في اليوم الدولي لمكافحتها 6 فبراير شباط: وجوب تشكيل أوسع تحالفات مجتمعية قادرة ومتمكنة من إنهاء جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث أو ما يسمونه دجلا ختان الإناث الذي تذهب ضحيته سنويا مليوني فتاة تحت الخامسة دع عنك الآثار الكارثية التي تستمر طوال عمر الفتاة وعدا كون بيئة الناجيات هي ذاتها البيئة التي تهدد بناتهن بذات الجريمة ومن أجل موقف حازم وحاسم لابد من اعتماد موقف حقوقي قانوني ومجتمعي واعي ومتنور تجاه الجريمة وتجاه آثار منظومة مجتمع التخلف على إدامة الممارسة بكل ما تعنيه من انتهاكات.. فهل لنا موقف اليوم أم سنمرر الأمور بسلبية المواقف!!؟
من أجل إنهاء جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث
لتتشكل أوسع تحالفات مجتمعية قادرة متمكنة لإنهاء ظاهرة ختان الإناث
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
العادات والتقاليد اكتسبت سطوتها من الترهيب وإثارة الرعب والخوف إذ لا قدسية لها إلا بالتزييف والادعاء وهي ليست من الدين بشيء؛ فالدين كل دين، منها براء. فلنتنبه على ما يراد تمريره باسم الدين وقدسيته ببعض المجتمعات وباسم الأخلاق والقيم مما يتم اجتراره من الماضويات وظلامها ولنكشف الحقيقة ونتمسك بالتنوير ومنطق العقل العلمي ونهجه.. أما سياسيا فنفضح الجريمة وأبعادها ونقف بوجهها وبوجه كل مظاهر التخلف واستبدال الدين بالخرافة……. |
منذ أكثر من ألف سنة من الشِّدة كانت ومازالت ظاهرة تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة أو ما يسمونه تمريرا للممارسة الإجرامية (ختان الإناث)، نقول مازالت مستمرة معتادة بمجتمعات التخلف. ولكي ندرك الحقائق بدقة لابد بدءاً من التذكير بأن ما يطال الأعضاء التناسلية من جميع إجراءات (جراحية) لتغيير تلك الأعضاء أو جرحها لأسباب غير طبية هي ما تشير إليه جريمة التشويه بوصفها (انتهاكاً) صارخاً لحقوق الإنسان بما تصيب به صحة الفتيات والنسوة وسلامتهن البدنية والنفسية. ونشدّد على ما تتعرض له مَن تتعرض لتشويه أعضائها التناسلية من أذى مباشر بالمدى المنظور من آلام مبرحة وربما الصدمة و\أو النزف وتداعيات مخاطره.. وبضمن ذلك حدوث الالتهابات واحتباس أو صعوبة التبول بجانب الآثار السلبية الخطيرة بالمدى الطويل وربما غير المنظور بشأن الصحة الجنسية والإنجابية والسلامة النفسية والعقلية..
هذا من جهة تعريف الظاهرة الجريمة؛ أما من ناحية جغرافيا ارتكابها فالجريمة تتركز بكثافة عالية في ثلاثين دولة أفريقية وشرقأوسطية، إلا أنها توجد أيضا وسط الجاليات الآسيوية الأفريقية بأوروبا وأمريكا ومستمرة ممارستها حتى يومنا وإن انخفضت بنسبة الثلث نتيجة الحملات الدولية العالمية للأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة.. لكننا نبقى بحال من الحذر واليقظة لأنَّ مشكلات الأمم والشعوب بمجابهة الأزمات الاقتصادية الاجتماعية العميقة وأزمات بل كوارث المناخ والبيئة والحروب ومجمل النزاعات المسلحة يمكنها أن تطيح بالتقدم النسبي المحدود بميادين المساواة وأنسنة الثقافة بالضد من الفلسفة الذكورية المتسيّدة ما يعيد تفشي تلك الجرائم بذرائع مكافحة منظومة القيم والحريات بمكافحة الأمراض التي تثير رعبا وتفاعلات تقع بالمحظور بدل التوجه للحلول الموضوعية الأنجع سلامة…
ديموغرافياً وقعت ضحية جريمة تشويه الأعضاء التناسلية بالمستوى العالمي، أكثر من 230 مليون فتاة وامرأة طبعا بالإشارة إلى من بقي منهن على قيد الحياة بعد تلك الجريمة. فيما تقدر المصادر الأممية المعنية من سيتعرضن لتشويه أعضائهن التناسلية بما يقارب الخمسة ملايين بما يعادل أكثر من 12 ألف (حالة) يوميا.
إنَّ فرصة مجابهة استمرار تلك الممارسات الإجرامية بخاصة على مدى السنوات الخمس المتبقية من الحملة الدولية ضدها يمكن أن تتنامى بفضل أعمق تعاون أممي جمعي مشترك يتيح رصد الظاهرة وإتاحة البيئة الأفضل للفتيات والنسوة كي يقاومن تلك الظاهرة وينتهين منها كليا ونهائيا ولا يقعن تحت مقاصل التعذيب السادي لها. ومثل تلك البيئة تتطلب تمكين النسوة والفتيات منهن على ممارسة الحقوق والحريات بإمكانات قوية راشدة وواعية متنورة بالاستناد إلى أفضل معلومة في ميادين الصحة الجسدية والنفسية وأسماها بميادين التعليم وسلامة الحياة العامة في ضوء أفضل استثمار لمبادرات الناجيات ممن تعرضن للتشويه بإعلاء أصواتهن بوجه التقاليد والأعراف الاجتماعية الجنسانية المستدعاة من قيم التخلف والرداءة القيمية بما تُحدِثُه من مضار وآلام بشمول مساراتها..
وبعامة ومن أجل استكمال مهام عقد العمل لإنهاء تلك الممارسات المسماة ظلما ختان وهي جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للأنثى وانتهاك إجرامي للحقوق؛ بات لزاماً التمسك بخطى الأمم المتحدة واليونيسيف والأطراف الأممية المعنية المختصة وعلى وفق الآتي:
- تنسيق جهود مكافحة تلك الممارسات إقليميا ودوليا وربط المجتمعات المحلية بصورة ممنهجة قادرة على تفعيل مجابهتها قيم التخلف المشار إليها..
- التركيز على مهام إعلاء قيم حقوق الإنسان ومبادئها ومنظومة المساواة بين الجنسين وممارستها الميدانية.
- تعزيز نشر مبادئ التربية الجنسية السليمة مع مزيد اهتمام بحاجات المرأة والفتاة بخاصة ممن تعاني من عواقب ما وقع عليها بمسمى الختان أو تشويه أعضائها التناسلية..
- نشر الوعي بمخاطر تلك الظاهرة ونتائجها الكارثية ومخالفتها القوانين والمنظومة الحقوقية التي تم إقرارها عالميا..
- اتخاذ أشد الإجراءات القانونية الحازمة والحاسمة تجاه مرتكبي الانتهاك الحقوقي وتنفيذ العقوبات التي تتيح موقفا رسميا ومجتمعيا يمكّنه من مكافحة الظاهرة ..
- استثمار برامج اليونيسيف التي تركز بالخصوص على عدد بعينه ممن تتفاقم الظاهرة وممارساتها الإجرامية فيها ما يساعد على مزيد فرص تمكين أفضل وأعلى أثراً..
- كان عشرات آلاف المنظمات الشعبية في المجتمع المدني ومعها نشطاء وناشطات عملوا جميعا معا للوصول إلى أكثر من 250 مليون إنسان أعلن منهم 50 مليون على التخلي عن تلك الممارسة..
وإذا كنا نسعى جدياً لمبدأ المساواة بين الجنسين وضمان الحقوق والحريات على وفق نهج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والاتفاقات والعهود الدولية المعنية فإننا لا ينبغي أن نستخف بالحجم الذي نرصده بمجتمعاتنا وعلينا أن نشارك فعليا في مكافحة الظاهرة وطابع انتهاكها الحقوق وولوجها عالم الجريمة من بوابة التخلف وهنا بالتحديد نذكر أن دول الشرق الأوسط ومنعا العراق لا تخلو من تلك الانتهاكات وهي بالمرة وبالمناسبة من آخر بلدان العالم التي مازالت تتشدق بقيم التخلف وتحيلها لا إلى التقاليد البالية بل إلى مصاف التدين والعقيدة وحظر المساس بها في وقت لا توجد عقيدة ولا منهج يتمسك بمنطق العقل وأنواره يمكنها أن تتمترس خلف الإيمان بالخرافة بوصفها دينا وعقيدة سوى أن بعض من آخر ساسة بعض دول المنطقة والعراق على رأسها مازال يقبع بمنطقة انتهاك كرامة المرأة والفتاة بوصفهما (إنسان) مكتمل الحقوق على قدم المساواة بين الجنسين.. ولقد شاهدنا كيف وضع مجلس نواب أحزاب الطائفية وفسادها وإجرامها المرأة العراقية بالخصوص الفتيات القاصرات على مذبح سياسة مُجترة من زمن عصور الظلمة والظلم عندما أقر اغتصابها بمسمى تزويجها ومن الطبيعي أن مجتمعا سياسيا بالإشارة إلى تلك القيادة الحاكمة منشغل بتلك الترهات الإجرامية لن ينظر إلى الكفاح ضد تشويه الأعضاء التناسلية إلا بذات المنظور ومنطلقاته.. وهنا نحن بحاجة أيضا للربط بين كفاحنا ضد كل ظواهر التخلف التي تصيب مجتمعنا وتضع الفئة الأكثر هشاشة وضعفا موضع الأضحية على مقاصل مناهجهم وسياساتهم..
فلنمض من أجل الكفاح المشترك الموحد ولنفعّل أدوار المجتمع المدني في هذا ولنحقق الانتصار للإنسان وحقوقه وحرياته وأول الطريق يبدأ بحقوق المرأة وحرياتها ومساواتها وعند ذاك نتخلص من مجتمع ذكوري سلبي يمثل بيئة الجريمة وننهي الجريمة وتفاصيل انتهاكاتها..
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
اليوم الدولي لإنهاء مماسرات تشويه الأعضاء التناسلية للإناث بموقع الأمم المتحدة
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير