شاركتُ بالإجابة عن اسئلة تقرير لقناة الحرة بشأن ولادة ميليشيا جديدة تعتمر عمامة باسم (الله) بادعاء القدسية وإسقاط العصمة على تأسيسها بإعلان إتباعها وليها وكلفتة أسماء مراجع [دينية] لتبرير استيلادها على حساب البعدين الوطني والإنساني .. إنها إدانة لولادة أخرى لقوة إرهابية تتعارض ومصالح الوطن والناس وتصر على انتهاك السيادة مثلما الأمن والاستقرار كما تعبر عن فلسفة اختلاق التخندقات والاصطراعات افتعالا بالإكراه بقصد تفتيت وحدة البلاد… وبين بعض ألفاظ للتمظهر وبين السلوك الحقيقي نجد التناقض والتضاد الذي يفضح الجريمة هذه بضع كلمات معدودة لكنها إدانة الجريمة الجديدة التي تصب زيت الملالي على ما أشعلوه من حرائق في وطن مستباح.. وتساؤلات الواقع تصرخ: هل سيرضى الشعب بعبوديته؟ وهل يرضى بتحول نسوته لسبايا لتلك الشراذم!!؟ أكيد الإجابة موجودة عبر ثورة أكتوبر وتواصلها واستمرارها وهي اليوم، تعيد تنظيم حراكها حيث السلام يقابل العنف ودمويته وإرهابه
هل العراق بحاجة لميليشيات جديدة أخرى وقد أُتخم بالموجود منها وبعناصرها التخريبية المنفلتة!!؟
تتفشى الظاهرة الميليشياوية في عراق 2003 وبين توصيف بعضهم أن عراق 2003 جاء بالديموقراطية وبين واقع يؤكد سطوة ميليشياوية مسلحة هناك تضاد وتناقض واضح! إذ هل الديموقراطية بحق تحتاج الوجود الميليشياوي!؟ والإجابة حتما كلا؛ لأن الديموقراطية تدعو لمأسسة ولسلمية وتعايش وتبادل احترام وتوكيد غنى التعددية وثراء معنى التنوع، فيما تفشي وباء السلاح المنفلت حتى كما يصفه الميليشيايون وزعاماتهم، يُعدُّ تعارضاً مع القانون وقتلا وحشيا لذاك القانون المنتهك المستباح؛ ما يلغي أيَّ فرصة لسمة الديموقراطية!!
والديموقراطية التي تتعزز عالمياً بدول العالم المتمدن المتحضر، تُقتل هنا باستيلاد مزيد ميليشيات.. والأنكى أنّ تلك القوى العنفية الميليشياوية، لا تتوانى ولا تتردد عن الإسفار عن تبعيتها لأطراف غير وطنية وعن ارتكابها انتهاك لا القانون وحده، إنما سيادة الوطن داخليا خارجيا؛ حيث إكراه المواطن على التبعية لأطراف معادية لسلامة وجوده وسلميته، بانتهاك آخر للسيادة الخارجية واستقدام تعليمات [وأوامر] يُسقطون عليها قدسية وعصمة ما أنزل الله بها من سلطان ولا أقر لها قانونُ إنسانٍ ودولةٌ تحترمه، ما أقرَّ لها مكاناً سليماً أو علاقة بإيمان!
إنَّ استيلاد ميليشيا أخرى، تعلن بشكل سافر تبعيتها لأوامر قائد لها خلف حدود الوطن هو انتهاك للوطن ولدولة المواطنة والقانون وفرض قانون بديل هو قانون دولة ((دينية)) الادعاء طائفية النهج إرهابية الاشتغال..
ولا مجال بعد ذلك سوى مساءلة الحكومة الانتقالية بل مساءلة زعماء تيار الإسلام السياسي الحاكم عن سعيهم لحل ما أسموه الميليشيات الوقحة: أين وصل ذاك القرار الذي يسوقون به أنفسهم!؟ وما أخبار إجراءات التفكيك والحل!!؟
ولن نسائلهم عن إصرارهم على شرعنة ما يسمونه الحشد [الشعبي] أي الميليشياوي كما تدل عليه أنشطته وما يرتكب بظلالها مما تعودوا أن يتنصلوا منه بتبريرات أنه أعمال فردية على الرغم من أنه يتكرر بشكل يومي وبصورة موغلة في طابع الإصرار والعناد على التشبث في بحر الدم إياه بما يؤكد كونه ((نهجاً)) ثابتا بلا مواربة وبتجسُّد لمنطق تقيتهم وتسترتهم ذاته حيث لا وجود لأي إمكانية للتخفي….
إن استغلال اسم (المقدس\ الله) في تشكيل حلقات الإرهاب بدءا بحزب (الله) ومرورا بوعد (الله) وليس انتهاء بعهد (الله) إنما يؤكد زيف العلاقة بالله وتعارض ادعاءات التسمية التضليلية مع جوهر التعاليم التي تحترم الإنسان وتؤكد أن العقل عنده هو ما يؤنسن وجوده ويعمّره ويتقدم بمسيرته للتنمية وإنتاج خيرات عيشه.. لكن تلك التشكيلات المسلحة المنفلتة (الوقحة) إنما هي سند قبيح لفرض سلطةٍ بالإكراه هي سلطة قوى الفساد والهمجية ووحشيتها التي لا تقف عند المافيوي اللصوصي حسب بل تمتد أبعد، حمايةً لتلك الجريمة، لتستغل أدوات العنف والقمع الدموي الوحشي الفاشي الهوية والجوهر..
لا مجال ولو لوهلة كي نتفكر في خطاب أولئك الجهلة وهم ينساقون نحو الانخراط في مجموعات التقتيل والاغتيال بل بوضوح وحسم يجب أن تنتهي ظاهرة انتهاك دولة القانون، وأن يحظى شعبنا بدولة العلمنة لا دولة دينية انتهت البشرية منها منذ قرون.. ولا يمكن اجترارها مجددا لأن ذلك يكلفنا تراجعا على حساب حيوات الناس الذين يحيون اليوم وعلى حساب وجودهم ودمائهم ومن يبقى ولا تتم تصفيته؛ إنما يبقى مُنتَهَكاً بين سبايا وعبيد لتلك الوحوش [الآدمية]
إن حزب الله ووعد الله وأنصار الله أو نصرالله وربع الله وعهد الله كلها تقوم على ادعاء هو من ترهات وقشمريات زمننا ومن ظلاميات التخلف ينتهك العقل وقدرة إدراك الواقع وقراءته بسلامة وصواب
وليس من صحيح صائب إلا تفكيك تلك التنظيمات الإرهابية وفرض إرادة الدولة وهيبتها بإعادة السلطة للشعب وليس وضعها بين يدي أقطاب تتصارع فاسدةً بأسلحة الهمجية على الاحتفاظ بمواقع استعباد وإذلال وانتهاك..
فلنتنبه على حقيقة أن إيران الملالي التي لم تستطع اختراق شعبنا منذ ولادة الدولة العراقية الحديثة، إنما تحاول أن تنتقم من العراقيين ومن بيتهم وطنهم، بتفكيكه بتلك الشراذم الوبائية التي تغزوه ولهذا هم يستغلون عشرات وربما مئات من تلك التشكيلات يضعون بعضها بوجه الآخر، ليتمكنوا من اختراق الوجود الوطني وتدميره بعد تخريب عقول الأبناء واتسغلال تشويهها وتوجيهها حيث دجلهم وأباطيل أضاليلهم..
وأولّ مهام الدولة لتعود للشعب هو إنهاء الوجود الميليشياوي وإنهاء سطوته على الميادين وليس ضرب وجود الشعب في تلك الميادين، وإعادة أموال الشعب للشعب لا دفعها لتقوية تلك التشكيلات على حساب الوجود البنيوي الذي لا يقوم فقط بإنهاء مافيات النهب والسلب وإنما بإطلاق عجلة الاقتصاد التي عطلها تدخل إيران وأدواتها الهمجية الظلامية، بقصد إبقاء البلاد بلا صناعة ولا زراعة ولا سياحة ولا تجارة، سوى ما يقرره وليّهم السفيه هناك في قم وطهران! وهو يدري حاجته اليوم للتحالف مع ولي آخر في أنقرة والحلقات مستمرة في انتهاك عالمنا واستيلاد منبع فاشي جديد، لا يهدد العراقيين وحدهم وإنما يريد وضعهم وقوداً لحربه ضد شعوب العالم يطعن الأمن والسلم والدوليين بمقتل، إذا ما ترك له الحبل على الغارب..
ألا هل وصلت الرسالة!؟
إن قوى التنوير والتغيير وهي قوى دمقرطة العراق وأنسنة حيوات بناته وأبنائه بمعنى منحها الحقوق والحريات لا تتضمن انتقاماً من أحد حتى المضلَّل بل القصد إعادة التوازن وإنهاء التشويه وتحويل العراقي من عاطل مستلب إلى عامل فاعل منتج يبني ويعمر ويرتقي بالتنمية ليكون بيته زاهٍ بالخضرة والنماء وبثمار تعبه ومنجزه السلمي.. وتحرير العراقي من أسر الخرافة ودجلها وأضاليل ما يُسمى إسلاموية سيكون أول أركان بناء دولته سلميا اي أن يستعيد السلام ويُنهي عبث الخراب الذي يضخون به مزيد ميليشيات بقصد تدميره وإبادة شعبه وتحويلهم لسبايا وعبيد!!! لا تبرير لاستيلاد الميليشيات إلا كونها أداتهم الوحيدة في الهدم وفي انتهاك كرامة العراقي واستعباده وإذلاله.. ألا فليدرك العراقي أن كل فلس ينهبونه من ثروته ليرموا بالفتات عليه إنما يخدعه ليضعه أضحية وقربانا لجرائمهم وأطماعهم.. فلنعِ ونتنبّه وندحر اللعبة بمهدها قبل أن تصير سكينا في قلوب المستضعفين وأفئدتهم!!! |
**********************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/