الطريق لولادة منظمة رعاية الثقافة العراقية في المهجر
أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
2006 02\ \08
E-MAIL: tayseer54@hotmail.com
تتزايدُ جهودُ المثقفين العراقيين في المهجر وتتعاظم أنشطتهم من أجل تحقيق ولادة طبيعية صحية لمنظمة ترعى الثقافة العراقية ومسيرة الإبداع.. كما تشمل في رعايتها المبدع العراقي سواء من جيل الرواد أو المحدثين؛ ومن الطبيعي أنْ يتمَّ استنهاض الهمم في مرحلة جديدة يحياها العراق الجديد، وأنْ يتصاعد بذل الجهود لإعادة ترميم البيت الثقافي وتصحيح ما جرى تشويهه في بلادنا طوال العقود الأربعة الأخيرة..
وقد اُقتُرِح في الآونة الأخيرة مشروعات عديدة بالخصوص مثلما عالجت كتابات ودراسات بعينها الوضع الثقافي في العراقي بالتحديد منه مسيرة الإبداع الثقاقي العراقي في المهجر بالتعاضد مع يُقترَح اليوم في الوطن. وبالعودة إلى جوهر تلك المقترحات كانت الدعوة الأساس تستند إلى مؤتمر وطني عام لجمهور الإبداع الثقافي، بما يعود على المثقفين من تبني مشروع لإقامة برلمانهم الثقافي واتحادهم الذي يرعى شؤونهم كافة.. ومنها بالخصوص رعاية المبدعين في لحظاتهم الحرجة أو الطارئة..
فلقد ظهر جليا وضع المثقف العراقي، عندما تعرض في الآونة الأخيرة عديد من مثقفينا لأزمات حياتية هددت أوضاعهم الصحية لأسباب تتعلق بانتفاء القدرة على مجابهة المتطلبات المادية أو الكلفة اللازمة لإجراء عملية جراحية أو تأمين رعاية أمر من أمور حيواتهم اليومية المهمة في ظروف المنافي القصية التي اُضطُروا للإقامة فيها...
ولأنَّه من المعيب لشعب ودولة كالعراق أنْ تمضي الأمور بطريقة إذا ما تكررت على الشاكلة التي حصلت في المدة الأخيرة فستكون صورة استجداء فيما يحق للمثقف العراقي بعد عقود العمر التي أفناها في خدمة الوطن وقضيته حتى وهو في مهجره ومنفاه، فإنه يحق له أن يحظى بترتيب مناسب لرعايته ليس بكدية ولا بمكرمة من أحد حتى لو كان هذا الأحد زعامة وطنية مخلصة وعمله عمل وطني نزيه.. لأنَّ الأصل في الأمر هو أن تنحو الأمور باتجاه تأمين الرعاية الكاملة التامة من جهة منظمة تختص بشؤون الثقافة والمثقفين، وهذه الجهة تظل مدعومة دعما رسميا صريحا ومنظما مرتبا بطريقة موضوعية كريمة..
ومن هنا كان مقترح كاتب هذه الكلمات المتنوع في شؤونه وهموم عديدة عالجها، منصبا على صندوق رعاية المثقف المبدع الأكاديمي في الأزمات والطوارئ مثلما يتناول بمعالجته دعم شؤون حياتية مهمة أخرى للإبداع والمبدعين من مثل رعاية الأعمال الإبداعية ودعم المشاريع الثقافية الغنية بصيغ مختلفة من أشكال الدعم المادي والأدبي الاعتباري من مثل رصد الميزانيات لتلك المشروعات الإبداعية وتخصيص الجوائز الرسمية المميزة للمبدعين كما في مقترح جائزة سومر للعلوم والآداب والفنون...
ومن الطبيعي أن تأخذ المقترحات صيغتها الرسمية بالاعتماد الرسمي لها سواء بتعميد من إمضاء أعلام الثقافة الوطنية العراقية أم بواجب مفروض على مؤسسات الدولة العراقية الجديدة بكل معطيات تكوينها وتسيير أنشطتها.. لأن جعل الأمر بهذه الطريقة الرسمية هو الإمكانية المنتظرة (أشبه بالوحيدة) لوقوف المشروع على قدميه بدعم جدي مناسب لا يعقبه أيّ تحكم بتوجهات الثقافة بسبب من ذياك الدعم الحكومي منه...
وعليه سيكون من الصحيح من جهة المثقفين المبادرين بأي مشروع جديد أنْ بلتزموا بقراءة أهم التجاريب التي أنشأها المثقفون العراقيون طوال زمن الشتات والمنافي منذ العام 1978 بل منذ ستينات القرن الماضي وظهور جماعات الفن الحديث وما إليها.. مرورا بما بعد التسعينات والمحاولات الثقافية الأخيرة كما في البرلمانات والاتحادات الثقافية التي ظهرت في السنوات الأخيرة..
ذلك أنَّ تجاوز تلك المنظمات المهمة وتجاريبها أمر غير مقبول بالمرة فمنطق البداية من الصفر منطق لا ينسجم ولا يتسق مع جوهر الثقافة ومعطياتها حيث يستند ذياك الجوهر إلى تاريخ عريق متصل ومستمر من التجاريب الغنية.. كما أن ذاك التجاوز سيوقعنا في أزمة المحدودية والتشرذم والاختلاف.. في وقت نحن أحوج ما نكون لأن نتحول من زمن انفراط العقد والتشظي والتمزق إلى زمن الوحدة في كينونة قادرة على تلبية مطالبنا والاستجابة للحاجات الكبيرة للإبداع والمبدعين العراقيين..
كما ينبغي اليوم التأكيد في مشروعنا على منع كل أشكال الإقصاء والتهميش بمقابل تفرد مجموعة أو أفراد أو جهة أو شلّة أو ما شابه. فهذا الأمر الذي أصاب الحياة السياسية إذا ما دخل المشهد الثقافي سيصيبنا في مقتل لا رجاء في شفاء بعده؛ لما للوضع المستجد من طبيعة وخصائص، بعد زمن طويل ومسيرة أبعد من التجاريب الفردية والجمعية التي تحكمت بها ظروف الأمس المعروفة..
وهذا يحيلنا إلى لجان تحضيرية تشترك فيها القوى الثقافية الفاعلة من منظمات ومبدعين من الذين يحملون خزين التجاريب السابقة والقائمة لكي يسيروا بالمشروع إلى برِّ الأمان عبر قراءات موضوعية ترتقي لمستوى المسؤولية المؤملة. وتتحول للجنة تجمع كل ما يرسل لها لتقدم أوراقا متكاملة للمشروع إلى مؤتمر تاسيسي للمنظمة الثقافية العراقية الموحدة..
إنَّ التدرج في نسق العمل بدءا بجمع الرؤى وإعادة القراءة والصياغة وتوزيع مشروع مقترح وإعادة مناقشته ومن ثمَّ إعادة ترتيب الأوراق وعرضها على المؤتمر التاسيسي للإقرار هو أمر مطلوب بإلحاح وإلا فإنَّنا سنوقع أنفسنا في مطبّ الأحادية والفردانية والتشظي من جديد بما يحيق ليس بالمشروع بل بآمال الثقافة العراقية والمثقفين المبدعين بمخاطر بعيدة من إحباط وخيبة أمل قد لا ننهض بعدها بسهولة أو من دون عقبات كبيرة..
لنقلْ كفى لكل المشروعات الجزئية ولننتهِ من مشروعات لا ترقى لمستويات الإبداع والانتاج الثقافي العراقي ولنعدْ إلى الاحتفاء الكريم بعلمائنا وأكاديميينا ومبدعينا كما كان زمن التكريم السومري البابلي وكما كان زمن دار الحكمة والجامعة المستنصرية وكما نريده اليوم لمثقفنا ولثقافتنا حيث الموقع الذي يحيل إلى حقيقة مرجعية العقل العراقي لا للعراقيين حسب بل وللمنطقة والعالم.. وهم جديرين بهذا الموقع من خلال مساهماتهم العظيمة في حركة الثقافة الإنسانية المعاصرة..
ولكي يحترمنا أصحاب الخطابات الأخرى وبالتحديد ألا يتقدم علينا السياسي بطريقة سلبية ولكي نحظى بفرص جدية[ولنخلق بأنفسنا تلك الفرص] لنقدم خطاب الثقافة ونثبِّت دوره الوطني الكبير بل الأساس لانطلاق عملية إعادة إعمار الذات؛ لكي يتحقق ذلك لابد من كلمة موضوعية في مسيرة مقترح إنشاء منظمة الثقافة في الوطن والمهجر ومعالجة جمعية واعية بالخصوص...
إنَّ تكاملنا وتفاعلنا ومنعنا الإقصاء والتهميش وتقديمنا للغة جدية جديدة في خطابنا هو أمر أكثر من مفيد، فهو ملزم لنا جميعا وليحضر معنا في مشروعنا حتى روادنا الراحلين باستحضار رؤاهم وأفكارهم ووضعها معنا عند صياغة كل مفردة من مفردات مشاريعنا الثقافية المخلصة الوفية للحق ومنطقه.. وبخلافه لن تعدو أنشطتنا عن حركة تولد سقيمة لا تغني ولا تسمن..
فهل وجدنا لأنفسنا طريقا للقاء والتفاعل في كنف اسمنا العراقي وفكرنا الإنساني التنويري المتفتح؟ هذا ما ستؤكده أنشطتنا القابلة وأيامنا التي تكاد شموسها أن تنبلج عن صبح جديد عسانا نؤكد صحوه ونقشع عنه تلبد الغيوم ليكون سحابا يمتلئ بغيث التحضر والتمدن المؤمل في مشروعنا الجديد...
لمزيد من الاطلاع على مشروعات الثقافة المقترحة نرجو تفضلكم بزيارة الرابطين الآتيين:
http://www.somerian-slates.com/p374.htm
http://www.somerian-slates.com/p373.htm