أثارت في ذهني إحصاءات نتائج التعليم للثانوية العامة بمصر وهي نتائج أو إحصاءات معتادة بمختلف دول العالم والمنطقة، أقول أثارت تداعيات بشأن أوضاع طلبتنا ومخرجات التعليم عندنا وهوية منظومة التعليم برمتها منذ 2003 حتى يومنا. وبخلاف بلدان العالم فإن الأسئلة التي تُثار لا تستقيم مع المعتاد لأن الكارثة الكامنة وراء الأرقام وأية إحصاءات تبقى حبلى بأشكال الفساد المترع بجرائم تخريب العقل العلمي وإفشاء منطق الخرافة وظلاميات ما أنزل الله بها من سلطان بأيٍّ من عصور العتمة والتخلف التي مرت بالبشرية!!؟ فلنقرأ جانبا من تلك التداعيات عساها تمنح فرص تفكّر وتدبر تجاه الأشمل والأوسع في وضع العراق وجوديا قبل أن ترسم الإحصاءات لحظة فناء !!!!؟
نسبة نجاح الطلبة كيف نقيسها وماذا تؤشر عراقيا وبم تذكرنا وتثيره من أسئلة خارج مسارها المعتاد؟؟؟
تيسير عبدالجبار الآلوسي
إذا ما بدأنا بتهنئة نتوجه بها إلى مصر وطلبتها ومنظومة التعليم فيها مثلما عديد بلدان المنطقة المعنية بمنطق التقدم والتنمية وتركيز الاهتمام المطلوب بمسارات الحياة بتنوعاتها وأشرنا بذلك إلى نسبة النجاح في شهادة الثانوية العامة بمصر التي بلغت عام 2023 (78.8%) مقارنة بـ 74.5% عام 2022 و73.6% في عام 2021 [الإحصاء من مؤسسة بصيرة] فإننا لا نستطيع التسرع في قراءة أية نتيجة لأي عام من أعوام التعليم في العراق…
وإذا قلنا فلنبحث عن تلك النتائج في العراق ونتعرف إلى ما حققته؟؟ فإن الصائب الصحيح يؤكد أن ليس هذا هو المشكل في الخطوات المخصوصة أي ليس في الأرقام وما يعلن بصيغة أو أخرى في العراق بل المشكل في كيف تحققت تلك الأرقام عراقياً؟ وما علاقتها بمستوى التعليم فعليا ميدانيا؟ وهو ما ندرك يقينا أن لا علاقة له بقدرات الطلبة الطبيعية حتى في ظروف الضغوط المحيطة بحيواتهم… ولكن حقيقته ومخرجاته لها علاقة فعليا بمستوى التعليم ومنجزه في ظروف انهيارات عامة بمجمل الخدمات في العراق وارتباك الوضع العام وخضوعه لمنطق لا علاقة له بــ((التعليم)) ونسب النجاح فيه!!
فمن يدقق بصيرته سيجد أن مجمل المسارات باتت تفرض توجها نحو إفشاء الأميتين العلمية المعرفية والثقافية الروحية بين العراقيات والعراقيات؟ الأمر الذي يؤشر تخريبا مرعبا مروعا ومهولا لمنظومة التعليم وجوهرها العلمي بما ينقلها لتكون مجرد منصة لتخريب العقل الوطني الإنساني هويةً والعقل العلمي بأسس المعارف والعلوم وتحديثها المستمر الذائب! وهنا سيرى المبحر في الكشف عنه الحقيقة أن التوجّه ينشر منطق الخرافة والتجهيل بديلا؟؟؟
هذا وغيره هو مؤشر لأسئلة وأمور تصطدم ليس بنسب النجاح ولكن بم ينجح الطالب؟ وكيف؟ وما النتيجة الفعلية!!!؟
يا حزني وليس يا فرحتي مع كل عام من أعوام حصاد مخرجات آخر ما تبقى من مسار ينشده الشعب في الانعتاق من عمليات التشويه والتخريب أقصد التعليم مذ كان مهد التراث الإنساني هنا في وادي النماء ومرورا بالمستنصرية عند التأسيس وبيت الحكمة ودور العلوم ورعاية العلماء ومنحهم المكانة الأسمى التي يستحقون ومرورا بزمن اختفاء الأمية بعراق الأمس القريب حتى يحط الركاب إكراها وقسرا بمدارس الطين ومدارس الهواء الطلق في العراء ومدارس مدهونة بأصباغ مسرطنة وأخرى بلا خدمات وغيرها بدوام ليس مزدوجا بل ثلاثيا وووو
كل هذا لا يشمل استثناءات هنا أو هناك هي من خارج المنظومة المرضية للعقل السلطوي المستند لمخطط الخراب والفناء بمآرب مخفية معلنة لكن لنختم بالقول الذي لا ينهي هذي التداعيات بل يفتح أسئلتها عبر ما يُؤمل بوقفات التخصص وما يربطها بالواقع العام وليس ما يحصرها أو يحبسها بأمور فنية تقننية لن تحل أزمة هي مفردة من الانهيار العظيم المرسوم
ألا فلنتفكر؟ ألا فلنتدبر؟؟؟