في الغد تحتفل الطبقة العاملة بيومها الأممي العالمي وبين انتصارات ومنجزات لنضالاتها الطبقية والوطنية وعمقهما الأممي وبين تراجعات وانكسارات تقف الطبقة العاملة العراقية أمام مشهد كارثي أليم وقاس بخاصة في التراجع الشامل بمعطيات العيش الحر الكريم من جهة اجتماعيا مهنيا وانتكاس البنى التركيبية الطبقية أمام التخريب المفتعل المزعوم للبديل الطائفي القبلي الذي يراد له أن يخنق أي وجود بنيوي للطبقة العاملة من شغيلة اليد وشغيلة الفكر وكلامهما تحت مقصلة محلية الأدوات عالمية النهج انتسابا لليبرالية (المحافظة الجديدة) ورأسمالية (متوحشة) نظرا لتخفيها وراء أستار الأسلمة المزعومة الكاذبة حيث استعباد الذهنية بتسطيحها وتفريغها لتسهيل استرقاقها واستعبادها بين هذا وذاك يلتقي العمال غدا ليؤكدوا مطالبهم اجتماعيا طبقيا وسياسيا اقتصاديا بالمستوى الوطني فهلا تنبهنا لأهمية اللقاء في الغد معا وسويا ودعمنا مفهوم العمل والإنتاج بديلا لمفاهيم التبلد والاستهلاكية الرديئة التي يفرضونها علينا؟؟؟ نلتقى صباح إشراقة يوم العمال ببغداد وكل ميادين العراق
اتحاد الطبقي والوطني يصارع الاستغلال الطائفي القبلي في العراق
نلتقي معا يوم الأربعاء الأول من آيار مايو في يوم الشغيلة الأممي العالمي لإعلاء قيم الكفاح الطبقي والوطني
نلتقي لإعلاء نهج العمل والإنتاج واحترام الإنسان العامل وحقوقه وحرياته ووجوده طبقيا وطنيا
في مطلع القرن المنصرم كانت أولى خيوط إشعاع ولادة طبقة عاملة عراقية قد بزغت مع عمال السكك والموانئ والبلديات والكهرباء والنفط وغيرها من مشروعات (العمل والتصنيع) الأولى.. ومع عقود ولادة الدولة العراقية كانت الطبقة العاملة قد بدأت بذور وعي طبقي كفاحي بتشكيل نقاباتها ومن ثم ولادة حزب سياسي يشتغل بمبدأ الدفاع عن حقوقها وبناء دولة تقوم على احترام قيمة العمل وإنتاج الخيرات سواء زراعية أم صناعية وبقدرات شغيلة اليد مثلما شغيلة الفكر حيث إنتاج الوعي التنويري وقيم الأنسنة..
ومع تعزز مسيرة الدولة الوطنية كان الوعي بالوطني قد التحم بالوعي الطبقي واتحدا في خطابهما الكفاحي من أجل الانعتاق من الاستعمار والاستغلال حيثما شهدت ميادين العمل والإنتاج وبيئتهما حال الالتحام مع القوى المعادية لتطلعات الشعب من جهة في دولة حرة مستقلة أو مع طبقاته الكادحة المتطلعة لاستعادة الثروة واستثمارها في مسيرة البناء والتنمية وتفعيل قدرات الإنتاج ومنها تطوير الشخصية المنتجة بإعدادها معرفيا علميا بما يتناسب والتقدم البشري السائد بالإشارة إلى كفاح الشغيلة من أجل محو الأمية ومحاربة التجهيل..
لقد مارست النُظُم المختلفة ما هو أبعد من التضييق على حرية التعبير والتنظيم النقابي والحزبي الذي جسدته بلعبة حظر تسمية العمل وتحويلها إلى تسمية موظف مع منع حرية التشكيل النقابي وهو الأمر الذي احتفظ به بعض من أدار المشهد السياسي بعد 2003 عندما استغل تلك القوانين في مطاردته الحركة النقابية العراقية. ومعروف الطرف المنتمي لقوى الإسلام السياسي وأحزابه في إدارة ملف أبعد من التضييق حيث الحظر والمصادرة والإلغاء لأي جهد يراد منه تمكين العمال من أدوات التفكير بسبب استغلالهم ومن يقف وراءه..
وأضاف تحكم الإسلام السياسي بالمشهد عبثية جديدة بإعلائه خطاب الانتماء الطائفي مستغلا تعطيل أغلب دوائر الدولة وتحديدا منها وزارة الصناعة ومعاملها ومصانعها واستغلال رشى رواتب بلا عمل للمصانع المعطلة وإن كانت متقطعة وبطرق ملتوية تستنزف الميزانية بلا مردود سوى إنهاء الخبرات ومنع وجود صناعة وطنية.. كما استغلوا تحويل شغيلة تلك المصانع والمعامل إلى مهام أخرى أو منعهم أصلا من العمل النقابي المنظم دع عنكم التسمية التي تصنفهم خارج إطار وجودهم البنيوي طبقيا في مجتمعنا..
إن التشكيلات الراهنة تقوم على إشاعة توصيف العراقي ليس بوصفه مواطنا في دولة تنتمي ليومنا بل بأولوية انتمائه الطائفي أو القبلي في إيهام بالانتماء للماضي وهنا يوغلون في إلغاء الانتماء الوطني والثقافة الوطنية ومن ثم إلغاء أي شكل وجودي للدولة والشعب من جهة الاعتبارات (الوطنية) التي تحياها شعوب كوكبنا اليوم ما اختلق الدولة الفاشلة بكل معاني تفككها وانهيار بناها الموضوعية..
هنا سيجد المرء نفسه أمام مشهدية لنظام القطيع لسيطرة واضحة للجهل والتخلف وأشكال الأمية بكل معطيات زمننا ليس في التكنولوجيا الحديث ومفردات التقدم بل حتى في مفردات بنية الإنسان وانتمائه المعاصر.. وهذا ما فرض تقسيمات مناطقية تتشرذم إلى تقسيمات طائفية وقبلية وتحول إلى كانتونات وغيتوات يخضعون فيها الإنسان لسلطة مطلقة تتحدث باسم القدسية الدينية التي لا تسمح بمناقشة أو حوار أو أبسط شكل للاعتراض..
بهذه الحال المرضية نجد أن الرد الذي بات واجبا يكمن في التحام الطبقي بالوطني مجددا بصورة أكثر وضوحا وقوة لاستعادة البنى التي يتشكل منها الشعب على أساس ينتمي للعصر ولمنطق الحداثة والتنوير وعلى أساس الرد على ربط البلاد بتبعية لقوى إقليمية ودولية تعبر مرة عن مرجعية للتخلف ومصدرها الإقليمي من جهة التدين السياسي المريض وفي أخرى للرأسمال الأجنبي دوليا عالميا أو إقليميا؛ ما يفرض العمل من أجل إشكالية التحرر الوطني بصيغ تتناسب والاستقلال الوطني بعيدا عن الارتباطات المتسترة لكثير من الاتفاقات والعهود الموقعة مع أطراف خارجية استغلت وتستغل البلاد والعباد وترهن حاضره ومستقبله بأيدي تلك الأطراف لا بيد وطنية.. ومن هنا فإن شعارات الطبقة العاملة التي تحتفل اليوم في بلدان العالم المختلفة بيومها العالمي وكرنفالاته، إنما تنهض به في العراق كونه رمزا كفاحيا نضاليا: طبقيا وطنيا، نقابيا سياسيا يمتاح خطابه من رفض فروض التخلف والتجهيل، فروض الإلغاء والمصادرة لتستعيد الحقوق والحريات بمستوييها الطبقي من جهة والوطني من جهة أخرى..
وتصير المطالب كامنة في متنوعها بالآتي:
المطالب النقابية الاجتماعية المهنية من ساعات العمل، الضمان الاجتماعي، تشريع قانون العمل وتطويره بما يلائم مستجدات المرحلة، الأجور وحركتها بما يتفاعل وظواهر التضخم ومرادفاتها، والبطالة وسبل معالجتها… الى آخر القائمة من تلك المطالب..
أما المطالب السياسية فإنها ستدخل في شؤون تحكمت عميقا بأوضاع البنى وطنيا وربط البلاد باتفاقات جائرة بحقها الأمر الذي يعني أن يكون وعي شغيلة اليد والفكر طريقا للرد على كل تلك اللعبة القذرة في بيع الوطن والناس لحسابات ومآرب رخيصة سواء مادية أو غيرها؛ ولنتذكر أن الأمور تدار بخاصة مع العمال الأجانب على أساس العبودية أو شبهها ما يقتضي مواصلة المشوار ضد صيغ الليبرالية الجديدة التي تتخذ من خدمة مآربها نهجا مفروضا اليوم على أغلب سياسات إدارة العلاقة بالمنتجين من الشغيلة.
علما أن نهج الإبقاء على الاقتصاد الريعي من جهة وعلى إضعاف الركائز الاقتصادية الإنتاجية هو محاولة مستمرة لتعطيل منتجي الخيرات والإبقاء على أوضاع تسمح بنهب الثروة الوطنية وإهدار ما لا يمكن نهبه مثل نهج الكليبتوقراطية في محور أو اتلاف الثروة كحرق الغاز المستمر منذ بدء إنتاج النفط في العراق..
إن خيارات الطبقة العاملة في نضالها المطلبي ليست قليلة بظروف اجتماعية جد مسيئة للإنسان وكرامته وحقوقه وحرياته وهي تتحد مع النضال السياسي بخاصة في محاوره الكبرى سواء في الوعي بمناهج العلاقات مع البنك الدولي والصندوق ومع الأطراف الدولية المتحكمة بالمركزي العراقي واحتياطاته وكذلك في الاتفاقات مع دول ذات مصالح مباشرة في استغلال الثروة لعل نموذج رهن العراق بالغاز الإيراني هو واحد من قيود النهج الاستهلاكي على حساب تفعيل القدرات الإنتاجية الصناعية وسد الحاجة محليا على الرغم من توافر حالي لكل شروط الانعتاق..
إن هذه الإشارات المحورية العجلى تتطلب تمعنا ودراسة مكينة لكل محاور القضية وتفاصيلها وإلا بقينا أسرى منطق الاستعباد ونظام الرق بشكله الجديد وإذا ما استمر لردح آخر فإن الدولة العراقية بمجملها وشعبها سيكون شراذم مجزأة سهلة الاستعباد
فلتنهض شغيلة البلاد بوصفها طبقة إنتاج خيرات الحياة وتُنهي المصادرة مثلما تُنهي الحظر على إنشاء اقتصاد إنتاجي يستثمر في الإنسان قبل استغراقه في استهلاك الثروة
هبوا شغيلة العراق، هبوا ضحايا الاضطهاد ..
وإلى لقاء بالنساء العاملات وبالرجال العمال بطبقة الشغيلة نساء ورجالا شيبا وشبيبة في يومهم الأغر رمزا للانتصار لقيم الانعتاق والتحرر طبقيا وطنيا
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
***************************
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير