الدكتور
تيسير
عبدالجبار
الآلوسي
يلاحظُ المتابعُ
للشأنِ
العراقي
اليوم ظاهرةَ
توزع المناصب
والمهام على
مستوى البلاد
عامة
والمحافظات
كذلك ؛ ففي
أعقاب هزيمة
جيش النظام
الدكتاتوري
المنهار
وجدنا لهذه
القبيلة وجه
بارز, له سطوة في وسطه
فينصِّبونه
محافظا, وتلك
الطائفة ترسل
أحد وجهائها
ليحتل موقعه
في منطقة
(نفوذ) في
الجنوب؛ وآخر
يأتي محاربا
ليسطو على
رئاسة منطقة
في الشمال
وغير هؤلاء
ينتخبه مَنْ
هو بحاجة
للتزكية
ليتسلّم المدينة
الأهم.. وقد لا
نُفاجأ غدا
بتقسيمات
جديدة تُضاف
إلى القائمة.
من جهة
ثانية وفي وقت
تعمل القوى الشريفة
المخلصة على
توحيد الصف
الوطني ودعم
قوته, نجد بعض
أصوات نشاز
تعزف على وتر
الفرقة
والاحتراب
كما هو حال
أولئك الذين
يشكرون بامتنان
القوى
المحرِّرة
للبلاد
ويتبخترون
متباهين
بأنهم (طردوا)
قوى وطنية
أخرى من مناطق
نفوذهم (بحجة
التكفير
مثلا)!! أو
تتناقل
الأخبار إلقاء
قنبلة على
مرقد مقدس عند
طائفة
في محاولة
مفضوحة لبذر
الشِّقاق مع
طائفة أخرى؛
والحق يُقال
فإنَّ سياسة
أبوناجي في
عملية (فرّقْ
تسد) ليست
بعيدة عن
ذاكرة
العراقيين
مطلقا .. ولعلَّ
مثل هذه
الحقائق تجري
تحت سمع
القوات الأجنبية
المحتلة
وبصرها وتلقى
دعما واضحا وجليا
من قوى معلومة
تسعى لتقسيم
العراق على مناطق
نفوذ طائفي أو
قبلي أو جهوي
أو من أية صفات
أو تفصيلات
أخرى لكنها
جميعا
بالتأكيد لا
تصبُّ إلا في
معطى واحد لا
غير ألا وهو
تمزيق وحدة
نسيجنا
الوطني
اجتماعيا
وسياسيا وعلى
مختلف
الصُعُد
الأخرى.
إنَّ
العلاقة مع
العائلة \
العشيرة \
القبيلة \
الطائفة \
الجماعة
الدينية أو القومية,
أقلية كانت أم
أكثرية لا
تسمح للفرد
بهذه العلاقة )أو
الانتماء) أنْ
يقيم علاقته
مع الآخر
انطلاقا من
فرض وجوده
المخصوص
ورؤاه
وخلفيته وطقوس
جماعته
وتقاليدهم
ومعتقداتهم
وتصوراتهم الحياتية
ومن ثمَّ
برامجه
التنفيذية
السياسية على
ذلك الآخر. وإنّ
جهلة السياسة من
منتفعي
اللحظة
ونهّازي
الفرص لن يطول
بهم المقام في
ظل إرادة
عراقية
ديموقراطية
لن تسمح لعجلة
التاريخ
بالدوران عكس
عقارب الساعة
بعد كل
التضحيات
التي قدمها
شعبنا على
مذبح الحرية.
ونشير هنا إلى
تنوعات من اللعب
السياسي الذي
يحمل أكثر من
ورقة بيديه
بغية تثبيت
الأقدام
والتحضير
لمرحلة جديدة
من استلاب
الحريات
الديموقراطية
بمسميات الخصوصية
الدينية أو
القومية
ومفهوم
الأكثرية ووضعه
مقابل بزعم
تناقضه مع
الديموقراطية
..
إنَّ
الديموقراطية
مفهوم متكامل
لا ينبغي
ولايمكن
تجزئته أو
تقسيمه على
مفردات
ومراحل. ومَنْ
يريد
المشاركة في الحياة
العامة عليه
أولا وقبل
كلِّ شئ
الاعتراف
بالآخر أيّاَ
َ كان حجم
وجوده
النسبي؛ ولا أرضية
للعمل
المشترك
والحياة
المشتركة خارج
شرط
الديموقراطية
المتمثل في
تبادل الاعتراف
الكامل بين
الصغير
والكبير, بين
الأقلية والأغلبية,
بين الفائز
بكرسي
الإدارة
والجالس خارجه..
وبمناسبة ذكر
الإدارة فلا
وجود على المستوى
المؤسساتي
لزعامات
أبدية مفروضة
أزليا أو
لزعامات
مطلقة
الإرادة
ومرجعيات
يوضع رأيها
فوق الجميع
وقبلهم. إنَّ
الجميع هنا
بضمنهم مَنْ
في إدارة
الدولة حتى
أعلى موقع
سيادي يخضع
للقانون نفسه
وللدستور
نفسه, ولا
مجال للرؤى
المطلقة التي
تتقدم على
الآخر فتأخذ
بل تستلب حصته
في الوطن
ليصبح تابعاَ
َ يأخذ من الأغلبية
ما تعطيه أو
ما تشاء من
تلك الحصة فنقع
من جديد في
صراع
لطالما تمَّ
افتعاله عبر
التاريخ
اللاديموقراطي
للإدارات أو
في الحقيقة
الزعامات
المفروضة
بسلطة الدم
على بلادنا
طوال العقود
الأربعة
الأخيرة.
المطلوب
اليوم هو
احترام حالة التنوع
والمساواة
بين جميع
مكوّنات
الشعب في الإطار
التمثيلي على
صُعُد إدارة
الدولة ومؤسسات
المجتمع
المدني. وفتح
أوسع الأبواب
لممارسة حق
التصويت
النسبي من دون
توزيع يكرّس
التقسيمات
القومية أو
الطائفية أو
غيرها على
طريقة لبننة
العراق. إنَّ
احترام
الخصوصيات
يتعارض تماما من حيث
الجوهر مع كلّ
ما من شأنه
إضعاف
الملتقى
الجمعي الكلي
لمكونات
الوطن والشعب,
إذ أنَّ مصلحة
الجزء تكمن في
قوة الجزء
الآخر
ومصالحهما
المشتركة
تكمن في
التعاضد
والوحدة وليس
في الاحتراب
والانقسام
وليس في تقسيم
التركة
والاستئثار
بقسط الجزء
وتحريمه على
الآخر فنصبح
أحزابا ودولا متناحرة
أو قوى هزيلة
لا انشغال
لديها سوى القتال
من أجل أثرة
بغنيمتها من
الوطن.
ليست تلك
هي
الديموقراطية
.. بل الديموقراطية
أنْ يكون كل
العراق هو
مجال حيوي للكلدوآشور
وكله كذلك
للتركمان
وكله أيضا للكرد
مثلما هو
للعرب
ولغيرهم من
فئات شعبنا
بكل الأطياف,
ولايكون
المرجع في كلّ
شئ إلا الدستور
الإنساني
العادل الذي
لايقدّم أكثرية
على أقلية
تقديما يستلب
الأخيرة حق كمال
وتمام وجودها
الإنساني أو
يحرم الأولى
حق صوتها فلا
ضيق أفق
وعنصرية ولا
شوفينية واستعلاء..
إنَّ
ما يجري من
تصعيد لوجوه
وتصنيع
لوجاهات ودفع
لمشايخ تحت
جنح الظروف
الطارئة التي
يمرّ بها شعب
الرافدين, أمر
يدعو لتنادي
جمع عقلاء البلاد
لأخذ زمام
الأمور
والتصدي
للظواهر المَرَضية
التي تطفو على
السطح اليوم.
ولابد لنا من
مؤسسات
المجتمع
المدني التي
تقرأ الأوضاع وتدرس
المشكلات
المعقدة التي
تعترض مسيرة الغد
القريب في
طريق
الديموقراطية
الحقيقية لا
المزعومة
التي يبتغي
بعضهم
تفصيلها على مقاس
هذه الجبهة أو
تلك سواء كانت
هذه القوة أغلبية
حقا أم غير
ذلك, لقد ولّى
إلى غير رجعة
عصر الزعامات
والوجاهات
القسرية
المفروضة بسبب
سطوة نظام
الحكم أو نظام
ما قبل الدولة
وما قبل حضارة
المدينة كما
هو حال
القبائلية ودعاوى
ومبررات
تفعيل
سلطانها أكثر
من الحجم
الحقيقي لذاك
السلطان, في
بلاد وُجِدت
فيها مؤسسات
الحضارة
والمجتمع
المدني
المتحضّر منذ
آلاف السنين.
لنقرأ
بهدوء ما يجري
ولكن من غير تلكؤ؛
لنقرأ حالات
التقسيم
والشرذمة
والتفتت
وحالة كل جهة
تريد الحصة
لجهتها؟!
ولنتخذ
القرار
المناسب .. فعراقنا
يزخر بعقول
الحكمة وحكمة
العقلاء, ولا
يمكن
بحال من
الأحوال
السماح للظلاميين
ولمحدودي
التعليم
وللجهلة
القادمين من
عصر الظلمات
الذي
صنَّعَهُ
نظام الخراب البائد,
أنْ يتصدروا
ليُضام شعبنا
بجهلة جُدد كما
كان يحصل
بالأمس
القريب مع
نظام
الدكتاتورية
الدموي
الظلامي. ولا
شئ بعد اليوم
يعلو على حقوق
الإنسان
وكرامته, فلقد
انتهى وقضى
نحبه زمن الإلغاء
والاستلاب
والمصادرة
وفرض الأقدمية
والأسبقية
والوجاهة. ولم
يعد اليوم
ممكنا
قراءة
الديموقراطية
قراءة تسمح
بالإساءة
للإنسان
وحقوقه
المشروعة..
ولم يعد اليوم
ممكنا لخصوصية
أنْ تعلو على
هذه الحقيقة
وإلا عدنا
للأمس وظلامه
ولانتفت
الديموقراطية
لا في جوهرها حسب
بل بكلِّ
تفاصيلها, ألم
نتفق على أنَّ
الديموقراطية
كلّ متكامل لا
يتجزأ..
أكاديمي
ومحلّل سياسي
\ ناشط في حقوق
الإنسان
2003\ 08 \
14
E-MAIL: TAYSEER1954@naseej.com