لا اختلاف على أهمية التنظيم ومعانيه من ترابط العمل بصورة عمل جمعي مؤسسي منظم ينضبط بلوائح وبرامج ذات عمق وأثر في بيئتها بصورة موجهة لا تلغي المشاركة بل تمكّنها من الأداء القائم على رؤى موضوعية ومنطق العقل العلمي وتفتحه.. المشكلة بين ماسسة منظومة الخراب والإرهاب وبين مأسسة حركة التنوير وعملها الجمعي يكمن في تناقضهما وتضادهما لكن بذات الوقت ما الذي سيُفرض بالإكراه والقسر وما الذي سيكون موضوعيا مولودا ينمو وسط حركة الناس وفي ضوء جملة العثرات والانتصارات عليها كيف سيكون التوازن بين من يخضع خانعا للقسري من الانتظام والماسسةس المشوهة وبين من يتبنى العمل الجمعي بروحه الديموقراطي وكيف يمكن التقدم نحو انتصار الإنسان ومبادئه وقيمه السامية بهذا الاتجاه وسط أمراض وتشوهات وتشويهات مرضية تشيع بكثافة مثيرة للعتمة بل الظلمة؟ معالجة أقترحها عليكم وعلى تنضيجكم الرؤية بحثيا علميا
التوازن بين قدرات المأسسة وانفراط عقدها!؟
أكتب تحت وطأة الضربات العاتية الموجهة ضد العقل العلمي وقوى انتظام الفكر التنويري بطريق سلامته، وما أكتبه أحيانا ليس أكثر من تداعيات بأمل تنضيجها بدراسات المتخصصين كلٌّ بميدانه ونحن الأحوج لتلك القراءات المهمة وأعالج هنا ما أقترح تسميته دور مأسسة العمل وتحويلها إلى عمل جمعي نوعيا مقابل التشظي والتشرذم.. بين من ركب فنون تنظيم قواه لينهب ويخرب ويرتكب الجريمة وبين من افتقد لتنظيم وجوده واقعا تحت وطأة ضربات قوى التخريب المافيوميليشياوية وبات يبرر لأسلوب عمله وتمظهره المتشظي بعيدا عن وحدة العمل التنويري وحركته..
بعضهم يلجمنا بصراخ صوته الذي بات عاليا مرتفعا ليتابع التحصن خلف تبريرات يتعكز عليها من محايثة القدسية الزائفة والعصمة لكن بمبرر زعم أنه ليس دينيا ولكنه يدعي علمانيته!!
فلنقرأ في قضية المأسسة والعمل الجمعي على أنني لا أزعم لهذه القراءة أنها بحث علمي بل هي تداعيات ذهنية تأمل إنضاجها باستيعاب مراميها النقدية لأوضاع الحراك التنويري الملتبس والمتعثر بسبب ظروف ذاتية وموضوعية مركبة..
أقول: إنّ مأسسة الأنشطة وبرمجتها هي طريق عقلنتها وموضوعية الأداء والحركة أو على أقل تقدير طاقة الانتصار لمن يستطيع تنظيم أدائه في صراعه مع ما يجابهه أو من يستهدف التأثير فيه…
وفي مختلف بلدان العالم، فإنّ مَن يشتغل انطلاقاً من امتلاكه مؤسسة الدولة؛ يمتلك أخطر أداة ليس بإطار العمل المنظم المؤسسي ولكن أبعد من ذلك في أرضية دور (السلطة) في توجيه الحدث وحركته…
وإذا ما قرأنا الموقف عراقياً فإنّ من يمتلك السلطة ويديرها هم أحزاب القوى الظلامية المافيوية الميليشاوية بمعنى تلك القائمة على المال السياسي الفاسد، المتفرغ للنهب تمكينا لما يرتكب من جرائم تتفاقم مع امتداد المدة التي ينشط بها وطبعا يواصل تفكيك فرص أيّ عنصر إيجابي في الدولة لمطاردة فساده وهو ينهض بالتفكيك بوساطة قوى مسلحة ميليشياوية تفرض بلطجتها حيثما احتاجت لاكتساح متاريس النزاهة القائمة على بقايا أدوار (قانونية) للدولة ومن بقي في إطارها من عناصر إيجاب!
نرصد هنا إذن، قدرة ((مأسسة)) أنشطة الخراب والإرهاب بمستوياتها بدءاً بتشكيلات العصابات المافيوية وقدراتها اللصوصية مروراً بتشكيلات المجموعات المسلحة الميليشياوية وقدرات البلطجة بكل ما تعنيه من فرض خطاب العنف ودمويته ووحشية همجيته؛ لتلتئم لاحقا بخيمة تجمعهما في إطار (مؤسسة) الدولة المستغلّة هراوةً كليةً شاملة بأيدي زعامات كربتوقراط السلطة، بتنظيميهما المافيوي الميليشياوي ومن ثمّ إشادتهما ((النظام الكليبتوفاشي)) حاكما مطلقاً يعبث بمنظومة القيم تخريباً وبالوجود الإنساني إرهاباً؛ يُحيل المواطن لمجرد ضحية مشلولة ينفرد بها بعد أن يحقق تشرذمها وتشظيها وغرس طابع الفردنة والشللية وسط الوجود الإنساني حيث تطفو صرخات كل امرئ يقول يا نفسي ومصالحي الخاصة أقصد تخريب القيم وضوابط السلوك والعيش…!
في هذه الأجواء، نجد أن سلطة المأسسة والتنظيم جد صلبة قوية عند قوى الخراب والإرهاب فهي متماسكة بطابع العلاقات التي تُحاك للمافيات والميليشيات؛ أيّ انطلاقا من سطوة العنف التصفوي الذي ينتظم بالاستسلام\الخضوع المطلق أو الموت حيث لا مخرج ولا انسحاب من تلك الحلقات المتشكلة، لتتسلق كل المستويات وتحتلها وتفرض وجودها عليها اخطبوطا كلي السلطة بمؤسسة (الدولة)..!
بالمقابل يعيش المواطن حال التخدير بين الاستسلام لـ(القدرية) التي يُفترض أن لا مناص من الخضوع لها بوصفها مما يمسّ اعتقاده الديني بالإشارة إلى المواطن المبتلى بخطاب مشوه لا يمكنه بهذا التفكير ونهجه أن يتمرد عليه..
فالزعامات والمرجعيات المنظمة تلك، تنثر مزاعم اعتصامها بالدين السياسي وأنها مقاومة (إسلامية) وأنها تمتلك صكوك الغفران والتمثيل (الحصري) للإله وعلى الجميع الخضوع للمطلق من الأوامر الآتية من الغيب المزعوم!!
هنا نجد أيضاً، حتى قوى تنويرية تتخذ قراراتها بنهج يتخيل أنه يتمسك بالديموقراطية، كما الموقف مما يسمونه (انتخابات) فكل قوة تتخذ موقفها منها، بإيهام يظن أن كل قوة حرة مستقلة في اتخاذ الموقف وأن استقلاليتها وحريتها تكمن في إعلان قرارها لوحدها منفردة!!!
الكارثة هنا أن المنطلق عند بعض أطراف محسوبة على حركة التنوير والتغيير هو مسمى انتخابات؛ فهي عملية (مقدسة) ملزمة للجميع عند تلك القوى التي مازالت تعلق الآمال أو الأوهام على تلك التمثيلية.. وأن عدم المشاركة ستجعلهم خارج (الوجود) ولكن أي وجود!؟ إنه وجود الدولة المملوكة بالمطلق من الفاسدين وهي المستعبدة منهم بالمال والسلاح!! ذلك ما لا يخفى حتى الأمي ضعيف التجربة…
ويتناسى من يقرر المشاركة أن تلك المسماة انتخابات ليست سوى أداة لشرعنة اللص وسلاحه وإقرار سطوته والتسليم له بمطلق نهجه والنظام الذي قرر فرضه، بمعنى تسليم رقاب الناس له ومن ثم المشاركة بخدمته سواء بصورة مباشرة أم غير مباشرة.. لا ينفع هنا، ادعاء النيات الطيبة أمام ما سيحدث من مخرجات مفروضة مسبقا؛ لن يكون فيها شيء لصالح الشعب ولا الوطن!!
إن تلك المواقف تبدو كحكاية استعراضات أو بطولات تدعي ((استقلالية)) هذا التشكيل التنويري أو ذاك وهي في الحقيقة، الفسحة الوحيدة التي يسمح بها نظام كليبتوفاشي لتمرير ألاعيبه وتكريس احباط المجتمع من جهة وانكسار الإرادة الشعبية للمواطن الإنسان من جهة أخرى؛ فيما يحتفظ النظام بوجوده ونهجه، تتعمق بالمقابل شروخ بعض قوى تنوير سواء بتجديد عزلتها وانفصامها عن المجتمع أم بتكرار شرذمتها وتشظيها بين مسميات ولن أقول تنظيمات لأن مفهوم التنظيم والمأسسة بعيد تماما عنها…
إن معالجتي هنا، تريد وضع إشارة بسيطة إلى فشل:
- ولادات (تشكيلات) غير مدركة لمعنى (تنظيم ومنظمة) فتولد بصيغ هزيلة..
- تفريغ تلك التشكيلات (الجديدة) والأخرى المنسلّة عن تنظيمات تاريخية من أسس العمل ووقوعها برسم برامج هلامية شعاراتية مفرغة..
- وفشل يؤدي إلى خلل نوعي في معاني العمل الجمعي المؤسسي المنظم.
- وإلى تشرذم التنظيمات بين اشتغالات شللية متشظية تبرر صراعات أفراد يقفون على رأس الاشتغال لتحميهم قدسية مزيفة.
وهكذا لا تستطيع أن تمارس تلك التشكيلات (المنظمات والأحزاب) الديموقراطية لأنها ليست منظمة ولا مُمَأسسة بل موجودة بهياكل يكتنفها الخلل بين المركزي المطلق القائم على قدسية الرأس وعصمته من الخطأ وبين التعددي القائم على التشرذم والتشظي أو كما يقول عراقيون (الرويسية) كلها زعامة ورئاسة والحوار لا ينصب على الموضوع بل على من يديره ومكانه الفوقي وما الغاية…
لا يعني ذلك سوداوية مطلقة بل يعني أنه من رحم المشكلات وتفاقمها ستبدأ وإن بوقت لاحق أجنةٌ سليمة بالبحث والتقصي وأنها تستطيع إدارة حركة نموها ومن ثم ولادتها وتقدمها نحو استعادة وجود موضوعي منظم بمعنى قوة لها طابع مؤسسي وعمل جمعي نوعيا يمكنه فرض إرادة التغيير لأنه يعبر عن إرادة الشعب..
فلنتنبه أن الفارق بين تنظيم بحق وبين اجترار تشكيلات ماضوية تؤسس للتشرذم والتشظي سلفا سيبقى متناقضا نوعيا لا يسمح بتعايش تلك التشكيلات ولا فرص إدامتها ..
إنما المطلوب تثقيف بهوية منحتها للبشرية التجاريبُ البشرية في إدراك هوية التنظيم والعمل الجمعي المؤسسي لا مجاميع الشللية والفردنة واستعراض عضلات وبطولات دونكيشوتية تصارع طواحين الهواء…
القضية واضحة المعالم ((للتنويري الحق)) فلا ينشغلن طرف ينتمي لقوى التغيير بعبثية المجريات التي انتظمت بإطار لادولة المافيا وميليشيات إجرامها فلن تحظى بلقمة من فتات النهب والسلب وليس سليما أن تشارك باللعبة إلا إن رضيت باقتسام الغنيمة بمعنى خضعت لمفهوم الغنيمة لا المنهوبة بل المستعبدة بالحديد والنار…
لا وجود لدولة لتشترك [أيها التنويري] في أي جهد مؤسسي ومن هنا فإن الهدف المباشر يقوم على لقاء القوى الواعية السليمة من حركة التنوير والتغيير لتنظيم الناس في حركتها التي تسترجع سلامتها ونزاهتها بعيدا عن عبثية اللعبة ودواماتها المختلقة وتلك هي الاستقلالية عن النظام وليس عن حركة التنوير وقواها..
فتنبهوا إلى أن تنظيم مرتزقة حصان طروادة حتى الآن ما زال يسيطر على المشهد وألا مجال إلا لتنظيم شعبي هو الوحيد الكفيل بالرد واستعادة الوطن وحريته والناس وتلبية تطلعاتهم..
فهلا قرأتُ ملاحظات بل دراسات المتخصصين بإشعال أنوار العقل العلمي بدل سفسطات تبرير الارتهان لقوى (لادولة) الفساد والعنف!!!؟
***************************
مقالتي”التوازن بين قدرات المأسسةوانفراط عقدها!؟”بموقعي الفرعي بالحوار المتمدن
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=727421
***************************
***************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي اضغط هنا رجاءً