أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
2004\ 02 \ 26
E-MAIL: TAYSEER1954@naseej.com
يجد
العراقي حيث
ينظر في
تاريخه
الطويل أنَّه
ابن حضارة
عريقة كانت
الثقافة
والعلوم جوهر
مسيرتها
وفاضت
إبداعات
العراقيين
تنويرا ومحوا
للظلمة التي
سادت بقاع
المعمورة. ولم
تأتِ تلك
الثقافة ولا
تلك الحضارة
المشرقة إلا
حيثما كان
للعراقيين
روح التسامح
والتفتح
والاستقرار.
إذ لم يكن من
الممكن
التقدم والتطور
وتناقل
المعرفة
ومراكمتها
والإفادة منها
إلا عبر ذياك
التوجه
الموضوعي
لأفضل استقرار
في الحياة
العامة...
ولطالما
توقفت عوامل
النهضة
والتطور
حيثما كان
العنف يسطو
على الحياة
سواء بتدخلات
وغزوات
أجنبية أم
بتلك
المفرقعات
التي كانت تتفجر
بين الحين
والآخر من قوى
الظلام التي
لا يمكنها أنْ
تحيا في ظلال
نور المعرفة
والتمدّن.
وهكذا كان
العنف وسيلة خطيرة
وقفت بوجه
المسيرة
الحضارية
للمجتمع العراقي...
ومن
تلك التجاريب
تقرأ كلّ
الأطراف ما
ينبغي فعله
وما لا ينبغي..
فأبناء
الحضارة
ونعمة الثقافة
والمعارف
والعلوم
يرومون
الاستقرار لأنَّه
الجو المناسب
لتفرغ الفكر
الإنساني
لإبداعات
العقل العلمي
ولراحة
البشرية فيما
أبناء الظلمة
والاستغلال
يبحثون في أجندات
الموت
والدمار
والتخريب
وإثارة القلاقل
ومنع
الاستقرار
وهي محاولات
لا تنقطع حيثما
وجدنا قوى
الشرِّ...
من
هنا جاءت
الجرائم التي
تستهدف
الاستقرار والأمن
والأمان
ليكون أول ضحاياها
التوجه لضرب
المدارس
ومعاهد العلم
والجامعات
والأكاديميات
حيث يستخدمون
ذرائع مختلفة
للتستر
وراءها من مثل
محاولات فرض الحجاب
بالإكراه
وإلا تعرضن
لسلطلة عنفهم
وهراواتهم..
وهذا ما يثير
الخوف والهلع
وعدم اطمئنان
الأهالي على
أبنائهم
وبناتهم...
فتكون الضحية
التالية هي
العلوم
والمعارف
والثقافة
وأنوارها...
وبعض
ذرائعهم
تكفير هذا
العالم أو ذاك
الأستاذ أو
تخوينه
والتحجج بعد
كل ذلك بما
يوجد سببا
لإباحة الدم
والقتل
واغتيال خيار
الناس وعقول
الوطن
المفكرة
ومصدر نوره
وأساس بنائه وشعلته
الحضارية..
ومن الطبيعي
أنْ يكون بعد
ذلك الضحية
التالية
متمثلة
بالمعارف والعلوم
والثقافة
وأنوارها
وجذوة
اتقادها الحضارية...
والحقيقة
فإنَّ العنف
الموجه
لاغتيال أساتذة
العلم
ومريديه ليس
حالة من
الأنشطة
الفردية وليس
حالة من
المصادفات بل
هو مخطط كبير
يستهدف مصير
البلاد في
مقتل. ولنلاحظ
في أمرنا هذا
أنَّ المخطط
يستهدف معهم
كل المثقفين
من صحفيين
وفقهاء
متنورين ومن
علماء الاجتماع
ومن الفنانين
التشكيليين
وإبداعاتهم ومن
المسرحيين
والموسيقيين
ومن كل فئات
الثقافة
وتنوعاتها...
ولنتذكر
هنا ما أصاب
المتحف
الوطني
والنُصُب
والتماثيل
المنتشرة في
الساحات العامة
وما أصاب
المكتبات
الوطنية
والعامة وما
حلَّ بكل معلم
ثقافي وبكل
جدارية
ومخطوط ولن
نضع علامات
تعجب أمام تلك
الأمثلة
لأنَّنا أدرى
بحقيقة
المستهدف..
إنَّ الجريمة
تشيع القلق
والاضطراب
والفوضى وهي
تشيع مشكلات عدم
الاستقرار
التي تشغل
العقول بأمور
أمن الناس
وأمانهم فيما ينبغي
أنْ تتوافر
هذه السمة
قاعدة لرخاء
الفكر
وإعماله
وتنشيطه...
إذن
فقراءة مسلسل
العنف
والتفجيرات
الدموية وما
تخلقه من
أجواء
إجرامية ومن
كارثية إثارة
شجون الموت
والاغتيال
وقلق من
الإصابة بأوجاع
مثل هكذا دمار
وآلامه
ومصائبه
وأوصابه. إنَّ
جملة المخاطر
التي تتهدد
الحياة
العامة هي
أرضية عدم
الاستقرار
وامتناع
الجدل
والحوار وفلسفة
المعارف
والعلوم
وتراكمها,
إنَّها أرضية التخلف
ومن ثم حلكة
ظلامه وتراجع
الحياة المتمدنة
المتحضرة...
والأمر
لا يتعلق
بمسألة أمان
الطريق الذي
يسلكه تلميذ
أو أستاذ
باتجاه جامعة
أو مدرسة
ولكنّ الأمر
أبعد حيث يدخل
المجتمع
دوامة فلسفة
القوة بوصفها
وسيلة
الحماية ضد
العنف فليس
لأهبل من حمقى
مثيري الشغب
وجرائم
التخريب ما
يمنعه بنصيحة
عاقل وفكره
وحكمته حيثما
تعلقت
المسألة
بالإنسان
العادي لأنَّ
الناس
يحتكمون إلى
منطق الواقع
الذي يعيشون...
من
هنا كانت
القضية
الأمنية
والسلامة
والاستقرار
مسألة كبيرة
جدا في حياة
مجتمعنا وفي رسم
مستقبله
وإنَّها
معركة تتصدر
معارك شعبنا
من أجل حياته
ومستقبله
ووجوده
المخصوص الموصوف
بالتحضر
والتمدن..
لأنّ دوامة
العنف سادرة
في مصادرة ليس
أمان الناس
وحيواتهم بل عقولهم
وإبداعاتهم
وما قدموا
ويقدمون
والعنف
ودوامته
يتجاوز كل
الخطوط الحمر
وهو يندفع أهوج
أحمق ليحرق
الكتاب
والجريدة
ويدمر الكومبيوتر
وطاولة
القراءة
وليكسر
الأقلام ويتلف
قرطاسية عمل
العالم
والتلميذ..
إنَّه
وحش كاسر يطال
كل أخضر بمعنى
كل حياة والثقافة
حياة والحضارة
حياة ويطال كل
نور والعلم
نور والتمدن
نور والعنف
ظلام يندفع
ليلف عالمنا
بعتمته.. ألم
يخربوا
ويدمروا
مدرسة
الباليه؟ ألم
يحرقوا
المكتبة
الوطنية؟ ألم
يحرقوا حتى
مكتبات
الجوامع
والكنائس؟
ألم يخربوا
مكتبات الأوقاف
.. إنّ العنف لا
يستثني في
تدميره
ومصادرته أي
طرف طالما كان
الأمر يتعلق
بحرق معالم
الثقافة ونور
العلم...
وإنْ
نحن تمعّنا
بمن يقف ورا ء
أعمال العنف
لوجدناهم من
جهلة القوم
ورعاعه
ولوجدناهم
ممن لم يدخلوا
مدرسة وممن لم
يحترموا
علاقة عائلية
وآصرة
اجتماعية
فكيف بهم
يحترمون
أستاذا أو
معلِّما..
وهؤلاء ممن
يغلون حقدا
على كلّ ما له
علاقة بالعقل
والعلم
والثقافة. وهم
قبل ذلك وبعده
ممن خبروا
حيوات الضياع
وخبرتهم تلك
المجاهل
المعتمة وصنعت
منهم
سَرَقـَةَ
القيم
النبيلة...
وليس
من قيمِ ِ
نبيلة خارج
العقول
النظيفة عقول
تراكم
الأخلاق
وتجمعها من
طريق التمدن
والتحضر مما
لا يقوم إلا
على نور العقل
والفكر
والثقافة. لذا
كانت عقول
أولئك
المخربين إن
جاز تسميتها
عقول لا تقوم
على غرائز غير
مهذبة تنفلت
من عقالها
لتشم روائح
الحقد والدم
وهي لهذا الأكثر
وبائية
وعدوانية
وتهجما على كل
ما هو إنساني ..
من
هنا فإنَّ
العنف قيمة بل
هي مجرد دلالة
تخلو من
المضمون
الإنساني
لتنتمي إلى
عالم الغاب
وقوانينه
ومفردات
وجوده من حيث هي
ارتكاسات
خراب ودمار
فكأنها فيروس
أو قنبلة
تنفجر فتحطم
كلَّ ما
حولها... من دون
ارعواء وتمييز...
أفبعد ذلك
يميل عاقل إلى
مسالك الجريمة
تلك؟ أفبعده
يتبنى إنسان
مكر المخربين
وخدعهم
وتضليلهم
وخططهم
العدوانية
التي تضرب
جوهرة القيم
الإنسانية
نقصد هنا
الثقافة
وتنويرها
والحضارة
ومشعلها...
حيث
لا يجد
التحليل
الصائب في
توصيف الواقع
إلا تناقض
العنف
وتخريبه من
جهة والثقافة
وعمار النفوس
وبناؤها
الحياة
المتحضرة..
وتلك أي صفة
البناء وإعمار
الأرض ما أوصت
به الديانات
والرسالات والنظريات
والعقائد
والأيديولوجيات
الإنسانية
الصادقة وليس
لإنسان أن
يزعم سلوك
القتل والتخريب
والتدمير من
أجل الله
وإرادته أو من
أجل افنسان
وكرامته بل
لكلِّ ِ منّا
أنْ يقول لي
وعليَّ ما
يوجب الدفاع
عن الحياة
الإنسانية الحرة
المتنورة
التي تعني
البناء
والإعمار والخير
والتقدم
والتمدن
والحضارة....
خاص بصوت
العراق www.sotaliraq.com