في اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنعها الذي يصادف في التاسع من ديسمبر كانون أول بات مهما ويكتسب الأولوية أن نُعلي ثقافة إنسانية بديلة لخطاب الكراهية والحض على العنف وكل ما يفضي لجرائم الإبادة الجماعية وعلينا اليوم مباشرة تكريم الضحايا وتعويضهم بالمتاح مع مطاردة الجناة وتقديمهم للعدالة فمن دون ذلك ستتواصل وتستمر الجريمة بلا توقف مثلما يُرتكب اليوم في كثير من بلدان شرقنا الأوسط والعالم.. ولعل العراق من النماذج التي يلزم أن تلفت إلى الجينوسايد بكل من وقع تحت آثاره ومازال بسبب خطاب التبرير الذرائعي والتمييز والحض على الكراهية وإقصاء (الآخر).
في اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنعها في التاسع من ديسمبر كانون أول
تطلعات لموقف جماعي يمكنه ردع ارتكاب الجينوسايد ومعاقبة مرتكبيها على وفق القوانين وبلا تأويلات منحازة
د. تيسير عبد الجبار الآلوسي
جاءت أول معاهدة لحقوق الإنسان، تعقدها الأمم المتحدة لتجسد مبادئ منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها. وتحل اليوم الذكرى الـ76 للاتفاقية التي عقدت عام 1948 بتأكيد التزام المجتمع الدولي وتحديداً ممن وقَّع عليها بألا يتكرر ارتكاب تلك الجريمة التي جرى تعريفها بالمادة الثانية من الاتفاقية بأنها: “أيَّاً من الأفعال، المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعةٍ قومية أو إثنية أو عنصرية أو دينية …“، وسجلت الاتفاقية وصف تلك الأفعال بالآتي:
- قتل أعضاء من أية جماعة بشرية شعبا أو أتباع دين أو مذهب أو إثنية..
- إلحاق أذى جسدي أو روحي نوعي خطير بأعضاء من تلك الجماعة..
- إخضاع الجماعة القومية أو الدينية أو المذهبية أو العرقية الإثنية أو غيرها من الجماعات، وبصورة متعمدة، لظروف عيشٍ يراد بها التدمير المادي للجماعة كلياً أو جزئياً..
- فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة أو إحداث التعقيم الإجباري أو عرقلة فرص النمو والبقاء..
- نقل أطفال من الجماعة، عنوة وبالإكراه والإجبار القسري، إلى جماعة أخرى.
إنَّ ارتكاب تلك الجريمة مازال يجري بمختلف أرجاء العالم بخاصة في ضوء عدم اكتمال توقيع بلدان العالم كافة عليها مثلما بقية العهود والاتفاقات الدولية وفي ضوء عدم تنفيذ محدداتها القانونية وإفلات من يرتكبها من العقاب لظروف توازنات القوة والسطو العسكرية العنيفة واختلاط مفاهيم الحراك الشعبي المشروع لسلميته أو لانضباطه بالقوانين بالأعمال الإرهابية ومن يقف وراءها ويستغلها لمقاصد غير المعلن عنها..
وبوقت تؤكد المادة الأولى للاتفاقية على منع الجريمة والمعاقبة عليها فإنها أيضا تؤشر مسؤولية جوهرية أساس بمهمة المنع والمعاقبة على الدولة التي تُرتكب فيها الجريمة..
ويمكننا أن نشير إلى تقارير الأمم المتحدة الأخيرة التي شخصت أماكن ارتكاب تلك الجريمة [الجينوسايد] أم بشأن إفلات مرتكبيها من العقاب.
وفي ضوء ذلك ومن أجل تعزيز ثقافة مغايرة يمكنها أن توفر أرضية مناسبة للتصدي للجريمة اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بقرارها ذي الرقم 69/323، بتاريخ 29 سبتمبر أيلول 2015، يوم التاسع من ديسمبر كانون أول ليكون يوماً دوليا لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة. وعل أبرز هدف سامٍ لهذا اليوم الدولي يكمن في التحول إلى (قوة حية في المجتمع الإنساني) لتجسيد مبادئ الاتفاقية بوصفها إرثاً إنسانيا عالميا فاعلا في منع الجينوسايد ومعاقبة مرتكبيها.
ولابد من التذكير بالقيمة القانونية للاتفاقية كونها باتت اعترافاً صريحا واضحا بطبيعة تلك الجريمة التي ألحقت بالبشرية خسائر جسيمة بارتكابها فظاعات ظلت حتى يومنا وصمة عار تاركة آثارها الخطيرة في التاريخ البشري القديم والحديث ما تطلَّب دوما وحتى يومنا تفعيل بنودها واشتغال القانون الدولي وأدواته في مكافحة الجريمة بصورة نافذة لا تقف بوجهها أية تبريرات أو حالات انحياز.
وأذكر أن الأوضاع السائدة شرق أوسطيا وحتى دوليا عالميا، مازالت تؤشر وجود تهديدات باستمرار ارتكاب الجينوسايد بل وهي تُرتكب فعليا من دون قدرة حاسمة على وقفها ومنع حدوثها و\أو معاقبة مرتكبيها.
لقد حاولت المنظمة الدولية شن حملاتها الإعلامية من جهة وتسليط الضوء على النشطاء في ميدان مكافحة جريمة الإبادة الجماعية فضلا عن إحياء الذكرى وتكريم الضحايا إلا أن الاتفاقية نفسها التي حظيت بتوقيع أكثر من 150 دولة مازالت تغض الطرف بهذا الشكل أو ذاك عن الجريمة وعن تعويض الحايا لمختلف التبريرات والأعذار مثلما جرى ويجري مع ما اُرتُكِب بحق الكورد بحملات الأنفال والإبادة بالسلاح الكيمياوي كالذي جرى في حلبجة نموذجا وبدل أن يتم إعادة بناء وإنهاء آثار تلك الجرائم وفظاعات بشاعاتها وأهوالها تستمر حالات استبعاد مهام إزالة آثار الجريمة ويستمر الجرح فاغرا صارخا من أجل تلبية العدالة بكل مستحقاتها الروحية قبل المادية.. وهي قضية تنهض حكومة كوردستان بمحاولاتها المهمة بشأنها لكن الحكومة المفروض أن تكون اتحادية وتأخذ دورها على وفق ما نصت الاتفاقية والقانون الدولي عليه تمارس دور حكومة مركزية بذات النغمة الشوفينية التي جرت من قبل والتذرع بأن ذلك يعود لبعض عناصرها وليس لمنهجها..
وترتكب في دول بالمنطقة جرائم إبادة جماعية من قبيل استخدام التجويع وقتل الأطفال وهز استقرار المناطق والأقاليم سواء غير المستقلة أو الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بتسمية خروق الإرهابيين بكونها حروب أهلية أو تجري بخلفية صراعات سياسية من دون تسمية ما يجري على وفق ما ورد للتو بهذه المعالجة بكونه من جرائم الإبادة سواء من قوات رسمية أم قوات ميليشياوية صنفها مجلس الأمن والمجتمع الدولي كونها إرهابية..
إنَّ ما يجري من صراعات خطيرة المتسم مرة بإرهاب الدولة أو المتسم بدعم جماعات الإرهاب بمختلف مسمياتها وعناوين شعاراتها وأضاليل خطاباتها بكل ما يؤدي إلى نتائج تعني ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية يتطلب فهماً حقيقياً لجذور المشكلات العضال بالمنطقة ودولها.. وبوقت تتحكم قوى إرهابية ميليشياوية بالسلطة وتوجه سياستها ونهجها على وفق رغائبها فإن الجريمة تتم مرة بالتصفية الجسدية الدموية والاغتيالات وجرائم القتل العمد مما يطال فئة أو أخرى كما وقع مع كل المجموعات القومية والدينية في العراق من دون حساب أو توقف عنده وكما يحدث مع الفلسطيني و\أو مع السوري بكل التعددية والتنوع حيث تُرتَكب الجريمة على أساس الهوية بكل تنوعات مستويات الهوية ومساراتها وجودياً.
لقد منعت دائماً النزاعات الخطيرة فرص التعبيري وحريته وفي إطاره حظرت على أتباع الديانات والهويات المسماة فرعية وأقلية نقول حظرت فرص الوصول إلى السلطة وأخلت بتوزيع الثروة، وألغت نهج العدالة الاجتماعية وتلبية الخدمات والحاجات، مثلما حجبت فرص العمل لتتفشى البطالة بكل أشكالها وسماتها، وانعدمت برامج التنمية ومناهجها، فيما أشكلت بل طُعِنت (المواطنة) وصودرت الحقوق والحريات الأساس مع إدامة خطيرة لأشكال التمييز وخطاب الكراهية وكل ما يدعو لارتكاب العنف والتحريض عليه.
إننا اليوم بظروف أدعى لإطلاق نداءات نوعية ومن بينها وعلى رأسها منع جريمة الإبادة الجماعية بتحديد جذورها وما وقف ويقف خلفها من ممارسات التمييز الجارية بين مجموعات غنية التنوع في الهوية السكانية، بقصد إيجاد البدائل والحلول، والعمل الفعال المؤثر للقضاء كليا على تلك الأسباب التي دفعت للصراعات وإثارة العنف واستفحال خطاب الكراهية وكل ما أفضى إلى الإبادة الجماعية.
فليكن اليوم الدولي لإحياء وتكريم ضحايا جرائم الإبادة الجماعية منطلقا آخر بالمستويات الوطنية المحلية والإقليمية والدولية نحو تلبية إزالة أسباب ارتكاب الجريمة ومنعها وتأسيس الحلول والبدائل وتحايا لكل الضحايا الذين سقطوا في تلك الجرائم وأحدثوا زلازل في المسيرة البشرية محليا إقليميا ودوليا عالميا ما يتطلب أن يكون الرد الأممي جمعيا مشتركا بمزيد من التعاون والتكاتف والخطط الاستراتيجية القادرة على إحداث التغيير..
لنقف بقوة مع خطاب السلام والتعايش والتعاون بين الشعوب وفي وسطها بكل التنوعات الموجودة ولنحجب قانونيا سلوكيا خطابات العدوانية والتمييز والكراهية .. فهلا أوجدنا المؤسسات الوطنية والإقليمية والدولية المناسبة لتبني مهام إحياء وتكريم الضحايا واتخاذ الطريق البديل الذي تريد البشرية العيش فيه!؟؟؟
إنه نداء قد يكون بصوته ضعيفا أمام ما يجابه عالمنا من أولويات ولكنه قوي بكون ما نحياه هي ممارسات إبادة مستمرة تتطلب التنادي للتعاون والمشاركة في اجتراح الأمور بصورة جدية فاعلة لإنهاء الجينوسايد ومداواة ضحاياه وإزالة آثاره
*******
أين المندائيون في العراق وكم بقي منهم!؟ وكم بقي من الإيزيديون؟ والمسيحيون؟ أين كل مجموعات التنوع والتعددية من مكونات الشعب العراقي!!؟ أين حقوق تلك المكونات وحرياتها!!!!!؟ أين مبدأ المواطنة والعدالة الاجتماعية؟؟؟؟؟ أين المساواة مقابل التمييز؟؟ وأين طاقة التعايش مقابل سيادة خطاب الكراهية والحض على العنف وفرض إرادة الجماعات المسلحة الإرهابية!!!؟ أين قوى العلمنة والتنوير وحقوقهم في الحركة والعيش الحر الكريم؟ أليس ما جرى تكريسه هو عينه ما يشير بوضوح إلى ارتكاب جرائم إبادة جماعية وتشريد من يفلت بحياته نحو منافي الاغتراب وهو من الشعوب الأصلية للعراق!!!!؟؟؟؟ قولوا كلمتكم وانضموا للنداء في تشكيل منصة إحياء وتكريم الضحايا قبل استفحال الجريمة أكثر حتى لا يبقى سوى المجرم وقد أفلت من العقاب والضحية العبد الذليل المشروع لمقصلة الأضاحي الخاصة بمجرمي الحروب ومشعلي حرائق العنف الموغلين في دماء الشعوب.. كفى ولنكن صوتا واحدا بمجايهة الجريمة
إنّ من أكبر جرائم الإبادة الجماعية الأحدث مما يقع ويُرتكب اليوم في شرقنا الأوسط هي جريمة الإبادة الجماعية الواقعة بحق الشعب الفلسطيني في ظل سلبية المواقف تجاه ما يجري و\أو التنصل من المسؤولية وتبرير الجريمة أو التعاطي بعبارات لا تقف بوجه الآلة الجهنمية الوحشية للجريمة.. فهلا تفكرنا في الأسباب بخاصة بوجود التطرف والإرهاب وسط مجتمعاتنا شرق الأوسطية وكيفية تناسل خطاب الكراهية والعداء وعدم الإمساك بخيوط البديل للسلام العادل والشامل قبل أن تتغول دولة احتلال أكثر وأكثر بفظاعات بلا أول ولا آخر؟؟؟
إنَّ مشروع قوى الإرهاب في منتهاه هو ارتكاب تصفيات على الهوية وهو جريمة إبادة جماعية سواء بما يُرتكب بالطريق إلى المنتهى والغاية أم في الغاية نفسها كونها تعتدي على التنوع والتعددية وتفرض سلطان العنف بمنطق الأحادية والإقصاء وتكفير الآخر وكل قوى الإسلام السياسي هي أرضية مباشرة لهذه المحصلة وهذا النهج العدواني في التمييز والحض على الكراهية وارتكاب العنف الدموي وفظاعاته.. فلنعِ ونتنبه على ما يجري من ضم الشبيبة لهذا المشروع بكل أضاليله وأباطيله ومخرجات جرائمه بحق الإنسان والإنسانية حقوقا وحريات وعيشا كريما .. فهلا تنادينا للوقوف بوجه الموت القادم من مصادر الجينوسايد ومن يقف ورائها!!؟؟؟؟؟
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
2024 / 12 / 7 – 16:17 4977630
جد مهم للاطلاع على معالجات سابقة
تتناول الجينوسايد واقتراح معالجة مشكلاتها بالبدائل
ماذا فعلنا عراقيا بثقافة نزع خطاب الكراهية بخاصة في اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا جريمة الإبادة الجماعية وتكريمهم ومنع هذه الجريمة 2022
30 نوفمبر يوماً لإحياء ذكرى جميع ضحايا الحرب الكيميائية
قضايا التغيير الديموغرافي تتفجر من جديد ولكن بصورة فاقعة أكثر وأخطر!؟
مادة تغطي نشاطا سابقا وأعيد النشر تثبيتا للمحتوى وأهميته وكان قد تم نشره في موقع صوت كوردستان
حوار أجرته صحيفة كوردستاني نوي مع الدكتور تيسير الآلوسي قبيل الانتخابات الأخيرة
إبادة الأمم من منظور متنوري الأمم المسيطرة
وثائق أساسية
- قرار الجمعية العامة بإنشاء اليوم الدولي لإحياء وكرامة ضحايا جريمة الإبادة الجماعية ومنع هذه الجريمة
- اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها
- الدول الأطراف في اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية
- قرار مجلس حقوق الإنسان 34/24 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية 23 آذار/مارس 2015
- نتائج مؤتمر القمة العالمي 2005
موارد أخرى
- مكتب المستشار الخاص المعني بمنع الإبادة الجماعية ومسؤولية الحماية
- إطار تحليل الجرائم الوحشية
- برنامج التوعية المعني بالإبادة الجماعية ضد التوتسي لعام 1994 في رواندا والأمم المتحدة
- برنامج الأمم المتحدة للتوعية بالهولوكوست
- ما وراء الظل الطويل: التعامل مع التواريخ الصعبة
- أنباء الأمم المتحدة ذات الصلة
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير