حول إشكالية احتمال إغلاق قناة الفيحاء ؟!!
من أجل تطوير عملنا النوعي دفاعا عن أجهزتنا الثقافية
والإعلامية والفنية ..
أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق
الإنسان
2006 02\ \04
E-MAIL:
بدأ إشراقة جدية مميزة مع انهيار زمن المصادرة
والاستلاب في دكتاتورية أحادية مقيتة، وصار لنا من حرية التعبير ما لم يكن في
أمسنا القريب ولا البعيد. وتاسياسا على توظيف زمن الحريات وسلطة الإعلام ودوره في
الحياة ظهرت الصحف بالعشرات وشقَّت الفضائيات العراقية الجديدة طريقها وسط أجواء
سطوة سلطة المال على الإعلام الإقليمي والدولي..
أما نحن فننطلق بقدرات إعلاميينا العراقيين وإمكاناتهم
في الخلق والإبداع وهي بحق كبيرة ومميزة وبقدرات مالية ما زالت محاصرة ومحددة
بظروف غير طبيعية من جهة اهتمام رأس المال العراقي الخاص بموضع استثماراته وأماكنه
التي اختارها لأنشطته، وهي بعامة حذرة ولا تتجه لعمل إعلامي بعينه باستثناءات غير
كبيرة. كما أن الدعم الحكومي الرسمي لأنشطة المجتمع المدني ومؤسساته ما زالت من
دون رصيد جدي يوازي المنتظر منه..
وفي أجواء عديدة للضغوط التي تتعرض لها الفضائيات
العراقية الجديدة يجري استبعاد خيرة إعلاميينا وتحجيم مسارات قدراتهم المميزة ومنع
تفعيلها.. كما يجري تهديد ملحوظ بوقف العامل من تلك الطاقات لأسباب شتى منها
محاولة فرض سياسات بعينها على الخطاب الإعلامي العراقي وتوجهات مؤسساته وبالتحديد
فضائيات عراقية بعينها.. ومنها أسباب مادية بحتة فضلا عن عديد من الأمور الأخرى
المرتبطة ببرامج الجهات الداعمة ومصالحها وظروفها الخاصة الموضوعية أحيانا...
إنَّ موقفنا العراقي المسؤول يجب أن ينطلق في تقويمه
لمسألة محاولة إغلاق فضائية عراقية لا من زاوية اختلافنا مع تلك الفضائية في بعض
مفردات سياستها ولا من منطلقات فردية تتعلق بتبعية فضائية بعينها لشخصية أو لجهة
مؤسساتية بعينها بل ينبغي أن يتم تقديم منطق ستراتيجي يرى في وجود مؤسسة إعلامية تطويرا
على المدى البعيد لتجاريبنا في الإطار وتوفيرا لمساحة جدية للدفع بأنشطتنا
الإعلامية نحو مستويات تكون مسؤولة عن أداء المهام الضرورية الواجبة في هذه
المؤسسة تجاه عراقنا الجديد..
إنَّ وجود الإعلام العراقي المتعدد الرؤى القائم على
التنوع وحتى على الاختلاف والتقاطع السلمي البنّاء أمر واجب أن نحميه وعلينا تذكر
مبدأ أن ندافع عن مسألة إيصال صوت من نختلف معه وإعلاء شأن حرية التعبير إلى أبعد
حدودها الموضوعية وأن نقف مع جوهر ما نؤمن به من مبادئ الديموقراطية في التعاضد مع
الآخر..
واشير هنا إلى أخبار تتناول مسألة بقاء قناة الفيحاء في
دولة الإمارات والمناشدات التي ظهرت وكذلك ارتفاع أصوات العاملين في تلك القناة
وعوائلهم وحملات التضامن التي ارتقت إلى مسيرات التظاهر المعبرة عن وعي العراقي
بأهمية التمسك بصوت من أصوات التعبير عن الرؤى الوطنية المتعددة بغض النظر عن بعض
المواقف الاختلافية أو الخلافية في البرمجة أو السياسات أو ما شابه مما ينبغي أن
يكون واقعا في هامش عرضي لا يعرقل دعما ثابتا ومبدئيا راسخا للدفاع عن حق الفيحاء
في العمل بخاصة في ظل أجواء التطور الذي بدا واضحا في إعلاء التجربة الإعلامية
العراقية والانفتاح على مجموع الطيف العراقي والعربي والإقليمي المحيط..
من هنا فإننا نجد أنفسنا في واجب التقدم بدعوة أصحاب
الشأن للتدخل في قضية استصدار القرارات المناسبة التي تساعد طاقم القناة على
معالجة ظروف البث والعمل والانتقال إلى مقر جديد إن لم يكن بالإمكان البقاء في
المقر الحالي.. وهي دعوة تنتظر الاستجابة بناء على جملة عوامل كونها دعوة ليست
فردية وكونها دعوة تستند إلى حقوق مبدئية وإلى التعاطي مع علاقات إيجابية مؤمل
استثمارها موضوعيا بكل ما يعود على التفاعل الرشيد بين الجهات المعنية ومن تمثله
وبين مؤسستنا الإعلامية العراقية وعراقيينا جميعا...
ومن جهتنا نحن العراقيين علينا أن نبحث في الوسائل
الكفيلة بدعم مسيرتنا الإعلامية عراقيا وبإمكاناتنا وطاقاتنا وقدراتنا فلسنا
بقليلي الإمكانات لا المادية والتقنية والفنية ولا الإعلامية من خبرات وطاقات
وقدرات... وينبغي أن تعقد الجهات الإعلامية مؤتمرا تخصصيا يناقش فيه بحوث
إعلاميينا ومسؤولي الشأن الثقافي لتحديد الخطى الضرورية لدعم مساراتنا المناسبة من
دون أن نغفل التعددية والتنافس البناء والموضوعي ولكن بتعزيز وجود المؤسسات
المتعددة المتنوعة ودعم تصاعد وتيرة العمل فيها..
ولعله من نافلة القول أن نعلن سعادتنا وغبطتنا بوجود
قنوات فضائية بهذا العدد وأكثر.. فشعبنا يستحق أن تمثله نوعيا فضائيات متطورة أبعد
من هذه البداية التي نحرص على تطويرها وتقدمها. ودعونا نهنئ فضائيات الفيحاء
والشرقية والعراقية وعشتار وكردسات وكردستان وجميع الفضائيات العراقية بلا استثناء
لواحدة منها آملين النجاحات الوطيدة لإعلامنا وإعلاميينا التي تعبر عن مكانتهم
الحقيقية وموقعهم المميز في محيطهم وفي أداء مهامهم كافة...