أوضاع منفلتة تُطلق فيها أيدي مافيات مثلها الأعلى (المال) الفاسد طبعاً، وتجول وتصول ميليشيات مسلحة وأصابع الأيدي على زناد البلطجة والترويع، هنا لا يمكن لعاقل أمين صادق أن يزعم ألا وجود للاتجار بالبشر إذ يتحول الإنسان في ظل ذلك إلى سلعة تباع وتشترى.. فيجري إذن تشييء ذاك المغلوب على أمره ومن ثم فتح أسواق النخاسة بالمستلبين إرادة القرار.. ملايين عراقية خضعت قسراً وإكراها لقوانين الاتجار بين تسويق طالبي اللجوء ومخيمات النجاة وبين استعباد جنسي واجترار نخاسة الزمن المنقرض هناك أكثر من اتجاه للعبث والإكراه والتحكم بمصائر البشر بين كل تلك الأسواق وما تتضمن من عبودية واسترقاق.. في اليوم العالمي لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر هذه كلمة للعراق والعراقيين عسى يتحدوا للانعتاق والتحرر
الاتجار بالبشر جريمة بشعة تتفاقم بين الفئات الهشة وعلى حساب الثغرات المجتمعية
إن أحد أشكال الجريمة الدولية المنظّمة يتمظهر فيما أطلق عليه القانون اسم: (الإتجار بالبشر) وهي مثل عديد الجرائم باتت تدرّ على المجرمين مليارات الدولارات، على الرغم من أنها تجسيد حيّ لاجترار ظاهرة العبودية في عصرنا الحديث. إذ ينظر المجرمون إلى ضحاياهم، ضحايا الاتجار على أنهم مجرد (سلعة) يمكن (استعمالها) و\أو (بيعها وشراؤها) لتحقيق مكاسب مالية؛ ما يعني ضمناً تجاهلاً تاماً لكرامة الإنسان وحقوقه وحرياته إذ يُعامل معاملة العبد بالمطلق.
وتُعرَّف جريمة الاتجار بالبشر بنص المادة الثالثة من بروتوكول ((منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالبشر))، كالآتي: ((الاتجار بالأشخاص” هو تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواء أولئك الأشخاص أو استقبالهم بوساطة استغلال حاجاتهم أو إكراههم بالتهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال الأفعال القسرية كالاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو استغلال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا ومكافآت لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال .. ويعد عدم موافقة الضحية على فعل استغلالي توكيداً على أن ذلك الفعل هو اتجار بالبشر مثلما أيضاً يعدّ تجنيد طفل أو نقله أو تنقيله أو الإيواء أو استقباله لغرض الاستغلال جريمة اجار حتى إن لم يتوافر على محددات وصف الفعل المثبتة في المادة الثالثة المذكورة في أعلاه))
وإذ يتم استهداف الفئات الأضعف مجتمعياً ، فإنّ ذلك لا يتم من دون استخدام أما الخديعة والإيقاع بالضحية استغلالاً لحاجتها الماسة أو الإكراه والابتزاز في ضوء أوضاع متفشية في منطقة أو أخرى. مثلما الحال بوجود ميليشيات وسطوتها وبلطجتها ما يمكن من أفعال إجرامية كثيرة، مثلما يجري في العراق اليوم في ظل اضطراب أوضاعه والانفلات الأمني فيه…
أما الضحايا فبمجرد وصول وجهة بعينها، يتم تجريدهم من حرية الحركة وإرادة اتخاذ القرار بوساطة الإيذاء الجسدي أو بالتأثيرات النفسية الضاغطة حيث يخضعون بصورة استعباد للمتاجرين بهم سواء من يقوم بالتهريب أو أي شكل استغلالي آخر مثل الاتجار الجنسي أو التشغيل القسري وما يُسمى السخرة.. إلى آخر تلك الجرائم
وجرائم الإتجار بالبشر تتضمن ارتكاب عدد من الجرائم الأخرى، منها تدفقات الأموال غير المشروعة بأيدي أطراف تهدد الأمن والاستقرار المجمعي الأهلي وربما تدخل بتمويل الإرهاب وجرائمه، بجانب استخدام وثائق السفر المزورة، ولنقل هنا تضمنها جرائم التزوير باشكالها، فضلا عن الجرائم السيبرانية التي باتت ظاهرة خطيرة متفاقمة اليوم…
أما أشكال الاتجار بالبشر أو استغلالهم في تلك الجريمة، فتتم في هذه الصور:
- استغلال النساء وكل الأشخاص المتاجَر بهم بالدعارة والأنشطة الجنسية.
- استغلال الأطفال في تلك الجريمة، بما يتضمن المواد الإباحية.
- كل أعمال السخرة.
- أية خدمة تُمارس بالابتزاز أو بصورة قسرية غير موافق عليها من الضحية.
- استعباد الشخص أو ممارسة الاسترقاق معه أو أية ممارسة شبيهة بالرق والعبودية.
- دفع المرء لشبكات التسول. بمختلف الضغوط والممارسات
- جرائم استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية، أو أي جزء منها بصيغ السرقة.
ولتعريف ما ورد من مصطلحات استغلال يدخل بإطار الاتجار بالبشر نقول:
- إن الاستغلال الجنسي: ويُقصد به استخدام شخص \ أشخاص، ذكراً أم أنثى، لإشباع شهوات آخرين سواء بالاغتصاب وهتك العرض، أو أي انتهاك أو فعل فاضح مخلٍّ بالحياء والقيم العامة، أو استغلال الشخص في إنتاج صور أو أفلام أو عروض إباحية.
- أما العمل بالسخرة: فيشير إلى حال تكليف شخص \ أشخاص بعمل بلا أجر مقابل وبصورة قهرية، يتضمن ذلك إذن، حرمان الشخص من حقوقه الأساس كما ذكرنا للتو الأجر مثالا، أو من أيٍّ من ظروف العمل الملائمة: كوجود حد أقصى لساعات العمل، وشروط السلامة المهنية وغيرها من تفاصيل رئيسة مهمة.
- فيما انتزاع أية خدمة قسرياً: تعني أخذ تلك الخدمة رغماً عن الشخص باستخدام القوة العنفية أو التهديد باستخدامها، أو بوسائل إجبار وإكراه بما لا يدخل بقبول الشخص بتقديم تلك الخدمة أو ممارستها طواعية، سواء تم ذلك بأجر أم من دونه..
- ومن الاتجار بالبشر ما يدخل باصطلاحات الاستعباد والاسترقاق وما يشبههما وكل منها له محدده بالقانون: فالاستعباد: إخضاع شخص قهرياً لشروط عمل أو أداء خدمة، أو كلتيهما بما لا يستطيع الانعتاق منهما أو تغيير شروطهما. فيما الاسترقاق يشير لحال إدخال شخص في الرق بمعنى ممارسة أي سلطة تترتب في ضوء حق الملكية، بغرض الاتجار بالأشخاص، لا سيما النساء والأطفال. لكن يشدد القانون على أنَّ العمل القسري أو الإجباري، بضمنه التجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة، وكذلك الزواج القسري و\أو الأعراف والممارسات التي تبيح وضع شخص تحت تصرف آخر هي مما يعدّ مما يشبه الاسترقاق والاستعباد في أحكامه.
- وفي ظاهرة الاتجار بالبشر يدخل فعل استئصال الأعضاء أو الأنسجة البشرية بوصفه جريمة أخرى عندما تتم بطريق غير مشروع ولأي غرض أُخِذت أو انتزعت وسرقت..
إنّ بلداناً تفتقد الاستقرار والسلم الأهلي كالعراق وعدد من بلدان المنطقة تصبح فيها جرائم الاتجار بالبشر ظاهرة تشكل شرخاً كبيراً وخطيراً في المجتمع حيث تتفاقم أوضاع الفئات الهشة وأولهم النساء والأطفال..
لقد نزح ملايين العراقيات وأطفالهن ومجموعات من أتباع الديانات والمذاهب بأكملها كما المندائيين والإيزيدية ومسيحيي محافظات كثيرة خارج منازلهم (داخلياً).. ووقع قسم آخر منهم تحت ضغوط التهجير القسري ما دفع بعضهم إلى فضاءات خارج البلاد!
ويمكننا القول هنا، إنّ شواهد خطيرة كانت ومازالت تُرتَكَب في إطار الاتجار بالبشر عراقيا وشرق أوسطيا وكما في الأمثلة الآتية:
- التعامل بشخص طبيعي بيعاً وشراء أو وعداً بفعل ذلك.
- نقل الأشخاص، برياً بحرياً جوياً، بمقابل أو من دونه، وسواء داخل الحدود أم خارجها بقصد الاتجار بهم.
- تناقل الضحايا المُتجر بهم من شخص إلى آخر، سواء داخلياً أم خارجياً.
- إيواء الأشخاص أو أو تسلمهم أو استقبالهم بقصد الاتجار بهم، أو بوجود العلم بغرض الاتجار بهم.
وقد استخدم ويستخدم المتاجرون بالبشر وسائل تنظيم أنفسهم وأنشطتهم بعصابات ومنظمات محلية ودولية تستعمل:
- القوة أو العنف والابتزاز أو التهديد بها.
- الاختطاف.
- الخديعة والاحتيال وتقديم وعود بمكافآت.
- كما يستغل المجرمون خروقات بنيوية داخل السلطة.
- مثلما يستغلون حال هشاشة الفئات الأكثر ضعفا أو ذات الحاجة.
لقد اضطر بعض أفراد من المنتمين لــ(الأقليات والجماعات الأكثر تهميشا) على ممارسة أعمال مضرة بالصحة من دون تأمين مهني مناسب، وضمنا وقعوا في بعض الأحيان بالاستعباد والاسترقاق كما حدث من مأساة إيزيديين ومسيحيين وغيرهم آخرين بلا إحصاء فعلي يحترم وجودهم الإنساني. ويُعتقد أن الاتجار بالبشر كان ومازال أسرع أنشطة الجريمة المنظمة العابرة للحدود نمواً. على الرغم من إدانة الجريمة بأوسع نطاق في المحافل الدولية بوصفه انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان، فضلا عن خضوعه لرقابة شديدة في داخل الاتحاد الأوروبي وعلى الرغم من ادعاءات أخلاقية وعرفية برفض الجريمة من قوى حاكمة في بلدان منطقة الشرق الأوسط الديين على سبيل المثال قيميا فيما (رجال) دين هم من يقود عصابات ومافيات بهذا الميدان
لقد كانت آخر الأخبار المنبهة تشير إلى آلاف عراقيين تتم المتاجرة بهم بين ضفتي بيلاروسيا وليتوانيا عبر تهريب طالبي لجوء وقعوا اليوم تحت قبضة تجار بشر وأعراف جرائمهم حيث يضطر قسم كبير منهم على أعمال لا يرضون ممارستها لولا وجودهم في تلك السياقات الاضطرارية القسرية بخاصة منها موضوع دفع أثمان نقلهم التي تؤشر الظروف أنهم دفعوها هباء بعد قرار إعادتهم من حيث أتوا وقد استنزفهم المتاجرون بهم……
هناك اليوم آلاف من الأطفال يعملون أعمالا خطرة كما في معامل الطابوق وآخرون يجري الاتجار الجنسي بهم مثلما يجرون أرجل أمهاتهم بالموضوع دع عنكم استخدام آلاف أخرى في تجارة المخدرات أو تجنيدهم في الميليشيات وكل تلك المؤشرات تساعد الحكومة التي تكون جدية بممارسة دورها في مطاردة المجرمين على وفق القوانين الدولية لكن ذلك لم يحصل مع مرور ما يقارب العقدين على التغيير الراديكالي في العراق مثلا..
إننا اليوم في اليوم العالمي لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر نؤشر وجودها بل استفحالها ظاهرة خطيرة بمجتمعاتنا ما يتطلب موقفا واضحا ملموسا في مطاردة المجرم وفي معالجة الشروخ المؤدية لتسهيل ارتكاب الجريمة وتمكين المافيات الدولية والمحلية من الاتجار بالبشر..
ونؤكد على ضرورة التثقيف وسط منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني بالخصوص مع نشر ثقافة حقوقية بأوسع نطاق وتشريع ما يحول القوانين والاتفاقات الدولية إلى مواد قانونية إجرائية يمكنها أن تقف بوجه التشوهات القيمية وارتكاب الجريمة
وإلا لإغننا سنبقى بمشاهدة عينية رخيصة تنتهك كرامة الإنسان مثل سرقة الكلى لمرضانا بمستشفيات الوطن والخارج وسنبقى على ظواهر البغاء الفعلي والمتستر عليه الذي يمارسونه بمظلة الشرعنة الدينية بفتاوى زواج القاصرات والمتعة والمسيار وغيرها من اشكال ومسميات دع عنكم وجود عشرات آلاف المضغوطين اضطراريا لقبول الهرجة غير الشرعية وكيف ابتلعت البحار والغابات وغيرها أجسادا غضة بريئة..
لنقف بشجاعة ونجابه المجرم يوم تصير جريمته شرعية تمررها سلطات رسمية أو تغض الطرف عنها أو تسمح بها بمختلف الأعذار والمبررات..
لا اتجار ولا عبودية بعد اليوم ومن يصمت يعد مشاركا بالجريمة
***************************
المعالجة بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن تفضل بالضغط هنا
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=726613
***************************
***************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي اضغط هنا رجاءً