كلمات في رمضان: العبادة والعمل والشأن العراقي؟!
أكاديمي
ومحلّل سياسي
\ ناشط في حقوق
الإنسان
25 2006/09/
E-MAIL:
tayseer54@hotmail.com
صيام
رمضان عبادة
عند المسلمين
وركن ديني مقدس.
والصوم عند
غير المسلمين
له قدسيته
وطقوسه سواء
في الديانات
الإبراهيمية
أم في الديانات
والعبادات
الأخرى. وفي
هذا الشهر
الفضيل حُرِّمت
دماء الناس
وحُظر
الاقتتال
ومُنِع التقاطعات
وأُلزِم
الإنسان
صراطا
مستقيما يقوم
على العدل
والإحسان
والبرِّ
والسلم والتعاضد
والتعاون
والتلاقي
ومحو أسباب
الاختلافات
والخلافات
والتشاكل...
وتأكد جوهر
الصيام في كونه
لا يقف عند
حدود
الانقطاع عن
المأكل
والمشرب أو
أصناف منها بل
امتد إلى
الامتناع عن
كل معنى أو
تصرف أو سلوك
خارج عن القيم
الإنسانية الرشيدة...
وفي
عراق الأمس
السومري
البعيد كان
للصيام طقوسه
التي امتنعت
فيها الجماعة
البشرية عن
الاحتراب
والاقتتال
والتقاطع
وصامت عن أكل
لحوم بعينها
وأطعمة
بعينها في محاولة
لا لأداء
مناسك وطقوس
وعبادات بل
لترشيد
المنطق
الإنساني في
صحته البدنية
والنفسية
والاجتماعية..
وفي عراق
الأمس القريب
تمسك أبناء
الديانات
بمنطق الصيام
لا بوصفه طقسا
تعبديا بحتا
بل بوصفه جزءا
من الحياة
الإنسانية
وتفاصيلها..
وعلى
الرغم من ذياك
التمسك
بالصوم
وبشهره الفضيل
فيما يخص
المسلمين من
العراقيين
فإننا لم نشهد
حالة من
الانقطاع
للتمظهر
والادعاء والفرض
والقسر في
منطق رمضان
الكريم بل كان
رمضان لمسلمي
العراق شهرا
للفرح ولتبادل
التهاني
ولتوطيد
العلاقات
الاجتماعية
ومنها
العلاقات مع
بقية
المجموعات
العراقية من
أبناء
الطوائف
والديانات
العراقية
وكان للجيرة
والجيران
مكانة في تلك
العلاقات..
كما كان رمضان
كريما في أنفس
الناس وهم
يصعِّدون من
جهودهم في
العمل ومن توجههم
إليه بكل قدسية
ورحابة صدر..
فكان ذلك سببا
في الهدوء
والسكينة
والروح
السلمي ولغة
الإخاء
والتوادد والرحمة
والامتناع عن
غضبة لحظة
وهياج ساعة أو
عصبية يوم.
فماذا
نرى اليوم من
رمضان عند قلة
من القوم؟ وماذا
نرى من دعوات؟
وماذا نرى من
أفاعيل؟ وماذا
نشهد من
سلوكيات
وتصرفات عند
أولئك القلة؟
لقد صار رمضان
اليوم لا يكون
شهرا فضيلا
كريما إلا
بكثرة
المظاهر
الزائفة من
إطلاق اللحى
وارتداء
الأعمة
والجلابيب
بأنواعها
الفاخرة
والبالية
وكأن ما كان
ينقص
العراقيين
المسلمين
منهم هو تلك
الأردية وذاك
النوع من
اللباس. حتى
بات الأمر
مفروضا قسرا
على عديد من
الناس الذين
لا سلطان
يأيديهم في
زمن تسود فيه
الجلابيب
وتأخذ
بصاحبها إلى مكانة
علية فيما تحط
بمن لا
يرتديها حيث
لا سلطان له
في دولة يتحكم
بها أصحاب
الأعمة مظهرا لا
جوهرا..
المشكل
ليس في الملبس
ولكن في منطق
فرض هذا السياق
على المشهد
العراقي العام
الذي كان حتى
يوم قريب يحيا
بتوافق مع ذاته
في ملبسه
ومأكله..
فصرنا نشهد مِن بين
من يرتدي
العمامة
والجلباب من
لا علاقة له
لا بدين ولا
بطقس تعبدي
لحدود
السنوات الثلاث
التي خلت وفجأة
صار [مظهرا!]
الرجل الورع
التقي وما هو
في حقيقته إلا
تاجر يومه ليس
في دنياه بل
وفي دينه ولا
حرج...
الفضائيات
العراقية
مطرزة بزركشة
الفسيفساء
التاريخية
وألوان ما قبل
ألف عام تطغى
على حيوات ما
بعد ألف سنة
حيث الماضي
ابن يومه وتقاليد
طقوسه التي
تنتمي للذات
والموضوع
بخلاف أدعياء
زمننا من بعض
المتجلببين
ممن يريدوننا
غرباء حتى على
مظهرنا
العادي.. فبعد
أن مزق
الطاغية أنفس
الناس وشطرها
بين ذات
وغربتها جاء
هؤلاء
ليستكملوا
الإجهاز على
طبايع الحياة
البشرية
بفلسفة تحجيب
الناس بأردية
ما اندثر وولى
من أزمنة..
وصاروا
يسوقون لطراز
من الطقوس لا
علاقة لها بجوهر
العبادة
وبجوهر الدين
فقد قرأنا
وسمعنا وعشنا
أن "عامل يعمل
خير من ألف
عابد" وأن "قل
اعملوا فسيرى
الله
ورسوله..."
وأنْ لا رهبنة
ولا انقطاع
ومبالغة في
الدين إذ يلزم
أن "تعمل
لدنياك كأنك
تعيش أبدا..."
ويلزم أن ترى
في الصيام
مودة ورحمة لا
ضربا ولا طعنا
في أخوتك...
وحيث
رمضان وروح
المودة
والرحمة لا
مكان للتقاتل
فماذا يسمي
أدعياء
الجهاد والتأسلم
وما هم
بمسلمين ، من
مطلقي اللحى
ومعتمري
الأعمة
ومرتدي
الجلابيب،
ماذا يسمي أولئك
أعمال
التفجير
الجبانة التي
ضربت في السوق
الشعبي الذي
كان يرتاده
المسلمون
ليتبضعوا
لصيامهم؟
ماذا يسمون
أعمال
الاختطاف وأعمال
التقتيل
والاغتيال في
هذا الشهر
المقدس؟ أليس من
استباحة
الحرمة في
الشهر الفضيل
ما يفعلون؟؟
إنَّ
العبادة لا
تتزكى في
الانقطاع إلى
واحد من
أركانها وترك
جوهر مطلب
الدين في كون
العمل عبادة
ولا عبادة فوق
حاجات الناس
بدنا ونفسا
وروحا.. فقد
أُعفيَ
المريض
وأُعفي المسافر
وأُعفي غير
القادر لأن
الأصل في
العبادة أنها
تزكية لسلوك
إنساني قويم..
فإن قدمها نفر
على حاجة
إنسان وإن
فرضها كرها
حيث تمتنع
عليه كان ذاك
النفر من
الأدعياء
المتمظهرين
لغاية مرضية
في أنفسهم..
وبهذا
يكون لنا حق
في التذكير
بحقوق
العراقيين
وبمصالحهم
وبحاجاتهم
بعيدا عن
أدعياء
الفتاوى
البائسة التي
تحيق
بالآمنين من
المسلمين قبل
غيرهم يوميا
ومن يرتكب
جرائم إبادة
العراقيين
اليوم من أدعياء
التأسلم
وفلسفة
الإسلامويين
الجهادية لا
يرعوي ولا
يخشى في
جرائمه لائمة
لائم ولا مخافة
الله
وتعاليمه
ونصوصه
المقدسة فهو
لا يؤمن ولا
يقدس إلا
تجارته في قتل
الناس
واستباحة حيواتهم
ودنياهم...
إنَّ
رمضان اليوم
أكبر وأروع
وثيقة لفضح
الجهاديين
التكفيريين
القتلة
وفتاواهم
الدنيئة في
ذبح الآمنين
إذ كيف جاز
قتل إنسان
بخلاف النص
الديني
المقدس
الصريح بمنع
القتل والدم
وحتى
الاختلاف؟!
إنه كفرهم وتطاولهم
على الدين
الحق دين
السلام
والوئام
والمحبة
والتوادد..
فإذا
تيقنا اليوم
برمضاننا هذا
من سوء نية أولئك
السوقة من
تجار الدم
الإنساني
المحرم سفكه
فعلينا
التعرف إلى من
يوظف تلك
الحفنة التي
تعتقد أنها
استغفلت
الناس من
العراقيين أبناء
الوعي
والتمدن
والتحضر
والمعرفة
والعقل التنويري
في دنياهم وفي
دينهم..
وعلينا أن
نمضي قدما
لنكشف عن
فضائح من
يدعون مقاومة
الاحتلال ويستغلون
مسيرة شعبنا
لتوكيد تحرره
وانعتاقه من
ربقة عبودية
لطاغية أو آخر
فيحاولون النفاذ
بإعلامهم
الكاذب..
إنهم
يزعمون
لأنفسهم
التدين
والتعبد وما هم
كذلك ولنتبين
وثيقتنا في
رمضان
الكريم بين
طقوسهم
الدموية
المناقضة
لقدسية وحرمة
الشهر الفضيل
وهم يدعون
مقاومة
الاحتلال
ولنتبين
جرائمهم
الموجهة
لزعزعة أمن
الناس وتهديد
حيواتهم حتى
في بيوتهم..
وماذا بعد من
عبادة
المجلببين
المعممين
الأدعياء..
ماذا جلبوا في
نطاق
فلسفاتهم؟
لنرى
أفعالهم
وأعمالهم وسلوكياتهم
وتصرفاتهم
ونقيس!!!
لقد
سرق عراقنا
وأمنه
واستباح شعبه
جمع من
الأدعياء بين مجموعات
وخلايا
منقطعة
للتقتيل من
التكفيريين
وبين جمع من
زعماء
الطوائف
الذين حاقوا بالأمس
بدولة
الإسلام في
عدلها
وتمدنها وتحضرها
ليسلموها
لخلفاء الجهل
والضلال
والظلام وهم
كذلك اليوم في
تمزيقهم للصف
وفي عزفهم على
وتر التقسيم
والتخفي
برداء
التأسلم
وعمامة حجب
نور العقل
وحقه وجمع من
أحزاب
التأسلم
وبرامجه المظهرية
فيما جوهر
الأمر أكبر
ظاهرة فساد في
عالم اليوم
وأكثر هولا في
جريمة نهب
بلاد لا بثرواتها
بل في إبادة
أهلها يوميا
وفي كل ساعة..
أبعد
هذا يتحدث
أولئك
الأدعياء عن
دين وتعبد؟
أبعد ذلك يتحدثون
عن عمل فيه
خير في ظلال
سيوف الذبح
وجزّ رؤوس
العذارى
والمناضلين؟
أبعد هذا لا
يرى عراقي
دربه فيما
تربى عليه من
تمسك بدين سمح
معتدل دين
للسلم
والمحبة
والإخاء دين
بين كل عراقي
فرد وربه فيما
يعلو ما بينه وبين
أخيه وابن عمه
وصديقه وجاره
في عمل من أجل
إعادة بناء
العلاقات
الاجتماعية
على أسس عاشت
عشرة آلاف عام
من البناء
الحضاري
الباقي في
أنفسنا نحن
العراقيين
الأسوياء..
فلنطهِّر
أنفسنا ونخلص
تماما
لأخوَّتنا ووحدتنا
وتعاضدنا
وتماسكنا
وعملنا في
البناء لا
الهدم ولنمضِ
حيث نبني
مدارس
أبنائنا
ومعاملنا وحقولنا
ولتنبت
جنائنا في
عراقنا
الجديد حيث لا
يكون بيننا
دخيل مهما
تبرقع بزيّ
خداعا ونفاقا
ورياء لأن
الأصل هو
الجوهر في
أنفس الناس لا
مظاهرهم
الكاذبة
الخادعة
وعسانا نفلح عن
قريب وننتصر
لأنفسنا حيث
عبادتنا في
العمل النزيه
الكريم وهو
العمل الذي
استخلف الله
فيه الإنسان
كي يعمر الأرض
لا يخربها ولا
يخدم ما يبنيه
أخوه أو جاره..
وسنبقى
أخوة في
عراقيتنا وفي
دين التسامح
دين السلام
دين الحق
والعدل
المنزه
المقدس لا دين
سفك الدماء
والذبح والتقتيل
مما جاء به
المنبوذون من
قلة دخيلة متسللة
في عراقنا
الجريح..
ومعنا
بالتأكيد كل مسلمي
الأرض وكل
محبي السلم
والحرية في
كفاحنا من أجل
الاستقرار
والحياة
الحرة
الكريمة...
وأملنا كبير
في الانتصار
وإقامة
بديلنا الديموقراطي
التعددي
العلماني
المتنور لا
الضلالي
الظلامي حامل
راية الدهماء
والتجهم والعتمة
ورايات الدم
والموت
والسواد..
وسنحيا أحرار
بُناة نعمر
الأرض كما هو
أمر الدين
الحق الصحيح
لا عبيد كما
يريدنا
أدعياء
التأسلم ولو
تمظهروا
وتمسحوا بكل
براقع الكذب
والنفاق....
ولأماسينا
لقاءات أخرى
في رمضان
الخير والود
والعطاء
والعمل عبادة
صادقة وسبيل
لدين ودنيا.