طبيعة
مؤسسات
الدولة
الجديدة
وآليات البناء
والعمل فيها
أكاديمي
ومحلّل سياسي
\ ناشط في حقوق
الإنسان
2003\
11\ 06
E-MAIL: TAYSEER1954@naseej.com
بتشكيل مجلس
الحكم
الانتقالي
بدأت الدولة
العراقية
مسيرة بناء
مؤسساتها
وإعادة
الحياة إلى ما
توقف فيها
قسرا
واضطرارا؛
إنَّ أيَّ
دولة إنَّما
تستمدّ تشكيل
مؤسساتها
وآلية عملها
من قوانين
دستورية
ثابتة تتمثّل
في جوهرها سيادة
الدولة
ووجودها
الفعلي.. ومن
الطبيعي الإشارة
إلى دستورية
المؤسسات
بوصف ذلك
قاعدة لعملها
ومن ثمَّ
الإشارة إلى
مفهوم
السيادة وحقيقة
تمثّلِهِ في
المعطيات غير
المباشرة لوجود
تشكيلة
المؤسسات
ومساراتها.
ورسوخ
هذه الحقيقة ينطلق
من ضرورة وجود
قواعد وأصول
مدنية للعمل
الجماعي في
أيّ بلد من
البلدان؛
يُطلِق
المتخصِّصون
على تلك
القواعد
والأصول
(القوانين),
وهذه بدورها
يشملها جميعا
وينظّمها
القانون الأساس
أو ما ندعوه
الدستور.. لقد
عرَفَ
المجتمع العراقي
منذ آلاف
بعيدة من
السنين عملية
التنظيم
المدني لعمل
مؤسسات
المجتمع؛ ذلك
أنَّه في
العراق وُلِد
أول تشكيل
مؤسّساتي
لدولة المدينة
وفيها وُلِد
أول تنظيم
قانوني لتلك
التشكيلات.
والحقيقة
أيضا فإنَّ
العراق لم يتواصل
دائما في
ترسيخ [سيادة]
تلك القوانين
بوصفها
الناظم
المركزي
والأساس
للحياة
المؤسساتية
في الدولة
العراقية, وقد
يعود بعض ذلك
لعوامل
الاعتداء على
تلك السيادة
داخليا
وخارجيا.
فلطالما صادف
العراق طغاة
وحكّام
دكتاتوريين
استبدلوا
أنفسهم
بالقانون (أي
ألغوا
القانون أو
جمّدوه)
وجعلوا من
أنفسِهِم
القانون
الإلهي المقدَّس؛
وكثيرا أيضا
ما صادف
العراق
عمليات غزو خارجية
واستلاب
لسيادته
كاملة وممّا
تمَّ استلابه
كلُّهُ أو
بعضُهُ
هو
قوانين
مؤسسات دولته
الخاصة.
وكان
آخر هذه
الاعتداءات
استلاب
[سيادة]
الشرعية وحق
العمل
المؤسساتي
الصحيح بحيث
كانت الأمور
تجري على وفق
رغبات وتصورات
فردية خالصة
[تتمثَّل في
سلطة الحاكم
الطاغية] الذي ألغى
كلَّ معطيات
العمل
الاجتماعي الاقتصادي
الصحيح. وكان
ذلك السبب
الجوهري الذي
حدا
بالمؤسسات
العراقية إلى
الانهيار المريع
مع انهيار
سلطة
الدكتاتور..
ولا عجب أو مفاجأة
في الأمر.
فالترابط بين
الطرفين في
ظروف الاستلاب
المطلق للعمل
المؤسساتي
بيِّن واضح.
ومن
هذه التجاريب
التاريخية ومن
حقيقة امتلاك
شعب الحضارات
للطاقات
والقدرات
التقنية
والأكاديمية
التخصصية,
يمكن القول:
إنَّ نهجاَ َ
جديدا مختلفا
في الأفق يمكن
التأسيس له
على الخبرات
التي ظلت
مجمّدة
مستبعدة طوال
العقود
الثلاثة الأخيرة
بقياس
تاريخنا
الحديث على
أقل تقدير للتراكم
المعرفي
ولتجمع
الخبرات عند
العراقيين.
وهذا
ما حدا بنا
للقول إنَّ
تشكيل مجلس
الحكم بات
علامة البدء
في تشكيل
مؤسَّساتِنا
ومن ثمَّ التعويل
على وضع
الضوابط
القانونية
والدستورية لعملها.
فدستورياَ َ لابد من
تشكيل (الإدارة
العراقية
العليا) من
مؤسسات
سيادية سواء
مؤسسة
الرئاسة أم
البرلمانية
والعلاقات
الخارجية عبر
وزارة (حكومة
أو مجلس
وزراء)
متكاملة تامة
الصلاحيات غير
منقوصة لأيّ
طرف خارجي.. وهي
في الوقت ذاته
يجب ألا تخضع
لسلطة فردية
أو فئوية
جهوية بل تظلّ
مجرد جهة
إدارة
[وتصريف] أعمال
شعب توافق على
قوانين
دستورية هي
شريعته وعقده
الاجتماعي
بالمعنى
العام
للاصطلاح.
ويجري هذا من
دون كللِ ِ من
قوى شعبنا
الواعية الحريصة
على مستقبله
وعلى وجودنا
المستقل, حيث
يُفاد من
المتاح في
اللحظة
الراهنة
للتأسيس للمرحلة
الجديدة
واللاحقة.
لكنَّ الأمور
لا تجري
جميعها
بالوتيرة
نفسها ولا
بالإستجابة المطلوبة
تجاه حاجات
بلادنا
وشعبنا
الملحة.. ويعود
كثير من
الأسباب إلى
عوامل صعوبات
التأسيس
الجديد
المختلف نمطا
ووسائل
وأهدافا, فضلا
عن
المعرقِلات
البيِّنة
للمتابع.
فمن
الحقائق التي
نتابعها عرقلة
قوى ظلامية
لهذا التأسيس
بحجج وذرائع
واهية
ولكنَّها
تعكس في
جوهرها
أهدافا
معادية لمسيرة
إعادة البناء
والإعمار. وتلك
القوى
تتجمَّع
اليوم
متحالفة من
غير أنْ تكون
في جوهرها من
سلَّة
اجتماعية أو
سياسية واحدة...
ولكنَّ ما
يهمنا في
قراءتنا هو
التركيز على
توضيح بعض ما
يعترض عملية
بناء دولتنا
ومؤسساتها
وآليات عملها.
ولذا
فمن الحقائق
الأخرى التي
نرصدها هي
أخطاء
السياسات
والبرامج الحزبية
أو الفئوية
الضيِّقة
التي يقوم بها
بعض تابعي تلك
الجهات كأنْ
نلاحظ
استمرار بقايا
التّحكم
الفردي
بمؤسسة
وإدارتها
بشكل رأسي
فوقي من دون
العودة إلى
ضوابط
قانونية أو لوائح
عمل مؤسسة تظل
في كلّ
الأحوال
شخصية جمعية لا
فردية
ومعنوية عامة
لا خصوصية
ضيقة محدودة؟
وعليه تُرسَم
سياسات
المؤسسة في
ذهن الفرد الواحد
أو الفئة التي
يتبعها لتكون
ضيعة أو عِزبة
أو مقاطعة لا
تخترقها
أيُّ كفاءة
متخصصة إلا
إذا كانت
تابعة لتلك
الفئة أو تخصّ
شخصية المدير
(المالك بغير
ملكية).
وفي
ضوء هذه
الحقيقة يكون
التعيين
والاستبعاد
للموظفين, وفي
ضوئها يتمّ
وضع حركتها
ومتغيرات
عملها وهي بعد
ذلك لا تمتلك
من آليات
العمل سوى تلك
الإرادة
الآمرة لعدم توافق
مصالح
العاملين مع
آليات العمل
ومن ثمّ مستهدفاته
الجوهرية.
وإذا كان من
حق كلّ شخص
وكلّ فئة
حزبية أو
غيرها أنْ تعملَ
من أجل احتلال
الصدارة في
الواجهة العامة
للحياة
الاجتماعية
والاقتصادية
في ضوء برامجها
السياسية,
فإنَّه من حق
الحياة المشتركة
أنْ تُلْزِمَ
الجميع من
أفراد
وجماعات صغيرة
أو كبيرة
بقوانين
مشتركة
وضوابط عمل وآليات
لا ينبغي
تجاوزها وإلا
عدْنا إلى ما
جرى بالأمس
بكيفيات أكثر
سوءا...
إنَّ
سمة شخصَنَة
العمل المؤسساتي
أو فردَنَته
هي من أخطر ما
يعيدنا لأمسِ
ِ عملْنا
طويلا على
تغيِّيرِهِ
ومسحه من ذاكرة
أجيال ترسّخ
في تصورها تلك
السياسة فعاد
عليها بسوء
العلاقة مع
الدولة
وبنائها..
وعليه ينبغي
منذ الآن
العمل على
ترسيخ سياسة
بديلة تُعنى بوضع
الكفاءات أو
التخصصات
العلمية
الوظيفية في
مواضعها
المناسبة. مع
التأكيد على
آلية عمل تؤكد
على قوانين
جمعية لا
تتغير بمزاج
فردي ولا
يتمّ تسيِّيس
تلك الآلية
بما يتعارض مع
الضوابط
المشتركة
التي نشير
إليها.
أما
وضع اللوائح
فيكون
بالعودة إلى
الخبرات التي
تعاملت مع
خصوصية كلّ
مؤسسة, وإلى
التجاريب
العلمية
والموضوعية
لبلدان
سبقتنا في
الشأن المعني
وبوضع
الدراسات
الأكاديمية
وفسح الفرصة
الكافية
لتكنوقراط
الفعل
الإنتاجي أنْ
يرسموا لأعلى
إنتاجية
بأقلِّ
الكلف؛ وهذه
ليست أمور
معقدة كثيرا
إذا ما توافرت
الإرادة
والنيات
الحسنة. وإلا
فليفكِّرْ
كلّ منا بأنَّ
امتلاكه لجزء
من السفينة
سيقطّعها إلى
أوصال لا نفع
فيها
فالسفينة لا
تبحر إلا
بوصفها سفينة
وليس بوصفها
قطعا مجزَّأة.
اليوم نرى
وزارة (حكومة)
موزَّعة حقائبها
على ممثلي
الطيف
السياسي الوطني
وهو أمر
مقبول؛ ولكنّ
غير المقبول
أنْ ينفرد كلّ
وزير ليجعل من
وزارته حصة
لفئته ووقفا عليها
بعيدا عن
آليات العمل
التي أشرنا
إليها للتو.
وكذا عندما
يتعلق الأمر
بتسلسل وظيفي لهرم
المؤسسات..
وبديلنا الذي
نؤكد عليه
مؤقتا هو
الاستمرار
بالتوزيع
القائم على
أنْ تتمّ
المراجعة في
إطار لجان
فنية بحتة
داخل تلك الوزارات
من جهة مع
متابعة
برامجية
شاملة ومسؤولة
لإنجازية
الوزارات
تتمّ من مجلس
الحكم حاليا
وبدورية
زمنية كثيفة
متواصلة.
والعراق قبل
كلّ هذا كما
أسلفت القول
غير خالي
الوفاض من
عميق الخبرات
وكبيرها
ولكنَّ
المسألة
تتعلّق
بتوفير فرص
العمل وحرية
الإبداع وقطع
الطريق على
الآليات التي
ظلّت تحكم
مؤسساتنا
طوال المرحلة
المهزومة
رموزها
العليا
ولكنها ما زالت
تطلُّ علينا
عبر
مخلّفاتها
وبقاياها, مما
ينبغي
الإزالة ليست
بإلغاء كلّ شئ
بمعنى إلغاء
الإيجابي مع
السلبي! ولكن
بالتأسيس على
الإيجابي
الخاص
بالمعارف
والخبرات
الفنية التقنية
والعلمية
المعرفية,
واستبعاد
السياسات والآليات
الرديئة وهو
ما نستهدف
التشديد عليه
في هذه
القراءة.
ولا
يجوز بعد ذلك
حسم أمور سياسات
كبرى تتطلب
التأني
وانتظار ما
ستسفر عنه عملية
التأسيس
لدستورية
الدولة بمعنى
ترسيخ سلطة
القانون
والعقد
الاجتماعي
بكلِّ تفاصيله..
ومن ذلك مثلا
خطورة اختيار
الخصخصة في
كلّ مفاصل
مؤسساتنا أم
سنترك بعضها
للملكية العامة
لأسباب
تتعلّق
بخيارات
شعبنا لمنهج
دولته وآليات
العمل. ومن
الأمثلة ما
تعلّق باختيار
نموذج
التجاريب
التي نأخذها
وأرضية نظامها
الاقتصادي
الاجتماعي.
وللقارئ
الكريم أنْ
يضيف على هذا
التأسيس أو
هذه القراءة
بشأن مؤسسات
وليدة في
منهجها وفي
أهدافها .. وله
أنْ يضع بقية
موضوعنا
بقراءة جديدة
تتابع أهداف
مقالنا وتعمل
على التفصيل
وعلى رسم
جوانب كثيرة
الأهمية مما
لم يرد بعد
هنا.