أصدر مجلس الأمن بيانا تضامنياً مع العراق وتضمن توكيداً على دعم البلاد ضد (كل) الأعمال الإرهابية بوصفها (جرائم) ضد الإنسانية وجرائم إبادة وحرب يعمل المجتمع الدولي على أداء دوره على وفق القوانين الدولية وتضمن البيان دعما للحكومة بقصد الوصول إلى ما يلبي تطلعات الشعب في إنهاء كل أشكال انتهاك الحرمات من مافيات وميليشيات وغيرها.. وقد سمّى الديموقراطية نهجاً ونظاما بديلا لا يسمح بتلاعبات وغسقاطات المنظومة القائمة وسلطتها
ما الذي ينتظره العراق من المنظمات الدولية الفاعلة؟
|
في متابعة أخرى لمجلس الأمن الدولي، دعا المجلس يوم الأربعاء 22تموز يوليو، لمحاسبة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومنظميها ومموليها في العراق وتقديمهم إلى العدالة؛ ولم يسمِّ هنا ظاهرة إفلات المجرمين من العقاب بوصفها أحد أبرز مشاهد الوضع العراقي طوال عقدين من السنوات العجاف سواء للسلطة الأممية بعد 2003 أم لأي دور لها في التعامل مع الأحداث الجارية وطبعاً لمجمل الحكومات المحلية المتعاقبة..
لقد ندَّد أعضاء مجلس الأمن في بيانهم الأخير، “بـ(أشدّ العبارات)، بالهجوم الإرهابي الذي وقع بمدينة الثورة ببغداد يوم الاثنين الماضي، وأسفر عن مقتل 35 شخصا وإصابة ما لا يقل عن 60 آخرين.. وهو الحلقة من حلقات الهجمات الإرهابية المرتكبة في البلاد..
ولقد أعرب الأعضاء عن خالص (العزاء) في الضحايا وتقدموا بـ(تعازيهم) لأسر الضحايا ولـ(حكومة العراق) متمنين الشفاء العاجل والكامل للمصابين، مشددين على أن الإرهاب بجميع أشكاله ومظاهره يشكل أحد أخطر التهديدات للسلم والأمن الدوليين…
ولكن الأهم في البيان، مما ينظر إليه الشعب العراقي نفسه، من جهة الفعل وآثاره المؤملة؛ أنّ أعضاء المجلس أكدوا دعمهم ((لاستقلال العراق وسيادته ووحدته وسلامة أراضيه وعملية الديمقراطية وازدهارها فيه؛ التي لا تتم من دون محاسبة مرتكبي هذه الأعمال الإرهابية المشينة ومنظميها ومموليها ورعاتها وتقديمهم إلى العدالة)).
إنّ استمرار مجلس الأمن بمتابعة مهامه في حفظ الأمن والسلم الدوليين سيبقى موقفاً جوهريا ينبغي استثماره في دعم الشعوب والدول لتمكينها من إدارة أوضاعها بسلامة وبما يكفل تجنيبها الهزات الراديكالية المتعاقبة بلا منتهى ما يديم أسْر وارتهان أوضاعها بأيدي الجريمة والمجرمين…
وعليه فإن إعلان التضامن مع دولةٍ وشعبٍ، لا يمكنه أن يؤدي مهامه المبتغاة، ما لم يستجب فعليا لإرادة الشعب في بناء دولته على وفق القوانين وقدرة تنفيذها ومنع إفلات من يرتكب الجرائم بخاصة هنا الإرهابية التخريبية من العقاب..
ولقد فضح العراق والعراقيين عبثية سلطة تحكَّمت برقابهم ومصائرهم وشكَّلت حكومات متعاقبة خضعت لإرادة (أحزاب الطائفية) من طبقة مافيوية كانت ومازالت تحميها أجنحة ميليشياوية فاشية.. وبهذا قرر العراقيون إجراء انتخابات تأتي بخيارهم وليس اجترار منظومة السلطة الكليبتوفاشية بأيّ حال..
وهكذا فإنَّ الانتخابات التي أرادها الشعبُ تبقى سلامتها واستجابتتها لمطالب الشعب وأهدافه، مشروطةً بالنزاهة وبسلامة شروط إجراء مفرداتها من:
- حلِّ الميليشيات وتوفير أجواء آمنة لا عنف فيها ولا ابتزاز.
- منع المال السياسي الفاسد بإنهاء سطوة مافيوية لشراء الأصوات.
- فصل الدين عن الدولة ومنع (طبقة) رجال الدين من العبث بذهنية المواطن سواء بتسويق قوى الإسلام السياسي بفتاوى تضفي القدسية عليهم أم باستغلال منطق الخرافة في حشو الذهنية التي جرى ويجري تجهيلها.
لقد تمّ استغلال هذا المثلث المتكوّن من: سلاح العنف والمال السياسي واستغلال الدين، أبشع استغلال فجرى بوساطته إدامة إعادة إنتاج النظام الذي تحكّم بالبلاد والعباد طوال عقدين من الزمن!
فهل يُعقل للمنظمات الدولية أن تدعم إجراء انتخابات بتلك الشروط وهي تعلم تزويرها سلفاً! وهل يُعقل أن تسمح بإعادة إنتاج نظام على حساب الخيار الشعبي وإرادته التي أعلنها في انتفاضة شعبية شاملة وأكدها بمقاطعة ما يُسمونه انتخابات بظل احتفاظ السلطة بمثلث حكم طبقة كربتوقراط محمية بميليشيا فاشية!!؟
من جهة الشعب ندرك حقيقة أنه قاطع بنسبة لا تقل عن 85% في آخر ما جرى من انتخابات وها هو يعلن مسبقاً رفض إجراء الانتخابات بظل ذات الشروط وسطوة مثلث الشر الذي استعبده ونهب السلطة منه..
ومن جهة المجتمع الدولي فنحن ندرك كيف رفض العالم مخرجات ما تمت تسميته انتخابات لم تلتزم بشروط النزاهة والسلامة ودانها ولم يعترف بها.
وبقدر تعلق الأمر بالشعب العراقي فإنه يعبر عن تثمينه لكل موقف بناء ولكنه يطالب بوساطة قوى التنوير والتغيير التي قاطعت الانتخابات بموقف حازم بدعم شرعية مطلب إجراء انتخابات عادلة نزيهة سليمة الشروط لا تسمح بإعادة إنتاج مستغليه قتلة أبنائه وهو الأمر الذي يعيد لبيانات التضامن الآتية من المجتمع الدولي ومجلس الأمن مصداقيتها وفاعلية مؤازرها جهود بناء الدولة العراقية المنهارة بخلفية النهب واللصوصية وإرهاب قوى العنف الميليشياوية المتحكمة بالمشهد اليوم ومنذ 2003…
إن دعم الشعب بصياغة عبارات فضفاضة من قبيل حثّ جميع الدول “وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة على التعاون بنشاط، مع (حكومة العراق) و(جميع السلطات الأخرى) ذات الصلة في هذا الصدد.”.. وتنويه أعضاء المجلس على أنَّ: “أيّ أعمال إرهابية هي أعمال إجرامية وغير مبررة بغض النظر عن دوافعها وأينما ومتى ارتُكبت وأيا كان مرتكبوها”.ومن ثمَّ إشارة بيان مجلس الأمن الأخير إلى: “ضرورة أن تكافح جميع الدول، بجميع الوسائل، وفقا لميثاق الأمم المتحدة والالتزامات الأخرى بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي لحقوق الإنسان وقانون اللاجئين الدولي والقانون الإنساني الدولي، التهديدات التي يتعرض لها السلم والأمن الدوليان من جراء الأعمال الإرهابية.”
إن ذلك عندما يكون موجهاً حصراً بخطاب يؤكد إدامة التوجه لإجراء (انتخابات) في ظل استمرار سلطة مثلث الجريمة فإنه يفرّغ توكيد أعضاء مجلس الأمن ((دعمهم لأمن العراق واستمرار الحرب ضد الإرهاب، بما في ذلك ضد داعش)). لماذا يفرغه من المضمون الفاعل؟
الجواب؛ لأنّ وجود مثلث الجريمة، لا يعني فعلياً عملياً سوى إعادة إنتاج (نظام) كشفت حقيقته كل المؤشرات الدولية عبر صوت الشعب العراقي وعبر مراصدها الإحصائية العلمية الموضوعية، بأنه: ((النظام الأكثر فساداً وعنفاً))، ما خلق ليس مجرد منظومة قيمية خربة بل سلطة ((نظام كليبتوفاشي))؛ أي كليبتوقراطي فاسد بكليته وشمولية أدائه وعنفي يُرهب الشعب ويبتزه.. أي أنه نظامٌ ينهجُ بانتظام الجريمة الإرهابية المافيوية ضد شعبه بشهادة عشرات آلاف الضحايا بل مئات آلافها وملايينها…
ولا يعقل حتماً أن تقف دولة مع هذا النظام وحكومته وليس المجتمع الدولي.. ومؤكد لا يمكن لحامي الأمن والسلم الدولي ممثلا بمجلس الأمن أن يقف مع طرف لا يقف عند إرهاب شعبه وقمعه ونهب خيراته بل يهدد الأمن والسلم الدوليين [نذكر بأن سلطة الميليشيات واستعراض العضلات والجرائم التي ترتكبها إذ تأتمر بملالي نظام الإرهاب بطهران وغيره] ما سيكون وبالا على هذا الشعب المبتلى، إذا ما أعيد إنتاج النظام ومنهجه الكليبتوفاشي ذاته بحكومة يتم تنصيبها من طرف ما يُسمى زورا وبهتانا (أحزابا) وهي عصابات مافيوية ميليشياوية واضحة الأهداف للقاصي والداني.
إن المطلوب اليوم:
- أن تتوقف الجهات الممثلة للمنظمات الدولية عن التعامل مع منظومة تكرّس فلسفة أو نهج ولاية الفقيه الديني ومعطيات تسويق حكم الإسلام السياسي بكل أجنحته إذ لا ديموقراطية ولا حداثة لنهجها وغياياتها!
- أن تتوقف تلك الأطراف الدولية المسؤولة، عن دعم حكومة تأتمر بسلطة أحزابٍ تدير لعبة الإرهاب وعنف سلاحه الوحشي بيد والفساد وسطوة المال المافيوي باليد الأخرى..
- أن تتوقف عن استقبال ودعم ما يكرس الدولة الدينية وسطوة مرجعياتٍ، يتم إسقاط الهيبة عليها، على حساب هيبة الدولة ومرجعية الشعب في تقرير مصيره وخياراته؛ بالتعارض مع وجود الدول الحديثة وعلمانيتها ومنهجها الديموقراطي..
إن العراقيات والعراقيين اللواتي والذين ابتلوا بسلطة ظلامية أفسدت فاستعبدت الشعب طوال عقدين؛ ليتطلعون إلى مواقف غير كلامية من جهة وفعلية لا يجري تفريغها من معانيها في تعاطيها الميداني المباشر. فالجميع يدرك أنه حتى تلك القوى المافيوية تتحدث وتزعق بكونها ضد الفساد وتحارب الفاسدين، وهو مجرد تقية وتعمية فالشعب وكل العارفين يدركون كيف يتم نهبه وامتصاص جهوده وخيراته!! وحتى القوى الإرهابية بكل أجنحة ميليشياتها، يدوي صراخُ رصاصِها ومتفجراتها ليذبح ليل نهار ويطيح برقاب الأبرياء!!
والعبرة ليست بما يُعلَن من بيانات وكلمات وإنما بالمواقف الفعلية التي تعالج الثغرات البنيوية الأخطر وجوديا؛ فلا تتعامل مع طرفٍ، فيُفضي ذاك التعامل لتكريس منظومة الجريمة والمجرمين!!!
إننا نثمن عاليا تناول أوضاع العراق بوصفها أولوية تتطلب تلك البيانات والتصريحات.. ولكننا ندعو للانتباه على مفردات الواقع ومناهج من يديره، بما يعني أن الشعب العراقي لا تمثله حكومة أسقطها الشعب ولا أخرى وُلِدت من رحم سابقتها بل حكومة انتقالية تدير الفعالية التأسيسية الجديدة بما يستند إلى أنَّ (الشعب هو صاحب السمو الدستوري) وقد قرر الشعب تغيير سلطته ومنهجها وانتخاب حكومة ترفض منهج الدولة الدينية وتلبي إعادة تأسيس السلطة بصورة بنيوية كلية لا تجتر فيها ما يترك شروخا في بنيتها أو يعيد إنتاج ما أسقطه الشعب بفضل تضحياته الجسيمة التي دفعها بدماء بناته وأبنائه..
إننا نتطلع إلى فرض إرادة شعبنا وخياراته وليس لمجاملة حكومة أو تكريس سلطة ونهجها ونظامها وهو ما يتطلب استمرار نضالات الشعب من جهة وإلى دعم مخرجات جهود الحركة الشعبية وقواها التنويرية بمزيد ضغط على الحكومة القائمة كي لا تخضع لإرادة سلطة كليبتوفاشية كما يحدث فعليا اليوم… وإلا فإن بيانات تصل من المجتمع الدولي ستبقى قاصرة عن إدراك سليم الخطى نحو التغيير تلك التي تستجيب لمطالب الشعب وإرادته…
فهل سندرك ذلك ونتخذ الإجراء المناسب لإيصال صوت الشعب المغلوب على أمره وإقرار مطالبه ومنهجه البديل!؟
هل ستنقل القوى المقاطِعة الرؤيةَ الصائبةَ إلى المجتمع الدولي؟ وهل تمتلك بديلها الذي توصي به باسم الشعب وعلى وفق إرادته وما طالب به في ميادين الاحتجاج وحراك انتفاضته وثورته؟؟
عندما يوجد ذلك ستأتي الإجابة وسنتخلى عن سلبية التعاطي مع بيانات الجهات والأطراف الدولية ومع (بعض) خطى تنهض بها الحكومة ولو تحت الضغط الشعبي وبقوة حركاته الوطنية الديموقراطية الحقة لا لا المزيفة.. فلنتفكر ونتدبر من أجل أن نصل إلى كل ما يتبنى إرادة التنوير والتغيير في العراق بقوانا الشعبية وباستثمار صائب للمواقف الدولية ومنع وقوعها فريسة التفريغ والتجيير…
***************************
المعالجة بموقعي الفرعي في الحوار المتمدن تفضل بالضغط هنا
https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=725969
***************************
***************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي اضغط هنا رجاءً