كوردستان السلم وراية الحرية    والتهديدات التركية

 

الدكتور تيسير عبدالجبار الآلوسي

أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان

           2007  04\ \14

tayseer54@hotmail.com E-MAIL: 

 

 

 

دأبت القيادات العسكرية التركية وفي عديد من الأحوال مسؤولون في الحكومة التركية على إرسال رسائل لا يمكن تفسيرها إلا بالعنجهية والعدائية في العلاقات بين تركيا وجيرانها.. والكعالعادة حيث تجد تلك القيادات التركية نفسها في مأزق تعمل على ترحيله إلى خارج البلاد على وفق الدرس الفاشل في محاولات ترحيل المشكلات الداخلية..

اليوم تجد تلك القيادات العتية نفسها بمأزق حيث بدأ الشعب التركي بالتململ من سياسات تلك القيادات بخاصة منها ما يتعلق بالقضية الكوردية في تركيا وبشان كوردستان الشمالية.. حيث تمعن عناصر القيادات العسكرية في توكيد الحلول العسكرية الغاشمة، تلك التي لا تؤدي إلا لمزيد من الضحايا الأبرياء وإلى تعقيد الحلول السلمية المؤملة..

وأمام مقترحات القيادات الكوردية في تركيا بشأن الحل السلمي الديموقراطي العادل لحقوق الكورد القومية والإنسانية وأمام ازدياد التضامن الأممي الدولي وقطاعات واسعة من أبناء الشعب التركي مع هذه الحقوق العادلة لا تجد القيادة التركية إلا مزيدا من التعنت ومحاولات أخرى للإفلات من الضغوط العالمية و الإقليمية...

وهي بمحاولاتها إنَّما تعزف على  وتر وعلى معزوفات عفا الزمن عليها أقصد التهديدات للجيران ومحاولة ترحيل الأزمة إلى خارج تركيا...

إنَّ  حصول الكورد في العراق على حقوقهم الإنسانية والقومية بصيغة الفديرالية ونجاحهم المعزز بالاستقرار والسلم وبمسيرة ديموقراطية تتطور باستمرار مقدمة النموذج الساطعة شمسُه أمر لا يريح مثل تلك القيادات التركية ولا سياساتها الشوفينية ويفضح إدعاءاتها بشأن كوردستان الشمالية...

وهي لهذا عملت ومستمرة في دأبها على دعم عناصر فردية ترتبط بمخابراتها لزعزعة الاستقرار والسلم الاجتماعي وتعمل على تمزيق وحدة نسيج كوردستان ولعلّها تبحث عبثا عن منافذ للتدخل كما في مادتين دسمتين لمخططاتها هي مزاعمها بشأن عناصر حزب العمال وبشأن التركمان وقضية كركوك...

ولأنَّ هاتين المفردتين عصيتين على الأجنبي التدخل عبرهما في الشؤون الداخلية للعراق الجديد؛ فإنَّ تلك القيادة العسركتارية لتركيا تتجه في سياستها الإقليمية إلى لغة  التهديدات مستغلة تفسيراتها الملتوية لتصريحات القيادتين الكوردستانية والعراقية الاتحادية...

أما بشأن كركوك فإن القضية عراقية داخلية  تماما وذريعة التركمان الذين تحاول شقهم  وإبعادهم عن عراقيتهم لن نبقى كذلك مع وضوح موقف التركمان في توكيدهم على هويتهم العراقية أولا وعلى وحدة تصوراتهم ومعالجاتهم لجميع القضايا الوطنية العراقية والاتحادية التي تخص حقوقهم الراسخة الثابتة التي تمَّ تدوينها بدقة ووضوح في الدستور العراقي ويجري تفعيلها على أرض الواقع الجديد عبر وحدة المسار الوطني وتنوعه وتعددية الطيف المحترمة في العراق الفيدرالي الديموقراطي الجديد.. ولن تنفع عناصر أو أفراد تحركهم رؤى خاسرة من خارج الحدود وخارج السيادة العراقية محاولاتهم الهزيلة الفاشلة...

أما بشأن عناصر حزب العمال الكوردستاني فالأمر كما اقترحته زعامة الحزب يمكن وينبغي أن يكون حلا سلميا ديموقراطيا لا عسكريا تصفويا دمويا.. إذ لم يعد العالم الجديد يحتمل لغة قعقعة السلاح وجرائم الإبادة البشرية وتركيا ما زالت لم تنتهِ بعد أمام المجتمع الدولي والضمير الإنساني من جرائمنها بالخصوص...

هذا فضلا عن كون هؤلاء إنْ وُجِدوا فهم موجودون بطريقة قانونية حيث هم بضيافة بلاد حرة ذات سيادة تحميهم حيث أقاموا بضوابط مشروعة.. وهم لا يمارسون من الأرض العراقية أية فعاليات مسلحة كما المزاعم التي لم تعد تنطلي على أحد... فكيف لدولة تريد الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي الديموقراطي الذي يشترط الالتزام بالأسس السلمية الديموقراطية في العلاقات الإنسانية أن تقوزم بحملة اختراق لسيادة دولة أخرى ومهاجمة أناس يحتمون بشريعة المجتمع الدولي وسيادته وسيادة دولة تلتزم قوانين حقوق الإنسان والشرائع الديموقراطية؟!

إنَّنا هنا نؤكد على وحدة النسيج العراقي ولقد أبدت الزعامات العراقية جميعا وحدتها تجاه التهديدات والعربدة التركية ذات النوازع العدائية.. ويقف الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه ومنهم شعب إقليم كوردستان وكذلك تركمان العراق مع القيادة الكوردستانية الحرة ومع القيادة العراقية بقدر تعلق الأمر بحق العراق الجديد في استضافة من طلب الحماية منه وفي التصدي المشروع لأي اعتداء عليه وعلى سيادته وعلى أي مكوّن من مكوناته..

ونحن هنا أيضا نؤكد موقفنا الداعم لحقوق الشعوب في تقرير المصير وفي النضال من أجل تحقيق مطامحها في العدل والمساواة والديموقراطية وفي كل ما نصت عليه الشرائع والقوانين الدولية يساندنا في ذلك جوهريا ومبدئيا حق الشعب الكوردي في كوردستان الشمالية الثابت والعادل والمعترف به إقليميا ودوليا.. وما موقف الاتحاد الأوروبي من مسألة طلب انتماء تركيا للاتحاد وتفاصيله إلا دليل على الدعم الدولي الصريح لتلك المطامح والتطلعات العادلة...

وإجرائيا وبحساب إمكانات القوة العسكرية تدري القيادة التركية حجم التوازنات في المنطقة لكنها تدري أيضا أن الظرف الخاص الذي يمر به العراق لا يعني أنه بلا حول ولا قوة وأنه سيقامر ويبيع هويته وحقوقه وحقوق مكوناته الفديرالية بسبب ضغوط الظرف القائم لأن في العراق إرادة وطنية رساخة استعصت على قوى التقسيم وعلى قوى الأعداء الذي أوغلوا في تصوراتهم أنهم سيهزموا العراق وباءت محاولاتهم بالفشل...

وتعرف تلك الجهة العدائية في تصريحاتها وتهديداتها أن المجتمع الدولي وضع في قراراته وجود قوات دولية ملزمة بحماية أمن العراق وحدوده من اي خرق أرعن يهدد أبناءه ومن يحيا  فوق رباه وبين ربوعه.. وتلك قضية قانونية دولية..

ومن هنا كانت تلك اللغة البائسة المريضة الدالة على العجز من جهة وعلى الخطل من جهة أخرى عندما يتحدث قائد عسكري تركي بقوله: إن العراقيين يعرفون أن القوات الدولية لن تبقى إلى الأبد في تضمين إلى أن تركيا تتحين الفرص وستنتهز أولاها لتصفية حساباتها بطريقتها العسكرتارية مع العراق ومع كوردستان الفديرالية الحرة حالما تتاح لها بإغفال من المجتمع الدولي متصورة أن العراق سيبقى لقمة سائغة لقواتها...

إنَّ هذه الصورة لسياسة أنقرة متمثلة في طحنها ومصادرتها لحقوق الكورد وفي تجاهلها للحلول السلمية للقيادة الكوردستانية في تركيا وعملها على ترحيل الأزمة إلى خارج تركيا متصورة إمكان مخادعة المجتمع الدولي والتخلص من ضغوطه باتجاه الحلول الديموقراطية السلمية هناك، إنّ ذلك لـَيعريها بوضوح أمام المجتمع الدولي ويرينا حقيقة المسارات الفعلية الجارية على الأرض في تركيا أو على حدودها مع جيرانها..

ولكنَّ سياسة إشعال الحروب والفتن  عبر الحدود وفي داخل دول الجوار لن تنفع كثيرا لاستمرار مسيرة العقلية العسكرتارية والعنجهية المغامراتية التركية.. وستزداد القوى المتضامنة مع حقوق الشعب الكوردي في كوردستان الشمالية من جهة فيما تزداد عزلة القوى المغامرة أما في أرض كوردستان الفديرالية الحرة أرض العراق فستعلو رايات حقوق الإنسان وحماية الضيف بمثل حماية أبناء الوطن وستتحصن سيادة العراق وتقوى عزيمته وشكيمته أكثر وأكثر بفضل وحدة وطنية بين جميع قوى الطيف العراقي من كورد وتركمان ومن عرب وكلدان آشوريين سريان ومن كل فئاته المتحدة التي أعلنت زمن الحرية والإخاء والعدالة والمساواة وانعتاق من زمن الظلم والاستلاب والمصادرة..

وستبقى كوردستان العراق الشمس التي تمثل النموذج الحر الأبي لكل أجزاء كوردستان من أجل تحقيق التطلعات في الانعتاق والحصول على الحقوق الإنسانية العادلة... و سيرفع العراقيون اليوم راية الشمس الكردستانية دليلا على متانة وحدتهم وتضامنهم  الراسخ مع أبناء العراق الفديرالي في كوردستان ومن يمسّ كوردستانيا يمسّ العراقيين جميعا فسيادة العراق لا تتجزأ والأخوة العربية الكوردية في العراق الفديرالي عميقة ثابتة كطود جبال كوردستان الشماء الحرة أبدا، وراية كوردستان المرتفعة هي دليل تضامني لا نخفيه مع أبناء كوردستان بجميع أجزائها ولا نخشى من وضعها على أعلى قمة كوردستانية...

وبئس لغة العنف والمغامرة العسكرية ولنا ثقة بأخوّة الشعب التركي وسياسته العقلانية بعيدا سياسات القيادة العسكرتارية المتهورة في تهديداتها وعنجهيتها... وبديلنا في منع التدخل في الشؤون الداخلية وفي علاقات حسن الجوار وفي مزيد من الإصرار على الحلول السلمية وعلى وحدة مصير المنطقة وشعوبها وهو البديل المنتصر أخيرا بمنطق العقل والحكمة والسؤدد للسلم والحريات الديموقراطية...