أكاديمي ومحلّل سياسي \ ناشط في حقوق الإنسان
2004\ 01 \ 14
TAYSEER1954@naseej.com E-MAIL:
يثور
جدل كثير
وكبير هذه
الأيام في
أوساط مثقفينا
وقوانا
السياسية حول
العلمانية
وتعريفها..
وقد وجدت
ضرورة كتابة
ما بدى لي حول
ذاك الجدل من
ملاحظات أو
تصورات شاكرا
لجميع أبناء
بلادنا
المتحضِّرة صبرهم
ودأبهم على
تحمّل
الاختلاف في
الرؤى وعلى
تقدمهم من أجل
التفاعل
وتبادل
الخبرات
والتصورات..
وممّا
يدور يتركز
على المفاهيم
والمصطلحات وليس
من المعقول
أنْ يكون في
لغة بعينها
لمصطلح بعينه
أكثر من مضمون
وقراءة.. فلكل
لفظ معنى
بعينه ولكلِّ
دال مدلول عام
أو جوهري
مشترك أساس لا
يخرج عنه,
وكذا يمكن
تعميم الفكرة
على المصطلح
في خطاب فكري
أو فلسفي أو
جمالي أو ما
إلى ذلك وما
يمكن قبوله هو
بعض التفاصيل
والتنويعات
التي يتحملها
المصطلح في
بدء مرحلة ولادته
والتواضع
عليه..
أما
إذا أصاب
المصطلح
المحدد
اختلاف جوهري
فإنَّه لن
يعني سوى
مادتين
مختلفتين أما
أنْ نضع لهما
مصطلحين مختلفين
لفظتين أو
دالّين أو
رمزين لغويين
أو أنْ نجد
تخريجا
للصواب من
احتمالات
الجدل فيكون
هو مضمون
المصطلح
ومعناه..
ولعلّ لهذا
التقديم
الطويل سببا
نجده في ضرورة
إيجاد أرضية مشتركة
بين أطراف
الجدل وهم
يناقشون
التأسيس لقواسم
يحيون في
ظلالها بسلام
ومودة فلا موقع
للخشونة
والخلاف (وليس
الاختلاف)
والتقاطع التناقضي
العنفي..
لقد
وجدت في تعريف
أحدهم
للعلمانية
أنَّه يراها
تنقسم على
علمانية
إلحادية
وعلمانية اعتقادية
دينية.. وودتُ
هنا ضرورة
للإحالة على مقدمتي
بخصوص تحميل
المصطلح
وكيفية
قراءته.. فإذا
كنّا بدأنا
نحسم أمر خيارنا
للعلمانية
مستقبلا
لنظامنا
الدستوري
ولدولتنا
العراقية, فمن
الضروري أيضا
أنْ نتعرّف
إلى حقيقة
النظام الذي
نبتغيه من
خلال فلسفة
(العلمانية)
وألا يتجه
بعضنا
للالتفاف عليه
بقصد العودة
بنا إلى ما
يسمى الحكم
الثيوقراطي
الديني
المطلق بأي
شكل مخفـّف
معتدل أو شديد
التطرف..
وعليه
فالعلمانية
واحدة من حيث
الجوهر وتتركز
على مبادئ فصل الدين
عن الدولة
بما لا يسمح
بتفرّد طرف
ديني أو
ممثليه بالسلطة
فتمتنع
السلطة على
الآخر
وتستلبه
حقوقا إنسانية...
فإذا منحته
قسطا منها كان
ذلك تفضلا من
مالك البلاد
والعباد
عليه!! كما في حال
دولة الخلافة
الإسلامية
وموضوع
الجزية على
غير المسلم
وهو نظام نجد
ضرورة تجنـّب
الخوض فيه
راهنيا...
ومن
العلمانية
أنْ يتساوى
المواطنين من
دون تمييز على أي
من الأسس حتى
لو كانت هذه
الأسس الانتماء
الديني فنحن
نعيش في وطن
واحد بوصفنا
أفرادا
مواطنين
نتمتع بحقوقنا
الإنسانية
كاملة من غير
فرض من طرف
على آخر,
ومبدأ
المساواة ركن
جوهري
للعلمانية ..
ولا
يأتي مبدأ
العلمانية مع
تبعية
الدستور لتشريع
دين بعينه..
مثلما لا تأتي
المساواة مع تمييز
بين مَن ينتمي
لمجموعة دين
الأغلبية ومن
ينتمي
لمجموعة دين
الأقلية ..
وهذا لا يتعارض
مع إمكان فوز
الأغلبية
وتشكيلها
الحكومة على
وفق فلسفتها
من جهة
البرامج
السياسية
والاقتصادية
بمعنى
التوجهات
الإدارية للحكومة
في مدى
انتخابي
بعينه..
ونحن
مع هذه الحالة
[حالة التعاطي
مع صندوق الانتخاب
والتصويت]
ولكن ما يضمن
عدم تطرف الأغلبية
الفائزة وعدم
تشكيلها
أرضية لقمع
الآخر
ولمصادرته
والاعتداء
على حقوقه أو
الانتقاص
منها؛ نقول ما
يضمن عدم
التطرف ليس
مبادئ
المجموعة
التي تتخذ من
فلسفة دينية
برنامجا
لحياتها [وهو
حقها في
الاعتقاد,* كما أنّنا
نتفق على كون
الأديان
شرائع تسامح وسلام
وإخاء وعدالة] بل ما
يضبط المسار
ويوفر
الطمأنينة هو
العقد
الاجتماعي أو
(الدستور) والعقد
[وحده ] شريعة
المتعاقدين..
فإذا لم يتفق
طرفان على عقد
بعينه فليس
صحيحا فرض
الطرف الأقوى
لآرائه على
الآخر وإجباره
[أو إكراهه]
على القبول
بها أو الخضوع
لها بسلطة
القانون
الأساس الذي
يفرضه بممارسة
سطوته
وسلطته..
كلّ
شئ يمكن أنْ
يأخذ مفهوم
الأغلبية
والتعبير
عنها إلا ما
يتعارض مع
الحياة
المشتركة بين
أبناء بيت
واحد أو وطن
واحد فهذه
(حياة الإنسان)
ليس من ملكيات
أي طرف وليست
ما يدخل في صلاحية
حكمه على
الآخر.. وليس
من الصحيح
العيش بقانون
التكفير وليس
صحيحا أنَّ الدولة
العلمانية
دولة إلحاد
تمنع المعتقدات
والأديان من
ممارسة
طقوسها
السلمية التي
لا تعتدي على الآخر
ولا تتقاطع
معه عنفيّاَ
َ.. فالعلمانية
إذ تساوي بين
المواطنين
تعيد حقوق
الإنسان إلى
نصابها
وتضعها في
موضعها الطبيعي
الصحيح وفي
ضوء ذلك
تُحْتَرَم المواطَنة
العراقية التي
ظلت ردحا
طويلا بعيدا
عن الاحترام
وسيعود
الوئام إلى
بلادنا عبر
فلسفة
المساواة العدالة
وتبادل
القبول
والاعتراف
للآخر بوجوده
وحقوقه..
والعلمانية
بعد ذلك ليست
دينا ضد دين
آخر أو ليست
دينا مختلفا
عن آخر ولكنها
أي العلمانية
مبدأ تعاقدي
تعاهدي بين
بني البشر
توصلوا إليه
بوصفه حلا جديا
منطقيا عندما
تشترك أكثر من
مجموعة في وطن
واحد بل
حتى عندما
يريد فرد واحد
أنْ يتخذ
لنفسه تصورا
مغايرا وأنْ
يحيا حياته
بعيدا عن
تصورات أغلبية
مطلقة حتى في
هذه الحال
ستكون العلمانية
هي الحل
لأنَّها لا
تقوم على فرض
أو قسر أو
اعتداء أو
تجاوز أو
أهمال وإغفال
من طرف لآخر..
إنَّ
دستور الدولة
العلمانية يوفر
للجميع فرص
الحرية
التامة التي
تقوم على عدل
ومساواة
ويقدّم الحل
الناجع
لأزمات عصفت ببلادنا
بما فيه
الكفاية لكي
نقول كفى ..
فإذا كان من
حق الأغلبية
أنْ يتناولوا
أوضاع البلاد
على وفق ما يقدمون
من معالجات
مستندة
لمعتقداتهم
وتصوراتهم
فإنَّ من حق
الأقلية أنْ
تُحتَرَم في تصورات
أبنائها
واعتقاداتهم
وأن يجدوا من
هذه الأغلبية
تبادل
العلاقة
الإنسانية من
منطلق
التعادل
والمساواة
وليس من منطلق
التجاوز أو الانتقاص
وهو اعتداء في
جوهره على
الحريات الأساسية
طالما مسَّ
مبدأ
المساواة
وانتقص من حق
إنساني..
إنَّ
سلطة الدولة
إذا ما عالجت
بمنطق القوة
للأكبر
وابتلعت
الأصغر
وأكرهته على
القبول
بسلطانها فلن
يكون في
الساحة غير صراع
دموي يلتهم
فيه
القوي
الضعيف
وكأنَّها لغة
غاب ووحشية
ومنطق دمار لا
منطق سلام
وبناء وتعاون.
ولنناقش أنَّ
الأحادية
جربت في شعبنا
بما أودى به
إلى مهالك
الموت
والدمار ..
فهل بعد ذاك
مَن يريد
التجريب وإنْ
كان هذا التجريب
عبر الدين
وقيمه.. وما
الفرق بين
أيوديولوجيا
سياسية أحادية
تقود المجتمع
إلى
الاضطرابات
وعدم الاستقرار
وبين
أيوديولوجيا
دينية أحادية
هي الأخرى
تقود للمهالك
نفسها ...
لنناقش ليس
انطلاقا ممّا
يراه بعضنا
مجرد تنازلات
وتخليه عن
دينه أو عن
مبادئه بل
ممّا يمكن أنْ
يكون جوهره
التسامح والسلام
بين الأطراف
كافة ومن
منطلق
التكافل والتعاضد
في بلد
للجميع. أما إذا أخذ
كلّ طرف قطعة
من السفينة
فإنَّ مستقر الجميع
ليس إلا
الهلاك ليس في
قعر المحيط
ولجج البحر بل
في بطون أسماك
القرش وهو سبب
مهم آخر
للعاقل لكي
يقبل بدولة
علمانية
الدستور
يمتلك فيها
كلّ طرف
حرياته ومنها
ما يخص دينه
واعتقاده
وطقوسه.
وبعد
فلست أحمِّل
ما يراه بعضنا
أكثر مما يحتمل
ولكني مع قلق
نسبة غير
صغيرة من
شعبنا تجاه
النيات
الجديدة
وآليات صياغة
الدستور ومحتواه
ومبادئه
لأنَّ ذلك
القلق يعبِّر
عن قلق تجاه
ما هو أبعد
وأخطر؛ أقصد
تجاه ما يُبيَّت
لهم من أطراف
وإنْ صغـُر
حجمها فإنَّ
لها دورها
الخطير في ظل
دستور غير
علماني في التأثير
على مجريات
أحداث الغد..
وما
بالنا نعتقد
بمسوّغات
لتعاملنا ليس
مع (الدول
العلمانية)
فحسب بل مع
دول إلحادية
أو فيها
أغلبية من
حاملي هذا
التصور في
تجارة وأموال
ومصالح
وعلاقات
وتشابكات
فيما نجد في
أمر مواطن منّا
وفينا ما يجب
منعه وقطعه
ومحوه
وأكملوا معي كل
مفردات
المصادرة
والاستلاب..