1- 4
2003 / 10 / 20
الديموقراطية
مفهوم واسع
يعكس جوهره
المتنوِّع
التعددي
طبيعتَهُ و
حَدَّهُ
(تعريفُهُ)الخاص,
ومن ثمَّ
فأُسُّ
الديموقراطية
يكمن أولاَ َ
في الاعتراف
للإنسان بحقه
في الوجود
والحياة لا
تصادرُهُ أو
تنتقص منه
قيودُ
العبودية لشخص
أو جهة أو شئ.
فإذا لم يمتلك
إنسان نفسَهُ
وحقَّهُ في
الحياة, فماذا
يتبقى له؟
ولنا في تشخيص
تلك القيود
وتحديدها ما
يعيننا على فهم
هذا الحق
والتجاوزات
التي تحصل في
إطاره. فكثيراَ
َ ما نصادف
حقيقة فقدان
ذلك الحق أو
تلك الحرية أو
انتقاصها, إلى
الدرجة التي
يجدُ المرءُ فيها ما
يدفعُهُ إلى
البحث عن حق وجوده
وحياته في وقت
لا يملك أكثر
من أنفاسه في
حياة تُصادر
منه كلَّ شئ؟!!
وأمثلتنا
المباشرة على
ذلك أنْ لا
أحد يستشير
مواطني
الدولة وهم
يُدْفَعُون
إلى أتون حرب
تصادر وجودهم
وحيواتهم,
وكثرما كانت
تلك الحروب
عبثية معادية
لمصالح
الإنسانية
والشعوب.. أما
الحروب
المسوَّغة
موضوعيا كما
في مثال حروب
التحرير,
فإنَّها هي
الأخرى دفع
بالإكراه من
قوة غاشمة
معتدية,
للإنسان نحو
الموت حين
تغتصب منه
بلده ووطنه أو
بيته الخاص,
ومن ثمَّ تصادر
حقَّهُ في
الحياة التي
يقدِّمها
تضحية من أجل
بلاده وشعبه
والآخرين؛
وهو أعلى ما
يهبُهُ
الإنسانُ
دفاعا عن
الإنسان وحق
الوجود عنده. لكنَّ
الحرب تظلّ في
جميع أحوالها
حالة من مصادرة
حق الحياة بما
تفرضه كرها
على البشرية
من تقتيل
بالجملة. ولقد
تعرّض
الإنسان
العراقي طوال
العقود الثلاثة
الأخيرة لعدد
من تلك الحروب
العدوانية
المفتَعَلَة
التي أكلت
منهم مئات الألوف
عبثاَ َ في
خدمة
نَزَعَات
الطاغية في عدوانه
على الدول
المجاورة...
وما
يمنحه الطغاة
لأنفسهم من حق
امتلاك
مصائر
المواطنين وغيرهم
عندما يصدرون
أحكام الموت
بحق الأفراد
والجماعات
معروف عندنا
هو الآخر.
فلَمْ
تكفِ
الدكتاتور المتعطِّش
للدم حروبه
تلك حتى
أتبَعَها بأفعال
إجرامية
طاولت مئات
ألوف أخرى
فكان القتل
بالإعدامات
الجماعية
داخل السجون
وفي الساحات
العامة
وبإحراق
القرى وقصف
المدن بالكيمياوي
وبغيره من
أسلحة الدمار
والموت, وعمدَ
إلى مقابر الدفن
الجماعي
للتستّر على
جرائمه الأمر
الذي افتضح
للجميع
بُعَيْدَ
سقوطه مباشرة
كما هو معروف
اليوم ..
وليست
هذه الأمثلة
هي الأخيرة في
مصادرة حق
الحياة.. فإذا
كان هذا
مُصادَراَ َ
بذرائع (أو
حجج وتبريرات)
الحروب
العبثية الخارجية
والداخلية
وفي ظلِّ
الطوارئ فما
دواعي اختطاف
الناس من
الشوارع ومن
أماكن عملهم
وحتى من
بيوتهم ومن
أحضان
أمهاتهم ومن
بين أيدي والديهم و تحت
نواظرهم في
الظروف العادية
ـ ولا
أقول: زمن
السلم لأنَّه
في ظلّ هذه
الوقائع
الرهيبة يكون
معيباَ َ وصف الأحوال
بالسلام السياسي
أو
الاجتماعي..
أما لماذا
يخشى الإنسان
المواطن على
حياته؟ فليس
[فقط]
لاختلافِهِ مع
الحاكم
ورغباته
ولكنْ في ظرف
انتفاء الديموقراطية
وانعدامها
يخشى عليها
لمجرد أنَّه
أخطأ في تقدير
تلك الرغبات
فقصَّر في
الاستجابة
لها بغير عمد
(وكيف له أنْ
يتعمّدَ
التقصير؟!!),
وقد يخشى
الإنسان على
حياته
لمعرفته أنَّه
إذا ما رغب
الطاغية
المريض في
اتخاذ واحد من
(رعيتِهِ)
أضحية
لدمويته التي
يقوم بها بين
الفينة
والأخرى فقد
يكون تلك
الأضحية!
وهكذا كما
سيأتي
مناقشته
لاحقا تتحول
صفة (المواطن) أداة
لمصادرة
الحياة
الإنسانية في
أبسط
أشكال
وجودها وهي
أنْ تبقى
أنفاس الإنسان
ملكا له
و ليس لأحد
غيره حتى لو
كان مَنْ
يُصادِر حق
الحياة هو
الحاكم المُنتخَب
في بلد ما, أو
المرجعية أو
القيادة السياسية
المُنتخَبة
أو
المُتَّخَذة
(المُختَارَة)
من ذلك
الإنسان في
ظروف طبيعية..
فالفرد منّا
لا يختار
قيادة أو
مرجعية أو
حاكما
ليسلِّمَهُ
أمر حياتِهِ ووجودِهِ
.. وعليه فلا
حقَّ لأحد أو
طرف ما في تلك
المصادرة. إنَّ حقَّ
الحياة يظلّ
ملكاَ َ خاصاَ
َ ملتصقاَ َ
بصاحبه لا
يسلِّمه لأحد
ولا يُنافسه
أو يشاركه فيه
أحد أيَّاَ َ كان
ومهما كانت
سلطته وتحت
أية ظروف حتى
لو وُجِد
مبرِّر
للحديث عن وقف
حياة إنسان
لهذا السبب أو
ذاك...
ويُصادَر حق
الوجود
والحياة من
آخرين مثل
جماعات
التكفير
وشيوخهم
وأمرائهم ومن
أدعياء
المرجعية
الدينية
الذين ينصِّبون
أنفسَهم
خلفاء الإله
على الأرض!
وهم في
حقيقتهم لا
يفقهون من دين
أو مُعتَقَد
فكَّ حرف منه,
فكيف بتولِّي
أمر مرجعية أو
خلافة أو
إمارة؟؟! والحقيقة
يحصل اليوم في
أوضاع بعض
الانفلاتات
الأمنية وضعف
سيطرة الدولة
على الشارع
أنْ يُصادِر
بعض الذين
يجدون دعما
مشبوها واتباعا
من مندسِّين
ومن سقط متاع
الأمس حيوات
الناس
فيعمدون إلى
التهديد
والوعيد ومن
ثمَّ لتنفيذ
الاغتيالات
وإصدار أو
استصدار
فتاوى تمهّد
لجرائم لقتل
والفتك
بحيوات
الأبرياء بخاصة
من متنوري
بلادنا من
قادة السياسة
ومن المرجعيات
الدينية
المعتدلة
وغيرهم.
ومن أولئك الذين
يصادرون حق
الحياة
للإنسان بعض
قادة
منظمات
سياسية أو
اجتماعية
متطرفة.
ونعرف أيضا
أنَّ بعض
التقاليد والأعراف
السلبية
المريضة
تبرِّر للقتل
ولجريمة
مصادرة حياة
النفس
البشرية, فكان
قديماَ َ وأد
البنات حتى
قبل ارتكاب
جريمة أو وعي
بأخلاقيات
الحياة
الإنسانية! ويستمر
اليوم القتل
غسلا للعار
وإنْ بحدود ضاقت
مساحةَ َ
ولكنَّها تظل
حدوداَ َ
مفتوحةَ َ
طالما وُجِد
الظلاميون
ووُجِدت سلطة
لهم في
حياتنا.
وللقتل إباحة
من عصابات
الجريمة المنظَّمة
وغيرها ومن
تصفية حسابات
اختلاف الرؤى
والاجتهادات
ومن تهديد
مصالح مادية
وأدبية
معنوية لطرف
عدائي
التفكير
والمنهج, وتلك
مصالح بكلِّ
مديَّاتها لا
يمكن
إلا أنْ
نعدَّها
رخيصة
بالمطلق أمام
حساب حق الحياة..
إنَّ حقَّ
الحياة هو
أول الحقوق
التي ينبغي
احترامها وصيانتها
وتأمينها
والدفاع عنها.
ولقد وجدنا التشريعات
المدنية
والدينية
مؤكِّدة على هذه
الحقيقة
بوصفها في رأس
قوائم
الواجبات المفروضة
على الهيآت
الاجتماعية
والسياسية... ولقد
أشارت شرائع
الإنسانية
الأولى إلى
ذلك ونسجِّل
لشرائع
السومريين
والبابليين
كافة احترامها
لحق الحياة
وعملها على
تعميدها
وصيانتها ومثلها
أشارت
المواثيق
الدولية المعاصرة
ومنها
اتفاقية حقوق
الإنسان
المعروفة إلى
وجوب ضمان حق
الحياة
وصيانته من دون
تدخلات سلبية
فظَّة بهذا
الشأن. و وصل
الأمر
بالدعوات
اليوم إلى
مسألة إلغاء
عقوبة الموت
ومصادرة حياة الفرد
حتى بعد
خطيئته, حيث
توضع بدائل
لفعل مصادرة
الحياة
وإزهاق روح
إنسان بغير
وجه حق, فلا
يوجد سبب واحد
كافِ ِ للقول
بوقف حياة
إنسان إلا
باستثناءات
فردية مخصوصة
يتوافق عليها مجموع
الناس عندما
يخصّ الأمر
حياة مجرم إبادة
بشرية وما
شابه وهي
حالات شاذة
ليست للقياس
على الوجود
البشري
الإنساني
الطبيعي.
وللخلوص إلى
فقرة جديدة من
محدِّدات
العمل في ظلِّ
الديموقراطية,
نقول: إنَّه
يجب في حياتنا
النصّ على حق
الحياة بما يكفل
ضمانها
وحمايتها
ووقف كلِّ
أفعال الجريمة
التي تصادر
هذا الحق سواء
من فرد لفرد
أو لجماعة أو
من جماعة لجماعة
أو لفرد .. وأنْ
نعمل على وقف
مصادرة
الحياة
بذرائع سطوة
الأغلبية على
الأقلية
أوظلم
الأقلية للأغلبية
ووقف أعمال
العنف
والتقتيل من
الجماعات
والأفراد
وإبعاد شبح
هذه الظواهر
الإجرامية
لأي سبب كان
كتوافه ما
نراه ونشهد
عليه اليوم من
أمثلة أعمال
اغتيال وقتل لباعة
بعض أصناف
المواد التي
تحرّمها فئة
دون أخرى وهو
ما ينبغي أنْ
تضبطه
القوانين لا
الممارسات
الإجرامية
المُستنْكَرَة...
وبالجملة
تكون صيانة
حياة الفرد
واجب على
المجتمع ومؤسساته
ولا تهاون أو
تهاود فيها.
يتبع
الجزء
الثاني...؟