العيد الوطني العراقي ورموزه ودلالاته

حوارات مفتوحة وبعضها تتشنج حد حضيض السجال ثارت في المدة الأخيرة بشأن إهمال مجلس نواب الأحزاب العيد الوطني وتثبيته مكانها ما ينتهك قيم الدستور والنظام السياسي وحقوق الشعب في خياراته وهنا من حق الجميع التعبير عن رؤاهم ولكن طرفا واحدا له الحق في الحسم واتخاذ القرار الأخير إنه الشعب في استفتاء إرادته وخياراته وهنا نؤكد أن كل ألأمور مفتوحة للاستفتاء طالما التزمت جوهر خيار الشعب.. هذه كلمة موجزة عساها تكون رؤية مقترحة لجمع العراقيات والعراقيين في بوتقة تحترم وجودهم وهويتهم وانتماءهم للعصر والوطن

العيد الوطني العراقي وصراع الحركات المتناقضة بين العلمنة والتدين الزائف ونهجه الطائفي المضلل

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي

بين الفينة والأخرى تطفو سجالات بلا ضابط يحسمها بالاتجاه الصائب الصحيح ولطالما شهدنا ما يُثار من غبار التشويش والتعمية على ما يراد تمريره في غفلة من الزمن بقصد مزيد خطى لتمكين الخطاب المحاصصاتي الطائفي من كل مفاصل الدولة العراقية هذا إن بقي للدولة من وجود وهيبة في ظل النهج الذي يوغل في التدمير والتخريب..

فجابهنا في هذا الإطار قرارات تقمع المرأة بأسس التحكم الذكوري وبمنطق الخطاب الطائفي بجوهر محمولات التشدد للإسلام السياسي كما بالقرار 137 سيئ الصيت الذي أفشله الحراك النسوي والشعبي التنويري وقبل أن ننشغل بالأمثلة وهي من الكثرة بعدد حالات التضليل وأباطيلها نشير إلى عودة موضوع العيد الوطني للحوار العام في ضوء ما جرى تمريره بمسمى العطل الرسمية..

لقد اتخذ مجلس النواب قرارا مرره إلى رئيس الجمهورية للتصديق بتحديد العطل الرسمية بما أضفى على الدولة وضعا أو نهجا جديدا حيث أراد لها أن تصطبغ بصبغة طائفية مثيرة للانقسام إذ قدم قراره بطريقة مثيرة للتمزقات الاجتماعية متعارضة مع النهج الوطني ومع استراتيجية بناء الشخصية العراقية الوطنية وأمعن في ذلك عندما لم يورد أي عطلة تجسد الهوية الوطنية ومهام تعزيز الانتماء والالتفاف حول الجامع الذي يوحد الشعب حوله ألا وهو مبدأ الوطن والوطنية مبدأ دولة المواطنة ومن ثم الاختيار الذي أراده الشعب بتصويته على الدستور..

إن دولة بلا علم وتتخذ من راية رمزا لها وبلا نشيد وطني والأنكى بلا عيد وطني جامع يوحد الأبناء ويحميهم بمظلة المواطنة هي وجود مهلهل يدخل بتوصيف الدولة الأكثر فشلا الأمر الذي رصدته المعايير الدولية بشأن عراق ما بعد 2003 ومن ثم فهي معايير تُنذر بانهيار الدولة وتسليمها كليا لقوى إقليمية ودولية بعد أن باتت محكومة بخطاب ذيلي تابع خانع لتلك القوى..

إن قضية وجود عيد وطني ليست قضية عابرة فهي إشكالية استراتيجية من دونها يحيلون صبغة الدولة من دولة مدنية علمانية إلى دولة دينية طائفية على وفق ما يرسمون للتداعيات من قرارات يُلزمون الشعب بها..

لقد أصدرت الأحزاب العلمانية وتلك المؤمنة بالجمهورية ونظامها الديموقراطي قرارات دانت ذلك النهج وطالبت بالكف الفوري عنه وأعلنت معها غالبية المنظمات المهنية والديموقراطية في إطار حراك المجتمع المدني رفضها تلك القرارات بالاستناد إلى خيار الشعب لدستور جمهورية ديموقراطية فيديرالية وإلى وجود مبدأ المواطنة نهجا للدولة مع تبني دولة وطنية مستقلة لا تخضع لمناهج وإرادات أجنبية إقليمية أو دولية ولا تخضع لما يخرج على الروح الوطني وهوية الانتماء فيها..

فالمواطن يتمسك بالعراق انتماء وجوديا وهوية وطنية وليس لغير الشعب من سلطة تحكم نهجه واستراتيجية خياراته كون الشعب هو صاحب السمو الدستوري الأعلى وليس أي نص قد يبرر لهذا الحزب أو تلك الحركة محاولات فرض ثوبها رداءً على الجميع أن يرتديه جلبابا للاستغفال والاستغلال…

ونظرا لأهمية العيد الوطني في أية دولة مستقلة حرة تحترم شعبها فإن استفتاء الإرادة الشعبية هو الأساس في اختياره والعراق ليس بمعزل عن شعوب العالم وإني لأرى اليوم واجبا وطنيا بهيا كبيرا ينتظرنا لشرح أبعاد وجود العيد الوطني وسلامة الاختيار وصحيحه بخاصة واجب مفكرينا من علماء السياسة والاجتماع ومن قوى التنوير والتقدم ودمقرطة الحياة..

ولنُجمِلْ الأمور بالقول:

إن إلغاء الأعياد الوطنية واتخاذ أعياد ذات بعد طائفي مثير للخلاف والشقاق هو محاولة لمتابعة نهج التحول إلى دولة دينية طائفية بدل خيار الشعب في دولة مدنية علمانية بنظام ديموقراطي فديرالي وهو قرار يهز مهام بناء الشخصية الوطنية ويحاول فك رابط الانتماء لهوية وطنية جامعة.. إن القرار المؤمل يكمن في رد القرار بسبب عوار دستوري مفضوح فيه ولابد من الذهاب نحو استفتاء وطني شعبي حول اختيار عيد وطني وعلم للدولة ونشيد وطني الأمر الذي تلاعب به من تحكم بالوضع منذ 2003 حتى يومنا فلتلتحم القوى الشعبية معا في مجابهة مسارات الانحدار والتشوهات الجاري غرسها بقصد إلغاء العراق وجوديا.. وأؤكد أن 14 تموز من جهة أولى ليس مجرد تاريخ عابر يُختلف بشأنه لأنه اليوم الذي احتفل به العراق القديم لآلاف سنوات وأعوام الحضارة السومرية وهو بزمننا وعصرنا يوم تأسيس الجمهورية التي لا يمكن محو نهج بنائها الدولة العلمانية التي تحترم التعددية والتنوع ومبدأ المواطنة وقيم الديموقراطية الفديرالية بلا تراجع عن التقدم نحو تأمينها والدفاع عنها.. فلننهض بمهامنا جميعا باختلاف مشاربنا وتوجهاتنا طالما اتفقنا على مبدأ علمنة الدولة ورفض اجترار النماذج الدينية من تاريخها البائد كيما نؤكد اختيار يومنا الوطني يوم تعميد الهوية والانتماء ومن ثم الدفاع عن شعبنا دفاعا وجوديا لا يقبل المهادنة مع كل التلاعبات التي يراد له أن يقع في مطباتها وحفرها..

وليكن للعراق وأهله عيدهم الوطني عيدا للفخر والعز  ويوما للتعايش مع بقية الشعوب والأمم برمز مستقل لحقوقه وحرياته ولمعاني سيادته

***

للاطلاع والتصويت على المقال في موقع الحوار المتمدن 

***************************

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

 

اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته

********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************

تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/              تيسير عبدالجبار الآلوسي

سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير

للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي

...

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *