صراع تمكين الشعب من مصيره أم صراع تمكين زعامة من عنق الشعب؟
باحث
أكاديمي في
العلوم
السياسية
طوال
تسع سنوات من
مسيرة
التغيير في
العراق
الجديد، كانت
الأمور تجري
على أساس
القبول بما
أفرزه الواقع
من قوى وحركات
سياسية..
ومحاولة
التقدم إلى
أمام لتطوير
فضاءات العمل
على وفق
قوانين دستورية،
تتناسب ومنطق
العصر
والتحديث في مجمل
مفاصل الحياة.
ولكن وقائع
أنشطة من
تحكَّم
بالحكومة
الاتحادية
أثبتت اتجاها
معاكسا لدمقرطة
الحياة
العامة. فعلى
مستوى الهيأة
التشريعية
تكرر
الانتخاب من
دون استكمال
تركيبتها
التي نصَّ
عليها
الدستور؛
وبقي مجلس الاتحاد
بلا قانون
ناظم له فعملت
الهيأة التشريعية
منقوصة
التركيب حتى
يومنا.. وليس
في الأفق ما
يشير لتوجه
الحكومة لسنّ
قانون مجلس
الاتحاد. وفي
فضاء العمل
القضائي
تعرضت هيآته
للضغوط
وللتدخلات
ولمحاولات
الإتباع
والإخضاع
للسلطة
التنفيذية
ممثلة بشخصية
من يرأسها.. ولربما
شهدت الساحة
القضائية
قرارات ما كانت
لتصدر من دون
تأثيرات
سلبية لبعض
المؤثرات غير القانونية..
وفي
مجال السلطة
التنفيذية،
وجد وزراء
الكتل
المشاركة
أنفسهم في
مآزق حقيقية
لسحب الصلاحيات
منهم ولقطع
أية فرصة
للعمل ما لم
يعودوا لرأس
السلطة
ليتخذ
القرار بنفسه.
وقد جرت ممارسة
سياسة
الإقصاء
والاستبعاد
والانفراد
بالسلطة عبر
حصر عدد مهم
من أبرز الحقائب
الحكومية بيد
شخص السيد
رئيس (مجلس) الوزراء
فيما جرى
تجيير أعمال
أبرز المناصب
لصالح سياسة
حزبية لا
سياسة وطنية
عامة.. وبات القرار
يصدر بخلاف
الدستور من
شخص رئيس الوزراء
وليس رئيس
مجلس الوزراء
حيث القرارات
وتوجيه الشأن
العام كان
ينبغي أن يتم
ليس فرديا بل
((جمعيا
مؤسساتيا))
على وفق
الدستور. كما
تشير
التقارير
الحقوقية
المحلية
والدولية إلى
أعمال قمعية
للحريات
والحقوق
وممارسة التعذيب
وأشكال
الملاحقات
والتصفيات
بوساطة أجهزة
تابعة مباشرة
لشخص السيد
رئيس (مجلس)
الوزراء...
إن
مثل هذا
الاتجاه في
الممارسات لم يكتف
بخرق الدستور
ولا بسياسة
الانفراد بالسلطة
بل مارس
استبدادا
خطيرا بذرائع
وحجج قامت
على خطاب
اتهام
المعارضين
وإصدار الأحكام
بحقهم بلا
إجراءات
شرعية حقيقية
ضامنة. وقد
عزف على أوتار
الطائفية
وأوصل البلاد
إلى خوانق
مفتعلة
بالتصرف على
أساس كونه
الثابت في الوضع
الوطني برمته
وأن مجمل قوى
الشعب وحركاته
بل الشعب نفسه
تابع يحاسب في
ضوء المعيار أو
المقياس
الثابت ممثلا
بوجوده
وسلطان أوامره!
هذا كله فضلا
عن الفشل
الذريع في
تلبية المطالب
والحقوق
الأساس
للمواطنين من
أمن وصحة
وتعليم
وخدمات
ضرورية
كالماء
والكهرباء وغيرهما.
مع انتشار
للفساد
واتساع
لدائرة الإرهاب
المنظم.
وفي
مجمل ما مر
هنا نجد أن ما
جرى لم يكن في
خانة المهمة
الوطنية
الرئيسة
ممثلة في
تمكين الشعب
من السلطة على
أسس دستورية
ديموقراطية. حيث
أن الصحيح
الذي كان
ومازال
منتظرا، يبقى كامنا
في استكمال
بناء مؤسسات الدولة
دستوريا
والعمل
المؤسساتي
الجمعي بخطط
مدروسة نوعيا
في جهات
الاختصاص
وتحويلها إلى
أعمال بناء
وطني عام.
بخلاف مجريات
الأمور التي
جاءت في ظل
قوانين ملأى
بالثغرات الدستورية
فضلا عن
ابتعادها عن
تلبية تطلعات
الشعب في
تمكينه من
آليات العمل
الديموقراطي..
إنها ذات
الإشكالية
بين أن نمضي
بالعمل
الجمعي المؤسساتي
أم بالفردي
الذي عادة ما
صادَرَنا
واستلبنا
وتركنا صرعى
أمراضه...
ومعروف
أن الدستور
نصَّ على
احترام
التعددية في
ضوء سلطة
فديرالية ظلت
في الغالب
تعاني من
التشويه
والاعتراضات
الإشكالية من
قبل السيد
المالكي الذي
فرض نفسه رمزا
ممثلا
للحكومة
الاتحادية التي
وضعها بمقابل
تناقضي مع
حكومة
الإقليم مثلما
عمل دائما على
مركزة القرار
بسحب الصلاحيات
من
المحافظات...
فمتى يصدر
قانون الأحزاب
وتتشكل هيأة
الانتخابات
المستقلة
حقا؟ ومتى
يصدر قانون
مجلس
الاتحاد؟
ومتى يتم
تشريع قانون
انتخابي بعد
تجهيز أسس
العمل
المشار إليها؟
ومتى ننتقل
للعمل
المؤسساتي
البعيد عن
الفردنة
وأمراضها؟ لا
أسقف زمنية
للإجراءات
المنتظرة
وطنيا، لأن
المشاغلة
التي تعتمد
التسويف
والمماطلة
والتعطيل هي
السياسة الجارية
ومعها جهود
تعطيل
محاولات الحل
بكل الطرق التي
يخترق بعضها
الشرعية
الدستورية
والعمل القانوني...
لقد
استنفدت قوى
الوعي
المجتمعي
المتنورة، الوطنية
والديموقراطية
محاولاتها؛
فالتجأت
أخيرا لقرار
سحب الثقة
والإتيان
برئيس مجلس
وزراء بديل
يمكن العمل
معه على أساس
احترام العمل
الجمعي
المبني على
أسس دستورية
مكينة وبما
يطمّن
المطالب
الشعبية
العاجلة ويلبيها.
ومع ذاك فقد
جابهت فرص
التقدم لا
أنشطة داخلية
تمثلت برفض من
طرف السيد
المالكي واتخاذه
إجراءاته
المخصوصة
التعطيلية بل
جوبهت
بتدخلات
خارجية وصلت
حد ممارسة
التهديد العسكري
والعبث
الأمني بخاصة
تجاه
الإقليم..
من
جهة أخرى
ولمزيد من
التشويش
والتضليل،
جرى تسريب
بعض تحليلات
بشكل مقصود،
تقول: إن
الصراع جرى
ويجري على
أساس إحداث
اختلال بين
مسمى (المركز)
و (الإقليم)
ومن ثمّ اتهام
القيادة الكوردستانية
بالعمل على
إضعاف المركز
وتضخيم
الإقليم على
حسابه! وقد
استغل هذا
الخطاب
التعريضي
النقص الفاضح
في فهم النظام
الدستوري
المؤسساتي
وتحديدا منه
الشان
الفديرالي
وهزال
الثقافة
الفديرالية
في الحياة العامة
فضلا عن نواقص
وعثرات في
الأداء تعود
لظروف العمل
اليومي ذاته..
فيما تناست
هذه الرؤية
التضليلية
بتعمد مقصود
ما تسعى إليه
القوة المتحكّمة
ببغداد
والحكومة
الاتحادية من
مركزة العمل
وإلغاء
التعددية
والتنوع
ومصادرتهما.
وجرى
ويجري
بالتوازي مع
هذا الخطاب
تسريب ادعاءات
أخرى من مثل
تصوير الأمر
بوصفه صراعا بين
شخصيتي
السيدين
(المالكي
والبارزاني)
وهي تعمية
أخرى وتضليل
بإبعاد النظر
عن الحقيقة الممثلة
بمهام وطنية
لاستكمال
بناء المؤسسات
والتحول إلى
آليات العمل
الديموقراطي
كما ذكرنا.
ومن الطبيعي
أن يكتشف
المتمعن هنا
كيف يتم نقل
الأمور
بمرحلة تالية
إلى تشويهات
لطرف
كوردستان
وقيادتها
والانتصار
للمركز بتصويره
على أنه
المشروع
الوطني وعلى
أنه الثابت
والمعيار
والمرجع...!؟
وهنا
تتم
العمليات
التشويهية
بترحيل بعض المشكلات
المتفاقمة
لإبعاد النظر
عن الحقائق،
بالحديث عن
الفساد وعن
النفط وعن
قضايا أخرى
بعضها يمتلك
أوليات وجوده
في مواضع
الحوار وأخرى
توجد حيث
ينبغي
استكمال
إصدار القوانين
كما بإصدار
قانون للنفط
يحسم العبث
الذي تمارسه
جهة بعينها
باتت معروفة
في بغداد..
إن
كل هذه
الأنشطة صبت
في تحويل
القضية؛ من قضية
عامة إلى قضية
مشخصنة من أجل
التضليل أولا ومن
أجل التأسيس
على هذا
لمصلحة
استمرار شخصية
بعينها في
إدارة الدولة
بطريقة
عرجاء، بل بطريقة
الاستبداد
الذي يؤهل الأوضاع
لدكتاتورية
باتت تسفر عن
وجودها لا بممارسة
محدودة أو
أخرى بل
بتجيير خطير
لكل مفاصل
الدولة لنظام
عمل الطاغية
وآليات إدارته
الوضع العام.
إن
الحلول
الموضوعية
ستبقى رهينة
احترام العقل
الوطني
والحرص على
إعمال مهامه
البنائية
سواء في
التخطيط ورسم
القوانين أم
في الأداء
والتنفيذ. كما
تكمن في
اعتماد مسيرة
مؤسساتية
رصينة تحترم
آليات العمل
الجمعي
ديموقراطيا.
وتتبنى
الدراسات
العلمية والإحصاءات
الميدانية
التي تقرأ
الأوضاع على ما
هي عليه.
ولعلنا
هنا في
إشارتنا إلى
إدانة سلوك
بعينه لا
نتقصد شخصية
زعامة حزبية
وإقصائها بل
القصدية تكمن
في تعديل منهج
العمل والتحول
النوعي به..
بالمقابل
يشكل دفاعنا
عن المنهج
الصائب نقطة
التقاء مع
القيادة
الكوردستانية
وحرصنا على
مجابهة
محاولات
التشويه التي
تتقصد
إسقاطات
تجافي
الموضوعية
وتضع البلاد
في قلق مستمر
يخدم أغراض
تفريغ الأمور
وتسطيحها
وجعلها في
خدمة مصالح
الاستبداد
ويجيِّر
الأمور لها..
لعلنا
بهذا لخصنا
الفروق بين
تمكين الشعب
من قراره
السيادي عبر
استكمال
مؤسسات
دستورية للعمل
وبين تمكين
زعامة من
الانفراد
بالسلطة
والاستبداد
بها في خطوة
للاستدارة
إلى وراء كما
جرى ببغداد،
بطريقة صنعت
تراكمات
خطيرة تكاد
تدخل بنا
مجددا عالم
الدكتاتورية
وفظاعاتها؛
وهذا ما باتت
فديرالية كوردستان
الركن الذي
برهن ويبرهن
على أنه السد
المنيع الذي
تتمترس معه
القوى
الوطنية في خوضها
معركتها من
أجل
الديموقراطية
ووقف محاولة
الانحراف
بالمسيرة
وتشويهها...