في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص ما استعداداتنا لمجابهة الجريمة واختراقها الفئات الهشة؟

اختارت الأمم المتحدة اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص، يوم 30  تموزيوليو للتنبيه والتوعية والتحفيز لمجمل المهام والفعاليات باتجاه حماية الإنسانية من استهدافها من قلوب باردة بلا رحمة بل تحيا بوحشية وترتكب الفظاعات بلا أدنى روية.. وبهذه المناسبة وجب التذكير بالفئات الهشة بوصفها الأكثر تعرضا للجريمة بخاصة هنا فئة الأطفال.. فهلا تنبهنا وتفكرنا وتدبرنا!!؟ أم أننا سنتابع انشغالا مرة بلقمة العيش وأخرى بأباطيل الضلالة التي يزرقونها مخدرا فينا باسم الدين السياسي وعبث رجالهبعقول البسطاء وتلاعبهم بمجمل تفاصيل اليوم العادي للإنسان!؟؟؟؟ كفى قبل أن يكون الوقت قد أزف وولى وأن تكون المراكب قد غرقت وواستقرت بأعمق البرك الآسنة لتجار البشر

في اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالأشخاص ما استعداداتنا لمجابهة الجريمة واختراقها الفئات الهشة؟

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

إن أبرز توجهات الاستغلال لظاهرة الاتجار بالبشر تكم في أن نسبة تقارب الـ40% منهم سيُجبرون على العمل بالسخرة، ومثل تلك النسبة سيخضعون للاستغلال الجنسي فيما نسبة 1% يُجبرون على الزواج المبكر بالإكراه وقريبا من هذه النسبة يُكرَهون على التسول لصالح جهات مافيوية أو إجرامية بعامة  وما يوازي 0.5% يباعون ونصفهم يباعون بغرض بيع أعضائهم.. وكثير من حالات الاتجار هم من الأطفال إذ أن واحد من كل ثلاثة يقعون بفخ الاتجار بالبشر هم من الأطفال غالبيتهم من الفتيات الصغيرات..

وعليه فإن الأطفال يتعرضون لصيغ إجرامية مختلفة من الاتجار بالبشر سواء ما مر ذكره أو أمور أخرى يمكن إجمالها بأمثلة: العمل القسري، والانخراط بالجريمة، والتسول، وحالات التبني غير القانوني أو غير المشروع، إلى جانب جرائم الاعتداء الجنسي واستغلال الابتزاز بنشر الصور المسيئة عبر الإنترنت، ونذكّر هنا بمن يتم تجنيده في جماعات العنف والجريمة المسلحة.

ولابد من الإشارة إلى أنه غير الصدمة النفسية وما يعنيه فصل الأطفال عن ذويهم فإنهم يتعرضون لأشكال العنف الأخرى كالتي ذكرناها، بما يعادل نسبة الضعف مما يُحتمل أن يتعرض إليه البالغون..

وكما تورد الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التابعة فإن أسباب الاتجار بالأطفال تتفاقم يوما بعد آخر، ولعل من أبرزها: شيوع الفقر في أوساط مهمشة، وعدم توافر الدعم المناسب للقصّر وتحديدا منهم من وقع بفخاخ الهجرة واللجوء بصورة منفردة، وتشتت شمل العوائل بخلفية انتشار ظواهر النزاعات المسلحة، وتفكك العوائل والأسر لأسباب مختلفة، دع عنكم اضطرار الأبوين للانشغال ومن ثم نقص الرعاية والإشراف المناسبين.

إن تفاقم ظاهرة الاتجار بالبشر وبخاصة هنا الطفولة وما يقع عليها تدعو للتنادي من أجل جملة من الإجراءات لمكافحة تلك الظاهرة الإجرامية؛ من قبيل اتخاذ تدابير فاعلة مؤثرة تتسم بالشمول والكفاية لحماية الفئات الهشة الضعيفة من التعرض لتهديدات الجريمة إلى جانب العمل الجدي المسؤول على مساعدة الأطفال الضحايا. ومثل هذا يتطلب تعاضد الهدين الوطني والدولي بهذا الميدان.

وينغي بهذا الاتجاه رصد الموازنات الوافية لمهمة مكافحة الاتجار بالأطفال وحمايتهم مع سن القوانين القادرة على توفير تلك الحماية وإنفاذ المتاح منها وفرض سلطة القانون منعا للانفلات الأمني وتدهور الأوضاع العامة و\أو سطوة قوى خارج الدولة بكل أشكالها..

على أن خلق بيئة العدالة الاجتماعية ومعالجة أشكال البطالة والفقر جوهريا كليا مثلما تلبية أفضل صيغ المساواة مجتمعيا وفي هذا العام مثلما سابقه تركز حملات مكافحة الاتجار بالبشر على الاهتمام المكثف بالطفل والطفولة نظرا لطبيعة الكارثة ومخاطرها وسط هذه الفئة..

إننا نحتاج للانتباه أكثر إلى منافذ الجريمة نحو هذه الفئة الهشة بخاصة منها منصات إلكترونية تمتلك كل وسائل الخداع والتضليل للوصول إليهم واستدراجهن واستدراجهم بما يوقع بهم في براثن الجريمة والمجرم..

وللتذكير أيضا فإن أوضاع بلدان التخلف التي تتفاقم اقتصاديا اجتماعيا تثير فضول المجرمين وتسيل لعابهم وتسهل لهم فرص الابتزاز والجريمة.. فمثلا اتساع نسب الفقر بما وصل أكثر من 50% عراقيا على سبيل المثال مع ارتفاع نسب البطالة وتفشي ظواهر الإدمان وانتشار المخدرات في مجتمع لم يكن حتى الأمس القريب يشهد أية نسبة مهما صغرت للمخدرات لكنه اليوم موطن استهلاك لها حتى تفشت بين النسوة مثلما الذكور..! وفوق هذا فإن اهتزاز سلطة القانون والخلل الأمني هنا أو هناك مع سطوة القوى الميليشياوية على الشارع بدل القانون وسلطته أدى لفتح أوسع بوابات الاستغلال والاتجار بالبشر من جهة وتفاقم نسب ما يقع على الأطفال في عراق اليوم وإذا ما تذكرنا أيضا اهتزاز الاستقرار والسلم الأهلي بدول جوار كسوريا وغيرها سندرك كيف تتمادى القوى الإجرامية بهذا الشأن مع تداعيات التنسيق الإقليمي الدولي للمافيات.

إن هذه القضية الإنسانية الخطيرة تتطلب صوتا أعلى وأقوى بمجابهة الجريمة والمجرم كيما نستطيع عمل جدار الصد ومن بعده خوض معركة تحرير تلك الرهائن التي لا تمتلك حولا ولا قوة لتحرير نفسها ومنع التشوهات بل التصفيات الدموية الأبشع من الوقوع..!

فماذا نحن فاعلون!!!؟

لنُعلي من مكان ومكانة حملة القلب الأزرق بمعانيها المستمدة من لون الأمم المتحدة ومن ثم دورها في معالجة جريمة الاتجار بالبشر وكبح ما نجم وينجم عن برودة قلوب المتاجرين بالبشر مع أنها الأكثر وحشية وبشاعة وفظاعة….

استعيدوا أدواركم في رعاية هذا الجيل وعدم تركه للتسكع حيث ميدان الجريمة لا تتركوا أطفالكم خلف ركب يمضي وسط عواصف هوجاء وتلكم مهمة عاجلة مباشرة وآنية فيما مهام الحكومات تكمن بمستويات عمل أوسع وأشمل وأعمق ليس أقلها رصد كفاية الموازنة من جهة ومباشرة مهام التوعية والتنوير من جهة رديفا لإنفاذ القوانين المتاحة واستحداث أخرى لازمة وواجبة فيما تطوير أداء تلك الحكومات ونهجها يتطلب تغييرا برامجيا نوعيا بمستوى من انحدرت إليه الأوضاع

وإلا.. فلات ساعة مندم انتبهوا أيها السادة كل قشمريات التخلف والاهتمامات بمشاغلات أباطيل الضلال التي يسوّقونها لكم ليست سوى شباك صيد وفخاخ لكم ولأبنائكم فانتبهوا وتفكروا وتدبروا

المقال بموقعي الفرعي بالحوار المتمدن أيضا

***************************

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *