مناشدة المجتمعين المحلي والدولي لدعم الثورة السورية بشكل استثنائي عاجل
في خطوة نوعية استطاعت ثورة الشعب السوري التقدم في داخل العاصمة دمشق وفي عقر دار السلطة الفاشية الغاشمة، لتقضي على رؤوس الأفاعي التي ظلت حتى اليوم تطلق نيران الحقد مُشِيْعة الموت والتقتيل بين أبناء الشعب والخراب في البلاد. وبهذه العملية النوعية الكبرى دق ناقوس الثورة معلنا أنّ يوم النصر بات قاب قوسين أو أدنى وأنّ تراجيديا السواد والأحزان ستولي هاربة وستسطع شمس الثورة لتكنس ظلام الدكتاتورية وهمجية أفعالها التي جرت في جنح الليل المدلهم...
اليوم، لم تقف النتائج عند آلاف من العناصر تكسر قيودها وتفك أسرها من قبضة النظام الفاشي، ولكن مزيدا من المدن والقصبات تتحرر معلنة انطلاقها بكامل قواها نحو موعد اللقاء الحاسم قريبا في العاصمة حيث علم الثورة بات مرفوعا هناك..
ولكن، في هذه اللحظات الحاسمة ستكون التداعيات ثقيلة كبيرة وستكون المهام مضاعفة على قوى الثورة. إذ أننا نعرف جميعا أن أصابع قوى إقليمية تنتشر في الميادين بأسلحتها مدربة على أعمال التخريب والتقتيل وإشاعة الفوضى.. وهي ذاتها المجهزة إن لم يكن للثورة المضادة فلعرقلة انتصار الثورة في ضبط الأوضاع.
وهكذا سيتعيّن على قوى الثورة، إيجاد البدائل المؤسساتية بخاصة منها الأمنية والعسكرية لضبط المعسكرات ومراكز الأسلحة الخطرة من جهة وتلك التي تضبط استقرار الأوضاع وأمن الناس وأمانهم، ضد قوى الشغب والفوضى من الشبيحة ومن العصابات الجاهزة لاغتنام الفرص في اللحظات الانتقالية القلقة... من جهة أخرى سيكون لزاما أن تتسلم قيادة وطنية محنكة ومجربة خبيرة إدارة الأزمة..
من هنا، فإننا ومن منطلق دعمنا الثابت والراسخ للثورة الشعبية في سوريا؛ ندعو المجتمعين المحلي والدولي لسرعة اتخاذ قرار مسؤول للتدخل العاجل وحسم الموقف تجنبا لأية تداعيات قد لا تقف محصورة بالحدود السورية... ونحمّل مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وكل من روسيا والصين مسؤولية ضمان عدم تسرب الأسلحة الكتلوية والثقيلة فضلا عن السيطرة على بقية أنواع الأسلحة في خطوة استباقية واجبة لضبط التداعيات من انهيارات غير محسوبة العواقب.
إننا نرى في عدد غير قليل من قوى وقيادات الجيش السوري عناصر وطنية مخلصة تنتظر الفرصة المناسبة لتقف إلى جانب الثورة والجيش الحر.. الأمر الذي يمكنه أن يسهل مهمة ضبط الأمور من الانفلات عسكريا. وننتظر من أصحاب القرار السياسي والأمني العسكري الالتفات إلى أهمية إيجاد وسائل الاتصال المباشر بتلك القيادات فورا للتعامل مع اللحظات الانتقالية الخطيرة... داعين القيادات الوطنية المخلصة البعيدة عن خدمة عائلة الأسد والنظام القمعي وغير الملطخة أياديها بدماء الأبرياء، الاستعداد لأخذ زمام المبادرة والاتصال بقيادة الثورة تنسيقا وضبطا..
إننا من جهة أخرى ندعو جميع القوى الوطنية الديموقراطية وتلك التي شاركت في ربيع شعوب الشرق الأوسط المنتصرة، أن تؤازر قوى المعارضة السورية المدنية الديموقراطية لتسلَّم قيادة الأوضاع ومنع أية محاولات للاختراق وسرقة التضحيات الجسام ممن يتربص من قوى الظلام للتربع على الكرسي بصيغة استبدادية جديدة، ستخلق بالتأكيد صراعات عنفية بشعة كما جرى في تجارب مجاورة!
إن سرعة التداعيات الجارية تتطلب من القوى السورية وحلفائها الآتي:
1. الانعقاد الطارئ والفوري وتشكيل قيادة وطنية موحدة بلا تردد.
2. وضع وسائل الاتصال المناسبة مع القيادات الميدانية والمشاركة بتوجيه العمليات على الأرض، بالانتقال الجزئي و\أو الكلي إلى الداخل بحسب المتطلبات.
3. ترتيب وسائل الاتصال بقيادات في الجيش السوري من تلك المعروفة من المعارضة الوطنية بخصوص ضبط الشأنين العسكري والأمني في الأيام الأولى للتغيير.
4. وضع الخطط الاستثنائية وإعلان حال الطوارئ، والاستعداد المسبق في طلب المساعدات الإغاثية العاجلة بكل أنواعها.
5. الدعوة لمؤتمر وطني شامل لا يجري فيه أية استثناءات ولا اعتماد صياغات ربما تثير تفاصيل خلافية.. ولكن يجري التركيز على لحظة التحول النوعي.
6. تشكيل المسؤوليات والملفات التخصصية في الوضعين الداخلي والخارجي وتكليف الشخصيات الوطنية الديموقراطية بإدارة تلك الملفات جماعيا.
7. دعوة كل من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والجامعة العربية لأداء مهامهم الداعمة وبمستوى يرقى للحدث الجاري ميدانيا.. وأن تكون تصورات المشروعات والقرارات على وفق إرادة المعارضة الديموقراطية.
8. التوكيد على مبدأ رفض اجتياح أية قوة إقليمية مجاورة للأراضي السورية بأي حال من الأحوال. وأن يجري ضبط الحدود بوساطة القوة السورية وقيادتها لأية قوة مساعدة ربما تأتي من قوى دولية ولمراحل مؤقتة، مثلا قوات القبعات الزرق.
إننا هنا بهذه اللحظات التي تطفو والتي دفع باتجاهها النظام السوري ومن دعمه، لندعو إلى أقصى درجات الحكمة وضبط النفس. واثقين من أن الشعب السوري العريق بحضارته والغني بثقافته ووعيه سيجتاز المحنة ويؤكد وحدته الوطنية من جهة ورفضه لكل المنزلقات التي أُرِيد جره إليها مثل الاقتتال الداخلي على أي أساس كان. كما أننا نثق بأن الشعب السوري بأطيافه ومكوناته قام بثورته من أجل بناء دولته المدنية الديموقراطية لا ليأتي باستبداد جديد من أي طراز بخاصة منه ما ربما يعود لمحاولات جهة أو أخرى الاستئثار بالسلطة الانتقالية تمكينا لطرف أو آخر من التحكم بالمشهد التالي..
كما ندعو دول الجوار لضبط حدودها من جهة وللمساعدة على منع انفلات تلك الحدود لأية أطراف ذات مصلحة في هذا التوجه. وتلك الدول تتحمل مسؤولية أية تداعيات غير محسوبة من طرفها. وتحديدا بشأن تهريب الأسلحة أو الاجتياحات بميليشيات أو عناصر تخريب أو ما شابه. مشددين على أن يتضمن أي قرار لمجلس الأمن إنذارا واضحا بمنع تلك الدول من احتمالات استغلال انهيار النظام...
وندعو القوى الديموقراطية الحية في المنطقة والعالم لأروع ملحمة تضامن مع القوى الديموقراطية السورية تعزيزا وتعاضدا ودعما بما يمنع أية احتمالات لانحراف مسار الثورة، أو لأي خطوة سلبية تعقد الأمور. ولتلك القوى الأممية والإقليمية أن تضع خبراتها في خدمة ثورة شعب عانى تحت نظر العالم وسمعه.. وها هو اليوم يطيح بدكتاتورية أخرى لكنه مازال بحاجة في مشواره لأوسع حملة تضامن مؤملة..
عاشت نضالات الشعب السوري، عاشت الثورة السورية الشعبية الديموقراطية ولتنتصر إرادة الشعب وثورته من أجل التوجه إلى بناء دولة مدنية ديموقراطية عامرة بالحياة وبالعيش الحر الكريم لبنات الشعب السوري وأبنائه جميعا من العرب والكورد والتركمان والسريان ومن جميع الأطياف السورية القومية والدينية في دولة المواطنة، دولة القانون، دولة الحريات والحقوق كاملة تامة.
أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
المرصد السومري لحقوق الإنسان