العراق بين قرار حازم واتجاه نحو مفاجآت غير محسوبة
رئيس جامعة ابن رشد في هولندا
رئيس البرلمان الثقافي العراقي في المهجر
تتداعى الأحداث في داخل الوطن حيث تتسلم داعش زمام مبادرة أكبر من حجمها الحقيقي، ولمن لم تصله المعلومات الميدانية وما زال أسير إعلام الطائفية السياسية سينصرف ذهنه نحو داعش فقط في هذه المعركة وكأنها البعبع غير الممكن القضاء عليه إلا بهبة تطوعية لتجييش طائفي يضع أبناء طائفة ضد أخوتهم في الدين والوطن من أبناء طائفة أخرى وكلاهما لا ناقة لهما في هذا الصراع ولا جَمَل. والحقيقة أنّ حراكاً عنفياً اضطراريا ينطلق اليوم بعد استغلال كل دروب الحوار وجسور العلاقة مع عملية سياسية انفرد بها جناح من أجنحة الطائفية ليؤكد كل اشكال الإقصاء والتهميش في البلاد وبشكل استثنائي تجاه مكون بعينه!
إنَّ قيادات الطائفية السياسية لا يمكنها بعد اضمحلال خطابها التضليلي إلا أنْ تدفع الأوضاع نحو كارثة التفكيك والتسريع باتجاه اصطدام دموي هو الأبشع والأضخم في سلسلة الصراعات الطائفية المفروضة كرهاً على أبناء الوطن. وهي بهذا تراهن على مشاغلى المجتمع بالانقسام والاحتراب الدموي كيما تبقى في سدة الحكم وتفلت من جريمة القرن وسرقتها ثروات البلاد ونشرها أمراض فكرها السياسي الطائفي بما فيه من قيم الفساد والإرهاب.
وفي وسط هذه الأجواء المنفعلة يجري التحضير لكوارث إجرامية بشعة يمكن لقوات المالكي ومن يجرّهم من المتطوعين المضلَّلين فضلا عن قوات إيرانية رسمية وأخرى ميليشياوية.. من دون أن يحذر من إشعال حرب أهلية نتيجة مثل هذا التوجه الخطير. وإمعانا منه في التعتيم على ما يجري تم حظر مواقع التواصل الاجتماعي وشبكات الاتصال ويحاول إغلاق مكاتب الفضائيات كيما يبقى صوته الأعلى ويستطيع مواصلة التضليل وقيادة بعض الجمهور باتجاهات تزجها لاحتراب طائفي إن لم يتم لجمه وخطابه المرضي الأخطر طوال سنوات تسلطه...
إنّ المسؤولية اليوم يجب أن تتأكد برفض التجييش الطائفي وأن يتم اتخاذ موقف وطني بديل يتأسس على محاسبة جدية يخضع فيها من انفرد بالمسؤولية عن الانكسارات بوصفه قائدا عاما وبوصفه يحصر الوزارات المعنية بين يديه، وسيكون التئام البرلمان فوريا وسحب الثقة من المالكي مع تشكيل حكومة إنقاذ الفرصة ربما الأخيرة للإنقاذ لأن الأوضاع مفاجئة وتخبئ كثيرا من الاحتمالات المتفجرة...
إنّ الحل لا يقف عند المستوى العسكري الأمني ولكنه يجب أن يتضمن الحل السياسي المعتمد على مؤتمر وطني للمصالحة يبدأ من إجراءات جدية مسؤولة تتعلق بالمطالب التي سبق التعامل معها بروح استعلائية فوقية وبقمع انتهى بإزالة مخيمات المعتصمين بالعنف الدموي كما بالحويجة والأنبار... إن سرعة التعامل ببرنامج عمل وخارطة طريق وطنية سيعزل قوى النظام القديم التي تلتقي مع الإرهابيين وتجر هي الأخرى جناحا طائفيا مقابلا لذاك الذي يصطرع معها على اقتسام الغنيمة العراقية!!
مطلوب للتيار الديموقراطي أن يشكل غرفة طوارئ ومتابعة وأن ينشر خارطة طريق منضَّجة تتضمن:
1. تنظيم المساعدات للنازحين وضمان أوضاعهم الحياتية بطريقة مأمونة لا تخضع للابتزاز.
2. تجميع القوات الحكومية وتوجيهها ضد قوى الإرهاب تحديدا في المناطق التي تحتاج لوقف تمدد داعش وحلفائها.
3. توجيه نداء المؤتمر الوطني للمصالحة والبناء. حيث يتضمن الأمر جملة من قرارات تلبية مطالب معروفة لمكون بعينه سواء ما يتعلق بالسجناء ام بالمشاركة الفعلية في الحياة العامة.
4. وقف تجييش المواطنين على أسس طائفية ومنع وضعهم بمجابهة انتحارية للعراق ووجوده.
5. استدعاء المالكي وقادته العسكريين إلى البرلمان فورا وسحب صلاحياتهم وتعيين قيادة مقتدرة.
6. تشكيل حكومة إنقاذ وطني مصغرة وتتحدد بسقف زمني.
7. إعلان خارطة طريق عسكرية تخص حصر السلاح بيد حكومة إنقاذ وطني.
8. رسم خارطة طريق التوجه لانتخاب مجلسي البرلمان النواب والاتحاد بكل القوانين الضامنة السليمة والمكتملة.
9. منع أي تدخلات خارجية إقليمية ودولية وحصر طلب المساعدة في مجالين استخباري معلوماتي وطيران موجه مع إخضاع الأمر لسلطة القيادة الوطنية العراقية.
10. إشراك البيشمركة وقيادتها بشكل رئيس وأساس في العمليات الخاصة بتطهير البلاد من الإرهاب.
11. إطلاق الميزانية وتلبية مطالب المحافظات والإقليم ووقف إجراءات قطع المرتبات وغيرها مما يدخل في الحصار الاقتصادي على كوردستان وغيرها.
إنّ قوى التحالف المدني الديموقراطي والكوردستانية وكل من يلتحق بهما من القوى التي تتمسك ببرنامج وطني للإنقاذ معنية بهذا التوجه بخاصة أن الآتي يمكن أن يخرج عن إمكانات القوى التي تحدث عن ثورة شعبية وتتحالف عناصر منها مع قوى الإرهاب كداعش والقاعدة وغيرهما! إن الدفع والتحشيد الطائفي سيصيب البلاد بنكبة أكبر مما هي عليه في هذه اللحظة الأمر الذي يتطلب الانتباه على الكارثة المحدقة واتخاذ القرار الحخازم والحاسم عراقيا وطنيا وعدم البقاء في أطر الحلول الترقيعية أو الدعوات الأخلاقية لقوى لا تعنيها الأخلاق والقيم بشيء.
فهلا تنبهنا إلى الأوضاع!؟