دانت أربع منظمات حقوقية وثقافية محاولات إصدار قانون جرائم المعلوماتية بصورة تنتهك فلسفة الدستور عقداً اجتماعيا للحريات وتلوّح بأدوات تثير أجواء إرهاب الدولة ومنطقه المعادي لحرية التعبير
رفض حقوقي لقانون الجرائم الألكترونية ومطالبة بوقف قراءته الثانية أمام مجلس النواب
الإباحة هي الأصل في القانون فيما الحظر والمنع هو الاستثناء. وعليه فعند سنّ القوانين، يجري ذلك في إطار وضع ما ينظم نشاطاً أو فضاءَ عمل بعينه.. ومن هنا فإنَّ منصة الأنشطة الألكترونية أو المعلوماتية تتطلب قانوناً ينظّمُ فعلها في إطار ضمان حرية التعبير وحمايته من الاعتداء ومن استغلال المسؤول لمنصبه بقصد المضايقة أو ارتكاب أفعالا تشوّه الوقائع وتضع تأويلات غير صائبة.. وفي هذا الإطار كانت قوى المجتمع المدني وفئات الشعب العراقي رفضت محاولات سابقة لإقرار مشروعات قوانين بالاتجاه القمعي عقب حركة الاحتجاجات في شباط فبراير 2011. اليوم يعاود مجلس النواب طرح المشروع السابق بزعم إجراء تغييرات منصفة عليه ولكن عن أي تغييرات يتم الحديث والقراءة الأولى جرت بعيداً عن أطر الشفافية والوضوح بخاصة وهو يُراد له أن يصدر بعنوان (جرائم المعلوماتية أو الألكترونية) مع التوكيد على استغلال مصطلحات فضفاضة قابلة للتأويل والاستغلال ضد حرية التعبير! إنّ منصات التواصل الاجتماعي باتت مكاناً مهماً للتعبير الحر المستقل وخوض النضال الشعبي ضد منطق الكراهية وخطاب التمييز العنصري والطائفي وهو ازداد في المرحلة الراهنة من تنامي استخدام تلك المنصات في الأداء اليومي للمجتمع وقواه الحية… لكننا نجابه على وفق هذا القانون إذا ما تم تشريعه، نجابه وضعَ أداةٍ مشرعنة لمصادرة تلك الحريات بذرائع تأويل موقف أو آخر، بأنه يعادي الأمن والاستقرار أو يسيء لسمعة الوطن وينتهك الأعراف والتقاليد! فيجابه المتهم بتلك التأويلات العرجاء التي تستغل المصطلحات الهلامية العائمة أحكاماً ثقيلة لمجرد ممارسته حقه في التعبير عن رأيه أو موقفه من قضية! وذلك مما يدخل في مصادرة الحريات ومنها حرية الكلمة والتعبير ويشكل حملة مسبقة لتكميم الأفواه ومنع أي ممارسة ديموقراطية لمنصات النقد الموضوعي البناء… إن الشعب يرفض إقرار قوانين مفصلة على مرام أطراف حاكمة؛ تريد إعادة إنتاج وجودها لتحميها باستغلال السلطة من دون أي إقرار لحق النقد أو الاعتراض، بوقت تصادر حرية التعبير وترتكب مخالفات فجة تجاه المواثيق والمعاهدات الدولية ولوائح حقوق الإنسان والعقد الاجتماعي للدستور العراقي نفسه.. إنّ فكرة كتابة قانون يتأسس على قاعدة الحظر والمنع ويصادر حقاً جوهريا أصيلا كحرية التعبير فضلا عن قيامه على استنساخ وتجميع مواد لعقوبات موجودة بقوانين أخرى، هو أمر يقع بمخالفة صريحة واضحة مع فلسفة الدستور كما أشرنا من قبل ويتناقض مع الغاية التنظيمية للقوانين التي تساعد بالأساس على إباحة الحقوق والحريات وعلى حمايتها من التشويهات و\أو التأويلات التي تنزلق إلى منطقة المصادرة والحرمان! إننا استجابة للإرادة الشعبية ولحقوقها وحرياتها، نرفض مشروع القانون ونطالب قبيل قراءته الثانية بتعديله جوهريا وصياغته على وفق مطالب تلك الإرادة وما يحمي حقها الثابت الأصيل بحرية التعبير…
القانون إباحة للحقوق والحريات بصورة منظمة والاستثناء فيه الحظر والمنع بل أبعد من ذلك أن تنظيم النشاط يؤكد كبح أية مصادرة أو استلاب .. ولكننا بخلاف ذلك نلاحظ تفصيل ما يسمونه قانونا على مقاس بعض المتنفذين بصيغة تشرعن المصادرة والهيمنة… لنقرأ الموقف من محاولة تشريع قانون المحظورات التي تهيئ فرص تكميم الأفواه وتمرر فعل المصادرة!
إن تأجيل إقرار (القانون) ليس سوى مناورة مثلما جرى معه من قبل فليعلو الصوت للتصدي لتلك المحاولات ولنفرض إرادة الشعب في تنظيم القانون بصيغة تستجيب لحماية حرية الكلمة والتعبير وتمنع الانتهاك وتكميم الأفواه أو قطع الألسنة!
إننا لسنا ضد امرئ لشخصه ولكننا ضد أي (نهج) يخطئ الطريق، بمعنى دحر محاولات التضليل و\أو حرف القانون
|
**********************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/