أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
2004\ 05 \ 17
E-MAIL: tayseer54@maktoob.com
يُعدّ
تشكيل الحزب
السياسي حالة
متقدمة من حالات
العمل الجمعي
ومن إشكالية
العمل
المؤسساتي
المرافقة
لمجتمع التمدن
والرقي
الحضاري. ومثل
تلك
المجتمعات المتقدمة
يحيا في كنفها
عدد من
الشخصيات الوطنية
التي تتمرّس
خبرة ومعرفة
عبر طريق طويل
من العمل
الدائب
الناشط في
مجالات قيادة
الفعل المؤثر
في الحياة
العامة.
وفي
الحقيقة
فإنَّ تلك
الشخصيات
التي عادة ما
تكون شخصيات
عصامية تكون
قد أعطت من
حياتها ما لم
تعطِهِ أية شخصية
أخرى في
المجتمع؛
وتكون قد عملت
بجدية وتعبت
كثيرا من أجل
اكتساب
الخبرات
والمعارف وخاضت
تجاريب عريضة
عبر صلاتها
المخصوصة في الحياة
اليومية..
وتلك
الشخصيات
فيما تحمله من
حنكة تظل
واحدة من
صمامات
الأمان التي
يميل إليها
أعضاء
الأحزاب
والمنظمات من
أجل أنْ تكون
معهم في قيادة
تلك الأحزاب
وتوجيه مسارات
عملها الوطني
ويتمّ
اختيارهم
للقيادة حيثما
تسنى ذلك..
غير
أنَّ عددا
مخصوصا
محدودا من تلك
الشخصيات
يفضل العمل
الوطني
الجمعي بعيدا
عن الالتزام
الحزبي الذي
يضيق ذرعا به.
إذ ترى تلك
الشخصيات في
تحررها من
ذياك
الالتزام الحزبي
فرصة جدية
مهمة لعملهم
الأوسع وتأثيرهم
في محيطهم من
دون وصاية
محددات ضيقة
يؤطرها توجه
الحزب أو
المنظمة..
ومن
هذا المنطلق
يُتاح لتلك
الشخصيات
التأثير على
عدد من الأحزاب
والقوى
والبقاء
قريبا منها
جميعا من دون
قيود فيما
يتيح لها هذا
الوضع فرص
العمل والإفادة
والفيض على
المحيط
الاجتماعي
والسياسي بما
تختزنه من
تجاريب
ومشروعات
مقترحة للمجموع.
ويمتاح منها
مجموع
الأفراد
المتلقين لتجاريبهم
ودروسهم
ومواعظهم
وكذلك أعضاء الأحزاب
والمنظمات
بالمقدار
الذي لا يكون
قليلا تجاه ما
يمتاحه
الجميع من
التجاريب
الفردية العادية..
فنحن
هنا أمام
الشخصية
الوطنية التي
تتشكل من عميق
التجاريب
الموضوعية من
جهة ومن صادق
اختيارها
طريق العطاء
والفعل
الجمعي
النوعي تجاه
الآخرين؛
وهذا يعني كون
الشخصية الوطنية
قيمة نوعية
كبرى يشكل
وجودها أهمية
كما تشكله
ضوابط العمل
النوعي
المؤسساتي
التعاضدي بين
أفراد في
منظمة بعينها
على سبيل المثال..
وفي
ضوء مثل هذه
الحقيقة لا
يمكن لمجتمع
لا يملك
شخصياته
الوطنية
الثقيلة في
وزنها وفي تأثيرها
أنْ يتماسك في
توجهاته
بمعنى سيكون
من الضروري
أنْ يجد
المجتمع فرضا
مسألة احترام
شخصياته
ووجهائه وليس
أنْ يختلق أو
يصنـِّع
شخصياته
ويفتعلها كما
لو كان الأمر
حالة من
التمظهر
والتشدق
والادعاء...
فإنْ
لم تثبت
الشخصية
نفسُها
وجودَها وإنْ
لم يكنّ
المجتمع
احتراما جديا
لها وإنْ لم
يجرِ التفاعل
بين الطرفين
فإنَّ
الادعاء
والافتعال لا
يمكنه أنْ
يعوِّض تلك
الحقيقة بأي
شكل من
الأشكال وإنَّ
وجود وجهاء من
جهة القيم
المادية الرخيصة
لن يكون له
دوره في العمل
النوعي
الاجتماعي
ولا في درجة
التمدن
والتحضر...
لأنَّ
الفارق بين
الوجيه ماديا
والشخصية الوطنية
المميزة
سيكمن في كون
من يجري عبثا
وراء الأول لن
يكون أكثر من
تابع مقلِّد
لاهث وراء قيم
رخيصة غير
تطورية ولا
تنتمي لأكثر
من تاريخ
انصرم وانقضى
قبل دهور من
الزمن.. فيما
الشخصية
الوطنية يعمل
معها وليس في
ظلها ولا
تابعا آليا
خادما لمصالح
فردية بل يعمل
معها الآخرون
من مبدأ
المساواة
الإنسانية
وتبادل
الخبرة والإفادة
من المعارف
والتجاريب
التي تحمل ومن
ثمَّ فإنَّ
انعكاس تلك
العلاقة
إيجابيا وانعكاس
علاقة
التبعية
سلبيا وغير
مفيد بالمرة ..
ونبقي
على مدار
موضوعنا في
إطار إشكالية
واحدة تلك هي
إشكالية
الانتماء
الحزبي الذي
ينبغي أنْ يظل
بعيدا عن ضغوط
الواقع
وفروضه وأنْ
يظل محصورا في
قيم التفاعل
الإيجابي
بدلا من توجيه
الأمور نحو
حالة من الربط
الملزم بين
بعض شخصياتنا
الوطنية
والأحزاب
القريبة من
طبيعة
التكوين
الفكري أو
الفلسفة التي
تلتزمها شخصية
بعينها..
ومن
الصحيح أنْ
تستفيد الأحزاب
الوطنية من
تلك الشخصيات
بمقدار كافِ ِ
حيثما وُجِدت
بعيدة عن
المشاغل
الحزبية
التنظيمية من
جهة وحيثما
وُجدت بعيدا
عن ضوابط النـُظـُم
الداخلية
وشروط العمل
على وفق محددات
مخصوصة.. ومن
الطبيعي أنْ
تنشأ علاقة
موضوعية بين
الطرفين ليس
من جهة
الانتماء
والتسجيل المحدد
بحزب بعينه
ولكن من جهة
أنْ توفر
الأحزاب
للشخصيات
الوطنية فرص
البحث
والدراسة والعمل
الحر وتنهض
الشخصيات
الوطنية
بتقديم جهودها
الفاعلة
وبحوثها
واستنتاجاتها
في خدمة العمل
الجمعي وليس
العمل المفتت
الفردي الانعزالي
..
في
مثل هذه
الحالة يكون
من الصحيح
ووارد
المناقشة
معالجة
أفضلية وجود
الشخصيات الوطنية
المستقلة
وتفاعلها
الجدي الصحي
مع الأحزاب
الوطنية ومع
طبيعة العمل
الجمعي من دون
شروط مسبقة
تكمن في
إشكالية
انتماء حزبي
محدود أو يشدد
أو يضيِّق
الخناق على
استقلالية البحث
والاختبار
بطريقة
سلبية..
وبهذه
الحقيقة الوصفية
للتعاضد بين
الشخصيات
المستقلة والأحزاب
السياسية لن
يوجد تقاطع أو
تعارض بين العمل
الجمعي
تنظيميا
للأحزاب
السياسية وبين
استقلالية
تلك الشخصيات
بل ستوجد
أرضية للتفاعل
التي تخدم
التطور في
العمل
السياسي العام
وفي تعضيد
مفهوم العمل
المؤسساتي لا
الفردي .. حيث
الشخصية
الوطنية هنا
تشكل بوجودها
النوعي
المخصوص ما
يعادل مؤسسة
كاملة في
جهودها وما
تبدعه من
أنشطة
ومشاريع طبعا
بسبب من مستوى
ما تمتلكه من
خبرات ومن
ثمَّ من تأثير
عريض في
الساحة
الوطنية
عموما..
كما
سيكون من
الصحيح أنْ
تتجاذب القوى
السياسية
المنظمة مع الشخصيات
الوطنية
المستقلة
وأنْ تضعها في
المستقبل
القريب على
قوائم
تمثيلها في
المستوى الانتخابي
لما لذلك من
دور يؤكد
تماثل العمل المنظم
الجمعي
للأحزاب مع
العمل النوعي
المنظم
للشخصيات
الوطنية التي
لا يشكل
وجودها بأي
حال من
الأحوال دعما
للفردنة
والتشرذم فهي
موجودة
لخصوصية
تاريخية
أفرزتها
وأفرزت معها قوانين
عملها
المتمدن
المتحضر
وآليات أنشطتها
الجمعية
التأثيرات
والنتائج...
ومن
تجاريب
الماضي
القريب يمكن
القول بأنَّ نجاح
دور حزب في
العمل
الجماهيري
وفي تنظيمه ودوزنة
أنشطته يكمن
في مقدار
التفاعل بينه
وبين
الشخصيات الوطنية
التي تتصدر
العمل
الجماهيري
وتؤثر فيه
وتدفعه نحو
الرقي
والتحضر ومن
ثمَّ نحو العمل
النوعي
التنظيمي
ومظهره
الكامن في
التشكيلات
الحزبية
والمؤسساتية
الجمعية..
وعلى
الشخصيات
الوطنية
اليوم أنْ
تـُعنى بوضوح
وملموسية
بالعمل قريبا
من التحالفات
الديموقراطية
العريضة وأن
تحاول تعضيد
تلك البرامج
التي تـُعنى
بالعمل
المنظَّم
جماهيريا ومن
الخطورة اليوم
ألا تُدلي
الشخصيات
الوطنية
برأيها في الأحداث
والوقائع
الجارية بما
يدفع نحو وضوح
الرؤية لدى
الجمهور
المتسائل في
زمن إثارة الغبار
والغمام أمام
نواظر العامة
بما يثير الشك
والريبة
والتساؤل
ووحتى الضياع
والضلال..
وسيكون
من الأجدى أنْ
تُصدر
الشخصيات
الوطنية
بياناتها
التوضيحية
المفيدة سواء
بشكل تشاوري
مع شخصيات
أخرى وأحزاب
قريبة وكلما
كانت روح
المبادرة
أعمق وأعرض في
التشاور وتبادل
الرؤى كانت
أعمق في
تأثيرها
وارتقت الشخصية
الوطنية إلى
مستوى الحدث
وما يفرضه من
واجبات وطنية
عليها..
وفي
ضوء هذه
الفاعلية
يمكننا تبيّن
معنى وجود
الشخصية
الوطنية
المستقلة
خارج دوائر
العمل الحزبي
الضيق من دون
أنْ يتقاطع
معه أو يتعارض
وأهدافه
النبيلة بل في
موضع التفاعل
والتعاضد
وتفعيل
التأثير
المشترك على الجمهور
عامة..
خاص
بصوت العراق www.sotaliraq.com