أطربني وهالني ما وصلني من ذياك الإصغاء لحنجرة ملائكية من المغرب، ولجهد بهي لفرقة فنية في مهرجان تاموايت في ورزازات وقد آليت على نفسي قول كلمة في ذاك المنجز المهم غناسيقياً وطابعه الاستثنائي الكبير.. ولربما ساهم بعض المتخصصين في دراسته والإبحار في هويته موسيقيا غنائيا وطبعا للقراءات السوسيولوجية ورديفاتها ما قد يُغني ويفيد فهو استحقاق لا ينبغي إهماله كيما نكمل الأثر والاتصال بجمهور الفن الرفيع الذي يُطعن ليل نهار بفضائيات الفجاجة فهلا فعلنا؟؟؟
روحانيات الثورة والتنوير بين الموسيقا وحنجرة الأحرف الموسيقية وجمالياتها
ومضة سريعة
بين فينة وأخرى أحظى بهدية لا تقدر بثمن فهي محملة بمنظومة قيمية روحية أكثر منها أية ملامح مادية عابرة؛ فأحتفي بها بما يليق بها مما تستحق. أصغيت لتلك الترانيم الروحية التي اعتدت إذا ما استمعتُ إليها أن أرحل بعيداً إلى عوالم وفضاءات مازلت بعد كل تلك العقود من عمري أحتفظ لها بوقعها، طبعا عندما تكون من جماليات لا غبار عليها..
استمعت لفرقة مغربية، نقلتني عناوين إبداعها إلى ورزازات المدينة السياحية بجهة درعة تافيلالت، التي تبعد عن مراكش 200كم، وعن الرشيدية بحوالي 300كم. وكما تذكر المعلومة الجغرافية، تحدها الجماعة القروية لغسات من الشمال، ولادلسان من الشرق، ولتارميكت من الجنوب، ولأيت زينب من الغرب..
اشتهرت ورزازات بطبيعتها الخلابة، فصارت موئلا للسياحة وتصوير الأفلام السينمائية العالمية إذ تتسم باحتضانها العديد من الاستوديوهات.
كان اسم مدينة ورزازات سابقاً، هو “تمغززت” فيما جاء اسمها الأخير من دمج كلمتين أمازيغيتين هما: “ور” بمعنى من دون و “زازات” بمعنى الضجيج، لتدل ورزازت كما حقيقتها على معنى (مدينة من دون ضجيج) أو (المدينة الهادئة).
وفي رحلتي مع روحانيات ما استمعتُ إليه بإصغاء كان مهرجان تموايت.. وتموايت اصطلاح أمازيغي، يعني حرفياً كما ورد في مواقع إلكترونية: “المرافقة”، أو بتعميم أشمل يشير إلى: “أغنية المسيرة”. ومادته الشعرية أمازيغية تُغنّى بصورة فردية، لإبراز العواطف والانفعالات الإنسانية بمزج الفرح إشارة للأمل بالمعاناة إشارةً إلى التحديات وآلامها في مزج للثنائية وتضاد طرفيها.
أما المهرجان، مهرجان تاموايت فتنظمه عادة، كما اطلعت “جمعية أنفاس للبحث الفني والثقافي” مع مرجعيات دعم متنوعة. وكثيراً ما يشارك فيه عشرات من المبدعات والمبدعين وفرقهم بتعدد تجاريبها من كل أنحاء العالم. وينعقد في إطار المهرجان عدد من الجلسات الثقافية التي ترقى لمؤتمرات بحثية معرفية في جماليات الاشتغال ومنجزاته بميادين كثيرة عديدة. وعبر كل دوراته كان مبدأ الاعتراف والتكريم أبلغ منهج تمسك به تجاه حلقات مبدعاته ومبدعيه.
ويجب التأكيد أنّ اختيار أماكن العروض كما في “قصبة تاوريرت” التاريخية إنما يعود لرمزية المكان وفضائه بجوانبه المعمارية والتاريخية وتجليات التمدن والحضارة في بناء العقل التنويري لأهل ورزازات.
ألا يوحي لنا كل ذياك الثراء بشيء، يعيدنا للتساؤل بشأن منع الغناء في محافظة وتكفير موسيقي في أخرى وانتهاك معرض أو متحف أو محاولات تهديم المنجزات التشكيلية كما يجري في عراق ما بعد 2003؟؟
لكن دعونا من الإجابة التي أتركها لقارئتي وقارئي ولنبقى هنا مع إبداع بهي بغشراقات إطلالاته:
قراءة عجلى تتطلع للأشمل من طرف المتخصصين
والآن، هل اشتقتم لمعرفة الصوت الملائكي الساحر الذي وصلني برسالته الجمالية ومحمولاته الفلسفية الدالة؟ أخبرني صديقي التنويري الذي أفخر بصداقته المفكر المغربي الأصيل البروفيسور الفيزازي، عبد السلام أنّ الفريق الفني متكون من: المبدع الفنان إدريس مالومي Driss El Maloumi والفنانة المتألقة نزيهة مفتاح العمراني Naziha Meftah والمتألق المبدع عبد اللطيف اللعبي Abdellatif Laâbi
ما ستصغون إليه هو بعض منجز الفن الأمازيغي المغاربي من روحانيات الثورة وثقافة التنوير بين الأداء الموسيقي الساحر وبين حنجرة تعزف أحرف الكلمات فتحفرها في أنفسنا وذائقتنا بروائع جمالياتها.
الجملة الموسيقية لا تلتزم مقامها أحادياً جامداً كما عهدته الأذن الموسيقية في روتين السيمتري المعياري المكرور بكل نغمة بل تميل به إلى تنويعاتها النغمية وتأخذه في سياحة روحية سامية بفضاء تعدد المستويات وتلوين اللحن بتنقلات، (هارمونيةِ الوصول والتلقي) من دون أن تتخلى عن إيقاعيتها لترقيص الأسماع وقلوبها.
حنجرة فريق الأداء موحدة متكاملة لتمنح دفء الصوت الجمعي الحي المتجدد لا الكورالي (المعتاد)، بل الذي يفتح آفاق الالتحام بأداء جمهور المسرح المفتوح، في فضاء المدينة بتحضّره ورقيّه مشكِّلاً هدير أغنية المسيرة بانفعالات من يتغنى به، تتحد بالآخر اعترافا وانفتاحاً ودفقا لنسغ فلسفةٍ في شجرة حياة ورزازات الثقافة وتنوير العقل والنفس.
نزيهة العمراني، لا يكفي حنجرتها وخامتها قول مبدعة متألقة وقد كانت قمة في السلطنة والسيطرة الصوتية الموسيقية، ذلك لأنها تجمع ألفة دفء تلتحم فيه الذاكرة السمعية المشارقية المغاربية في عطاء جمالي محسوس روحياً ولربما كانت تمتاح ما تستفيد به من قوانين (الدور) الموسيقية في تمرير تعددية من تنويعات أداء وتلويناته..
لقد استثمرت مساحتها الصوتية بدقة وسلامة وأضفت بتنقلاتها بين القرارات والجوابات الموسيقية تلويناً يتسق والمعاني المقصودة في كلمات شعرية لعبت على الثنائيات والمزدوجات وإيحاءات دلالاتها، فمنحتها قوة تعبيرية مضافة عبر ما يقترب من (أغنية المسيرة) مرة وأغاني الثورة في مرات أخرى وهدير الحناجر عندما تتلاحم تعبيريا جمالياً مع أنها كانت تغني بانفراد مقصود..
لماذا لا نستقبل تلك الفرق وتلك الحناجر ورسائلها الجمالية في فضائيات شرقنا المأزوم؟ ولكنه الذي تتطلع جماهيره إلى تجديدٍ يحتوي خطى تنويرية مشرقة للتغيير؟
إنه استحقاقٌ أنْ نتابع تلك المهرجانات الثقافية الغناسيقية؛ واستحقاق للتفاعل بين تجاريب متناظرة تدعم الأهداف السياحية من جهة وغناها الثقافي وبنائها الإنسان الجديد واستحقاقات وجوده الحر..
واسمحوا لي باختتام من كلمات الأغنية التي تقول:
ترهبني الصفحات الكبيرة
أشطرها نصفين
لأكتب أنصاف القصائد
***
يوما ما علينا أن نعتذر للأرض
وهذا مجرد مقتطف من منجز “عين القلب” وهو بحق إطلالة تفي برسم الإشارة لروائع إبداع وجمالياته تتطلب أيضا أن نضعه حيث الدرس الأكاديمي والنقدي الجمالي بما يخدم ترسيخ تمسكنا بمبدعاتنا ومبدعينا في أفلاك حراكنا الثقافي الغناسيقي المتخصص جميعا
تحايا لكم أحبتي وكل التقدير لجماليات ما أنجزتم واستثنائية ما اشتركتم به والمستوى النوعي الذي يحكي مستوى المهرجان ومن ساهم فيه وبالتوفيق والألق دوما
رابط أغنية ترهبني الصفحات الكبيرة برجاء الانتقال للأغنية بالضغط هنا فضلا
https://www.facebook.com/100034770435209/videos/389415665560778
**************************************************************************
برجاء التفضل بالضغط هنا للانتقال إلى الموضوع في بعض أهم متابعات الصحافة
للاطلاع على نص الومضة ومعالجتها في أخبار الحوار المتمدن يرجى التفضل بالضغط على الرابط
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=740505
*****************************************************************************
جانب من قراءاتي الغناسيقية في منجز فنان الشعب الموسيقار الدكتور حميد البصري وفرقة الطريق العراقية
*****************************************************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير