لا عيد للطفل والطفولة اليوم ومجدداً لسنة أخرى في العراق، ومن يحتفل بفرحٍ فهو يحتفي ممالئاً مشاركاً (انتصارات) قوى الاستغلال والابتزاز وانتهاك حقوق الطفل والطفولة حيث ملايين أطفال هذا البلد الغني بثرواته يقبعون لا بخط الفقر ولكن بخطوط الفقر المدقع في التربية والتعليم والتنشئة والحماية والرعاية مما يضيع ويختفي خلف متاريس انتهاك حيوات الطفل والطفولة عراقياً.. والأولويات تبقى بعيداً عن الضرورة والحتمية مما تفرضه اتفاقية الطفل وما سجلته هي والاتفاقات والعود واللوائح الحقوقية العالمية.. فعيدكم أطفالنا آتٍ نحن ندرك ان التغيير آتٍ وان إشراقات الحياة وإن تأخرت عليكم لابد متحققة وتنتهي كل أسباب صنع الألم وكل عام وأنتم اقوى وافضل حالا مما تمرون به وأجالكم المتعاقبة منذ عقود
الطفل والطفولة في العراق بين انتهاك الحقوق وتطلعات الحماية والرعاية
ملايين أطفال العراق يخضعون للظرف العراقي العام وهو الظرف المتسم بعدم الاستقرار وافتقاد الأمن وكثرة الانتهاكات فضلا عن فشل مشروعات التنمية بميادين الحياة المتنوعة..
ونحن هنا نتحدث عمّن لم يبلغ الثامنة عشرة من العمر ونسبتهم في البلاد كبيرة تجاه معدل الأعمار المنخفض من جهة وتجاه نسبة النمو السكاني؛ وهؤلاء يمتلكون على وفق الاتفاقات والعهود الدولية ولوائح الحقوق الأممية ما استند على مبادئ:
أولها الحق في الحياة وحمايتها واتسامها بالنمو الطبيعي:
فهل حقاً يمتلك الطفل العراقي ما يحمي حقه في الحياة في ظل الفوضى بكل مساراتها عراقياً؟ يمكننا رصد ذلك بحجم الوفيات من جهة والإصابات المرضية الخَلقية وغيرها مما هدد ويهدد حياته دع عنك كوارث أخرى نرصدها في الفضاء العراقي.
خلو حياة الطفل تلك من التمييز بأشكاله المختلفة:
بوجود انعدام العدالة الاجتماعية وظاهرة الفقر تتأسس وقائع التمييز الأولى لكننا نتحدث هنا أكثر بشأن التمييز بين الذكور والإناث وبين فئة اجتماعية وأخرى ينتمي إليها الأطفال..
بينما سنجد أنفسنا خلف متاريس الدفاع عن امتلاك الطفل للحق في الإصغاء والاستماع إليه لكن هذه المرة سنجد الأمور تختلط بظروفه البيئية الاجتماعية وما تفرض إهمالا لصوته في ضوء أولويات حياة الأسر وطابع ثقافتها فضلا عن مؤسسات الدولة والمجتمع… ويتعمق الشرخ عندما لا تستطيع تلك الأطراف تمكين الطفل من تلبية مصالحه وحاجاته الأساس..
بينما هناك بمقابل الحقوق التي افتقدنا فرص تلبيتها جملة من أنماط من الانتهاكات التي سجلتها المواثيق الأممية وتعمل على رصدها والتصدي لها وتفرض واجبات على الجهات المعنية بتلبية مكافحتها في مختلف البلدان ونسجل منها هنا:
الانتهاكات الجنسية التي يتعرض لها الطفل من أي شخص آخر ونشدد على طابع التكتم وفرض الصمت وطمس الحقائق بخلفية منظومات قيمية للمجتمع العراقي بهذا الشأن ما لا يمكن رصده بإحصاءات وطنية محلية او اممية دولية بسبب تلك الحقيقة.
وأكثر منها تطفو الانتهاكات العاطفية من قبيل إحداث أي ضرر بشأن احترام الطفل لذاته أو سلامته العاطفية أو تعريضه للازدراء والاحتقار وما شابه من مثل التنمر وهي ظواهر ملموسة لكن بلا إحصاءات جدية مسؤولة نظرا لحجم التجاوز وغض الطرف عنها..
اما حال الانتهاكات الجسدية من قبيل أيّ إيذاء أو إصابة بدنية قد تحدث عن قصد من شخص آخر ومعها ظواهر الإهمال والتهميش والإقصاء وإيقاع الأضرار أو الانتهاكات الطبية وتلك جميعها مما ينظر إليها على انها وقائع عابرة يتم التغافل عنها، عن جهل مرة وعن قصد بمرات لتطفو ظواهر الانتهاكات وتصنع شخصية بلا مستقبل إنساني سوي
وعلى الرغم من وجود منظمات نسوية وجمعيات للطفل والطفولة لا نجد اثرا ملموسا لأن هذه القوى المجتمعية لا يُسمع لها صوت مثلما لا تُلبى مواد اتفاقية الطفل ومجمل الاتفاقات الحقوقية والعهود المعنية..
ففي اتفاقية حقوق الطفل بمادتها (32-1) نجد النص على أن الاتفاقية تؤكد على: “(اعتراف) الدول الأطراف بحق الأطفال في حمايتهم من الاستغلال الاقتصادي، ومن أداء أي عمل يرجّح أن يكون ضارا بصحة الطفل، أو بنموه البدني، أو العقلي، أو الروحي، أو المعنوي، أو الاجتماعي”. ولكننا نجد ان نصف أطفال العراق هم من الفقراء وأن نسبة قد تصل على 5% من أطفال البلاد يضطرون للعمل وبعضهم بأعمال خطرة مضرة بالصحة ومما تتجاوز إمكانات الأطفال نوعيا لكنهم باتوا رجالا ونساء قبل الأوان كي يعينوا أسرهم الفقيرة وكثرة من العوائل الفقيرة التي تشتغل على سبيل المثال بمعامل (الطابوق) تشغّل أطفالها معها وبمثل تلك العوائل يكون عدد الأطفال كبيرا للعائلة الواحدة..
المشكلة الأنكى ليست بالتشغيل الخطر ولا بأطفال الشوارع ممن يتعرض للانتهاك الصريح ليل نهار وبكل اشكال الانتهاكات ازدراء، إهمال وإقصاء وتهميش وتشغيل وتعريض للخطر وللاتجار بالبشر من انتهاك بدني وصحي وجنسي ووقوعهم أسري الاستعباد والبيع والشراء!! الأنكى استغلالهم في التجنيد والعسكرة لميليشييات (مقدسة!) وهناك تُرتكب كل موبقات الاستغلال تحت استار القدسية الدينية، طبعا الزائفة مما لا يرتبط بدين ولا عرف او تقليد!!!
ومع كثير من الاعتبارات القانونية التي تحظر أمرا او آخر إلا أن البلاد تمضي بلا سلطة فعلية للقانون ومن ثم سنجد العبث بأطفال المدارس سواء بضغوط تدفع لتسربهم منها أو باستغلال وجودهم لتوزيع المخدرات بأشكالها أو حتى طبعا تحويلهم لسوق لتلك السموم عدا عن جرائم الاختطاف والاغتصاب وفي ضوء ذلك غرس منظومة سلوكية تكتنز بالتناقضات بسبب تلك الوقائع..
سنضيف هنا أن العراق بحاجة لمأسسة أنشطة الطفل ورعايته وحمايته وضرورة إيجاد مأوى بهذي المدينة أو تلك على وفق حجمها السكاني وحاجتها بسبب مستوى الفقر فيها ومستويات الانتهاكات وما شابه من حقائق.. وسيكون ملزما وحتميا ان نوجد مؤسسات مستقلة بجانب اللجان والفروع المؤسسية الموجودة في مؤسسات المجتمع الأخرى.. مثالنا برلمان الطفل الذي وُلِد بمبادرة مجتمعية مدنية مستقلة في أقصى الجنوب العراقي..
أما ضرورات الرعاية الصحية وتقديم الخدمات وإلزامية التعليم الأساس ومنع التسرب منه وتبني جودة التعليم بصورة تتناسب وما يحدث فعليا فغن تلك قضية ستتعلق بالموازنات المنتهكة هي بالصل والتي لا يحصد الشعب منها سوى كلمات ووعود جابت عنان السماء في العالم وليس في العراق حسب ولكن التنفيذ بقي تحت أرض الفساد وأضاليل التدين ومنطق الخرافة والتجهيل والتكتم على الحقائق!!!
ها هي المدارس تنشغل بتعليم حتى رياض الطفال أصول الدفن والنواح على الموتى والذريعة القدسية المخادعة الكاذبة لنها قضية نهج لغرس الخرافة محل العلم والتفكير النقدي وتنمية الشخصية بقصد إذلالها واستعبادها!!!!
كان موقع العراق بـ(((أطفاله))) بمنطقة تقترب من أدنى مستوياتها عالميا ولا يبزها بذلك سوى بلدان الجوع (المماثل) والحروب (التي تجرب مثلما تُرتكب بجرائمها في العراق) وكأن هذه البلاد الغنية بثرواتها المادية والبشرية بلا حادي للبناء والتنمية ولضبط المسار سوى زعماء الحرب من قادة الميليشيات التي تسمي نفسها تيارات واحزابا ومؤسسات تجتر أسماءها من عالم ميتافيزيقي بلا صلة بواقع الحياة ومجرياتها وقوانينها فكيف بنا ونحن نتابع قضايا الطفال حصراً..؟
بيوم الطفل العالمي الذي يحق للطفل فيه بكل بلدان العالم أن يحتفل وأن تحتفي مجتمعاته به لا يجد الطفل العراقي سوى مخيمات النزوح واللجوء ومدن الخراب المدمرة وميادين وشوارع مقفرة كأنها غابات ووحوشها تفترس الطفولة وتنهش الأجساد الغضة الطرية بلا رحمة ولا عجب فهذا غيض من فيض لا أريد تفصيلا فيه لأن العراق وأهله يدركون تفاصيله بأمّ العين إلا لأولئك الذين أعمتهم تبعيتهم وخنوعهم لخرافات وأشكال دجل أحالتهم لعبيد باسم التدين والتمذهب الطائفي المقيت الذي بات يتلو مزاميره بقرع التوحش والهمجية بلا من يردعه فعليا..
أذكّر بان من يدرك ذلك ويسعى للبديل في داخل الوطن لا يستطيع المجابهة بقصد التغيير الملزم ليلجا لمفردة (إصلاح) وما تعنيه من ترقيع ليس خشية من صوته ولكن إدامة للعبة وأضاليلها وأباطيلها..
فعن أي طفل محمي وطفولة نرعاها نتحدث عن العراق ومن يشبهه من بلدان وظروف أطفالها!!!؟
***************************
المقال ومعالجته في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=794711
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير