في تصريح جديد بشأن الجدل الدائر بخصوص مسودة قانون مكافحة المحتوى الهابط كتب رئيس المرصد السومري لحقوق الإنسان بالتوافق مع كتابات حقوقية وأخرى مدافعة عن حريتي التعبير والرأي صدرت مؤخرا في البلاد هذه المعالجة التي تناول فيها جوانب محورية تكشف مواضع الادعاء والتبرير من مواضع الحقيقة التي تصادر حرية الرأي والتعبير وتمارس أقسى مطاردة للوطنيين ممن رفض ويرفض سلطة الطائفية ونهجها المافيوميليشياوي أو الكليبتوفاشي وهذه المعالجة تمهيد للحملة الوطنية ضد محاولات إصدار قوانين تشرعن القمع وتفتح بوابات الدكتاتورية والطغيان وتسمح بإدامة إعادة إنتاج هذا النظام بأسوأ اشكاله
الشعب يرفض مسودة لائحة تنظيم المحتوى الرقمي لأنها منصة تفتح نوافذ وبوابات خلفية لمصادرة الحريات المدنية والسياسية
الجدل الدائر مؤخراً بشأن وثيقة المحتوى الرقمي واحتمالات تجييرها لانتهاك آخر للدستور ومواده وقوانينه، وهو الأمر الذي يمتلك أسبابه الموضوعية ومسوغات إثارته، بهذا العمق والمعطى الاحتجاجي الشعبي.. والحقيقة الساطعة بهذا الشأن، باتت تفضح آلية انتهاك قيم الحقوق والحريات باكتناز المسودة بأرضية بيئة اصطلاحية ملغومة؛ الأمر الذي خلق أسلوباً خطيراً بما يمهد له من تكميم الأفواه والأنكى العودة لمنظومة متكاملة من قيم الدكتاتورية ونهجها بخلاف ما كفلته على سبيل المثال المادة 38 من الدستور لميدان حرية الرأي والتعبير، بكل الطرق والوسائل التي تضمن ممارسة تلك الحريات..
وفي هذا الوقت الذي يُثار به الجدل المخصوص، فإن الحكومة وأطرافها المؤسسية تثير مشاغلة بأمور بعيدة عن المهام المكلفة بها ومن تلك المهام والواجبات بالأساس الإعداد لأجواء إجراء انتخابات حرة نزيهة تلبي إرادة الشعب، وقضية (المشاغلة) ليست عابرة بل باتت نهجا ثابتا بوجود عناصر مرضية تُطلق مثل تلك المبادرات المخالفة للدستور وهي عناصر بين مافيوية وأخرى ميليشياوية تخترق هيكليا بنى الدولة ومؤسساتها..
لهذا وجدنا أن الحركة الاحتجاجية التي بدأت بالصحفيين والناشطين والحقوقييين القانونيين سرعان ما اتسعت لتشمل ردود فعل شعبية غاضبة كون المسودة اجترار لنصوص سابقة لنُظم الدكتاتورية والطغيان بكل محاولات التستر والتعتيم على ما ارتكتبت وترتكب..
وهنا أود أن أؤكد أن كل محاولات التبرير لهذا التوجه والادعاء بكونه مجرد مسودة يجري مراجعتها لا تنفي أنها تفتح بوابات لتسلل من أشرنا إليهم من تحالف القوى المافيوميليشياوية.. فلقد تعودنا على ادعاءات تزعم تبنيها وتمسكها بما يردها من ملاحظات نقدية وتعديلات عبر حوارات ونقاشات تتظاهر بأنها (مفتوحة) إلا أننا عبر التجربة الميدانية أدركنا وشعبنا وحركته الحقوقية كم هي حجم المخادعة وأباطيل أضاليلها التي سعت باستمرار لتمرير مشروعات القوانين باستغلال ما يسمونه أغلبية برلمانية لكن بتجاوزها على الموقف الشعبي وعلى استفتاء رأيه على وفق الدستور في مثل هذه القضايا العقدية المهمة ومن ثمّ في اصطناع منصات قابلة للتجيير والتحريف عما تتظاهر به..
|
إن ادعاء مكافحة المحتويات الهابطة لا تسندها منظومة القيم التي تتبناها المسودة إذ لا يجوز أصلا أن يجري حشو كل تلك العبارات الخطيرة والمفردات الاصطلاحية، حمَّالة الأوجه وفي ذات الوقت تسمح بالتأويلات وأشكال التجيير الذي يخدم مهمة مطاردة كل أشكال النقد الموضوعي بما يصطنعه الرقيب الداخلي بخلفية تلك النصوص والمواد المشرعنة لانتهاك الحريات أم بسبب الاستدارة مجددا إلى الوراء بكل ما يمنحه نظام المخبر السري الذي ينشطون فرص وجوده وقد دلت الحال على حجمه عبر ما تفاخر به بعضهم من وصول حجم (البلاغات) لعشرات آلاف بما فتح البوابة مشرعة لممارسة (الحِسبة) سيئة السمعة بما أدته من انتهاكات فظة خطرة…
|
ومبدئيا لا يكفي إطلاق تصريحات بأن اللائحة تكفل الحقوق والحريات فوجود تلك اللائحة هو بحد ذاته انتهاك وتجاوز بمستوى ارتكاب الجريمة بحق المواطنات والمواطنين وحركاتهم التنويرية كما إن التصريح ليس ضمانة لمنع تجيير النصوص الغامضة المليئة بالالتواء والتضليل ومنزلقاتها عندما نقف على عتبة تعويم العبارات وإضفاء الغموض على صياغاتها والمصطلحات التي تستخدمها..
أما بشأن ضمان منظومة قيمية لأي مجتمع وفصل مجتمعنا عن عصره وإلحاقه بماضويات هي مواقف نسبية في التعامل مع القيم باختلاف توجهاتها؛ فنماذجه مفتوحة في النُظُم الديموقراطية لا تسمح بمنطق المطاردة التعسفية ومن ثمّ فهي لا تقرّ أنَّ تسجيل فيديو أو آخر هو ما يخرب الذوق العام.. فذلك مما قد يعده طرف انتهاك للذوق العام لكنه بخلاف ما يراه غيره أو ربما الأكثرية ممن ينتمي للعصر وقيمه الإنسانية بسلامتها..
لكن القضية الأكيدة لمثل هذا القانون وبهذا التوقيت إنما ينطلق من استغلال قيم مفروضة على المجتمع بخاصة منها تلك التي أشاعت وتشيع منطق الخرافة بديلا للأنسنة وللتمسك بالعقل العلمي وسلامة النهج السلوكي السليم، وهدفها في ذلك ضرب حركات التنوير في المجتمع ومزيد إشاعة للظلاميات الماضوية وتحريم النقد الموضوعي أو التعبير عن الرأي بمعنى مصادرة الحريات والحقوق بتقديم أصحاب الرأي الحر لمحاكم من طراز محاكم التفتيش بذرائع انتهاك حرمات وأخلاقيات على وفق ما تصطنعه فئة ضيقة محدودة تستند لاجترار تشوهات لفظها المجتمع الإنساني المعاصر ومنذ زمن بعيد..
إننا نعرف عبر سياقات علم الاجتماع ومجمل العلوم المعنية أن المجتمعات لا تقر فروض القمع والمصادرة والإلغاء تلك التي تريد تطويع مجمل القوانين لأعراف طبقة الكربتوقراط الديني وهي طبقة فساد تلغي سليم المعتقد لمصلحة تشوهات الخرافة التي يواصلون بث سمومها باسم الدين، والمجتمعات تمتلك منظومات متنوعة لقيمها وأعرافها بجانب قوانين وعهود ومواثيق حقوقية تتمسك بها ما يسمح لها بالعيش الحر الكريم ويهيئ لمقارعتها أية قوة تريد مصادرتها..
إننا ندرك حجم الاندفاع إلى أمام بما يكمم الأفواه ويصادر الحريات حداً باتت بعض الأصوات تنزلق لتفسيرات تخضع لرداءة الموقف من جهة تبرير مطاردة المحتوى الهابط حصريا بما ينوون ممارسته بل ارتكاب جريمته وآخرون يقعون بمطب التطبيل لفرض إرادة القانون المنتهك طولا وعرضا عندما يتعلق الأمر بممارسات القوى المافيو ميليشياوية بينما تنزلق الأمور لتصريحات تصل حد شطب أسماء محامين من سجل النقابة بحال توكلهم بالدفاع عمن يستهدفهم (القانون) وندري ويدري من يحاول الشرعنة أن أعتى المجرمين يمتلكون حق توفير المحامي على الرغم من حجم التهمة الموجهة إليهم!
وفي السجال وليس الجدل الموضوعي يندفع أولئك الذين يسعون لاعتماد القانون ووضع بصمة الشرعية عليه فيطالبون بإيقاع لا تجريم قانون العقوبات حسب بل وقانون مكافحة الإرهاب ليشملوا كل من (تسول) له نفسه انتقاد كيانات الدولة ومؤسساتها ورموزها من زعماء تم اصطناعهم في مطابخ الطائفية وإفرازات مطبخها بإسقاط الحصانة والعصمة عليهم ومنع أي نقد لهم!! وهو ما لم يحدث بأسوأ قوانين الطغيان الدكتاتوري!!
أما عند متابعة المواد التي يسوقونها على أنها مطاردة المحتوى الهابط فسنجد أمورا ليس لها علاقة بالهابط من الرسائل من قبيل منح هيأة الإعلام صلاحيات رقابية حصرية على التعبير عن الرأي مع أننا نعرفها يقينا كونها بتركيبة من ممثلي أحزاب السلطة من قوى الإسلام السياسي وهنا على سبيل المثال توصي المسودة بتجريم من يقاطع انتخابات يجيرون تفصيل قانونها على مقاسهم دع عنك أن الديموقراطية تترك فسحة للتعبير الحر عن أي راي بالمشاركة أو بالمقاطعة في ضوء إعلان الموقف مما يجري من صياغة تركيبة المؤسسات…
والآن بعد هذه الجولة بين محاور المسودة نجد أن التوجه الحكومي [بهذه المسودة] تتكامل خطاه لفرض سلطة سياسية معادية للديموقراطية ومضامين حرية التعبير والرأي ومن الضروري فتح حملة للتصويت الشعبي اليوم قبل الغد للوقوف بوجه الأحكام التعسفية القمعية وما يشرعنونه من مواقف تجتر قوانين النظام السابق
|
ومن الضروري لكل من يدرك هذه الوقائع بمؤدياتها الكارثية أن يصطف مع أبناء الشعب في مطالبة الرأي العام وكل الحركات والقوى المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان وحرية الرأي والتعبير للوقوف ضد هذا التوجه القمعي، بل الفاشي الدكتاتوري في منحاه رفضا لإقراره ومكافحة لمحاولات فرض لوائحه التي تسعى إلى تقييد الحريات العامة والخاصة..
وأطالب شخصيا بإصدار مواقف قوية وواضحة من كل منظمات المجتمع المدني الحقوقية وتلك المعنية بحرية الرأي والتعبير، لتبني الحملة الوطنية لدحر هذا القانون ومشروعه ومسعاه. وسيكون لي موقف في تبني المرصد السومري لحقوق الإنسان ومجمل حركتنا الحقوقية للحملة ووضعها بسياقات التوقيع من طرف الجميع فإلى مهام تحمي حرية التعبير وتمنع محاولات التشويش والتضليل بأي ادعاء قد يطفو من قبيل ما يشاع بشأن مطاردة المحتوى الهابط وهو إشكالية لها معالجاتها المخصوصة التي يعرفها المتخصصون ويعرفها ويدركها شعبنا..
هلا تفكرنا بما يُرسم لعراق الغد؟ فليكن فعلنا بقدر المسؤولية الإنسانية والوطنية وكذل الدستورية القانونية وحتما الحقوقية وما يحمي حرية التعبير ومجمل الحقوق والحريات.
***************************
المقال في موقعي الفرعي بالحوار المتمدن
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=784250
***************************
https://www.ahewar.org/news/s.news.asp?nid=4407773
للاطلاع على بيانات المرصد السومري لحقوق الإنسان في أخبار التمدن
***************************
اضغط على الصورة للانتقال أيضاً إلى موقع ألواح سومرية معاصرة ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/ تيسير عبدالجبار الآلوسي
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركةالتنوير والتغيير