مشروع لإعمار استراتيجي في كوردستان العراق؟؟
أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
11 2007/04/
tayseer54@hotmail.com E-MAIL:
في ظروف العراق القائمة، نجابه نحن الذين نعايش آلام التفجر وعدم الاستقرار الأمني مطلب الناس الأول الرئيس في الأمان والسلم وإبعاد شبح العنف ودوَّاماته الهمجية. ومن أجل تحقيق هذا المطلب نادت القوى الوطنية الديموقراطية بخطة أمنية يرافقها خطوات تنفيذية لستراتيجية تحريك الاقتصاد والبنى التحتية والفوقية للمجتمع بطرائق جدية فاعلة مؤثرة..
ومن العادي ألا نسطيع في ظل الظروف المحيطة المحبطة أن نطلق خطى البناء وعمليات إعادة الإعمار شاملة واسعة بطريقة مفتوحة بلا حدود ولا شروط، والسؤال المتشعب يكمن في أين تذهب الأموال المتحصلة من تصدير النفط ومن مصادر أخرى؟ هل نتركها مجمدة تأخذ مصيرها في سوق الصراعات والخسائر في زمن بورصة المال الخاضعة لفلسفة المقامرة والمغامرة؟
كما يتضمن السؤال بحثا في حقيقة وجود بداية جدية مسؤولة لعمليات إعادة الإعمار؟ وفي إمكان وجود فرص حقيقية للعمل بكامل الطاقة؟
إنَّ المسألة الأولى التي نتحدث عنها تكمن في وجود موارد مالية مهولة يجب رصدها بدقة وبشفافية تامتين مطلقتين فهي أموال تخص الثروة التي نُهِبت طويلا ويُفترض اليوم أنه لم يعد هناك سبب أو ذريعة لاستمرار الاستنزاف والسرقة والنهب....
ويُفترَض أن يكون لحكومة منتخبة [على ما لهذا التوصيف من ملاحظات (كمسألة المحاصصة) وثغرات (كمسألة التأثير على العملية الانتخابية بمختلف أشكاله)...] استراتيجية وتفاصيل مرحلية أيضا لعمليات البناء وإعادة الدورة الاقتصادية لمسارها الطبيعي...
وحتى تتوافر تلك الاستراتيجية والخطط التكتيكية وحتى نصل إلى تطبيع الأوضاع العراقية عامة بكل تفاصيلها يمكن لنا أن نلتفت إلى حقيقة قائمة اليوم وهي حقيقة الاستقرار الأمني التام في منطقة كردستان فضلا عن الإدارات الحكومية ذات الخبرات الممتدة إلى زمن ليس وليد تغيير العام 2003...
ونجد نحن أيضا بقراءة سريعة عشرات ألوف من أبناء الوسط والجنوب العراقي يحيون في كردستان وجلهم طاقات علمية وايدي عاملة فاعلة معطلة جميعا إلا ما ندر منها... هذا إلى جانب حاجة الإقليم إلى مصادر مالية واسعة سواء لعمليات البناء والاستجابة للحاجات الإنسانية المباشرة أم لتعويض التدمير والخراب المريع من إرث الأمس القريب والبعيد...
من هنا أجد أنَّه من الممكن للحكومة بل من الواجب اليوم أن تبدأ فورا بصرف النسبة المالية المقررة للإقليم من جهة على أساس مقارنة الوضع الإنساني بأفضل صورة موجودة عالميا فإنساننا ابن العراق ليس أقل شأنا أو حاجات من غيره وليس أقل ثروة وغنى وبلادنا الأغنى عالميا في ثروات لا تقف عند النفط وحده..
كما يلزم للحكومة [المنتخبة] أن تنظر إلى حقوق أبناء كردستان في تعويضهم المعنوي وبالتأكيد المادي عن سنوات الحرمان والمصادرة بل والتخريب والتدمير الذي حاق بمدنهم وقراهم وثرواتهم وبيوتهم عبر الحروب العبثية المريرة وعبر إنزال العقوبات الوحشية بهم وبأهاليهم وبممتلكاتهم...
إنَّ تظاهر أبناء كردستان مطالبين بحقوقهم هو عمل يحمل كل مشروعيته للتلبية الفورية العاجلة تحديدا من الحكومة الاتحادية المركزية في بغداد بالاستجابة لما أشرنا إليه من رصد الميزانيات الراهنة والتعويضية..
أما الأمر الآخر الذي نريد الخوض فيه هنا بعد مقدمتنا الأولى في هذه الدراسة فهو أننا ينبغي أن نوقف تجميد أرصدتنا وثرواتنا الوطنية وأن نحيلها اليوم للبدء بخطط بناء وإعادة إعمار استثنائية تطلق فرص الاستثمار الخارجي والداخلي وتنقل شركات البناء العالمية إلى أرض عراقية آمنة جاهزة لكل فعاليات إعادة الإعمار..
لا ينقصها سوى إرادة القرار الحاسم بوضع كل الإمكانات المتاحة لتلك العملية بحيث نضع اليوم حصص الإعمار والبناء المجمدة عراقيا في مختلف أقليمه ومحافظاته بسبب أوضاعها الاستثنائية أمنيا؛ نضعها جميعا إلأى جانب الميزانية العادية والتعويضية لتكون تحت تصرّف عمليات البناء الكبرى في إقليم كردستان...
وبهذه الفعالية نستجيب لمطلب واقعي في بناء المنطقة ونلبي حاجاتها ونحيي ما تهدم ونعمِّر مشروعات وطنية مهمة ستكون الساعد الأساس في عمليات البناء التالية عندما تنطلق الفعاليات في بقية أنحاء العراق في ظروف آمنة مستقرة..
وستكون التجربة نموذجا للتأثير النفسي المناسب لبقية أنحاء الوطن كما أنها فعالية تعمل على تشغيل الطاقات المعطلة فعليا وهي تحيا في كنف الإقليم كما في المهجرين إليها من الوسط والجنوب...
وفضلا عن هذا وذاك فهي فعالية ستقدم ما هو أبعد من المشروعات الخدمية؛ إذ ستقدم بناء ركائز مهمة ومشروعات تأسيسية يمكن لاقتصاديينا تقدير أنواعها وأحجامها وما ستلبيه لاحقا لعملية إعادة بقية أقاليم ومحافظات العراق الجديد..
وبدلا من هجرة العقل العراقي واليد العاملة العراقية نبدأ مشروعا وطنيا تصب كل جهوده هنا في كردستان ولكنها في النتيجة النهائية ستعود بالخير على كردستان ومثلها على الجمهورية العراقية بكل تركيبتها وتنويعاتها...
وطبيعي أن تكون الخطة بأبعاد مركبة متنوعة وطنية ودولية.. وها أنا ذا أدعو برلمان كردستان لكي يتقدم بطلبه للبدء فورا بالعملية بجذب مؤسسات التخطيط الستراتيجية ويجري تحويل الأرصدة لتوضع موضع التنفيذ وتكون الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم ولجنة دولية عن الدول المانحة والمؤسسات المعنية مشتركة في العملية الشاملة وفي سقفها الزمني..
حيث تكون الأشهر الستة الأولى مدة للدراسات والخطط والعطاءات والسنوات الثلاث التالية السقف الزمني للتنفيذ الأولي أو للمرحلة الأولى على أن تكون من هذه المرحلة أمور خدمية تعنى بشؤون السكن والمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة والكهرباء والمواصلات ومنافذ التسويق والاتصالات إلى جانب بناء الركائز الكبرى للبنية التحتية والتفكير في المديات البعيدة...
ويمكن هنا أن يجري تقسيم المنطقة لميادين فعاليات متعاضدة تقدم الواحدة للأخرى الدعم اللوجيستي في عمليات البناء وإعادة الإعمار.. إن مشروعا كهذا لن يكون تطلعا بعيدا بل هو باليد وهو مطلب عاجل لا يحتمل التأجيل...
وبخلاف رؤية كهذه لا يوجد إلا ما ترونه من مماطلات وتسويفات ومن تجميد لا للأرصدة بل للطاقات وإعدام لهما في سوق السرقات التي صارت غولا أكبر من الثقوب السوداء في ابتلاع الثروات وفي قتل الطاقات كما هو جارِ ِ اليوم ومنذ أربع سنوات شداد عجاف!!
إنني لأنتظر لدعوتي أن تتحول إلى ورقة رسمية أمام برلمان كوردستان وأمام البرلمان الاتحادي الوطني لكي تنطلق الرؤية ميدانيا وتلبي واقع العمل المؤمل من فور الإقرار في أول جلسة تالية بدل من الحيرة في مشروعات كم يأخذ النائب في برلمان العراق ببغداد مرتبا وما درجته الوظيفية وأين يختبئ أيام وجوده داخل الوطن...
إنني أرفع صوتي مطالبا بحق العراقيين جميعا في أن نبدأ العمليات الستراتيجية حيثما أتيح الأمر واليوم ليس لعين ترى إلا وتقول لنبدأ وننطلق من هنا من أرض كوردستان في أوسع عمليات بناء عالمية وثوراتنا تكفي وغدا يمكن لهذه الثروة أن تعود لتبدأ في بقاع أخرى من أرض الوطن...
كما أنها لن تتعارض في أية لحظة ممكنة متاحة للبدء بالفعاليات الستراتيجية بوجود خطط متزامنة تنتظر جاهزية البدء في بقية أرجاء البلاد...
وأكرر معلنا لا تساؤلي بل اتهامي للمعنيين بالسرقة وبتوفير أجوائها وبإهمال مصالح الناس وتطلعاتهم إذا لم تبدأ عمليات تشغيل الموارد المالية بخطط شاملة أكبر من مارشال أوروبا بُعيد الحرب الكونية الثانية..................
ولننتظر ردا رسميا من مصادر القرار.