ووضعها العراق برمته موضع الانهيار، واجب توفير المسكن وفرص العمل والدراسة والصحة وغيرها، للمعادين قسرا بفضل مزاعمها وسياستها الخارجية واتفاقاتها التي لا تستحي من التصريح بها مرة والتنكر لها مرات...!؟
ومن جهتنا نجدد التضامن مع كل لاجئ عراقي طفلا أم كهلا، امرأة أم رجلا آملين أن نجد معا وسويا وسائل حلول مناسبة قبل أن تقع مصائب جديدة لهم..
ولكننا لا نغفل هنا الإشارة إلى أن من عناصر الحل، عناصر كثيرة من وجوه الخير الوطنية العاملة في وزارات حقوق الإنسان والهجرة والمهجرين والخارجية من خلال سفاراتنا ومنها سفارتنا بالسويد، آملين أن تتلاحم الجهود لغرض إيجاد أنجع الحلول، وبالتأكيد فإن كل عراقي يعرف إمكانات ما متاح له للمساهمة في الحل..