تشع وثمانون عاماً من التحديات والتضحيات في توكيد على مبدأ التمسك بنشر الكلمة الحرة المستقلة، الكلمة المعبرة عن الناس وواقعهم وتفاصيل اليوم العادي بجانب العمق الفكري السياسي والاجتماعي والأبعاد الفكرية الفلسفية والمعرفية التي تحلل المعلومة قبل نقلها لأن صحافة اليسار وبمقدمها الصحافة الشيوعية لا تقف عند أعتاب نقل صور مفرغة المعاني والدلالة بل تنقل للقراءة ما وراء تلك الصور وما في أعماقها من كشف المستور.. لهذا السبب هي صحافة تقترب من ولوج العقد العاشر لتحتفل كرنفاليا بمائة عام من العطاء والتضحية.. ومن هنا أيضا تتطلعجماهير القراءة الواعية الناضجة وذات المصداقية لكرنفال طريق الشعب أو مهرجان الطريق حجم تنوع حضوره ومن ينه به كما جرى في الأعوام المنصرمة وهو المتطلع إليه بمسار الأعوام الآتية، هذه كلمة متواضعة تجاه قامة صحافة الوطن والناس لعلها تقدم زهور التقدير والاعتزاز والتكريم في أحضان هيأة تحرير من جيل مكافح بعطائه.. فكل التحية والتقدير وأسمى الأماني والتهاني
على مشارف العقد العاشرمن عمر الصحافة اليسارية في العراق
تداولت حركة التنوير نشرات بجانب الصحافة العراقية ووسائل الثقافة وقراءة الخبر والمعالجة وبقي ذلك لبرهة من الزمن بعد ولادة الدولة العراقية .. لكن ولادة جريدة بهوية تنبع من وسط الكادحين من أجل لقمة عيشهم جاءت بوقت جد مبكر بصدور أقدم صحيفة مازالت مستمرة الصدور حتى يومنا..
يومها وقبل حوالي تسعة عقود، كانت الجريدة تُنسخ بالأيدي لإعادة توزيعها وتعزيز نشر معالجاتها وموضوعاتها كجزء من عشق القراءة والدفاع عن الحق في الحصول عليها بوصفها مصدرا رئيسا للمعلومة والخبر. ومع خطى التطور التكنولوجي باتت هذه الإشكالية (الطباعية) بمكان بعيد بوقت صارت الطباعة والاستنساخ تتم عبر اتصال إلكتروني ليس أسرع منه أية وسيلة للتنقل.
في تلك العقود التي خلت وانصرمت، كانت الناس تتلهف للحصول على نسخها من الجريدة وفي أنحاء كثيرة من الأحياء الشعبية كانت الصحف متاحة لكن وكالعادة يمارس من بيده سلطة الأمر الواقع وسائله، لحجب جريدة اليسار طريق الشعب عن أعين جمهور القراء، إنما يتابع القراء السؤال والبحث حتى يصلون إليها..
يومها كان من بين وسائل الرد على تلك المحاولات يتمثل بعمل مضاعف لشراء كميات منها وإيصالها لقرائها بوقت مبكر من صباحات العطل التي يتمكن بعض رفاق التنوير من التفرغ للمهمة.. لم يتململ أو يتذمر أو يأتي من كان يوزع الجريدة أو يخشى عيون السلطة ومضايقاتها بل مطارداتها وقبل أن تصحو المدينة يكون قد أتم التوزيع بقدر تعلق المهمة بإيصالها للرفاق فيما (قد) يواصل بيعها بشوارع الأحياء الفقيرة حتى ينتهي من آخر عدد وبوقت عادة ما يكون قصيرا؛ وما أبهى تلك الفعالية في ملامسة أفئدة محبيها وعشاق قراءة المصداقية والنضج والثقة برجاحة التناول ومهنيته.
كان الاحتفال بهذا العيد يأخذ موقعه كما أروع تلك الأعياد الشعبية الكبيرة بأعمق معاني الاحتفال من صلات روحية وفكرية تتبنى نهج التنوير وخدمة الإنسان في حقه بالحصول على ما تتوافر عليه الصحف وما تنهض به من مهام. ويوم انفتح العالم عبر وسائل التواصل الجديدة وبات قرية صغيرة بحق باتت الناس على اطلاع على تجاريب أخرى بينها تجاريب كرنفالات الصحافة ومنها وبمقدمها كرنفالات الصحافة الشيوعية كما مهرجان اللومانتيه المعروف عالميا وليس بحدود باريس وفرنسا فقط؛ بالإشارة إلى جهة تنظيم الكرنفال الأممي، تحديداً صحيفة اليسار الأولى..
من هنا، تأكدت توجهات حاملي مشاعل صحافة اليسار وأخذت المبادرة استثماراً لنافذة من نوافذ ممارسة الأنشطة الجماهيرية بيومنا، حيث تتعاظم الحاجة لصنع مناسبات الفرح والاحتفال واللقاء بالناس عبر منصات كرنفالية؛ وبهذا الشأن، تعد جريدة طريق الشعب الأداة الأروع والأكثر استحقاقا بالنهوض بالمهمة كونها الجريدة الأعرق التي مازالت على الرغم من كل ظروف الصراع وتفاقمه ووصوله حد نيل من يعتقل بتهمة حمل الجريدة أو قراءتها أو توزيعها أشد العقوبات وأقساها..
ونهض كادر تلك الصحيفة بين صحف اليسار والديموقراطية لينظم كرنفالات الطريق السنوية بنسخها المتصلة المتعاقبة بوصفها وسيلة جديدة للاتصال الجماهيري من جهة وأداة تفعيل لتجديد اهتمام بالقراءة والعودة للصحيفة والعلاقة البنيوية السليمة بها من جهة أخرى.. فضلا عن التذكير بأهمية المتابعة اليومية من جهة والمقارنة بين الصحف واشتغالها وهوية الاشتغال بين جريدة تتمسك بالمصداقية والأداء المهني الأنجع وأخريات تستغل مناهج مختلفة نوعيا ولا تنتمي لواقع الناس وتفاصيل يومهم العادي..
إذن، عيد الطريق وصحافة اليسار يجسد معاني روحية وفكرية عميقة وكبيرة وهو يتخذ من تفاصيل العيد ومفرداته وسائل ممارسة كرنفالية، لنشر المسرة والسعادة وكسر رتابة العيش وأشكال المعاناة وتلك الهنيهة من الاحتفال، ليست عابرة؛ كونها ليست فرحة متوهمة بل هي في صميم بحث العراقي المعروف بنهم القراءة والارتباط بها والباحث عن غنى التنوع ونضج المعالجة مما تثريه به الطريق وهي الجريدة التي تعدّ منصة لقاء للعمق الفكري المعروفة به وللمواقف المبدئية التي تتمسك بالإنسان بوصفه الثابت الجوهر الأساس لمسيرتها..
لقد تحدثت مرارا عما يجابه الصحافة من عقبات في ضوء متغيرات العصر والظرف العراقي المعقد لكن الحديث عن كرنفال شعبي بالمعاني التي أشرتُ إليها يبقى منفتحا على كل ما يتمسك به الناس ويحرصون على المساهمة به عيدا ككل الأعياد في مفردات الأداء مضافا إليه دلالات فكرية سياسية واجتماعية نوعية تنتمي للعصر بكل ما يحويه معجم زمننا..
أود بالمجمل أن أتوجه بالتحية والتقدير لكل من قدم تلك التضحيات الجسام من أجل استمرار صحافة التنوير وحركة التقدم والأنسنة وأن أحيي جهود كل رفيقة ورفيق في صنع هذا الكرنفال السنوي والارتقاء به ليضم أوسع جماهير محبي الحياة الحرة الكريمة وتفاصيل مناهجها وأن أؤكد أن الكلمة لم تكن يوما مجرد حدث عابر في حياة الإنسان بل انبجست من بين الشفاه بوصفها الانفجار الأعظم في تاريخ البشرية وهي اليوم محور القوانين التي ينبغي أن تنظم الحقوق والحريات وتفاصيل مشهد الإنسنة ومن هنا كانت أقرب تيارات الصحافة للتمسك بكل ذلك هي عنوان احتفالية العام الجاري للرد على ما يتعرض له العراق وأهله وشعوب المنطقة والعالم من حملات مضللة ومخاطرها ما سيكون الرد هنا عبر توسيع المشاركة الشعبية بوعي وإيجابية بكرنفال الطريق.
دعونا نبدأ استعادة الروح والعقل وعلميتهما بأنفسنا وثقتي وطيدة بأن يكون اللقاء بالعيد في هذا العام كبيرا بحضوره كبيرا بدلالاته لأنه عنوان اختيار الناس وتصويتهم لكل ما يؤكد إنسانية الهوية والقيم والمبادئ ولنتفكر في استثمار منصة الكرنفال في حوار نوعي لا يقف عند مسيرة الصحافة وتياراتها ومناهجها بل ويذهب عميقا بمناطق تدعونا لتلك الحوارات الأغنى والأكثر ثراء ونضجا وكل عام وأنتم البهاء والإشراق ومزيد المجاح والسؤدد..
المقال بموقعي الفرعي بالحوار المتمدن أيضا
الصحافة الشيوعية عنوان احترام الإنسان وبصمات هويته غنية التنوع ولهذا فإن كرنفالها السنوي يحظى بالحضور الأوسع بعيد بات علامة وطنية الهوى أممية إنسانية المسار
عدد خاص بعيد الصحافة الشيوعية الباسقة نخلة في بستان الصحافة العراقية اضغط هنا
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير