في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة: صرخات استغاثة المرأة العراقية وشرق الأوسطية تتعالى بخلفية ما تجابهه من جرائم مركبة خطيرة

يصادف يوم 25 نوفمبر تشرين الثاني انطلاق حملة اتحدوا و#لا_عذر للعنف ضد النساء وللتغاضي عن التضامن والمساهمة بالتصدي وتنطلق باليوم الدولي لمناهضة العنف ضد النساء والقضاء عليه. وفي ذات الوقت تُسمع بالخصوص عراقيا شرق أوسطيا صرخات المعنَّفات بكل أشكال جرائم العنف حد القتل والتصفية الجسدية ولانجد انتهاء لتلك الدوامة الإنسانية ومخاطر استمرارها وكثرما عشنا أوضاع أن الأمر لا يعنيني أو ليس بمحيطي وبيئتي وهو فعل سلبي يشارك في تمرير الجريمة فضلا عن كونه يغض الطرف عن ثقافة ماضوية خطيرة لفرض الصمت الجائر المتستر على الانتهاكات مثلما يكرس ثقافة العيب ووصمة العار ما يمرر الجرائم من دون أي عقاب للمجرم المعتدي واغتصابه الهمجي الوحشي .. إننا مدعوون للاطلاع والتفاعل بإيجابية وتثبيت مواقف للتسريع بحسم القضية بما يُعلي مبدأ المساواة ويكبح الجريمة والمجرم وينهي الانتهاكات والاعتداءات وندائي يتجه إلى الشخصيات وإلينا جميعا كي نلج عالم التأثير والمساهمة بالحملة وبالأخص في الفعالية المنظمات المتخصصة فهلا اتحدنا للحسم؟..

في اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة 25نوفمبر تشرين الثاني: صرخات استغاثة المرأة العراقية وشرق الأوسطية تتعالى بخلفية ما تجابهه من جرائم مركبة خطيرة

د. تيسير عبد الجبار الآلوسي

العنف بعامة، يتفشى بصورة خطيرة على الصُعُد العالمية والمحلية وبمستويات الاندفاع نحو الحروب والصراعات المتفجرة أم في ميادين العنف المجتمعي بكل أشكاله. ولكن طابع هذا العنف يستفحل بآثاره الوحشية عندما يتعلق الأمر بالفئات الهشة وبما يُرتكب بالخصوص من عنف على أساس النوع الاجتماعي.

لقد عانت المرأة عبر التاريخ البشري من مخاطر الصراعات وعنفها الهمجي؛ ولا يُستثنى من ذلك عصرنا الحديث، إذ أنَّ جرائم العنف تتفاقم وتتسع بأهوالها وتغوّلها حتى طالت جرائم القتل والتصفية الجسدية للنسوة من طرف الشريك إلى عشرات الآلاف بالمستوى العالمي للإحصاء.. فقد وقعت نحو 51100 امرأة سنة 2023، ضحية العنف القائم على النوع الاجتماعي جرى قتلهن على يدي الشريك أو أيّ من أعضاء عوائلهن بمعدل وصل إلى مقتل امرأة كل 10 دقائق.

وفي ضوء حجم الجرائم تلك، جاء إعلان بكين ومنهاجه البرامجي الذي يريد للعام 2025 أن يصل بمخطط رؤيوي يمكنه أن يصل أو يقترب من تلبية هدف المساواة للنوع الاجتماعي وتلبية حقوق المرأة والفتاة بكل أنحاء العالم..

ولنؤكد مجددا هنا أن الرصد الواقعي الميداني يشهد نتائج كارثية صادمة حيث مقتل امرأة كل 10 دقائق! ما يتطلب وضوح مواقفنا تجاه القضية حيث #لا_عذر لتلك الجرائم تحت أية ذريعة أو تبرير وحيث يتطلب التصدي لجرائم تقوم على النوع الاجتماعي أنْ نؤكد تمسكنا بالشعار الأممي: “اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة”.

إن كل تلك الأعوام والسنوات من الكفاح المشترك وإبراز أيام تضامنية للقضاء على العنف ضد المرأة، لم تكفِ لمواجهة مناسبة إذ مازال العنف الواقع على النساء يشكل أحد أبرز إحصاءات الانتهاكات الحقوقية حتى أنّ الرقم الصادم وصل إلى أنَّ امرأة من كل ثلاث نساء قد تعرضت للعنف الجسدي و/أو الجنسي مرة واحدة بحياتها سواء من الزوج أو الشريك، أو من غير الزوج، أو من كليهما.

أما وسائل وميادين ارتكاب جرائم العنف بحق النساء فقد جرت بدءاً بالبيت ومروراً بأماكن العمل واستغلال الفضاءات المختلفة بأدوات من أبرزها اليوم فضاء الإنترنت مع استغلال بشع لفضاء الصراعات والحروب وأحوال خلقتها أزمة المناخ ومتغيراته.. مع الالتفات إلى أن تكرار الجريمة وتفاقمها يستثمر بمنطقة إفلات الجناة من العقاب لتلاعبات مضللة وأدوار المال وظواهر فساد وخلل بنيوي في منظومات القيم بخاصة بمجتمعات التخلف حيث نهج العيب والاختباء من وصمة العار وهو ما يمتد بعيدا ليشمل مناطق واسعة من المجتمع الإنساني بعصرنا..

ومن هنا فإنّ جرائم العنف ضد المرأة أودت إلى بناء الجدران والسدود لتقف حاجزاً بوجه أية محاولة لتحقيق المساواة و\أو السير بطريق السلام والتنمية، مثلما انتقص باستمرار من مكان المرأة ومكانتها إنسانيا وجوديا فحجب عنها الحقوق أو وضعها بمنطقة التصدق عليها بهذا الحق أو ذاك أو بجزئية منه.. وكما أكدت المنظمات الأممية المتعددة فإن هذا الخلل المجتمعي الإنساني بمبدأ المساواة وقف بقوة بوجه أهداف التنمية المستدامة التي لا يمكنها أن تمضي إلى أمام من دون إنهاء فعلي ملموس للعنف ضد النسوة والفتيات. وللحديث عن حلول وبدائل للعنف ضد المرأة ينبغي أن نتحدث عن توصيف ما يقع بحقهن سواء عالميا أو إقليميا محليا وهو ما يحدث بالصور والأشكال الآتية:

  1. عنف الشريك أو الزوج الذي يشمل الإساءة اللفظية والنفسية بالامتهان والازدراء ويتفاقم ليصل إلى الضرب المتكرر والاغتصاب وينحدر لمستويات خطيرة من التصفية حدّ القتل..
  2. عنف الآخر وتحرشه الجنسي بما يشمل أيّ فعل عنفي قسري ومنه الجنسي غير المرغوب به أو بالابتزاز والتهديد وأشكال المطاردة والتضييق التي تستغل مختلف الفضاءات والمنصات ومواقع التواصل الاجتماعي بمجمل شبكة الإنترنت فضلا عن التحرش في الشوارع والأندية وأماكن العمل..
  3. ما تعنيه جريمة الاتجار بالبشر من قسوة العنف فيها ومعطيات فروض العبودية والاسترقاق ببيع الأعضاء مرة والاستغلال الجنسي في مرات أخرى وهذه القضية تحمل مستويات وأشكال تمظهر عديدة مختلفة إلا أنها جميعا ترتكب عنفا وإكراهاً قسريا تكون النسوة أبرز ضحاياه..
  4. من أبرز أشكال العنف ضد المرأة هو ما تلاقيه الفتيات من تشويه الأعضاء التناسلية أو ما يسمونه الختان بقصد مصادرة أحاسيسهن وبمقاصد اجتماعية تنتهك إنسانية الفتاة وتحيلها إلى كائن سلبي طوال حياتها بكل ما يشمله الفعل من عنف وتهديد حياة ومشكلات صحية جسدية ونفسية..
  5. وما ربما تشتعل حرائقه اليوم عراقيا وشرق أوسطيا بخلفية محاولات أطراف مجتمعية لشرعنة جريمته؛ أسجل هنا تزويج القاصرات وإكراههن قسراً على الخضوع للاغتصاب الجنسي بمسميات تشرعن للجريمة.. إن زواج القاصر هو عنف جنسي بالإكراه للطفلة واغتصاب لجسدها بطريقة همجية لا تراعي القدرات البدنية للطفلة الأنثى وهو عنف نفسي خطير يمعن في رسم وشومه في الروح البريء للطفلة حتى بعد بلوغها.. والكارثة أن العناصر أو الفئة التي تنوي سن لوائح (شرعية) أو قوانين كما بعض نواب أحزاب الإسلام السياسي في العراق يحيلون استنادهم لتوصيات ورؤى تنفرد عند مرجع ديني أو آخر ولا إجماع عليها حتى في الوسط الديني المذهبي المشار إليه.. ولكن تلك المحاولة تستظل بادعاءات الإيمان واجترار رؤى من بطون ما رفضته المواقف الدينية نفسها وربط الأمر بوصايا تعتلي منصة القانون بوقت لا يمكن إقرار دولة دينية ثيوقراطية من تلك التي تجتر النموذج القروسطي وظلامياته.. إننا بمجابهة مع تجرؤ على المجتمع وقيمه التي عاش بظلها طوال وجود الدولة الحديثة وتنتهك منظومته القانونية ومدارسها وسلامة نهجها..
  6. عنف حرمان المرأة من حقوق ثابتة إنسانيا يمكننا بدءاً أن نتخذ من تعريف العنف ضد المرأة، في إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، بأنَّهُ: كلّ فعل عنيف يستند إلى عامل الجنس وينجم عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة من النواحي الجسدية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال إكراه أو إجبار قسري أو حرمان تعسفي من الحقوق والحريات في الحياة العامة أو الخاصة، لننتقل من التعريف إلى تحديد ميادين ما يقع منه بخاصة هنا في حرمان الفتيات من التعليم كليا أو من التقدم نحو التعليم المتخصص والجامعي وهو ما يحرم المجتمع الإنساني من طاقة عمل أساس ولكنه يمارس العنف بحرمان النساء من ولوج سوق العمل المتقدم بتخصصاته الراهنة والمستقبلية فضلا عن حرمانها قدرات الفعل الإيجابي بدائرتها الخاصة المحدودة أو بالدوائر الأوسع وهو ما يوقعها في مشكلات عضال متوالدة أخرى..

وبعد هذا المرور الموجز أود التوكيد مجدداً على أنَّ قضية العنف ضد المرأة تبقى بحاجة استثنائية كي نستطيع تجاوز المرحلة المتخلفة التي مازال البشرية ومجتمعات التخلف تدور بدواماتها. ويمكننا التأكيد على أن الحل اليوم يتجسد في تفاعل إيجابي قوي حازم وحاسم بدءا بتشريع القوانين المعنية بالموضوع لعله عراقيا شرق أوسطيا ينطلق من تشريع قانون مكافحة العنف الأسري وتوفير بدائل للنسوة المعنَّفات وفضاء ثقافة مجتمعية بقيم متحضرة متمدنة تُخرس منظمة قيم العيب ووصمة العار التي مازالت تتحكم بمجتمعاتنا.. وقانونيا قضائيا يجب إنصاف النساء والفتيات في حيواتهن وحقوقهم وجوديا بأشد حساب للجناة ومنع إفلاتهم من العقاب مع اتخاذ إجراءات فورية عاجلة بمستويين مباشر واستراتيجي بعيد المدى وطنيا وبما يلتقي مع الحملات الأممية وإعلانات الأمم المتحدة بالخصوص.

إنّ رصد الموارد الكافية ودعم منظمات المرأة واستقلاليتها وسلامة خطابها يبقى ضرورة أولى  لدعم حركات حقوق المرأة وكفاحها المجتمعي كونها مدارس مهمة لثقافة التنوير والتقدم وتلبية مبدأ المساواة وإبعاد شبح العدوانية بأسس التمييز الجنسي أو التمييز بخلفية النوع الاجتماعي..

فلنكن معاً وسوياً في حركة تفعيل المتاح قانونيا مجتمعيا باتجاه المساءلة والمقاضاة بخاصة بدور فاعل للسلطة وجهاز الدولة وبدور مجتمع مدني موحد قادر على التأثير ما يتطلب أن نكون جميعا أكثر وضوحا في الانفتاح على أن نلج منطقة التأثير في التوعية والتنوير ونشر مبادئ اختطها المجتمع الإنساني عبر تجاريبه وخبراته وبوساطة الأمم المتحدة والمنظمات الأممية كافة..

ولتصل أصوات استغاثة الضحايا من النسوة والفتيات مباشرة وبدعمنا وأدوارنا الفاعلة المؤثرة ولنتضامن مع الناجيات ومحيطهن المتضامن ولدينا في العراق حجما نوعيا خطيرا وقعن كباش فداء للنزعات الذكورية ولثقافتها العنفية وللصراعات والحروب المحلية والإقليمية التي تأتت وتحدرت من تدخلات نُظُم ثيوقراطية تمددت بالعنفوأدواته المافيوية مرة والميليشياوية مرات..

و#لا_عذر لاستمرار العنف بخاصة منه العنف القائم على أساس الجنس أو النوع الاجتماعي وعلينا عبء ألا يبقى العنف وجرائمه ضد النسوة (مجهولاً) يتخفى ويختبئ وراء حُجُب منظومات قيمية متخلفة مجترة من قرون الجهالة وزمن العبودية والرق وممارسة اليوم بسبب أؤكده مجدداً يتمثل بالتغطية على المجرم مجتمعيا ورسميا تحت أستار وتبريرات وصمة العار إذا ما قاضينا المجرم وما يرتكبه بحق النسوة والفتيات….

بقي لي أن أشارك التذكير، كما تقول الأمم المتحدة، بأنّ العنف القائم على النوع الاجتماعي يمكن أن يُرتكب بحق أية فتاة أو امرأة وبأي مكان بدءا بالمنزل وليس انتهاء بالشارع وأماكن العمل ومن أي شخص كان من يستغل أو ينتهز الفرص غير السوية؛ لكن الأبرز بين من تقع عليهن انتهاكات العنف وقسوته وإكراهه وأفعال الابتزاز والتهديد هنّ: صغيرات السن من الفتيات والمسنّات من السنوة، وأولئك الموصومات بميول المغايرة بغض النظر عن الحقائق البيولوجية والهوية الجنسية الفعلية، وتشمل النسوة في الظروف الطارئة كاللاجئات والنازحات والمهاجرات، ونسوة المجموعات القومية والدينية من المهمشات بمنظومة أقليات ومجموعات الشعوب الأصلية إلى جانب النسوة والفتيات اللواتي أُصبن بأمراض الأيدز وحالات الإعاقة والتشوهات الخَلقية، وكل الخاضعات لظروف الحروب والأزمات.

فلتكن الأيام الـ16 التي تبدأ باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة وتتوَّج باليوم العالمي لحقوق الإنسان هي أيام تفعيل للحملات التوعوية التنويرية وللتضامن الفعلي العملي الميداني مع النسوة والفتيات  ولتتسع حملة اتحدوا! الأممية لمناهضة جدية مسؤولة لما يُرتكب من عنف ضد النسوة والفتيات حتى نسرع من تلبية الهدف الأسمى للحملة في وجود إنساني صحي سليم يحمي مكوناته كافة ويثريه وجوديا قيميا ولتكن صرخات المعنَّفات قوة فعلية للجم المجرمين ومحاسبتهم ومقاضاتهم ومنع إفلاتهم من العقوبات القانونية والمجتمعية..

 

 

المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن

 

شرق أوسطيا تتصدر نساء فلسطين ولبنان والسودان وليبيا واليمن مشهد ما يقع عليهن من عنف بكل أشكاله من إيذاء بدني ونفسي إلى الاغتصاب والتعذيب وإلى التصفيات الجسدية والقتل دع عنكم كل الانتهاكات لحقوقهن حد استمرار وجود منظومة الرق والعبودية ببعض بلدان المنطقة؛ وليس بعيداً عما يُرتكب بتلك البلدان شرق الأوسطية، ما يجري ويُرتكب في العراق بحق المرأة العراقية ومحاولات صياغة جرائم تعنيفها بصيغ تحظي بمشروعية (دينية المنحة اجتماعية التقليد) وقانونية الأداء باستغلال السلطة السياسية للدولة والحجج والذرائع بلا منتهى.. فما موقفكِ وما موقفكَ مما يجري؟ هل فعلا لا يتوافر وعي بما يُرتكب، ويتم الطمطمة عليه وإخفاؤه بغطاء الصمت السلبي لضعف الحال مرة ولتبرير بالقيم السائدة الحاكمة بمرات أخرى حيث مشاعر الفضيحة ووصمة العار أو العيب والخوف من أصحاب النفوذ!!؟ أين قدرات التحدي التي يمتلكها الإنسان في حماية نفسه بخاصة حماية الفئات المهمشة المستضعفة؟؟؟؟

جد مهم للاطلاع على معالجات سابقة

تتناول أوضاع المرأة واقتراح معالجة مشكلاتها بالبدائل والحلول

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *