في بيان مفصل أصدره المرصد السومري لحقوق الإنسان، تضامن المرصد والأعضاء فيه ومعهم الحركة الحقوقية العراقية مع الدعوى التي تقدمت بها عوائل ضحايا من العراق؛ ممن وقع صريعاً في ثورة أكتوبر العراقية العظمى وحراكها الاحتجاجي السلمي.. وقد أكد المرصد السومري على سلامة الدعوى شكلا وموضوعا، في إطار ملاحقتها السيد عبد المهدي ومسؤوليته الشخصية والمدنية، عما اُرتُكب في عهده وبات بلائحة الاتهام والمقاضاة، في إطار بحث الضحايا عن الجناة ومنع إفلاتهم من العقاب؛ دوليا إن كانوا حتى اليوم قد نفذوا منه في الميدان العراقي، لدواعٍ منها فلسفة التفوق الأيديولوجي للحكومة الذي مورست بستاره أشنع الفظاعات المعروفة للجميع…
من أجل تحقيق العدالة ومقاضاة الجناة ومحاسبتهم
يلزم عدم إخفاء المسؤولية الجنائية لمن اُرتُكِبت في عهده تلك الفظاعات الإجرامية
يدرك المجتمع الدولي والحركتان الحقوقية العالمية والوطنية العراقية، أنّ ما اُرتُكِب من جرائم دموية تصفوية استخدمت الحديد والنار بمجابهة الحركة الاحتجاجية السلمية لملايين العراقيات والعراقيين؛ كما أطلقت الرصاص الحي ضد الصدور العارية واستغلت ضد المدنيين العُزَّل مختلف الأسلحة بضمنها المتوسطة وغيرها مما يُستخدم عادة بميادين الحروب العسكرية، يدرك حجم الفظاعات الوحشية المهولة التي أوقعت أكثر من ألف قتيلة وقتيل في ميادين الاحتجاج السلمي وأكثر من ثلاثين ألف مصابة ومصاب من جرحى تعوق منهم آلاف وحتى الآن لم تتم مهمة المعالجة و\أو حل ملفاتهم على وفق أقل تقدير الوعود التي تمَّ إطلاقها…
لقد جرت جرائم ضد الإنسانية تلك، بعهد من سماه الشعب العراقي بالجزار ودفع التضحيات الجسام كي يُسقطه بإطار مهمة (التغيير) الشامل والجوهري؛ وبالفعل استطاعت ثورة أكتوبر العراقية العظمى إسقاط السيد عادل عبد المهدي رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة والأمنية في البلاد، إلا أن مطالبة الشعب بمنعه من السفر وتقديمه للمحاكمة لم تجدِ ولم يُسمع لها صوت! فأقفل عائداً إلى حيث مقر الأموال التي باتت باسمه من فلل وقصور وحسابات في سويسرا وفرنسا وبريطانيا وغيرها..
إنّ بنات وأبناء الشعب العراقي، ممن اكتوى بمن احتلّ المناصب والمسؤوليات، لم يترك دماء الأبناء تذهب هدراً وتراق بلا حساب في زمن صار العالم يقدس حقوق الإنسان ويحميها؛ ولعلّ بلد الحرية والعدالة فرنسا، هي في طليعة بلدان العالم التي رفعت شعارات العدالة وتلبيتها.. ولأنّ السيد عبد المهدي قد أخرجه الشعب العراقي من سدة التحكم به ونهبه وتقتيل أبنائه ولأنه يستقر اليوم مواطناً فرنسياً فإن عدداً من عوائل الضحايا قد تقدمت بدعوى قضائية ضده في المحاكم الفرنسية على وفق ما تتيحه إجراءات العدالة والتقاضي فيما اُرتُكِب من جرائم وحجم مسؤوليته الشخصية والرسمية…
على أن القانون يؤكد أنّه يمكن أن تصبح الدولة هي الأخرى مسؤولة أيضا نتيجة ((عدم العمل بما فيه الكفاية)) في محاكمة المجرمين جنائياً كما حدث حتى الآن مع الجناة القتلة في العراق! إذ من المسلَّم به أن الحد من الجريمة ليس مجرد التزامٍ قانونيٍّ، يقع بمسؤولية السلطات المختصة حسب، ولكنه أيضاً، ((واجب دولي)) يقع على عاتق الدول نفسها مثلما يتأكد الموقف هذا بما سجلته بعثة مراقبة الأمم المتحدة في السلفادور بالقول: «إنّ مسؤولية الدول لا يمكن أن تنشأ فقط نتيجة عدم وجود اليقظة في منع وقوع الأفعال الضارة وإنما أيضا نتيجة عدم وجود ((اجتهاد)) في محاكمة المسؤولين عنها جنائيا وفرض العقوبات المدنية المطلوبة».
لقد ثبَّتَ القانون الدولي عدم تقادم الجريمة تلك وأنه يمكن ويجب إلزاما محاكمة الجناة وهناك عدد من المعاهدات الدولية التي خلص الإجتهاد القضائي، بشأنها بحكم قضائي قانوني يؤكد ((واجب الدولة)) في أن تضمن تطبيق الأحكام المنصوص عليها في كل المعاهدات، فضلا عن المبادئ العامة للقانون، بما يقدم المسؤولين عن الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان إلى العدالة ومعاقبتهم. وهذا هو الرأي الذي اتخذته لجنة حقوق الإنسان فيما يتعلق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بالإشارة إلى أنَّ:
- على الدولة المشتكى فيها أو المعنية بوجود المتهم، ((واجب التحقيق)) بشكل دقيق في الإنتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، بخاصة حالات الإختفاء القسري للأشخاص وانتهاكات الحق في الحياة، الأمر الذي بات مشهوداً بصورة جرائم ضد الإنسانية وحتى بينها جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب!!
- وعلى الدولة متابعة المسؤولين عن هذه الإنتهاكات جنائياً ومحاكمتهم ومعاقبتهم بتأكيد منعهم من الإفلات من العقاب فذلك مما يقع من باب أولى في الحالات التي تم فيها تحديد مرتكبي هذه الانتهاكات…
وعلى وفق المنطق القانوني فإنّ ما يخضع للمقاضاة والمعاقبة هو ما كان جريمة من جرائم القانون العام تعد الدولة على وفقها مجرمة إذا لإيقاعها الضرر [كما بمثال السيد عبد المهدي] مثلا بدافع سياسي بحياة شخص أو جماعة أو حريتهم أو حقوقهم أو أنّها جرائم حق عام ترتكبها الدولة لدوافع سياسية أو دينية طائفية المعنى والخلفية.. ومن ثمّ فهي من الجرائم التي تمس الحقوق الجوهرية للإنسان التي يعد حق الحياة بمقدمتها، كما نصّت عليها الاتفاقات الدولية ولقد أكد القضاء الفرنسي ذلك عندما استند في قراراته حول تعريف هذه الجريمة إلى الركن المعنوي المتمثل في سياسة (التفوق الأيديولوجي) الذي تفرضه الحكومة وقادتها ونهجها قسرياً دموياً كما في النموذج العراقي وسلوك الحكومة في أثناء الجريمة.
ولابد من التذكير أن محاكمة عبد المهدي تستند إلى تاريخ قانوني صريح منذ معاهدة فرساي التي انعقدت عام 1919 وإقرارها ((مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية)) إلى جانب المسؤولية المدنية.. وهذه الحقيقة القانونية أكدت عليها أيضًا؛ اتفاقات جنيف الأربع الصادرة في 12 آب أغسطس 1949 وتعهدت بموجبها الدول الأطراف بفرض عقوبات فعّالة على ((الأفراد \ الأشخاص)) الذين يرتكبون أو يأمرون بارتكاب إحدى المخالفات الجسيمة لتلك الاتفاقات، أيًا كانت جنسياتهم أو مراتبهم. والوزير الأول كما عبد المهدي لا يُعفى من الحساب إذ هو مسؤول عن الجرائم المباشرة وعن تلك التي ارتكبها مرؤوسيه بعلمه أو بإخفاقه في متابعتها ومنع ارتكابها…
إن دماء الضحايا لم تجف بعد ومازالت تُرتكب مثل تلك الجرائم وهي امتداد لنهج المشتكى عليه بفرنسا بما تركه من عناصر شريكة تتطلب الاستدعاء في إطار الإحاطة بحجم الجريمة المهولة التي يشتكي اليوم عدد من عوائل الضحايا بشأنها لكسب حقوق أبنائهم التي اُنتُهِكت بجسامة حداً أفضى لاستلاب حق الحياة لأناس مسالمين..
إننا نقف بثبات مع هذه العوائل ومعهم عشرات آلاف الضحايا ممن يتطلع للعدالة الأوروبية الفرنسية هنا وعلى وفق القانون الدولي والاتفاقات الدولية المعنية وموادها ذات الاختصاص بالجريمة..
لدينا الثقة بأن العدالة ستحظى بموقف مشرف يؤكد وحدة البشرية في تبني القانون الإنساني والقانون الدولي والقوانين الجنائية التي لن تسمح لمجرم بالإفلات من العقاب وأنها ستحكم بإنصاف وعدالة وتوقع أشد عقاب على من أكدت الوقائع ارتكاب الجريمة بمسؤوليته وبمشاركته…
كل التوفيق والنجاح في تلبية جانب من حقوق الضحايا الذين لم ينصفهم الحكم في بلادهم التي مازالت بأيدي غير أيدي أبناء الشعب المتطلعين للتغيير وفرض إرادة القانون والعدالة وليس الانتقام أو الثأر بل تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا..
المرصد السومري لحقوق الإنسان
14.04.2021
وقِّع معنا وكن بضمير صاحٍ مع الضحايا ولنكن معاً وسوياً لإنهاء ما يجابه ضحايا الإرهاب تحديداً من ضحايا ثورة أكتوبر العراقية العظمى وحراكها السلمي بكل ما جابهته من انتهاكات ناجمة عن الخلل البنيوي في بنية سلطة كليبتوفاشية وقوانين وجودها القائمة على اجترار نظام العبودية والرق وأعتى فظاعات ارتكبتها سلطة بحق مواطنيها بشأن حقوق الإنسان وحرياته |
عضو المنتدى العراقي لمنظمات حقوق الإنسان
https://www.ahewar.org/news/s.news.asp?nid=4352654
البيان في الحوار المتمدن \ قسم أخبار حقوق الإنسان
*****************************************************************************
*****************************************************************************
*****************************************************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
سجِّل صداقتك ومتابعتك الصفحة توكيداً لموقف نبيل في تبني أنسنة وجودنا وإعلاء صوت حركة النوير والتغيير