التعليم الألكتروني: تحت مقاصل الجهل بنظامه وآلياته ونتائج التهجم غير الموضوعي على جامعاته؟!!
أ.د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
رئيس جامعة ابن رشد في هولندا
Chancellor@averroesuniversity.org
في الآونة الأخيرة، تداول البريد (الألكتروني تحديدا) عملا صحافيا تحت عنوان "هولندا: إجراءات ضد الجامعات الوهمية". ولم يكن هذا التداول ولا ما يوحي به العنوان بمشكلة و كان سيبقى أمرا عاديا لو أن ذاك التداول (البريدي الألكتروني) ركز على مضمون عنوان المقال بموضوعية.. إلا أن التداول إياه جاء مرافقا لتشفـِّي بعضهم وإبرازه بصيغة وثيقة رسمية، على وفق توهمهم، لإدانة التعليم الألكتروني ومؤسساته الجامعية وقرارا أو حكما قطعيا [كما تخيل هذا البعض] بإعدام جامعات التعليم الألكتروني، العراقية الإدارة بأساتذتها من مختلف الهويات والجنسيات..! وبودي التوكيد هنا على أنّنا ينبغي مبدئيا أن نحترم كل الجهود الإعلامية الرصينة المخلصة تلك التي تعالج مادتها بموضوعية؛ وأن نجد التفاعل السليم معها بخاصة عندما نجد فيها توخي الحرص على دقة التناول والابتعاد عن الإثارة وصيغ التعميم والمبالغة التي تتعارض وصواب المعالجة...
وبقطع النظر عن (الميدان أو الطرف) الذي استندت عليه التقارير أو التصريحات المشار إليها لتتحدث عن (الشهادات الوهمية) وعن علاقتها بالجامعات التي ورد اسمها لاحقا في ذات الجهد الإعلامي.. فإنه ينبغي التذكير بأن الإنصاف والمنطق القانوني السليم يؤكد أن كل اتهام يجب أن يقوم على دليل ويلزم البرهنة عليه، ويجب أن يكون محددا بمتهم عيني وألا يُعمم الاتهام ليشمل أطرافا أخرى من شخصيات ومؤسسات إلا على أساس مادي قانوني ملموس.. ومن الممكن أن توجد شهادات وهمية وهو أمر كان قد حصل ويحصل في التعليم بمختلف مراحله وفي مؤسسات التعليم التقليدي المنتظم قبل ظهورالتعليم الألكتروني وبعده.. والفساد وجرائم وأخطاء من هذا القبيل محتملة في جميع الأزمنة والأمكنة وهي ليست مرتبطة بنظام تعليمي محدد أو بمؤسسة بعينها كما يوحى في عديد من تلك التداولات...
والصحيح بشأن مكافحة الفساد بأشكاله وجرائم التزوير والغش وظاهرة البيع والشراء في الشهادات وفي البحوث العلمية وغيرها من متعلقات التعليم ومخرجاته؛ أن تبقى جهود معالجة تلك الظواهر فاعلة في ضوء قراءات دقيقة لا تقوم على أغراض و \ أو حسابات مشخصنة أو ذاتية أو شللية أو نفعية من أي نمط كانت وألا تقع فريسة أخذ الصحي القانوني بجريرة المرضي المتجاوز على القانون ومنطق الموضوعية والصواب.. لأننا بصدد معالجة ظواهر سلبية مرضية للوصول إلى الصحي الصائب الصحيح وليس للمجيء ببدائل مرضية أخرى، عند حسن النية..
إن صيغة توظيف التصريح بأن نائبا برلمانيا هولنديا سيطالب وزير التعليم العالي أن يصدر قانونا يحظر منح الشهادات الوهمية هي عبارة حق قد تُقرأ بطريقة مغلوطة وكأن التصريح أو الدلالة تشير إلى أن الشهادات الوهمية تعني شهادات التعليم الألكتروني.. وهذه القراءة تأتي من طريقة عرض الموضوع وميدانه بالإشارة إلى جامعات عربية تأسست في لاهاي يتم تحديدها لاحقا باسماء عدد من تلك الجامعات الهولندية التي تعمل بنظام التعليم عن بُعد!؟
ولمن يراجع لوائح الجامعات المذكورة وآليات عملها وبرامجها، سيجدها تؤكد على تمسكها بالعمل من أجل حماية التعليم العالي من حالات التردي والتخلف والمساوئ والثغرات، وأنها تتقدم بجهودها للمساهمة في تطوير التعليم العالي بإدخال نظام التعليم الألكتروني المعتمد دوليا وهولنديا بشكل رئيس على وفق مبادئه المعروفة التي صارت منهجا ونظاما لجامعات عالمية لها باعها الطويل ومكانتها فضلا عن توظيف أبرز جامعات التعليم المنتظم للتعليم الألكتروني في آلياتها.. وبالخلاصة فإنّ التعليم عن بُعد ليس وهما ابتدعه نفر من الأساتذة العرب والعراقيين كما توحي بعض الأصوات التي تحاول استغلال التصريحات الأخيرة، وهو ليس أداة للتجارة بشهادات كاذبة أو وهمية كما يجري توصيفها...
ولكننا في وقت لا ننزِّه التعليم بعامة وبكل نظمه عن الوقوع في الخطأ والثغرة أو الجريمة ولا نتحدث عن مثالية طوباوية خالية من الخطأ أو النقص، في الوقت ذاته نؤكد على عدم قانونية التطاول على نظام ومؤسساته بالكامل وعلى مجموع منتسبيه من العلماء والأساتذة بالجملة وتشويههم وتشويه مقاصدهم بلا تمييز وبعبثية هوجاء لا تبقي على اسم إلا وتصوره كونه تاجرا مزورا يبيع الوهم!!! وهذه وحدها كافية لإدانة هذا التعميم ومن يقف وراءه قانونيا.. ولمقاضاته أمام القضاء وتبيان خطل هذا الموقف أمام جمهور المعارف والعلوم وأمام منتسبي التعليم كافة..
إنَّ تلك التهم التي تطلق على عواهنها، لا تولد ضغطا نفسيا سلبيا معقدا وصعبا حسب بل وتدفع لما هو أخطر من الاحباط المؤقت أقصد هنا تمهيدها للقضاء على محاولات التحديث في التعليم ونقل التجاريب العلمية الرصينة إلى الجيل الجديد وإلى حيث ينتظر أكثر من 50% من طلبتنا وشبيبتنا في أكثر من 22 بلدا تنطق بالعربية واللغات المحلية الأخرى ممن لا تستوعبهم جامعات تلك البلدان ويلقى بهم على أرصفة الطرقات بلا دراسة وبلا عمل وبلا تأهيل ما يولد زخما خطيرا وأرضية للتبطل والعطالة وللانحراف ولأمور أبعد وأخطر...
القضية ليست قضية حرية صحافي يريد الكتابة في موضوع ولا موقف نائب أو وزير من مؤسسات ولدت حديثا تحمل بعض النواقص والقصور، القضية أبعد وأخطر من ذلك.. ذلك أن توظيف التعليم الألكتروني، يعني لهولندا ولأي بلد أوروبي صرحا مؤسساتيا يمثل الجسر بين مجتمعها وتجاريبها العلمية وبين جمهور تلك المؤسسات من مئات آلاف الطلبة وملايينهم في البلدان العربية والشرق أوسطية وهي مصدر تشغيل العقول المعطلة بمئات منها وإدماج جهودها المعرفية في مسيرة التعليم بنظمه الحديثة...
وهي تعني من جهة أخرى توفير الرسالة المعرفية العلمية الإيجابية عبر نظام التعليم الألكتروني لملايين بشرية تنظر بعين الشك والريبة لثقافة الغرب وللنظام التعليمي المعاصر [أرجو التوقف عند من أطلقوا فتوى بوكو حرام أي التعليم الغربي حرام].. ومن ثم فهذه المؤسسات [جامعات التعليم الألكتروني المتجهة لطلبة تلك البلدان] هي أداة حضارية فكرية سياسية فوق كونها مؤسسات للتعليم ما يعني الحاجة لتعزيزها ودعم جهودها ووضعها في دائرة الفعل والعمل الإيجابي بدل المحاربة المقصودة وغير المقصودة المباشرة وغير المباشرة التي ستضع الأمور في مقلوب النيات الأمينة الصادقة...
وعلى أية حال فالجامعات لا تقاس بحجم الأبنية والمختبرات ورأس المال المالي المادي عندما يتعلق الأمر بجامعات التعليم الألكتروني. إذ أن الجوهري في هذا النظام التعليمي هو اختزاله الحاجة لرؤوس أموال طائلة لأبنية وغيرها وعَقدِه الاتصال بين الأساتذة والطلبة بطرائق ووسائل مختلفة تختزل الصرفيات والكلف الباهضة ومن ثمَّ فهي تقطع الطريق على ذاك الاستغراب بشأن إمكان تسجيل مؤسسة تعليمية بمبالغ زهيدة حسبما يضمن القانون من جهة وبرأسمال مالي محدود لكن برأسمال بشري لا يقل مستوى وحجما نوعيا عن ذاك الموجود في نظام التعليم التقليدي المنتظم بل يتجاوزه أحيانا والإشارة هنا إلى عشرات ومئات الأساتذة المرموقي المستوى العاملين في تلك الجامعات... وعليه فتساؤل أحدهم واستغرابه من إمكان تسجيل جامعة من دون صرفيات طائلة ماديا مردود وينبغي التمعن في هذا المبدأ الذي يعالجه التعليم الألكتروني لفهم الأمور وإدراكها بدقة وإنصاف.. وللتعرف إلى أن مصطلح جامعة يبقى محفوظا ومحميا بفضل لوائح التعليم العالي الموجودة وبفضل التزام مؤسسات التعليم ولكننا نشاطر الرأي دوما ففي جميع الأحوال يظل التعليم وكل مؤسسة بحاجة للمتابعة والرصد والتيقن من هذا التمسك والالتزام باللوائح حماية لمخرجات التعليم بكل نظمه وآلياته..
إن التعريف بجامعات التعليم الألكتروني وتقديمها لجمهورها والدفاع عن حقها القانوني في العمل ليس أمرا مستحيلا ومعقدا على الرغم من التهجم والتشويش والتضليل الذي تتعرض له.. فهذه الجامعات ونظامها التعليمي حديثة بخاصة في بلدان الشرق الأوسط ويمكن تلخيص دوافع ومكامن الهجمات التي تتعرض لها هذه الجامعات في الآتي:
1. حداثة التجربة وسوء فهم طبيعة هذه الجامعات وآليات عملها وضبابية العلاقة معها أو ضعف تلك العلاقة ما يضعها في دائرة غير واضحة المعالم وغير مفهومة بموضوعية ودقة.. ما ينجم عنه إمكان إطلاق كتابات أو تساؤلات أو أحكام غير دقيقة في معالجاتها..
2. حال من الصراع بين القديم والجديد: ومعروف دائما كيف تكون عقبات ولادة الجديد وآلامه ومصاعبه.. ومعروف أيضا حالات المبالغة والتشدد لمن ينظر للجديد بعين الريبة والقلق، ولكن اطلاعا وافيا على شروط عمل الجديد وطبيعته الحقيقية سيتيح تفهما وإدراكا يقلل من اعتراض المتمسك بالنظام التقليدي ويفسح المجال لاستثمار آليات النظام الجديد في إطار التحديث الموضوعي.. عليه فأول دواعي الهجوم كما يبدو تتأسس على الموقف المسبق وعلى تمسك بالقديم وتشدد بمجابهة التحديث، ويمكن للمطلع والمتابع أن ينظر إلى الفعاليات والمواقف ومن يطلقها وينافح عنها ليتلمس هذا الأمر بوضوح...
3. ويتعرض التحديث ونظام التعليم الألكتروني للمعارضة والتهجم لأسباب أخرى منها المصالح التنافسية في السوق سواء منها حالات التنافس بين جامعات التعليم المنتظم والتعليم عن بُعد (الألكتروني) ومحاولات الأولى مسابقة المتغيرات سواء بتحديث آلياتها لإثبات وجودها والبقاء في سوق العمل (التعليم) أم بالتقليل من شأن الشهادة العلمية التي يحصل عليها طلبة التعليم الألكتروني ومحاولات منع معادلتها كيما يبقى نظام التعليم التقليدي هو الأعلى والمسيطر في سوق العمل.. وقد يكون هذا صحيحا ودقيقا وحاسما في مجالات التخصص العلمية البحتة التي تحتاج للعملي الميداني وللمختبرات وما إليها لكن ذلك قطعا ليس صحيحا بالنسبة للتخصصات في العلوم الإنسانية التي يجب أن تحظى بمساواة تامة في مضمون الشهادات التي تمنحها والدليل يمكن الوصول إليه بإيجاد مناظرات بين طلبة النظامين عمليا ومباشرة فضلا عن المناظرة بين منجز النظامين وآلياتهما ومناهجهما...
4. ومن الأمور التنافسية تلك التي تتعلق بالشخصنة والشللية التي تحاول تهديم جهد أكاديمي أو مجموعة أكاديميين ومتخصصين وعلماء لأسباب ودواعي شخصية تامة.. ويمكن العودة لأمثلة بالخصوص ونقرأ الحملات الأنترنيتية التي ظهرت كفقاعات بين سنة وأخرى بما يؤكد مصداقية تشخصينا لمثل هذه الحجج والذرائع التي دفعت لبعض تلك التهجمات واختلاق قصص ووقائع للتشهير والتضليل أحيانا... من دون أن ننكر على بعض المعالجات صواب منطلقاتها عندما كانت تعالج الأمور بهدوء وموضوعية ورصانة وبالاستناد إلى وقائع ملموسة. ونحن مع أية معالجة قانونية وعلمية تريد التخلص من السلبي ولا تتصدى للتجارب المؤسسية من منطلقات مشخصنة وروح ثأري تحت شعار عليَّ وعلى أعدائي ولينهدم كل شيء لأنه لم يستفد أو ينتفع أو يحظى بما أراد!
5. كما تعرضت تجاريب التعليم الألكتروني لتدخلات واختراقات موجهة بأصابع ذات خلفية تخدم جهات حزبية أو إقليمية أكبر من حجم هذي المؤسسات الوليدة. فراحت تلك الجهات بوساطة أصابعها تطلق الأقاويل والتصريحات وتنهض بحياكة الخيوط التي تحاول توريط المؤسسات والإيقاع بها عبر الثغرات والأصابع التي دسّتها أو التي أمكن أو يمكن أن تنساق لتأثيراتها وللقبول بأمر توجيهها لمخططات الخطاب الحزبي أو السياسي المخصوص.. وهذا أمر افتراضي لكنه محتمل الوقوع وينبغي التنبه إلى إمكان حدوثه فعليا..
6. هناك عوامل الصراع السياسي الحزبي وغيره داخليا وما ينعكس منه أيضا على المهجريين.. والهدف الحقيقي هنا في هذه الحال وما ينجم عن مثل هذا الصراع بعيد وعميق ويتعلق بتخريب أية محاولة للتحديث وكل محاولة لاحتواء طلبتنا النجباء ومحاولة وقف أية معالجة لتسربهم من التعليم والإبقاء على عدم حصولهم على مقاعدهم الدراسية وإرسالهم إلى قارعة الطريق وأرصفة البطالة والحرمان.. وطبعا يُضاف هنا محاولة وقف تشغيل الطاقات العلمية المعطلة من الأساتذة والعلماء كيما يجري تصفيتهم بطريقة غير التصفية الجسدية التي ما عادت متاحة لتلك القوى بسبب من وجود هذه الطاقات العلمية في دول المهجر...
7. عراقيا لابد من حجز نقطة مستقلة للواقع المعقد وتداخلاته الأمر الذي أطاح ويطيح بجهود التعليم العالي ومحاولات المحافظة على الرصانة وعلى التحديث ولأن الجامعة العراقية الآن [في عديد من الحالات ولا أقول بالاطلاق] بأيدي قد يكون بعضها تابعا لتأثيرات العزل الطائفي ولأهداف إشاعة التخلف وتوجيه المحاضرة الجامعية لخطاب سلبي رديء ولمنع الحصول على علوم كافية وافية تعد الطلبة لسوق العمل.. لهذه الأسباب وما يتصل بها فإن مطاردة الأساتذة الذين اختاروا المهاجر هربا من الخضوع لتلك التدخلات السافرة أو التصفية الجسدية، هي مطاردة تستكمل الفعل المخطط لمنع الأستاذ العراقي تحديدا من نقل معارفه لتلامذته ومن تحديث التعليم العالي... وفي هذه الفقرة لا نشير لتعميم وإطلاق فإن جهودا طيبة مشرقة ما زالت تكافح في جامعاتنا من أجل الرصانة والتحديث ما يتطلب دعمها وتوثيق الصلة بها وكذلك في إطار المسيرة بعامة لكننا نشير تحديدا لوجود مثل هذا التأثير ومن يقف خلفه بما يتطلب الكشف والمتابعة لمعالجة جدية مسؤولة ونهائية حاسمة..
8. ولايمكنني أن أستثني وجود منافسين في الساحة سواء من داخل نظام التعليم الألكتروني أم من خارجه، أولئك الذين يرون في الأكاديمي العراقي والعربي منافسا صعبا ينبغي القضاء على مؤسسته قبل أن يشتد عودها وتصبح واقعا مؤثرا علميا معرفيا ولأغراض تجارية بحتة في التنافس هنا كما تراها تلك الجهات وبالكيفية التي تفكر بها.. ولنتذكر أن أساتذتنا لم يمنحوا فرصة عمل حقيقية في الغالب في مؤسسات التعليم لبلدان المهاجِر وفوق ذلك تثار العراقيل أمام مشروعات أنشطتهم وجهودهم التعليمية... فيما لا يحظون بأية بادرة لدعمهم وطنيا!!! وهنا العجب والاستغراب!
وللحديث عن مداخل الهجوم على التعليم في جامعات التعليم الألكتروني ينبغي أن نضع التحدي بمستوى مخرجاته عبر مناظرات علمية بين طلبة التعليم بنظاميه كما علينا مراجعة جداول التدريس ومناهج الدراسة ومستويات المحاضرين ومصداقية شهاداتهم وكل ما يمكن أن يتعلق بالتعليم العالي في جوهره عندها فقط يمكننا الحديث عن الوهمي من غير الوهمي.. فقد يكون حامل شهادة من جامعة عريقة (وهذا مجرد احتمال) لم يدرس ولم ينجز ولم ينتسب ولكنه اشترى تلك الشهادة وعندها من الحق أن نسميها شهادة وهمية على الرغم من ختم جامعة تلتزم التعليم التقليدي المنتظم وبالتأكيد فإن التعليم الألكتروني بالمقابل يدرس ويجتهد في برامجه العلمية ويتجه للتحديث وللارتقاء بالتعليم وبمضمونه ومحددات مخرجاته وتوافقها مع سوق العمل ومع التطورات العلمية المعرفية والمهنية الوظيفية بما يقدم مخرجات مهمة وقادرة على التعاطي مع هذا الواقع ومستجداته..
ومن دون أن ننفي بالتعميم وبالمطلق إمكان حصول خطأ أو جريمة أو ما شابه نؤكد على أن جامعات التعليم الألكتروني طالبت وتطالب مؤسسات وزارة التعليم العالي كيما تتابع معها مسألة الالتزام بمصداقية بلوائح التعليم العالي فعراقيا تقدمت عدة جامعات بمشروعات لوائح ومقترحات لافتتاح دائرة للتعليم الألكتروني وتبقى المسؤولية مسؤولية الوزارة ولجنة التعليم في البرلمان وأي تلكؤ في الأمر سيكون أمرا خارج دائرة الصواب والموضوعية وسيبقى موضع تساؤل عن السر أو السبب في عدم التفاعل وبالمقابل ظهور ادعاءات وقرارات حظر غير منصفة!؟ وهولنديا وأوروبيا بشأن جامعات أخرى في ألمانيا والدنمارك وكذلك في أمريكا وكندا تعمل هذه الجامعات الوليدة على تجاوز العقبات التي تعرقل تسجيلها من نمط مطلب ترجمة وثائقها كافة وتوفير بعض الأمور الشكلية قبيل التسجيل لأن كل الأمور المضمونية الأساس متوافرة فيها للتسجيل بوصفها جامعات للتعليم الألكتروني..
لابد هنا من توجيه التحية لجهود الأساتذة الأفاضل والإدارات الأكاديمية وأن نشد من أزرهم تحت حجم الضغوط المفرطة التي يتعرضون لها وهم إذ أزاحوا عنهم همّ أو ضغوط البطالة يجابهون اليوم ضغوط لا العمل والعطاء بل التشويه والتعرض لهم سلبا ولكنهم يحتفظون بمبادئ التضحية ونكران الذات بخاصة أنهم يعملون بشكل تطوعي بلا مقابل في الغالب لحين تمكن مؤسساتهم من الوقوف على قدميها ومواجهة الأعباء.. ولكن؟!! السؤال المشروع هو: هل نظرت المؤسسات الرسمية كيف يحيا هؤلاء؟ وهل احترمت لهم حقوقا؟
ولابد كذلك من تحية طلبة التعليم الألكتروني سواء الذين تخرجوا أم الذين ما زالوا يدرسون لأنهم يعانون من ذات الضغوط التي تحاول إحباط تطلعاتهم وزيادة آلامهم وتريد أن تحاصرهم بمشاعر الخسارة والخذلان وبمنع الشرعية عنهم وبمنع المصادقة على جهودهم العلمية الرصينة التي أدوها طوال سنوات من الجد والاجتهاد وهو ما تشهد له جاهزيتهم المهنية الوظيفية وما يحملونه من معارف بل وإبداعات في ميادين التخصص...
وإذا كانت هذه الحال قد سبق أن جابهها خريجو جامعات من دول وجامعات بعينها فإن التجربة الوليدة الجديدة تستدعي مراجعة الذاكرة والتصدي لمثل هذا النكران غير المبرر ولمثل هذا الحظر غير السليم لا علميا معرفيا ولا قانونيا.. فالقانوني هو أن نقرأ في جهد الطالب ونعمل تقويما وتقييما ونعادله موضوعيا وبإنصاف بدل الموقف المسبق الذي لا يستند إلى منطق!
وأنا على ثقة بأنه في النهاية لن يصح إلا الصحيح.. وأن منطق العقل والحكمة ومنطق القانون واحترامه ومنطق صواب التحديث ورصانته العلمية هو الذي سيقر ويعترف به.. وحتى يتحقق ذلك نحن بحاجة للهدوء والموضوعية والتحمل والتحدي والصبر للتعريف بجهودنا ومصداقيتها وصوابها... وليس من داعِ ِ للألم والاحباط بمقابل منع صادر عن جهل أو عن عدم معرفة... أما تقصّد محاربة التعليم بنظامه الجديد فذلكم ما لا يمكن أن نرضخ له لمعرفتنا الأكيدة بعدائيته وتعارضه مع العلم ومقاصده..
وقبل كل ما مرّ وبعده ينبغي أن نؤكد احترامنا لكل رؤية موضوعية تريد تصحيح خطأ وإزالة إعوجاج وتقويمه.. ونحن مع كل متابعة قانونية سليمة وضبط للوائح والتسمك بها.. وسنواصل العمل من أجل افتتاح دائرة التعليم الألكتروني عراقيا وشرعنة لوائحه حيثما تطلب الأمر وتسجيل جامعات التعليم الألكتروني والاعتراف بل شرعنة كاملة لعملها في الميادين التخصصية المناسبة والمقرة علميا أكاديميا... واستكمال إجراءات التسجيل الرسمي أوروبيا تحديدا بفضل التفاعل الإيجابي للتساؤلات التي انطلقت بقصد الرصانة وفسرها بعضهم محاولا استغلالها باتجاه مُغرِض معوج... وبعامة شكرا لكل صوت متفاعل سواء أصاب أم أخطأ طالما توافرت سمة حسن النية وهي ثقتنا بمن مررنا على رؤاه في هذي المعالجة...