مجلة الصوت الآخر
ترنيمة كوردستانية ملأى بالجمال، غنية بالفكر والثقافة
أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
رئيس جامعة ابن رشد في هولندا
رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
عندما التقيت هذا الصوت الكوردستاني لأول مرة، كنتُ أحاول البحث في ثنايا فلسفته الصحفية متلمسا المعاني من تغريده بلغة الآخر.. أما الجماليات والأمور التقنية فتركتُ إجابتها من حيث أيادي القراء تتلقفها مقلِّبة بين الصحف والمجلات كيما تصل إليها في الموعد الأسبوعي المعتاد. ولطالما وردتني إشارات واضحة من النخبة الثقافية إلى هذه (المجلة) وأدائها المميز..
إنها صوت مضاف يحمل في ثنايا الأسطر رسائل أبناء الجبل إلى أبناء السهل.. وأبعد من ذلك فإنه يحتضن أصدقاء كوردستان تعبيرا عن فلسفة التعددية وعمقها الديموقراطي.. تلك الفلسفة التي تقدمت أبعد باتجاه فتح ميدان رحب للتفاعل بين أنا الصوت والآخر؛ موفرا فسحة الجدل الموضوعي الرصين. ومدافعا عن قيمة تأصلت هنا بكوردستان، أرض حريات الصحافة واحترام حق التعبير وإعلاء شأن الكلمة الحرة الصادقة الأمينة؛ تلكم هي قيمة احتضان الصوت الآخر والدفاع عن حقه في التعبير عن رؤيته ونقلها إلى جمهور الكلمة من القراء حيث محكمة الكلمة وقرار تبني الأصوب والأصح والأدق.
هذا المنبر الإعلامي الصحفي الذي تعنيه ((الصوت الآخر))، مجلة َ َ للثقافة وخطابها الفكري العميق ولجماليات فلسفة الإنسان الملتزم بالحق وبأنسنة الحياة وتطمين تطلعات البشرية في غد أفضل.. وهي علامة لا للصحافة حسب بل هي علامة لكوردستان الجديدة وتوكيد خيار القرار الفديرالي الثابت وفتح جسور العلائق الأمتن على صعيد الوطن الجغرافيا بتعدد أقاليمه ومكوناته وعلى صعيد الوطن الأفكار والسياسات بتعددية معالجاتها وأشكال تناولها وجواهرها.
إنها ستبقى علامة في مسيرة الصحافة الكوردستانية الجادة التي تركب المسار الصحيح في يالتعاطي مع الآخر. وفي تبني الفلسفة الأنضج مما خبرته البشرية في صحافة الرأي.. وهي توكيد لصواب وجود أدوات الخطاب في أجواء التعددية والتنوع والارتقاء بنبل القيم التي يحملها احترام هذه السمات الطبيعية في حيواتنا الإنسانية.
بقيت إشارة تخطيطية أو برامجية للمجلة بأن أشيد بفكرة تبني ملفات مخصوصة بين الفينة والأخرى في إصدار أعداد المجلة. وما ينتظر هو برمجة بمستويين ثابت مسبق لخطة سنوية تشير إلى ملفات ستظهر ويجري الإعداد لها باتصالات واسعة وتجميع المواد وربما تقديم دراسات فيها جميعا أو ببعضها بما يعمق فرص الحوار والتفاعل بين الأصوات التي تظهر في المجلة وأعدادها.. وملفات تظهر بحسب الظروف المستجدة أولا بأول.. وذلكم ما يحصل بجدية طالما وجدنا الصوت الآخر تحصد فيه السبق صحفيا والتميز في الأداء والمعالجة..
وفي صعيد آخر سيكون لتعزيز حجم المجلة ضرورة بخاصة بتوسيع الأبواب تحديدا بالتعريف بالفنون والآداب الكوردية وتاريخها القديم والمعاصر.. حيث يجري الكتابة بملفات مخصوصة عن الدراسات الكوردية بجميع اللغات وأولها العربية ثم التركية والفارسية وكذلك النصوص الأدبية قصة ورواية وقصيدة فضلا عن المسرحية مما كتبته الأقلام الكوردية المبدعة..
إن حوارا ينصب على توثيق تاريخ الكورد بخاصة في خلفيته الثقافية الأدبية الفنية لأمر منتظر بوضوح وبطريقة مدروسة مخطط لها من باب التوثيق من جهة ومن باب البحث النقدي المباشر ومن بوابات الحوار الأوسع مع الآخر في إطاري التعريف والتفاعل..
وسيكون استقطاب رؤى ومعالجات خارج عراقية تسجيلا لفتوح صحفية مؤملة عندما تلج الصوت الآخر السوق العربي الأوسع وكم هي حاجة هذا الميدان لتعزيز رسائل الصحافة الكوردستانية الموشحة بتوكيد القامة الشامخة في احترام التعددية وفي التفاعل الثابت مع الآخر من منطلق الثقة بالنفس ومنطلق صدقية التعايش والتحالف الإنساني مع المحيط بكل ألوانه وأطيافه..
من المفيد إيجاد فرص توزيع باتجاه الجاليات في خارج الوطن.. على سبيل المثال بتوظيف المراكز الثقافية والجمعيات والروابط الثقافية هناك.. كما سيكون مهما التعاطي مع تطوير موقع المجلة وإظهار صورتها بصيغ فنية على شبكة الأنترنت مثل استخدام برنامج الــ (PDF) كيما تقدم الأعداد بعد مرور وقت مناسب بهذه الصيغة تعريفا بها وبجهدها..
كما يمكن لفتح بوابة للملاحظات ورسائل القراء عبر شبكة النت فرصة لتوسيع استقبال التفاعلات مع الصوت الآخر كما هو ميدان عمل المجلة.. وبالتأكيد سيكون البحث والمراجعة والقياس والمقارنة مع التجاريب أمر مطلوب ومنتظر... على سبيل المثال إجراء استبيانات رأي للقراء عبر الموقع وعبر منافذ أخرى فهي من جهة مراجعة بحثية ومن جهة إعلان وتوطيد ثقة وترسيخ صلات بالجمهور والمتخصصين..
ربما سيكون وجود أبواب مفتوحة لأسطر يكتبها القراء في قضية أو إشكالية أو حدث، أمرا مفيدا لجذب التنوع في الصوت ولوضعه في ميدانه المؤمل. ومساهمة جدية في تعزيز آليات الديموقراطية بمنطق التقريب وتطمين الحوارات النقدية الصحية الصحيحة.. وقد يكون المشرف الصحفي في المجلة ملاحظا ومشيرا إلى ما يلمع من آراء مهمة ومعالجات متميزة. أو ربما التصويب والتعديل منتظر من جهة..
قد يكون للمجلة فرصة بوضع عنوان وانتظار أسئلة المتابعين لتحويلها إلى ريبورتاجات وأعمال مناسبة.. تعزيزا لفلسفة الرأي والرأي الآخر..
هذه كلمات تغتنم الفرصة لتصورات ربما بعضها منفذ بطريقة كلية أو جزئية وربما يفيد مقترح أو آخر في خلق إيماضة مناسبة لفكرة لدى هيأة التحرير التي أحييها على جهودها الرائعة تحديدا هنا السيد ماجد الدباغ في رئاسته تحرير المجلة طوال المدة المنصرمة ونهوضه شخصيا في متابعة عدد من الأنشطة والمحاور المهمة..
وفي الختام فإن فرصة ذكرى التأسيس وانطلاقة التحرير والنشر وطلب المعالجات التقويمية تمثل نموذجا جديا يحتذى من بقية الدوريات.. وهي جهد صائب يحسب للمجلة وإدارة تحريرها، ولشجاعتهم الأدبية في قبول الرأي والنقد البناء الموضوعي.
أسجل هنا تحياتي وتمنياتي للمجلة بدوام التقدم وتوسع جمهورها وارتقاء عطائها لميادين جديدة في عام جديد آخر وهذه أطيب التهاني بذكرى الصدور الأول وعقبى احتفالية المائة عام من العطاء. وأمنيات أن يكون للمجلة احتفالية كتقليد سنوي يجمع الكتاب والجمهور، من الناطقين باللغتين وممثلي جسور التواصل ومنافذ الحوار بين أطياف التعبير والكلمة، في ميدان رحب ما يعمِّد دور الصحافة في خلق مناسبات أفراح وأعياد تجذب الإنسان حيث الامتلاء وجماليات الثقافة الإنسانية الحية وهذا الصوت الكوردستاني النبيل جدير بهكذا فعاليات كبيرة مميزة..