إدانة تفاقم جرائم الانتهاكات الجنسية ومنها بحق الأطفال في العراق وإطلاق نداء لحملة وطنية لمجابهة التحديات ومعالجتها

سيُصادف يوم الثامن عشر (18\11) من نوفمبر تشرين الثاني اليوم العالمي لمنع ممارسات الاستغلال والانتهاك والعنف الجنسي ضد الأطفال والتشافي منها.. إنَّ هذه المناسبة تكتسب أهمية مضاعفة عندما يتعلق الأمر بأطفال العراق وبلدان شرق أوسطية أخرى لأن سلسلة الحروب والكوارث التي طاولت تلك البلدانقد نبشت الأرض لتهيّئها للعنف ونهجه وللاتساع بمنطق الاعتداءات الجنسية بخاصة ما طاول الأطفال ومنهم الإناث حتى بتنا نشهد اليوم وبلا استحياء وخجل من يسوق لشرعنة اغتصاب تلك الطفلة باسم القانون وباسم المعتقد ديناً و\أو مذهباً.. فما العمل لمجابهة جريمة باتت متفشية سواء بخلفية مجتمع مغلق ولا أقول محافظا تُرتكب خلف جدران انغلاقه المزعوم تمسكه بالتدين المزيف كون السائد هو مجرد الخرافة تُفرض قسرا لتمرير ما يحلو لطبقة كربتوقراط التدين ارتكابه ومارسته بحق الطفل والطفولة!؟ فلتنطلق حملة وطنية هذا العام قادرة على تبني القوانين والمواثيق ومناهج الحراك الأممي قانونيا قيميا ولتندحر مناهج التبرير الذرائعية المضللة وتُنهى جرائم العنف الجنسي ضد أطفالنا

في اليوم العالمي لمنع ممارسات الاستغلال والانتهاك والعنف الجنسي ضد الأطفال والتشافي منها

إدانة تفاقم جرائم الانتهاكات الجنسية ومنها بحق الأطفال في العراق وإطلاق نداء لحملة وطنية لمجابهة التحديات ومعالجتها

د. تيسير عبد الجبار الآلوسي

في مختلف أرجاء المعمورة تعرَّض ويتعرض الأطفال، وبنسبة أوضح الفتيات، لمخاطر كارثية في لجرائم الانتهاكات الجنسية القسرية وأشكال الاستغلال الجنسي القهري المتسبِّب بالعنف والإيذاء.. وتُرتكب تلك الجرائم بتوظيف شبكة الإنترنت ووسائل الاتصال المختلفة فضلا عما يتفشى ويتفاقم  في أجواء الأزمات الحادة والنزاعات المسلحة و\أو الحروب.

إنَّ كل تلك الاعتداءات وأشكال الإكراه والاستغلال الجنسي للأطفال تجسد أبشع جرائم الانتهاك لحقوق الإنسان بجانب تسببها بمشكلات صحية نفسية وبدنية تمتد لزمن طويل قبل أن تندمل هذا إذا صادفت وسائل علاج؛ فهي تظل جريمة موصوفة ومعضلة صحية بكل مستويات ومعاني هذا الاصطلاح ما يثير عواقب وخيمة على مجمل الحياة العامة وعلى أية فرصة للتنمية محليا إقليميا وعالميا.

إنَّ ظاهرة العنف الجنسي يمكن أن تقع في أيّ مكان، لكن خطر التعرض لها يتزايد كما يشير منطق الرصد الموضوعي في سياق أجواء الطوارئ، ففي الصراعات والنزاعات الحربية المسلحة وفي ظل الكوارث الطبيعية ومجمل حالات أو ظروف الطوارئ الإنسانية المختلفة، تُستهدف النسوة والأطفال بشكل خاص للعنف الجنسي بخلفية هشاشة الفئة وطبيعة العلاقات الاجتماعية وظروفها.

ولابد من التوكيد هنا على أنّ وقائع الإكراه في ممارسة الجنس يحصل بمختلف طبقات المجتمع وبأية دولة وقد تم رصد ذلك بخاصة في أجواء جائحة كورونا وما يشابهها من حجر قد يحدث عالميا أو محليا.. ورصدنا الظاهرة مع أزمات المناخ والبيئة وكوارث طبيعية عديدة رافقتها حالات اهتزاز الحماية وسلطة المحاسبة مع وجود مشاعر قلق ورعب متفشية وافتقار جدي خطير للإجراءات والتدابير الضرورية الكافية للمعالجة والتصدي للتحديات..

والظاهرة تتسع وتتفاقم مع اختلال التوازن المجتمعي واتساع الحرمان وظواهر الفقر والعوز والحاجة غير الملباة إذ يتسيَّد الفقر والتمييز البنيوي الهيكلي أو الطبقي مع ترافق ذلك بالافتقار لأمور توجيهية مناسبة أو غيابها كليا بسبب مطحنة الاستغلال الاقتصادي والسياسي والاجتماعي وطبيعة انشغالات العوائل والأطراف المسؤولة عن الطفل والطفولة وحمايتهما..

وفي ضوء ذلك فقد توجهت الجهود الأممية لتبني كثير من المواثيق والدراسات والمناسبات التي تتلاءم ومحاولة التصدي لما يتعرض له الطفل من قسوة الاستغلال والاعتداء فكان من بين ذلك اختيار يوم 18 نوفمبر تشرين الثاني من كل عام للبحث في وسائل منع ممارسات الاستغلال والانتهاك والعنف الجنسي ضد الأطفال وتمكينهم من التعافي والتشافي بصورة أسرع وأفضل. لقد جاء ذلك بالقرار 77\8 الصادر في نوفمبر 2022 باعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة..

لكن دعونا نركز على ما يقع على الأطفال من أشكال العنف التي يندرج فيها العنف الجنسي في العراق وبلدان شرقنا الأوسط، بسبب من المتغيرات الراديكالية العاصفة فيها ومن استمرار الأزمات والحروب التي تعاقبت جيلا بعد آخر من دون توقف وإن تمظهرت بأشكال أو حاولت قوى بعينها طمس المجريات..

إنَّ مجتمعات شرق أوسطية ومنها العراق وقعت فريسة خيارات نُظُم اقتصادية تسببت بفقرها وبظواهر أقسى من الفقر المدقع وأشير إلى نموذج الاقتصاد الريعي السائد بخاصة هنا بالنموذج العراقي وتوزيع الثروة الذي تكتنفه فجوات بنيوية واختلالات هيكلية دفعت لوصول نسبة الفقر ببعض المحافظات لأكثر من ثلثي سكانها وطبعا رافقت ذلك انهيارات في الخدمات وفي الركائز الأساسية ما أفرز جملة من التعقيدات في انعكاساتها بخاصة في تفاقم ظواهر العنف وحصرا العنف ضد الأطفال وأخطره العنف الجنسي فما الذي يمكن أن نرصده في ظل (انهيار سلطة الدولة) وقوانينها ومؤسساتها سواء الرسمية أم المجتمعية:

  1. اتساع أزمة السكن واستفحالها وفي إطارها ارتفاع الكثافة السكانية نسبة إلى الوحدات والأعقد بينها طبيعة العشوائيات التي فاقت الـ4 مليون نسمة في المدن الكبرى ومثل هذا أوجد دوافع إشكالية للعنف الجنسي الواقع على الأطفال بالتحديد.
  2. استفحال مجمل ظواهر العنف وسلوكياته بخلفية الانتشار الميليشياوي نموذجا قيميا وسياسيا في إدارة العلاقات وفرض العنف في تعبيرات تفاصيل العيش اليومي بخاصة مع انتشار الكحول والمخدرات بجانب السلاح أجد فضاء خطيراً آخر لوقوع الاعتداءات الجنسية بإطار ظواهر العنف المختلفة.
  3. اتساع وجود العصابات وعناصر إجرامية أسس لتشكيلات الاتجار بالبشر وأثَّر في صياغة سلوك عدواني بخاصة عندما يتعلق الأمر بالأطفال الذين نرصد اتساع حجم ظاهرة تسربهم من المدارس وأطفال الشوارع والأطفال العاملين في إعالة أسرهم أو عوائلهم..
  4. وبوجود ظاهرة جديدة على المجتمع العراقي وبعض بلدان المنطقة صرنا نشهد جماعات سكانية (عابرة) غير مستقرة وفي مشهد التعايش غير المحكوم بمنظومة قيمية تراجع التماسك الاجتماعي كثيراً.. وبرزت هنا منظومة قيمية (اجتماعية جنسانية) هيَّأت مناخاً خطيراً للعنف بأشكاله ومنه العنف الجنسي وحصرا ما طاول الأطفال أي من هم أو هن دون الثامنة عشرة.
  5. إنَّ نهج النظام القائم يتسم بسياسة اقتصا اجتماعية وبإطارهما فوضى برامج صحية وتعليمية، لا تخلق إلا مزيد تراجع وتراكم للأزمات ولحال التمييز الطبقي والفئوي بكل مساراتها الاجتماعية والاقتصادية ومثل هذا الوضع يهيِّئ مناخاً ينتعش فيه العنف وخطابه ويتفاقم.
  6. وهذا النظام السياسي السائد تغيب فيه أية رؤية قادرة على توفير كفاية الحماية الاجتماعية ما يشيع التشعبات المعقدة للعنف بوصفه نهجا بديلا بحثاً عن تلك الحماية..
  7. تعرض العراق ومجمل منطقة الشرق الأوسط لصراعات حربية كارثية خلقت أوضاعاً مرتبطة بنتائج الحروب والصراعات الأمر الذي أفرز منطقا مبررا باستمرار للعنف ولمناخ الاعتداءات فيه تلك التي طاولت الفئات الهشة وحصرا الأطفال إلى جانب الفئات الأخرى..
  8. ولأنّ تخليق سلطات فرعية مسلحة أوجد قدرات خطيرة لها خارج الدولة وفوق سلطتها فإنَّ سلطة إنفاذ القانون وتلبية أداء العدالة والحكومة لم يعد موجوداً فعليا بصورة أباحت بالتعاقب السببي إدامة تفاقم الانحدار ومنح فرص الاعتداءات صورة أعنف..

وإذا انتقلنا من توصيف المنظومة القيمية التي خلقت مبررات العنف ومنه الاعتداءات القهرية القسرية على الأطفال سنجد توصيف الشخصية التي توجد بهذا الفضاء تلك التي تهيئ للاعتداءات الجنسية على الطفل والطفولة تتسم بالآتي مما يشيع ويتفشى عراقيا وشرق أوسطيا:

  1. تتسم الشخصية (فردياً) بالحرمان العاطفي في ظل انشغال الآباء والأمهات ومستويات الخواء الروحي وتشوّهاته في العائلة. يمكنني الإشارة إلى ما أسميه البدائل الروحية القائمة على الإيمان بالخرافة وطقوسها بعيداً عن القيم الروحية الأغنى وكذلك الإشارة إلى ما يفرضه الفقر من ابتعاد عن الأبناء وما تفرضه الأموال والإفراط في الحصول السهل عليها وبعثرتها وكلاهما بالنتائج السلبية ذاتها..
  2. تصاعد نسب الطلاق والانفصال بين الأبوين واختلال الوظائف بإطار العائلة حداً ينتج تأثيراته الخطيرة في بنية الشخصية ويدفع الأطفال لمناطق التهديد الجاهزة في مثل مجتمعاتنا بالدوافع التي أشرنا إلى جوانب منها..
  3. وبالإشارة إلى انخفاض الدخل سنجد أن ظواهر الفقر والفقر المدقع أو فجوة الفقر وهي تتسع وتتعمق ستفرض حرماناً ماديا وعدم توافر أي صورة لتلبية الحاجات الضرورية على أقل تقدير ما يهيئ أجواء للعنف وما يجري بظلاله من اعتداءات بخاصة على الأطفال.
  4. وفي ظل ذات الظروف سيخضع الأطفال للعنف الأسري بخاصة بين الأبوين ما يدفع للارتباط بالجانحين وبعناصر تستدرج الطفل وتستغله وتعتدي عليه في أبعد ما يكون عن أي حماية مجتمعية و\أو أسرية..
  5. لابد لنا من أن نرصد هنا نتائج منظومة قيمية تربوية لا تنتج إلا شخصيات مشوهة نفسياً بجانب كثرة حالات الإعاقة في الولادة العراقية منذ انتهاء الحروب التي مرت كما ستنتج مستويات متدنية من التعليم لدى الأفراد بانعدام حوافز التعلم وبامتداد وقائع العنف التي يتعرض لها الطفل وما يعنيه فردياً شخصياً..
  6. عدم تفهّم الحالات البيولوجية للفرد من نوع جنسه وظروف عمره ومتطلباتها وإلحاق الأمور بمعطيات الشذوذ بما يشكّل دوافع وأسباب للاعتداءات والوقوع بأحابيل ابتزازها ولابد من الإشارة هنا إلى التغاير الجنسي ومعانيه ومخرجات العلاقات في إطاره..
  7. ومن كوارث زمننا أنّ الطبقة الحاكمة في إطار هزال فلسفتها وخطابها السياسي والاجتماعي باتت تتجه نحو مسمى (الزواج المبكر) وهو شكل للتزويج القسري لأطفال بل يجري بتوصيف رسمي لارتكاب الاغتصاب وتبريره دينياً بوقت يُنظر لهذا العبث الإجرامي على أنه معالجة لظواهر تجري وتُرتكب بصورة متفشية غير مسيطر عليها!! أذكّر هنا بمقترحات تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي تنوي السلطتين السياسية والدينية (الاجتماعية) شرعنته وهو يتضمن حصراً شرعنة اغتصاب الطفلة وتوفير فرص العنف الجنسي بصورة خطيرة تعتدي على العلاقات المقربة بالتشويه والانتهاك بذرائع تجتر منطقا يُنسب لقيم دينية من القرون السحيقة قِدماً في عمق التاريخ المجتمعي التي تجاوزها الزمن ومواثيقه المعتمدة اليوم..

ومن أجل تأكيد ما ذهبنا إليه من ضرورة التصدي للعنف ضد الأطفال ومنه حصراً وتحديداً العنف الجنسي موضوع المناسبة الأممية في الثامن عشر من نوفمبر تشرين الثاني وأهمية السعي عراقياً لاستذكار أبرز الوثائق الأممية الدولية المعتمدة تطبيقاً لها ودعما لمكافحة ما يعاني منه أطفال العراق والمنطقة نؤكد أنهذه المعالجة كما التعريف المتفق عليه أممياً ترى أنّ العنف ضد الأطفال هو كل ما يقع على مَن هنّ و\أو هم دون سن الثامنة عشرة سواء وقع ذاك العنف من داخل أسرة الطفل أم من خارجها.. ويتعرَّف العنف بما يقع بدنياً أو جنسياً أو روحيا وجدانيا وعاطفيا مما قد يتسبب بتهديد الصحة ربما على مدى عمر الإنسان..

وبالتركيز على العنف الجنسي وأسبابه ودوافعه في ضوء ما سبق إدراجه بهذه المعالجة وما تناولته يمكن أن يحدث من الأبوين والأخوة مثلما في المدارس ودور الرعاية مثل رعاية الأيتام وما أكثر نسبهم في العراق بعد كل تلك الأزمات الطاحنة والحروب.. وقد يحدث العنف الجنسي عبر الاستدراج والاستغفال بوساطة شبكة الإنترنت وذلك مما بات مفتوحا بحجم انفتاح تلك الشبكة ومن ثم فرص استغلالها استغلالا سلبيا خطيراً في صيغ التنمر والابتزاز المؤقت العابر والدائم سواء منه الفردي أم الجمعي وكثرما يحدث ذلك بمنطقة الشرق الأوسط مع تفشي وجود عصابات وجماعات أو ميليشيات تتمترس على خطابات التمييز والاستغلال ولا يُستثنى من الاعتداءات الجنسية على الأطفال حتى الشركاء العاطفيين بأطر التزويج المبكر وما شابهه من مواعيد وعلاقات قرابية وغيرها بحدوث المعاشرة الجنسية الكاملة أو التحرشات الجنسية كالتلصص والاختراقات الإلكترونية وأشكال الاتجار الجنسي ونهج الابتزاز فيه مما يتم الإيقاع بالطفل وفي الأغلب يقع ذلك كله أو بعضه على الفتيات القصّر حتى منهن من هن دون التاسعة الأمر الذي تجري محاولات شرعنته قهريا باستغلال سطوة على السلطة السياسية والاجتماعية بتبرير منسوب للدين!

من جهة أخرى فإن الوصول لهذا المستوى من الاعتداء الجنسي قد يسبقه أشكال من التنمر والترهيب والتهديد أو أشكال من السخرية والتضييق في المعاملة وفي العلاقات بمستوى عائلي أو مدرسي أو غيرهما ليتحول بالابتزاز إلى مستويات الاعتداء الجنسي الذي يضمن الكتمان والتستر على مرتكبه بالقهر والقسر والإجبار..

إن ظاهرة العزوف عن الزواج أو التمنع على ذلك ربما عادت إلى أثر من آثار الاعتداء الجنسي في مرحلة الطفولة وهو الاعتداء الذي عادة ما يطبع أثره عميق الغور روحيا نفسيا وتبقى عذابات الشعور بالذنب من جهة والاندفاعات العدائية وإضمار أشكال الكره والنظر السلبي للعلاقات الإنسانية التي جرى تخريبها تبقى ذات ندوب تتحكم بمسارات الفرد طوال عمره.. لعل الاتجاه للإدمان سواء على التدخين أم الكحول والمخدرات أو الانخراط بتوجهات جنسية غير ملائمة صحيا دع عنك مجابهة تحديات تخص القدرات النفسية والتناسلية وحال الإحباط والانكسار النفسي مع ارتفاع معدل القلق والاكتئاب وإدارة العلاقات بردود فعل أو تسريبات لا تعالج أصل المؤثر ونتائجه..

أذكر مجددا بالأمراض الجنسية التناسلية بخاصة نقص المناعة وأمراض خطيرة أخرى مما يؤثر على الصحة بكل مستوياتها العقلية والبدنية والنفسية وغيرها بالإشارة إلى التكيف السلبي غير الواعي مع الحدث ومسار تأثيراته غير المدركة وهنا تجدر الإشارة إلى أن التسرب من المدارس قد يكون أحد أبرز أسبابه هو التعرض للاعتداء الجنسي وإلى أشكال التنمر والعنف العدائي الأخرى لكن المشكلة لن تُحسم بالتسرب نفسه إذ أننا نجابه تداعيات وآثار غير مباشرة أكثر تعقيدا وانحدارا نحو ما يجابهه الفرد فتاة أو فتى..

إن الظرف العراقي وشرق الأوسطي لم يعد يحتمل مزيد خطى معقدة تتفاقم في إطارها النتائج الكارثية ومن هنا لربما كانت بعض الإجراءات العاجلة بجانب الاستراتيجيات البعيدة المعنية  بتغيير النظام ونهجه ومنظومته القيمية

فعاجلا يلزم عراقيا وشرق أوسطيا الالتفات إلى أهمية بل خطورة إهمال توفير قواعد بيانات مناسبة للاعتداءات الجنسية على الأطفال ولأنماط العنف ضدهم أو الواقع عليهن وعليهم هذا بمرافقة رصد دقيق وموضوعي للبيانات الدقيقة التي تكشف عمق الظاهرة وفرص معالجتها وأدواتها من قبيل تعزيز دور الإعلام والمجتمع المدني في التثقيف بوسائل التصدي للجريمة..

إن استراتيجيات المعالجة ليست خفية وقد ثبَّتتها المنظمة الأممية بمصطلح INSPIRE المتضمن إلزام البلدان كما العراق ودول شرق أوسطية بتفعيل سلطة القانون وإنفاذه لحظر العنف ضد الأطفال وتبني قواعد سلوكية ملائمة ترفض إهمال ما يُرتكب بحق الطفل وتأمين المعلومات الضرورية للمساهمة بالمعالجة وتوفير الرعاية والتمكين للأطفال وآبائهم للتصدي لآثار الاعتداء مع مجمل ما مر ذكره بهذا الاتجاه..

إنّ خروج العراق من حربه مهزوماً بانهيار دولته ومؤسساتها التي دمرها الاحتلال على أساس بناء البديل لم يُفلح في تقديم الاستقرار وتنمية البدائل بل أودى إلى خراب مجتمعي ومؤسسي رسمي فخرجت علينا ما لا تُحصى من المعضلات التي استفحلت على مدى أكثر من عقدين ونسجل هنا بعض ما يتناول الاعتداءات على الأطفال جنسيا تاركين مشكلات عضال كبرى أخرى لمعالجات أخرى وأما ما خص ويخص ظاهرتنا التي نتناولها فتتلخص بالتعريفات الآتية التي نبقى بحاجة للتثبت منها في مضانها الإحصائية التي نتطلع للشفافية في رصدها وتقديمها للمختصين والمعنيين وللمجتمع بأسره:

  1. التجارة الجنسية بالأطفال: فلقد كثر التستر والتخفي وراء مشروعات سياحية أو غير ذلك من خدمات مؤسسية للرعاية لارتكاب جريمة الاتجار بالأطفال وممر تلك الفعالية الإجرامية يستغل كثيرا من ظروف البلاد وأهلها لتشغيل من تقل أعمارهم عن الـ18 سنة بميدان جنسي أو حتى سرقة الأعضاء..
  2. وفي ذات الاتجاه يجري تشغيل الأطفال بالدعارة أي في الأغراض الجنسية حصرا مقابل أجور مقبولة اضطراريا وقد تكون تلك الأجور مجد حصول على شكل للحماية أو المأوى وعلى قسط من الغذاء..
  3. وفي ضوء ذلك يستكمل المعتدي إجرامه بفرض تصوير الطفل بأفلام جنسية صريحة أو بالتقليد لصنع مواد إباحية والاتجار بها.
  4. ومما يُرتكب في المنطقة عراقيا شرقأوسطيا ما يُسمى في الاصطلاح القانوني لدى المنظمة الدولية (الاستغلال الجنسي للأطفال من أجل أغراض تجارية) بمعنى قيام شخص بالغ باعتداء جنسي يكون الطفل فيه موضوع الفعل الجنسي التجاري ما يعدّه القانون انتهاكاً خطيراً لحقوق الطفل وقد تم تثبيته في اتفاقية حقوق الطفل..
  5. ومن بين المصطلحات التي تتحدث عن الظاهرة؛ مسمى (الاعتداء الجنسي على الطفل) الذي يقصد به إشراك الطفل بأنشطة جنسية تنتهك التابو الاجتماعي مما لا يدركه الطفل ولا يتناسب مع عمره ونموه العقلي والنفسي ولا البدني الجنسي أيضا ويجري ذلك من طرف ذي قوة وسطوة يوقعه بأحابيله بالإغواء أو ما شابه.
  6. وأخيرا وليس آخرا أسجل قمة تلك الأفعال والمصطلحات التي تجسدها قانوناً بذكر جريمة (العنف الجنسي) بوصفه أيّ فعل جنسي يُفرض بالقوة والإكراه أو بالابتزاز والتهديد والغدر مما يستغل الجاني المعتدي قوته البدنية من جهة و\أو سلاحا يمتلكه للترهيب النفسي و\أو فرض قهري للتهديد بسلطته وابتزاز المعتدى عليه من الأطفال..

ولا أستطيع التوقف عن التوضيح والفضح لجميع تفاصيل محاور انتهاك الطفل والطفولة في العالم [حيث تُرتكب الجريمة بظل مختلف الأوضاع ومنافذ الاستغلال التي ربما تمرر فعلا هنا أو هناك مما يخضع للتوصيف الذي اعتمدناه في تناولنا ومعالجتنا] وفي العراق وبلدان شرق أوسطية بشكل أوضح وأخطر وأوسع، لا أستطيع المرور سريعا من دون أنْ أؤكد على مسؤولية السلطة السياسية ببلدان التخلف من جهة والسلطة الاجتماعية وعلى توظيفهما المخادِع المضلل للدين في التغطية على الجريمة وعلى إدامتها بوصفها ركنا من منظومة الفساد الأشمل والأعمق ماديا روحيا بالإشارة إلى نظام مؤسسي كليبتوفاشي أو مافيوميليشياوي ومخرجات المنظومة السلوكية القيمية لبناه وتشكيلاته من جهة تخريجات الخرافة على أنها الدين والنهج الأمر الذي يتم التوجه إليه رسميا لترسيمه قانونا يُصادر المرأة وينتهكها وجوديا منذ طفولتها بمسمى التزويج المبكر دع عنكم كل محاور الإجرام بوجود سلطة خارج سلطة الدولة أو فوقها فعليا وتبريرات وجودها الأمر الذي سيستمر بارتكاب الجريمة ولا ينتهي منها ما لم يتم التغيير الجوهري المسؤول لمجمل النظام وفلسفته ويشرع ببديل موضوعي يستند للعقل ومنطقه ونهجه..

أفلا نتدبر ما يجري ونتحدث بمكاشفة لا تتردد من المناقشة علنا في فضح ما يجري وما يراد الطمطمة عليه والتعمية في رؤيته ومعالجته!؟

 

المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن

 

وثائق أممية

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *