لماذا نريد يوما عربيا للإبداع والابتكار؟

تسعى الشبكة العربية للإبداع والابتكار وهي بإطار أنشطة مجتمع مدني إلى عقد مؤتمرها وإطلاق يوم عربي للإبداع والابتكار وبهذا الإطار لابد من التأكيد على معالم ضرورية تحتمها أوضاع عربية شرق أوسطية وتفرض خيار هذا النهج بوصفه نهجا لوضع الحلول الأنجع وإيجاد اقتصاد جديد يستجيب لحاجات شعوب بلداننا ويلبي مطالبها في اللحاق بركب التنمية والتطور الحاصل عالميا .. ومن أجل ذلك تأتي هذه المعالجة لتؤكد إرادة مجتمعية بالاتجاه المؤمل بجانب الثقة بخيار رسمي جماعي عربي ليس لمناسبة حسب بل ولنهج لم يعد من مجال لإضاعة أية فرصة لتحقيق وتبنيه

لماذا نريد يوما عربيا للإبداع والابتكار؟

اليوم العربي للإبداع والابتكار بات مناسبة مطلوبة لتعزيز مساعي العمل الجمعي بهذا الميدان المهم والكبير
إعلان اليوم العربي للإبداع والابتكار توكيد للتمسك بنهج ينتمي للعصر وما توصل إليه من مستويات التنمية والتطور

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

مبدئيا توجهت الأمم المتحدة نحو اختيار أيام دولية وعالمية بقصد تفعيل مهام (تثقيف أوسع جمهور) وتوعيته وتفعيل جهوده بشأن الإشكالات والقضايا ذات الأهمية تلك التي تظهر في المناسبة المختارة.  كما يتم اعتماد المناسبات وأيامها من أجل توفير الموارد المادية والمعنوية عبر حشد الإرادة السياسية بقصد معالجة مشكلة أو أخرى بتعاون المجتمع الدولي، وبالتأكيد فإن تلك الأيام السنوية يجري فيها احتفال بالإنجازات الإنسانية ما يسلط الضوء عليها ويتقدم باتجاه تعزيز العمل من أجل مزيد نجاحات في ميادينها.

إنّ إذكاء الوعي الدولي بالقضايا ذات الأولوية يوفر المنصة أو الفرصة لمختلف الأطراف المعنية كي تنظم الأنشطة والفعاليات بالميدان المنتخب بإطار الشعار المخصوص بالمناسبة وموضوعها.. ومن هنا تشكل تلك المناسبات أرضية متينة لإطلاق جهود التنوير والتوعية بتلك الإشكالات ووسائل تناولها ومعالجتها والخروج بنتائج إيجابية فيها.

وإذا كان صحيحا مناسبا أن الأيام والأسابيع وغيرها من مناسبات مصنوعة لهذه المهمة الكبيرة فإن من الصحيح أيضا أنها يمكن أن تنطلق من مبادرات مجتمع مدني ومنظماته وشخصياته الفاعلة ومن ثم يتم تعميد الاختيار ليتحول لمناسبة أممية أو قومية ووطنية..

ولأن المناسبة تنبثق من واقع الشعوب ودولها وظروفها البيئية المحيطة بخاصة في تناولها قضية إشكالية ذات أهمية وأولوية في حياة المجتمع \ المجتمعات فإنها ستنصب بالضرورة على البُعد الجمعي وما يمس حياة الملايين ويوفر أدوات صون مسيرتها المشتركة.. بمعنى أنها ستكون بالضرورة في مسار يشكل بمخرجاته كل ما يصون السلم والأمن المجتمعي، ويعزز التنمية المستدامة، بذات الوقت يساهم بحماية حقوق الإنسان وحرياته على وفق القوانين والعهود المعتمدة..

وبقراءة لواقع البلدان العربية شرق الأوسطية، سنجد مستويات ربما متباينة لكنها تتقاسم أوضاعاً بحاجة لتوفير منافذ التنمية والارتقاء بوسائل الإنتاج وأدواته بما يوفر أرضية التنمية التي تنتمي للعصر وما وصل إليه في بلدان التقدم الأمر الذي وفر فرص سد الحاجة لتلك المجتمعات وخلق مجتمعات الرفاه المادي والروحي هناك، بخلاف حالات القصور والنقص في مجتمعات في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية..

إن فرص النهوض بمجمل الأوضاع العامة عربيا شرق أوسطيا تتطلب البحث في وسائل تجاوز الفارق الزمني بين مجتمعات التقدم ومجتمعاتنا وهو ما يقتضي وسائل استثنائية مبدعة عبر ابتكار الجديد القادر على معالجة تلك الفروق واللحاق بركب التطور.

ولعل مجتمعاتنا ودولنا ومؤسساتها باتت منشغلة اليوم بقواسم مشتركة للنهوض بأوضاعها ومعالجة ما يجابهها من تحديات ومشكلات بمسيرة التنمية مذ تم لدول المنطقة البحث في سياقات العمل المشترك والاقتصاد النوعي الجديد من قبيل تصورات خلق اقتصاد محلي وطني وقومي قادر على مجابهة الأعباء وعلى إيجاد الحلول لحال التأخر السائد؛ وهذا يشغل مجتمعات من الخليج العربي حتى المحيط الأطلسي..

وتحاول تلك البلدان العربية إيجاد مساحة لتبادل الخبرات والاستشارات تجاه الواقع المتماثل أو تجاه بعض ما يتطلب اللقاء في معالجته.. وبجميع الأحوال سيكون الاندراج مع المجتمع الدولي بخصوص الملكية الفكرية أحد أدوات البحث عن إبداع الجديد وابتكار ما يمكن أن يتقدم بنا معا بميادين متنوعة..

وصحيح أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة لهما اليوم الدولي للإبداع والابتكار إلا أن الحاجة الماسة والاستثنائية الكبيرة بشأن فروق التطور بين بلدان المنطقة والعالم تتطلب مزيدا من التركيز والاهتمام المضاعف بهذا الميدان كي يؤتي ثماره..

دعونا هنا نؤكد على أهمية اختيار يوم عربي للإبداع والابتكار في ظروف مجتمعاتنا ودولنا وقواسمها المشتركة وما تتطلبه وما تطرحه من أسئلة..

إن هوية لغوية ثقافية مشتركة ومن ثم خصائص مجتمعية تقرب بين بلداننا وحراك الثقافة وخطابها وهي تقدم موضوعاتها في ضوء تلك الأدوات الروحية بإطار المسيرة العامة

وعلى الرغم من اتساع تعريف الإبداع والابتكار إلا أنه يظل مبنيا على اختيار (اقتصاد إبداعي جديد)، اقتصاد يلج خطى التنمية المستدامة في ضوء استناده على التفاعل بين الإبداع الإنساني والأفكار واشتراطات الملكية الفكرية بجانب استيلاد المعارف والعلوم بوصفها الحلول الأنجع بمنطق العقل العلمي وإجاباته على أسئلة الواقع بالإشارة إلى الأنشطة الاقتصادية الحديثة التي لا يمكنها أن تكون مفيدة بمهمة التنمية إلا عبر اعتماد أحدث المنجزات العلمية من تقنية او تكنولوجيا العصر ما يؤشر بوضوح باتجاه اقتصاد إبداعي ومنه تأشير صناعات إبداعية بكل جديد ما تضعه من حلول وابتكارات..

إن إشاراتنا هذه لا تنحصر بميدان من دون الآخر ولكنها تنفتح بوضوح عبر ميادين تتسع لأنشطة الإنسان العربي بتفاصيل حياته ومحاور اشتغالها.. ولا نستثني هنا قطاع الثقافة وفروعه وميادينه الفنية والأدبية الجمالية سواء السمعية أم البصرية وما يمكنها أن تنتجه بقطاعات تحويلية كبيرة الأثر في خلق اقتصاد عربي منتج مفتوح على حركة التنمية واتخاذ سبل الاستدامة بمسارها وما سيوفره هذا عربيا من حوارات تساهم بهذا القدر أو ذاك من حل مشكلات أو خلافات وتعزز التفاهم والتعاون وخطى اللقاء وهو ما يساهم تاليا بولوج منطقة تُعرف بالمصطلح الاقتصادي بمراكز النمو الناشئة المرتفعة في الاقتصاد الإقليمي والعالمي..

وإلى جانب ذلك سنتجه نحو أفضل تشغيل للطاقات المعطلة كلياً أو جزئياً للشبيبة والنسوة ولجميع الفئات المهمشة المزوية بعيداً عن استثمار طاقاتها؛ وتلكم هي من بعض مهام الإبداع والابتكار في إيجاد هوية تنتمي للعصر بالحتم وتجذب طاقات بشرية عبر استحداث وسائل جديدة للتنمية البشرية.

 إن مجتمعاتنا تعاني من خوانق سايكوسوسيولوجية وأخرى اقتصادية مادية ومعرفية ربما ببعض الحالات تتفشى ظواهر الخواء بما يُخرج الشخصية من دائرة الفعل والإنتاج ما يحتّم أن نبحث عن ابتكارات تتناسب وطابع المجتمعات العربية وقدرات الاختراق المناسبة للخروج من عنق الزجاجة وحال توالد التخلف وما يتراكم عنه وبه، وسيوفر التعاون العربي الإقليمي أفضل وسائل العمل وتفعيل منجز الإبداع والابتكار في مجاله…

وعربيا ستجد القراءة الأولى معالم خطط واستراتيجيات ببعض بلدان المنطقة وما حققته من طفرات كما نقرأ ذلك لدى الإمارات العربية والسعودية ومصر وغيرها إلا أننا نجد أيضا مطالب لتعاون جماعي إقليمي عربي بما ييقلل الكلف التي تتطلبها العديد من المشروعات الجديدة لاقتصاد الإبداع وهو ما يسمح بمزيد استقلالية لدول المنطقة وإبعاد عن تبعية دول عربية تحيا على اقتصادات ريعية سلبية تستهلك نفسها بلا منجز كما يتجاوز اقتصاد الإبداع والابتكار كثيرا من العقبات بفضل العمل الجمعي وبفضل المنجز المتحقق الذي يلتزم بضمان الملكية الفكرية وسلامة الأداء..

إن إيجاد يوم عربي للإبداع والابتكار يبقى ضرورة كبيرة على أطراف معنية به بدءا بالجامعة العربية ومؤسساتها الإقليمية وليس انتهاء بدول عربية باشرت المهام واتخذت من هذه الرؤية المستقبلية أداة عمل ومنهج لها ما يتطلب اجتماع وإجماع عربي على هذه الرؤية من أجل مواءمة مجمل الاستراتيجيات ومنهاج السياسة البيئية والعلمية والتكنولوجية والصناعية والزراعية وبميادين المأسسة والإدارة وخطاب الثقافة وأنماطه مع حركة إبداعية متقدمة تستحقها شعوب العربية واستهدافها مستقبل زاهر بهي..

هل سنجد اليوم العربي للإبداع والابتكار وقد تحقق كما تتطلع مؤسسات مجتمع مدني متخصصة إليه كما هو مشروع الشبكة العربية للإبداع والابتكار؟؟

ثقة وطيدة بأن ما يُرسم اليوم سيكون له ثماره ليس بعيدا بل قريبا وقريبا جدا مع انعقاد مؤتمرات الشبكة وما تسعى إليه في الأشهر القريبة القادمة..

المقال بموقعي الفرعي بالحوار المتمدن أيضا

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *