كل التضامن مع شعب لبنان مع كامل الجهود لوقف الحرب ومعالجة آثارها المدمرة

إن مهمة التضامن لا تعني صب زيت في حرائق الحرب العدوانية ولكنها تعني العمل بثبات لوقف الحرب وإزالة آثارها من جرائم حرب وعدوان وجرائم ضد الإنسانية بجانب منع قوى التشدد والمغامرة من الاستمرار في قيادة البلاد وشعبها بكل مكوناته نحو حرب انتحارية غير متكافئة بخلفية أسلحة وتكنولوجياعمياء لا تبقي ولا تذر.. ولابد من نداء لوحدة وطنية لبنانية قادرة على تبني الحلول العاجلة الفورية التي تنظر للإنسان للبناني المبتلى المستباح الذي بيع في أسواق النخاسة الدولية.. وعلينا جذب الدعم الأممي الدولي ليمارس دوره الفعلي الجدي في وقف الحرب ومنع التمادي الذي يهدد أيضا باستمراره مجمل الأمن والسلم الدوليين.. وتحية للشعب اللبناني وقواه الوطنية ولمساعي الانعتاق من أسر المغامرات وتبني السلام وإعادة بناء لبنان جنة لأهله ونبراسا للتنوير والتقدم والتنمية وبعد عام من الآلام وجب بصورة ملزمة إعلاء صوت العيش الحر الكريم للبنان وشعبه ولكل شعوب المنطقة والعالم

كل التضامن مع شعب لبنان مع كامل الجهود لوقف الحرب ومعالجة آثارها المدمرة

د. تيسير عبد الجبار الآلوسي

تستمر حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة في حربها التي تشنها لتقع بآثارها الإجرامية على معظم مدن وقرى جنوب لبنان فضلا عن مناطق بمختلف أرجاء البلاد وبذات الوقت طاولت تلك الحرب بآثارها التدميرية المهولة كل أبناء الشعب ولم تقف عند حدود.. ولعل من أبرز آثار تلك الحرب إكراه ما نسبته تفوق ربع الشعب على النزوح والتركّز في مدن بعينها على الرغم من الظروف القاسية التي يمرون بها بالأصل قبل الحرب الأخيرة.

وإذا كان شعب لبنان قد تعرض عبر تاريخه الحديث لسلسلة مجازر دموية بشعة دفعت ما يقارب الـ25 مليون منهم على الهجرة القسرية وأغلبهم ما عاد باستطاعته استعادة جنسيته اللبنانية بكل معطيات ودلالات الجريمة فإن حلقة جديدة من هذا المسلسل الإجرامي المدمر قد انصبت بآثارها الوحشية على أقل من خمسة ملايين لبناني مازالوا متمسكين بأرضهم ووطنهم يسعون للعيش بأمن وسلام وبكرامة وحرية.

لقد قُتِل وأصيب عشرات آلاف اللبنانيين وتم تهجير ما يقارب نصف المليون سواء إلى سوريا أم غيرها عدا نازحي الداخل بمئات آلاف أخرى تصل بالرقم إلى نهايات كارثية.. كل ذلك بما يعنيه من جرائم حرب وعدوان وجرائم ضد الإنسانية لم يلزم الحكومة أو يحفزها لتنهض بمواقف جدية مسؤولة فأهملت تلك الأولوية وراحت تواصل قرارات مالية واقتصادية تخدم بالأساس أطراف لبعض البنوك ورأسمالييها على حساب المودعين وعلى حساب فقراء الوطن المستباح من قوى الحرب والمأسور لقرارات مازالت تمنع انتخاب رئيس وحكومة وتأخذ اللبنانيين نحو مآزق وجودية خطيرة..

إن إهمال الحكومة اللبنانية على الرغم من (كثرة التصريحات) والكلام في الهواء من وعود ومشروعات بات فاضحا تجسده ظروف النازحين بشكل لا إنساني وهم يفترشون الطرقات وفي العراء يواجهون مصيرا مأساويا ليس مجهولا بقدر ما يتعرضون له من آلام وفواجع؛ بخاصة منهم أصحاب الأمراض المزمنة ومن يتعرض لظروف الطقس القاسية ولهجمات وحوش الحرب ومستغلِّي غياب سلطة القانون في عراء الميادين والطرقات..

إن ذلك الإهمال يجري بوقت تواصل الحكومة العمل على أولويات أخرى بقصور مريع في الواجبات الدستورية والقانونية الإنسانية.. ولولا المواقف التضامنية الشعبية الكبيرة والأصيلة لكانت مصائر مئات الآلاف تجابه خطر فناء وجودي بلا حدود!

إن عموم الشعب يحيا اليوم بظروف الفقر والفقر المدقع وهو يجابه أزمات لبنان، المختلقة في ضوء نهج التعطيل (السياسي الحزبي) لكل مفاصل الدولة ولأي من فرص الخروج من عنق الزجاجة بذرائع ورَّطت لبنان في مجابهات وجرَّتْهُ نحو حروب لا تمتلك شروط خوضها من جهة ومن جهة ثانية لا تخدم أية مشروعات وطنية بل بالحصر جرت ومازالت تجري بأوامر وتوجهات وأجندات إقليمية تخدم أعداء شعب لبنان قبل أن تلبي له أيا من مطالبه في العيش الحر الكريم..

لقد بيع الشعب ليوضع على مذبح أطراف جيَّرت كلَّ شيء لمآرب خارجية ولعناصر النهب وتقويض مصالح الشعب نفسه عندما دفعت نحو انهيار العملة وفرغت البنوك حتى من الاحتياطيات النقدية؛ لتلك المآرب، بوقت يُترك النازحون على قارعة الطرقات وأرصفتها مع ادعاءات الحفاظ على الاستقرار النقدي الزائف وكل لبناني يدرك بالملموس أي استقرار نقدي يراد الإيهام به مقابل ما يناهز ستة مليارات دولار ممنوع توجيه أي نسبة منها للنازحين وللذين يعانون من الأزمة بظروفهم الاستثنائية!

ونعود لنذكر بأن السحوبات الجارية المقدر الجزء الأول منها بـ200مليون دولار هي لخدمة المؤسسة المالية ورأسمالييها بدلا من توجيه أي قيمة من تلك الاحتياطيات نحو الحاجة الأكثر من الماسة وهي حاجة وجودية للمتطلعين إلى موقف يحسم أوضاعهم! وفي ضوء هذا الإهمال المتعمد لأحوال الشعب وحاجاته الطارئة تصر الحكومة على قرارات غير موضوعية عمّقت وتعمق الفجوة على حساب المواطن وتفاصيل عذابات يومه غير العادية!!

إنّ كل وطني غيور يقرأ الوقائع التي يعيشها اللبناني يدرك ما يلزم اتخاذه من إجراءات كفيلة برفع المعاناة و\أو التخفيف من الأعباء التي وقعت على كواهل الجميع ولقد حان وقت العمل بل مرت عليه ظروف كأداء وأسابيع مريرة ثقيلة ما يتطلب تعويض ما فات وتبنّي الحلول الفورية العاجلة لحين وصول مساعدات أممية بجانب الإجراءات الشعبية الكبيرة والمهمة..

لقد بات اليوم واجبا ملزما فوريا وعاجلا على أن تكون الحكومة هي من تتصدى للمسؤولية وتنهض بها في ضوء القدرات والإمكانات المتاحة.. ومن أجل ذلك لابد من تحقيق الآتي:

  1. في ضوء مسؤولية الدولة ومؤسساتها وإمكاناتها يجب فتح اعتمادات إضافية عاجلة بموازنة 2024 مخصوصة بالمواطنين (المدنيين) وما تعرضوا ويتعرضون له من آثار الحرب بمجمل أطرافها.
  2. إدامة قراءة المستجدات والمتغيرات في الحاجات العاجلة وما تتطلبه فعليا في ضوء اللوائح والقوانين الحقوقية التي تكفل كل وسائل عيش الإنسان عند افتقادها لظروف خارجة عن الإرادة.
  3. أن تنهض الإدارة الرسمية بتنظيم المساعدات الوطنية المحلية وتنسيقها بجانب الملاجئ المفتوحة التي لم تستوعب الحجم المهول للنازحين وأن تعوض النقص لحين ورود المعونات الخارجية بلا انتظار. وهنا بالمناسبة يجب الانتباه على قوى دعم خارجية تمرر أجنداتها بدس السم في عسل المساعدة ما يتطلب حضورا وطنيا وأمميا نابها إلى تلك المحاولات لمنع صب مزيد زيت في حرائق الحرب التي لم تُبقِ ولم تذر!
  4. أن تعزز دورها عبر ممارسة سلطاتها بنشر الجيش اللبناني وقوى الأمن لضمان ما يمكن في فرض إرادة الدولة بتعاضد القوى الوطنية الحريصة على المشروع الوطني في إطار خطة طوارئ شاملة.
  5. أن تمارس دورها في المنظمات الأممية والمجتمع الدولي لفرض بديل الحرب على وفق القرارات الدولية المعنية بالقضية اللبنانية سواء 1701 أو ما تضمنه بشأن وضع مقترحات لتنفيذ الأحكام ذات الصلة الصادرة عن اتفاق الطائف والقرارين 1559 و1680 ..

إن الأوضاع الإنسانية للشعب اللبناني اليوم وما يهدد بنقل الحرب وآثارها لتتحول إلى حرب إقليمية شاملة أمر بات يقترب يوما فآخر من الانفجار الأشمل والأخطر من هذا الخطر الكارثي الراهن؛ ما بات يقتضي توحيد الجهود العربية والأوروبية والدولية وصبها في مشروع موحد عاجل يمكنه أن يحسم الموقف ويعيد الأمور إلى أجواء الهدنة ومن ثم إلى حل موضوعي بناء طويل الأمد وبخلافه فإن كوارث واقعة ستتضاعف وتتفاقم على حساب الشعب اللبناني وشعوب المنطقة بسبب ترك الأمور بأيدي مغامرين متشددين من جميع الأطراف وهو ما يلزم الانتباه على مساراته الخطيرة بخاصة عندما تُطلق القوى المؤثرة خطاباتها بصيغ لا تأخذ بالحسبان آثار الحرب ونتائجها..

إننا لا نتحدث اليوم، عن مجرد صدامات جيوش و\أو قوات مسلحة لكننا نؤكد مباشرة ما يكشف حجم الدمار الكارثي وجوديا بسبب استخدام أسلحة وتكنولوجيا حديثة وما تعنيه من آثار ونتائج وبسبب الظرف المخصوص بشعب لبنان بكل فئاته ومكوناته وما قيد إليه هذا الشعب من معارك لا ناقة له فيها ولا جمل بخاصة في ظروف تشابك الأوضاع إقليميا وبظروف ما تم إيقاعه بحق الشعب الفلسطيني بعيدا عن آفاق الحل الاستراتيجي الذي بات واضحا ليس دوليا حسب بل وعربيا فلسطينيا منذ العام 1967..

ومن هنا فإن وحدة وطنية لا تقبل الاستغلال السياسي من أي طرف قادرة على التنبيه باتجاه تفعيل أدوار الأمم المتحدة ومجلس الأمن اليوم ولفت النظر إلى مسؤوليتهما في لعب دوريهما على وفق ما يخوله لها الفصل السابع أو قطع إمدادات الأسلحة عن أطراف الصراع ما يمكنه الوقوف بجدية تجاه مجريات الأوضاع بالمنطقة بكل ما تحتويه من مخاطر تهدد الأمن والسلم الدوليين.

فهل سنجد الدولة اللبنانية وحكومتها وبرلمانها بمنطقة الفعل المسؤول على وفق ما يفرضه الدستور والقانون؟ وهل سنجد الحلول الأممية بمستوى المسؤولية الإنسانية وقدرات فرض البدائل السلمية في تحقيق السلام المتأتي من حق تقرير المصير وتلبية تطلعات جميع شعوب المنطقة بلا تمييز أو تجاوز وإهمال يطيل أمد الأزمة وما تجر إليه؟؟؟

إن هذه القضية لن تبقى حصرية بالدولة اللبنانية ومسؤولياتها ولكنها أيضا بمواقف دول المنطقة والعالم كما أشرنا للتو بخاصة أعضاء مجلس الأمن ولتأتي البدائل والحلول عاجلة فورية قبل فوات أوان وحينها لات ساعة مندم ما يدعونا لإطلاق النداء أيضا وقبل جميع هذه الأطراف لنقول مجددا وحدة وطنية صحيحة سليمة الأسس هي ما يمكنها أن تؤدي لفرض البدائل الأنجع والأسرع لمصلحة شعب لبنان لا لمن أوقعه بمغامرات ومآس بلا جدوى ولا نتيجة تلبي مطلبا.

المقال بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *