في اليوم العالمي للأمم المتحدة نجد أن الاحتفالية يمكن أن تكون أكثر نجاعة ونجاحا إذا ما حولناها نحن شعوب العالم إلى كرنفال للسلام يحمل هموم البشرية ليكرس البدائل والحلول على أساس من القواسم المشتركة بين جميع بني البشر بلا تمييز على أي أساس كان وبلا إقصاء أو إلغاء أو تهميش وسيكون تفعيل مجلس الأمن وتطوير المنظمة الدولية برهانا على تمسكنا بسليم المسار المحتكم للعقل العلمي ولكل ما ينتمي للعصر بما ينهي أزمنة الحروب والأزمات الكارثية على أن قضية المناخ البيئةستظل هدفا ساميا مقدما تليه كل القضايا الملتهبة بخاصة الحروب الإقليمية التي دفعت إليها حالات التشدد والخطابات الشعبوية وعلو عواصف الصراخ والانفعالات المندفعة بصورة غير موضوعية.. فهل لنا من وقفة تتناسب وهذا اليوم الأممي الذي يطالبنا بموقف حاسم حازم قبل انفلات العقد بوجود من ينظر شزرا إلى الأمم المتحدة ومن يهمش دورها ومن يريد تفكيكها!!؟ تحية إلى كل المؤسسين ومن سار بطريق دعم خطابها وتحية للشعوب المستضعفة وللنساء بوصفهن نصف البشرية ممن يجري تهميشهن وتحايا للفاعلين بمجابهة خطابات التعتيم على نجاحات الأمم المتحدة وإلى مستقبل أفضل نحققه معا
اليوم العالمي للأمم المتحدة تجسيد للوحدة الإنسانية وإعلاء لقيمها الأخلاقية الأسمى
د. تيسير عبد الجبار الآلوسي
في الرابع والعشرين من أكتوبر تشرين أول من كل عام، تحتفل الأمم والشعوب باليوم الدولي للأمم المتحدة؛ إذ يصادف هذا اليوم لحظة الانطلاقة بدخول ميثاقها حيز التنفيذ ..
لقد وقَّع الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن والأعضاء المؤسسون على ميثاق باشر سلطة مكّنت الأمم المتحدة من العمل بقوة طبعت أثرها بمسيرة البشرية جمعاء. وكانت تلك القوة هي الأبلغ أثراً بمعيارية مبادئها وبالآمال السامية التي وضعتها أساسا قانونيا للعلاقات الدولية ولحركة الشعوب بوصفها الأساس للسلام والبناء والتنمية.
إن هذا اليوم ليس مجرد احتفالية عابرة على الصعيد الأممي ولكنه منصة للتذكير بمبادئ العمل ومعاني العيش المشترك ووحدة الوجود الإنساني وضرورة التزامه بمعايير يمكنها لا أ، تحكم عالمنا ولكن أن تكون بوصلة سفينته وسط متلاطم عواصف وأعاصير تجابه عالمنا بوجود حالات خارجة على القانون الدولي وعلى سلطته..
وإذا كانت وسائل هذه المنظمة الدولية تتمسك بالروح السلمي للحلول وفروضها بمدخلاتها ومخرجاتها فإنّ ما قد يجابهها من أزمات عنيفة؛ حيث اشتعال الحروب المحلية والإقليمية تطلبت تفعيل أدواتها في فرض سلطة المعايير الأممية ومبادئها في تحقيق الأمن والسلم الدوليين الأمر الذي ظل منوطا بمجلس الأمن وأعضائه مع آليات لمعالجة حال الانسداد وعدم الاتفاق.
ولقد أفضت التجاريب الكبرى عن محصلة فرضت توجهات لإصلاح المنظمة ومجلس أمنها في ضوء الحاجة الماسة لتفعيلها من جهة ولدفع سلطتها نحو امتلاك أدوات أكثر قدرة على مجابهة التحديات بدل ذاك الخطاب الذي يتعالى بصرخات أشبه بتوجيه اصبع الاتهام للمنظمة في عجزها بمواضع وفي انحيازها أو سلبيتها بأخرى ..
ومع المتغيرات الدولية الخطيرة سواء بظاهرة انتهاء التعدد القطبي والانفراد به طوال العقود الأخيرة أم بمقدمات عودة التعددية القطبية بات واضحا حجم التحدي القائم على نوازع إدامة فلسفة المصادرة والارتهان للرؤية الفلسفية التي تقول بصواب توجه بعينه بات يُلغي أي ظاهرة تجسد الطبيعة البشرية من تعددية بكل مستوياها الوجودية..
هنا يتأكد أن وجود المنظمة الدولية ملزم في منظوره الكوني وآمال توحيد المسيرة البشرية أن يقر أن الوحدة إنما تتم في ضوء العمل بقواسم مشتركة تقرها الدول والشعوب ومن ثم فإن إقرار التعددية والتنوع في النظام الدولي هو المشترك الذي لا يمكن الخروج عليه إلا بنزعات الإقصاء والإلغاء وهو الأمر المتعارض مع قوانين الحقوق ومواثيقها وعهودها..
كما أن التمسك بوجود الأمم المتحدة وميثاقها يحترم في الوقت ذاته الهوية الوطنية والأممية والإقليمية ومعطيات تجسيدها بمنظمات ستبقى قوة ساندة لا بديلا عن الأمم المتحدة ولعل الإشارة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية يعد مثالا إيجابيا على تفاعل تلك المنظمات والأمم المتحدة وفرص دعم تنميتها وتطويرها..
الأبرز والأكثر دفعا مجدِّداً هو مجموعة بركس بوصفها منظمة دولية تضم دول كبرى باتت تحتل مكانها بصيغ تمتلك مكانها ومكانتها سواء في التنافس بين المناطق الاقتصادية الكبرى أم بين قوى النفوذ عالميا ولعل مثل ذلك أكد مرة أخرى حجم الحاجة لتعديل موازين القوى من جهة ليس بين الدول الكبرى أو النووية ولكن بين أقاليم العالم بأحجامها الاقتصادية تأسيسا وانعكاسات ذلك لاحقا على حق دول العالم النامية في ثرواتها وتوجيهها للتنمية والبناء بصورة لا تسمح بنهبها أو إقصائها من قوانين العصر وتطور حركته وتقدمها..
إن ذلك يحتم رفض ادعاءات أو التهم الجاهزة الموجهة للأمم المتحدة بما يثير مزيد عرقلة ومشكلات بوجهها ويؤكد الحاجة لدراسة وسائل التفعيل والتطوير بما يخدم الشعوب على أساس التعايش السلمي والقواسم المشتركة وعلى أساس تطبيق القرارات الأممية بصورة خلاقة وسليمة وبمواعيدها وليس التلكؤ والمماطلة في تنفيذها بحجج وذرائع مما يقع بقبيح التعكز على تأويلات تخرج على روح المبدأ الذي نشأت عليه المنظمة الدولية..
يمكنني هنا أن أشير إلى تعقيدات بعض القضايا مما يتطلب مناقشات وحوارات مستفيضة للتوصل إلى البدائل والحلول السلمية ومنع صب الزيت في نيران المشتعل من حرائق وحروب..
إن مزيد تمسك بالأمم المتحدة هو مزيد نجاح نحققه لصالح شعوبنا والعكس سيكون كارثة تطيح بالحلم الوردي لأي شعب وأمة..
ويبدو لي أن الحديث عن الأمم المتحدة وتطويرها وتفعيلها يمكن أن يرتقي أكثر مع التفات جدي مسؤول إلى برامجها وبرامج منظماتها الفرعية بخاصة ما يتعلق بالمناخ والبيئة بعموم تفاصيل إشكالياتها بجانب مسارات بناء السلام وتلبية ما يحقق الأمن والأمان محليا وطنيا وإقليميا كما قضايا الشرق الأوسط وما يجري بأفريقيا وآسيا وغيرهما..
لربما كان من بين ما يجذب أنظار العالم أن تحتفل الأمم والشعوب بهذا اليوم بصورة نوعية مختلفة لربما كان من بينها كرنفال عالمي لجوائز تستجيب لإبراز أنشطة المنظمة الدولية وتكرس خطابها ومبادئه وأسس مواثيق الأمم المتحدة كافة.، دع عنكم ربط كثير من الأنشطة بهذا اليوم بقصد إبراز معطيات نحن بأمسِّ الحاجة إليها اليوم
أسئلة بالمقابل تُطرح بشأن أدوار التفعيل على سبيل المثال تجاه أزمات شرق أوسطية ملتهبة بفلسطين المحتلة وفي السودان وبكل من اليمن ودول تعاني من تدخلات إقليمية خطيرة بنيويا وجوديا عليها كما بفرض سلطة دولة ثيوقراطية باختراقات وانقلابات في العراق واليمن وفي لبنان وخلط أوراق بين حق الشعوب في المقاومة من أجل التحرر وتقرير المصير وبين مشروعات تخريب الدول وفرض سطوة العنف وإرهابه..
فهل سنتجه لفهم الدروس استراتيجيا نوعيا؟ وهل سنتحرر من خطابات شعبوية لخلط الأوراق؟ وهل سنتمسك بالحلول السلمية بدل إشعال الحرائق والحروب؟؟
الأمم المتحدة وميثاقها طريق البشرية نحو السلام والشروع بالانعتاق والتحرر وتلبية تطلعات التنمية والتقدم، فــ (تحية) إلى كل المبادرين المؤسسين لهذي المنظمة الدولية وتحية لكل الساعين لتطويرها بما يخدم الأهداف السامية لها
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
يوم الأمم المتحدة كما في موقع المنظمة الدولية
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير