هذه معالجة بومضة موجزة عن حصة العراق المائية بين ظروف المتغيرات المناخية والقرار السياسي؛ سواء (الإهمال) الداخلي أم التنازلات غير المبررة وغير المقبولة لصالح ما يجري من قرار سياسي خارجي بالتجاوز على حصة المياه من دجلة والفرات فإيران تقطع كليا وتركيا تكاد تصل مستوى القطع الكلي!!! إذن التجاوز على حصة العراق ليس بسبب التغير المناخي حسب، بل بصورة أخطر بقرار (سياسي) خارجي يستغل الخلل الاستراتيجي الراهن في التوازن بين العراق ودولتي إيران وتركيا
حصص العراق المائية وآثارها بين التغير المناخي والقرار السياسي
د. تيسير عبد الجبار الآلوسي
لقد وجدنا استراتيجيات دول في المنطقة تتخذ قرارها السيادي والريادي في تبني ما يجابه المتغيرات المناخية ويحمي مطالب شعوبها وحاجاتهم. وها نحن نرصد حيوية مصر والإمارات سواء في حجم تحويل الصحارى إلى بساتين وغابات نخيل ومزارع محاصيل استراتيجية مستثمرة بتقنيات حديثة ما تملكه من ثروة مائية ومدافعة عنها..؛ إلا اننا نجد في الوقت ذاته واقعاً آخر في عراق ما بعد 2003 إذ أهملت حكوماته المتعاقبة ملف المياه مثلما كثير غيره من ملفات.
وبرصد السياستين الداخلية والخارجية لتلك الحكومات العراقية سنجد فشل نهج إدارة ملف المياه بسلامة، الأمر الذي أفسح المجال لتمادي كل من إيران وتركيا في السياسة المائية فقطعت الأولى عشرات الروافد وحوّلتها لأنهر داخلية من دون النظر إلى حقوق العراق الملزمة في تقاسم حصص تلك الأنهر؛ أما تركيا فلم ترسل من حصة العراق إلا النزر اليسير مما لا يسد حاجة زرع أو ضرع ولا يصل إلى ربع الحصة التي يحددها القانون للعراق.
ولم يتبقّ في واديي دجلة والفرات إلا قليل مياه مما تلوث بالنفايات وبمخلفات المعامل والحقول التركية دع عنك الاستهلاك العراقي الجائر للماء، وهو استهلاك غير منظم بتقنيات استثماره الحديثة المعروفة..
وكثرما شهد استهلاك المياه في العراق حالات تسمم سواء للبشر كما بمثال مئات آلاف الإصابات بين أهالي البصرة أم للثروة السمكية وكيف قضت على حقول منها بالكامل.. بجانب تفاقم حجم المساحات المتصحرة بعد زوال بقايا ما كان يحيط بالمدن من أحزمة خضراء!!
لقد دقت نواقيس الخطر مراراً ولم يسمع المواطن ما يفيده سوى وعود مضللة فيما تستمر المشكلة في ضوء خلل الموازنات الاستثمارية من جهة حيث ترك الأرض بلا من يعمل فيها وحتى من تبقى هجر القرى والأرياف بعد أن نفقت ثروته الحيوانية وبارت أرضه ولم يعد ممكنا العيش فيها!
وعلى صعيد المفاوضات مع دول الجوار نجدها خاضعة هي الأخرى لخلل استراتيجي ليس بسبب ضعف العراق بضعف سلطته حسب وإنما بسبب نهج تلك السلطة بفسادها المافيوي المسلح بالعنف الميليشياوي وبسبب إلحاق العراق بتبعية مقيتة لمراجع قرار خارجية عزلته عن عمقه العربي الذي كان يمكن أن يشكل قوة جدية مهمة يحتمي بها ويستعين في سياق أي تفاوض مع جارتيه الشرقية والشمالية..
إذن، المعضل ليس في التغير المناخي وحده، ولكنه في النهج السياسي للحكومات المتعاقبة حيث إهمال تدوير عجلة الاقتصاد سواء منه الصناعي أم الزراعي وما يشكله من عرقلة ثقيلة بوجه استثمار ما يصل من الحصة المائية أو إفقاره من فرص تخزين موارده لافتقاره للبنى التحتية المناسبة الأمر الذي أهدر الاستفادة من مياهه بتركها تتبعثر بين الخليج العربي وصحارى البلاد!
وهكذا نجد أن القرار السياسي الداخلي منه والخارجي هو ما تحكّم بصورة خطيرة بالحصة المائية مقابل حال الصمت الرسمي العراقي على قطع الأنهر من إيران وعلى التجاوز المجحف بحق الحصص العراقية من طرف تركيا!!
لنتذكر هنا أنّ دور مجلس الأمن والأمم المتحدة سيكون أقوى بحال كان القرار العراقي نوعيا أقوى ومختلفا جوهريا عما يتم إدارته اليوم من قول شيء وفعل شيء آخر ومما هو أكثر من المناورات المضللة لمآرب تمرير اللعبة التي لن تصل بالعراق وشعبه إلا إلى كارثة وجودية كما أشرنا وهي كارثة فناء عندما سنصل عتبة عقد تالٍ من الزمن لن يستطيع العراق حينها توفير الماء لأكثر من 15% من سكانه!! ما يعني مجابهة 85% انعدام توافر الماء باي شكل علما ان النسبة الباقية لا يصلها من الماء سوى كمية ضئيلة تسجل اليوم وليس غدا نسبة 90% من ماء ملوث بالمواد الكيمياوي ونفايات المعامل والمصانع وغير ذلك من عوالق أخرى!!! فكيف يمكننا أن نتحدث في مثل هذي القضية الوجودية بصيغ (أحاديث لا تعدو عن كونها دردشة للاستهلاك المحلي من طرف سلطة تطوف على أكوام وأكداس من المعضلات المستفحلة فيما نهجها يكرر ويجتر ما سلف منذ 2003 حتى يومنا!)؟؟؟
وبعد هذه الومضة التوضيحية نتساءل في ضوء كل ذاك القصور من طرف المسؤولين تجاه ملف المياه: أليس من حق الشعب العراقي ومنظماته الحقوقية إدامة الحملات الوطنية والدولية بكل ما يتعلق بحقوق العراق في مياهه كونها قضية وجودية لا تقبل المماطلة أو التسويف!؟
***************************
المقال ومعالجته في موقع إي سفن نيوز E7News
مقالات تيسير عبدالجبار الالوسي بالعربية في سفن نيوزِArticles of Al alousi in 7news website
مقالات تيسير عبدالجبار الالوسي بالإنجليزية في سفن نيوزِArticles of Al alousi in 7news website
***************************
المقال ومعالجته في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=793588
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير