اعتدنا في المرصد السومري متابعة الوقائع ميدانيا في العراق ورصد الانتهاكات الحقوقية ومن بينها ما يقع على المرأة العراقية بكل أشكاله ومحاوره.. ولطالما تم تقديم المذكرات والحملات والفعاليات المدافعة عن المرأة وحقوقها في العيش بكرامة وحرية وأن تكون محمية بقوانين تقبل التنفيذ والتحكم بالشارع بخلاف تحكم وقائع الانفلات القيمي ومن ثم الإجرامي بحقها وحق المجتمع وإذ نشيد بكل فعالية للجهات المسؤولة فإننا لا نتفق مع أي بيان أو خطاب ينفي وجود الظواهر والمشكلات المستعصية المستفحلة بطريقة مرضية خطيرة وعلينا اليوم قبل الغد عمل الإحصاءات الجدية المسؤولة الواقعية والمتفقة مع الأحوال الجارية.. فهلا توصلنا إلى نتائج بالخصوص؟؟
المرصد السومري لحقوق الإنسان يؤشر مخاطر استمرار تهميش فرص معالجة العنف الأسري
تتفاقم أوضاع النسوة العراقيات يوماً فآخر مع تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمجتمع وتدفع لتشويه خطابه القيمي وسياقات العلاقات الاجتماعية بما يصادر مبادئ الحقوق والحريات فيه ويوقع بها أفدح ضرر وأعمق شروخ الانتهاك..
لقد كان من نُذُر تلك التداعيات ومخاطرها على سبيل المثال لا الحصر؛ ارتفاع نسب الطلاق إلى حجم 6 حالات طلاق في الساعة الواحدة ما يعود أغلب حالاته إلى تحولات نوعية في الخلافات بمستويات عنفية فوق التخيل سواء ماديا أم نفسيا، ولعل مثالنا الآخر إذا ما توجهنا إلى الملموس من الأمثلة؛ ما أسماه بيان قيادة الشرطة الاتحادية بـ(الحادثة الاستثنائية) عندما حررت ثلاث فتيات محتجزات داخل إحدى الدور بمنطقة الحسينية في بغداد، بعد أن قام أشقاء الفتيات بتقييدهن بالسلاسل والأقفال واحتجازهن مع الكشف عن علامات للضرب والتعريض لظروف غير إنسانية قاسية بمعطيات ارتكاب جريمة التعذيب أيضاً بحقهنّ!
ولطالما اطلع المجتمع على حالات من الاختطاف والاحتجاز وأخرى من الاغتصاب ومن تلك الانتهاكات الخطيرة ما يقع في البيوت ووسط العوائل ذاتها ما يؤشر تهديدات كارثية بشأن التفكك الاجتماعي نتيجة لتفشي المخدرات من جهة وشيوع ثقافة قيمية مرضية في إدارة تلك العلاقة وبالتأكيد نتيجة تفجرات اجتماعية وردود فعل أكثر احتداما واتساما بالانفعال السلبي مع تدحرج المشكلات ككرة الثلج وتضخمها بصورة تصل مستويات لا رجعة فيها..
إن جملة من التوترات التي تصيب المجتمع برمته وفئاته والأفراد فيه، بخلفية من ثقافة العنف وتفشيها بصورة مضاعفة وتحولها إلى عدوانية وخطاب ابتزاز ومصالح بنزعات التخلف وانحطاط في مواجهة الرغائب ووسائل تفريغها أو دونية في التعامل مع الآخر وبالخصوص مع المرأة حيث حولتها الخطابات السائدة إلى كائن خاضع لمنطق سلبي.. كل تلك وغيرها من العلامات باتت سببا ودافعا نحو استسهال ممارسة العنف بل ارتكاب الجريمة في ظل خطاب ذكوري محمي باجترار تقاليد متخلفة وافتقاد للقوانين أو للقوة التي تحمي تنفيذها مع شيوع فساد بمستويات المسؤوليات العامة حدا دفع أية محاسبة جدية قادرة على لجم تلك الجريمة..
هنا بالتحديد بات من الضروري الاستجابة الفورية لإصدار التشريعات الوافية بميدان حماية المرأة ومنها قانون مكافحة العنف الأسري مع توسيع الحملات في الإعلام ومنصات التواصل بفضح الجريمة وأركانها وما يقف وراءها والمساعدة على نشر ثقافة السلم المجتمعي واللاعنف وإعلاء قيم الأنسنة واحترام الآخر ومنع التصرف بعلوية ودونية في العلاقة بين الجنسين..
إن المشكلة جد معقدة ولا تقف عند عتبة سبب بعينه أو آخر وكلما تدحرجت كرة ثلج العنف كبرت وتفاقمت بجديد ما تجابه المجتمع.. بخاصة مع سيادة مثلث الفقر وحاجات الإنسان التي تعرضه للابتزاز والجهل وما يدفع باتجاهه من سقوط بفخاخ علاقات مرضية بينها ممارسات عدوانية في العلاقات بخاصة مع سيادة سطوة البلطجة وتغوّل الميليشياوي المافيوي في عموم الحراك الاجتماعي…
إن دفع قانون العنف الأسري نحو الهامش والتأجيل والمماطلة لن يعني سوى مزيد انحدار بمجمل الواقع المجتمعي وكليته.. فلنقف بوجه أشكال العرقلة سواء تشريعا أم تنفيذا وتلبية ولنكاشف المجتمع بالمجريات بشفافية وصراحة تامة لا تخشى من الردود الآنية ولكنها تأخذ بالاعتبار النتائج البعيدة إذا ما تواصل إهمال القضية.. والمعني الأول في الضغط لإصدار القانون وما يلحق به من محاور ضرورة التعامل معها هو منظمات المرأة العراقية كافة ومناصريها وقوى التضامن من الحركة النسوية إقليميا وعالميا مع حركة التنوير والتقدم التي يجب أن ترسم جداول عمل وأسقف زمنية في حملات وطنية متعددة المسارات بدل الانشغال بعبثية المشاركة الرمزية المحاصرة في مجالس وحكومات أدرك الشعب حقيقتها وأعلن ثورته عليها وعلى مساقات وجودها منذ عقدين من الزمن الذي تسيدت فيه السلطة بخديعة انتخابات مفصلة لاستمرار إدامة منظومة غيلان عصابات السلاح الميليشياوي وأموال مافيات الفساد والإفساد وقوانين بخدمة أكثر مناهج التخلف من عادات وتقاليد يجري اجترارها من ماضويات عفن الزمن المنقرض
فلنعِ اللعبة نوعيا جوهريا ونتخذ المواقف الأعمق بلا مداهنة فلقد ملَّ الشعب وحركاته ومنها حركاته النسوية خطابات بشعارات براقة لكنها باتت أداة تعمية وتضليل لابتعادها عن وسائل التلبية والتنفيذ والاستراتيجيات التي يمكنها أن تحمي فعليا عمليا وبمنجز حقيقي لا مجرد مواعظ لا تُغني ولا تسمن بل تخدم مزيد خطى لتمرير الجريمة تلو الأخرى..
فمن يتحمل المسؤولية؟ من يقبل العواقب ويقرها؟ من يرغب بمزيد من انحدار؟ من يواصل إغماض الأعين عن المشهد الكارثي الخطير؟ من يرغب بممالأة البيانات الاستعراضية التي تواصل على أقل تقدير التستر على المؤمل من إعلان إحصاءات يومية أسبوعية وشهرية وسنوية للمجريات مما يُرتكب من جرائم وانتهاكات وتجاوزات وحجم المشكلات التي عادة ما قرأنا مع كل بيان مجلجل في إطاره إيقاعه الفردي المحدود عبارات ترافقه لإنكار الوقائع المتفشية؟ وهل من نهاية فعليا أم أننا سنشهد بين الفينة والأخرى تفجرات تضطر المعنيين لإصدار بيانات تطمين وتبرير أكثر منها الأفعال المؤملة المنتظرة
كل هذي التساؤلات لا تقصد إساءة لجهة مؤسساتية أو طرف بعينه من جهة عمله ومسؤوليته بقدر ما هي معنية بإعلاء صوت مطلب المعالجة الكلية الشاملة بتعاون جميع الأطراف بدلا من الانشغال بالتمترس خلف دفاع عن طرف أو جهة تدير مؤسسة رسمية أو أخرى وإلقاء التبعات على غيرها؛ فالقضية تعني الجميع وأولهم المجتمع وضرورة النهوض بوعيه والارتقاء بدوره لتحقيق الضغط الكافي في فرض إرادته القائمة على منطق التنوير ونهجه بديلا عما يسود اليوم من ظلاميات وتخرصات منطق الخرافة والجهل والتخلف.. هلا التقت الأطراف المعنية بمؤتمر وطني لمعالجة القضية بخطاب العقل العلمي وبالإحصاءات الميدانية الحقيقية واتخذت القرار الأنجع؟؟؟
د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
عن المرصد السومري لحقوق الإنسان
***************************
https://www.ahewar.org/news/s.news.asp?nid=5459419
للاطلاع على بيانات المرصد السومري لحقوق الإنسان في أخبار التمدن
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير