أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
2004\ 04 \ 12
E-MAIL: TAYSEER1954@naseej.com
يشكِّل
الخطاب
الديني جزءا
مهما من
مكونات العقل
الجمعي في
العراق ومن بنيته
التأسيسية
عبر ماضيه
الوسيط
والبعيد. ولم
تنقطع تلك
الصلة بقدر ما
تواصلت وإنْ
بأشكال
ووسائل
متنوعة؛ فنجد
بعضها
مضمَّنا في
الخطابات
العراقية
المعاصرة
بخاصة منها
الخطاب
السياسي ومن
بعده الخطاب
الاجتماعي ـ
خطاب التقاليد
والعادات
ومسارات
العلاقات
الاجتماعية القائمة...
وممّا
يمكن للدارس
ملاحظته هنا
لتفسير ظاهرة
صعود الخطاب
الديني هي
آلية الخطاب
الديني.. وهي
آلية تضمن
للفرد علاقة
للخلاص من
عالمه أو
محيطه الذي
يشعر تجاهه
بالانفصال من
جهة وبالعدائية
أحيانا
وبانتفاء
الراحة
والأمان في
أحيان أخرى,
ما يجعل
الخطاب الديني
وسيلة خلاص
وملجأ توفير
الأمان؛ وإنْ
كان ذلك بشكل
روحي من جهة
تطمينات
النفس بعالم آخر
لا يوجد
للظالم فيه لا
سلطة ولا موطئ
قدم و
لا كينونة
وجود... إنَّ
عالم السلام
والألفة
والطمأنينة
[الروحية] هو
ما يوفره جانب
مهم من الخطاب
الديني...
وبالعودة
إلى واقع العلاقات
الاجتماعية
العراقية في
أيامه الأخيرة
سنجد نكوصا عن
التطور
وتراجعا
خطيرا أودى
بكل
المتغيرات
[التطورية]
التي حصلت في
القرن الماضي
نتيجة
لعمليات
السحق
والتدمير التي
مورست ضد
المجتمع زمن
طغيان
الدكتاتورية.
وفضلا
عن ذلك وقع
المجتمع أسير
محاولات
تعويضية تبحث
عن ملاذ
للأمن, لم يكن
مجيبها غير
العودة
لآليات
تقليدية
قديمة تمثلت
في القيم العائلية
الأسرية أو
القبلية التي
رفضتها قيم الإسلام
السمحاء
ومبادئ
التحضر
والتمدن منذ قرون
بعيدة ولكنها
عاودت الظهور
بالأمس القريب
آلية وسلاحا
لم يعدْ
الفرد يملك
غيره لحماية
ذاته من
الاعتداء
الصارخ الذي
مثلته أعتى فاشية
وأعنف قوة
استغلالية
حكمت البلاد
منذ وُجـِد
الإنسان على
هذه الأرض
المعطاء...
غير
أنَّ قيم
الأسرة
الكبيرة لم
تكن لتستجيب لأحلام
الفرد
وطموحاته, ما
خلق روح
الفردنة والعزلة
ومن ثم
الاختلاء
لعالم روحي
أقرب للصوفية ولكنّه
بالتفاعل مع
أسئلة الواقع
كان مضطرا باستمرار
للتمظهر
بخطاب بعينه
ولم يكن أقرب لهذه
الإشكالية
غير الخطاب
الديني...
كما
يمكن أنْ نضيف
هنا عوامل
كثيرة أخرى
وإنْ كانت
أبعد تفصيلية,
من مثل
المتغيرات
على الساحة
العالمية
وتوازنات
جديدة فيها
واختلالات
جيوسياسية
إقليميا مع
تصاعد موقع
الخطاب
الديني في أجهزة
سلطة العقل
المعاصر أقصد
أجهزة الإعلام
واسعة
الانتشار
بخاصة منها
الفضائيات والإنترنت.
أضف
إلى ذلك
احتدام
الصراعات في
ظل فوضوية شديدة
بعد انفلات
مركز القرار
الدولي الذي
كان يؤطـِّره
في الماضي غير
البعيد توازنية
قطبية معروفة.
وبالتأكيد
يندرج هنا
صعود بدائل
تتخفى
بالقناع
الديني الذي
لا يمتّ إلى النص
الديني الأصل
بصلة ولكنه
قناع استغلالي
يدعيه بعضهم
وهو في الوقت
الذي يمتلك
تأثيره
المباشر, في
الوقت ذاته
يؤثر بتطرفه
الصادم بشكل
غير مباشر عبر
تأسيسه
لتفعيل أو
تنشيط الانشغال
بموضوعة
الخطاب
الديني وآلية
عمله
الحياتية
بوساطة
محايثة لجملة
من العلاقات
الموجودة في
الوعي الجمعي
للإنسان...
إنّ
كل تلك
العوامل دفعت
بالخطاب
الديني إلى الواجهة
وجعلت منه
الأداة
المناسبة
للرفض المطلق
لعملية
استلاب قاسية
عنيفة إذ لا
يمكن للسلطة
الاستغلالية
أنْ توجِّه
عنفها
وقسوتها ضد
حَمـَلـَة أو
دعاة هذا
الخطاب وآلية
عمله لأنَّها
هي الأخرى
موروطة
بادعائها
التزام
القدسية التي
يمنحها
الخطاب
الديني.
وهكذا
كان للخطاب
الديني وجوده
في مرحلة الاستلاب
وهو ما زال
يحتفظ ببعض
أدوات تأثيره
وفعله في
مرحلة التحرر
من
الدكتاتورية
وطغيانها
الدموي ونحن
في مرحلة من
الفوضى وعدم
الاستقرار
مما يمكن توظيفه
واستغلاله
سلبيا في بعض
الأحيان...
ولكن هذه
المساحة من
التمكن
والانتشار
شيئا فشيئا لن
تحتفظ بقوة
تأثيرها لزمن
أبعد حيثما
شهد إطار
ممثلي ذياك
الخطاب
اندساس قوى
رديئة مستغـِلة
كما حصل في
الماضي
القريب
والبعيد...
وعلينا
هنا أنْ
نسجِّل أنَّ
بقاء أي خطاب
واحتفاظه
بدوره سيعتمد
مثلما كان
سابقا على درجة
احتفاظه
بعلاقة
إيجابية
بنّاءة مع
جمهوره وعلى
مصداقيته في
التعبير عن
تطلعات ذياك
الجمهور وهو
ما يُسجَّل
للخطاب
الديني اليوم
وللمرجعية
الدينية أيضا
بوصفها
الناطق الأول
المعبر عن هذا
الخطاب
الحيوي المهم
والفاعل..
بمعنى
آخر ينبغي
القول بأنَّ
أرضية
التفاعل بين
الخطاب
الديني
والمجتمع
موجودة بفعل
عوامل مرحلية
من جهة وبفعل
قوى ضغط سلبية
بخاصة منها
تلك القوى
السياسية
التي تتخفى
خلف الشعارات
الدينية
قناعا لتمرير
أهدافها
الحقيقية ومثلها
بعض العصابات
وقوى العنف
المسلحة التي
تحتمي بعباءة
تستر خلفها
جرائم خطيرة
ترتكب بحق
المجتمع...
وعليه
كان من
المناسب
باستمرار
الوقوف بوجه حالات
الزيف
والتقنع
والادعاء
وفضح المرامي
الحقيقية
التي تمثل
جوهر تلك القوى.
ومساعدة
الناس على
التعرف إلى
ذاك الجوهر
المعادي
لمصالحهم
والمتقصِّد
لجهة إيقاعهم
بحبائله
التوريطية
الرديئة..
ولابد
هنا من الفصل
بين العمل
الوطني ضد قوى
ظلامية
معادية للشعب
والوطن وبين
حق الإنسان في
تمسكه
باعتقاده
الديني
وممارسة
طقوسه التعبدية
بكامل الحرية
ومن دون
الاعتداء على
ذياك الحق
الطبيعي الذي
تكفله
الدساتير
الديموقراطية,
ويُنتظر
للدستور
العراقي أنْ
يكون واحدا
منها... ولابد
من التوافق
بين جميع
القوى العلمانية
والمرجعيات
الدينية
الحقيقية
الصادقة من
أجل تطهير
البلاد من
آثار التخريب
باسم الدين
وخطابه
الإيجابي
وألا تفوت تلك
القوى بخاصة
منها الدينية
مخاطر السكوت
على الجريمة
بحجة ارتدائها
عباءة دينية
أو استغلالها
آلية الخطاب
الديني ولتكن
لدى الجميع
الشجاعة
وموضوعية
الرأي وسداد
الحكمة
والمعالجة
لقولة حق تقف
بوجه أدعياء
الحق وما
يخفونه في
أجنداتهم من
جرائم بحق
الإنسان وحتى
الدين
وخطابه...
خاص بعراق
الغد