هذه تهنئة بعيد ديوالي وأمل بوصولها لأحبتي في الهند صاحبة الكرنفال وعيده ومعانيه السامية وأكيد تطلعي لمثل هذه الإشراقة الكرنفالية التي آمل أن تكون عيداً كرنفاليا لشعوبنا كافة أنها تتسامى بفعل صنع الأضواء تنويراً لحيواتنا وكسبا للمعرفة وطردا للعتمة وظلمة تتسلل في غفلة منا فلنُعِد إلى وجودنا تلك الأنوار وفعلها الإنساني الاسمى بقدسية طقوس التنوير ضد التخندقات وأشكال الخلاف والاحتراب وضد فساد الأنفس وعلاقاتها ومع تمكين جسور المحبة والإخاء والصداقة ولكل معلم مشرق يوم كرنفال نحتفي ونحتفل به
عيد ديوالي هو عيد إضاءة عالمنا لنشر قيم التنوير
إنه كرنفال الأنوار تعيد تمكين الإيجاب وإنهاء السلب والسلبية
7 نوفمبر تشرين الثاني هو كرنفال نشر الأنوار بإيقاد الشموع
أجدد اختيار التهنئة باحتفال عيد ديوالي احتراما لرائع ما تفعله الهند وشعبها وما ترسله من أهمية مميزة المعنى نشاركهم فيه
تحتفل الهند وتنوعات شعبها الملياري التعداد، بعيد (ديوالي) في واحد من أشهر المهرجانات التي تختزن معاني ثرة غنية لمضامين (الإشراق). إنّ منطلق الكرنفال يؤكد معنى (الضوء الروحي) للإنسان ينتصر على (الظلام) ومنظومة قيمه السلوكية المعتمة وما تخبّئ من مساوئ ورداءة. إنه عيد يحتفي بانتصار قيم الإيجاب على السلب بفحوى شرورها..
أما كيف يكون ديوالي انتصاراً لمنظومة الأنسنة الأسمى، فلأنّ أنواره تفضح المساوئ أداتها في ذلك أنّ (المعرفة) تنتصر على (الجهل)؛ إذ يتم هنا التخلص من معالم التخلف ومنظومته السلوكية الأدائية.. حيث ينتهي الإنسان هنا من قيم التخلف بكنسها من الذات الإنساني المحتفِل بعيد الأنوار، عيد ديوالي..
إن احتفال الهند بديوالي لا يقتصر على معابدهم التي تضع قدسية (الأنوار) على (الظلاميات) ومساوئ شرورها بل ينتشر الاحتفال بين أبناء الشعب ليكون احتفالا كرنفالياً جماهيريا.. ففي بيوت المحتفليين ومنازلهم وفي المتاجر والمكاتب والأبنية ومؤسسات ذياك الوجود بتنوعاته كافة تزخر كلها بأضواء زاهية الألوان؛ فيما تنطلق الاستعدادات قبل مدة من موعد الكرنفال\العيد الذي يكون على مدى خمسة أيام أبرزها اليوم الثالث للعيد. إن فكرة العناية الأبهى والأروع بالتنظيف وارتداء الأزياء الأجمل في الاحتفالية هي جزئية أولية من الإيمان بالتنوير ومعانيه المشرقة في حيوات الناس وتحولاتها…
أما الرمز الأبرز لموضوعة التنوير في هذا الكرنفال فتكمن في ((الأضواء)) التي تكون بتوظيف أكثر ما متاح من مصابيح إنما طقسيا لا يتخاى الشعب عن إشعال مليارات الشموع، ربما بحدود المحتفلين يبحثون عن آلاف منها مع إضافة مختلف الألعاب النارية وغيرها فضلا عن أشكال الحلوى والأطعمة الاحتفالية الكرنفالية.
وفي هذا العييد يتم ترسيخ التآزر المجتمعي وفتح صفحات تبادل رموز احترام الآخر والصفح والتسامح بتقديم روائع الهدايا بتنوعاتها واختلاف دلالاتها.
إن تلك الممارسات ليس قضية اعتباطية عبثية أو عشوائية بل صنع معالم طقسية مجتمعية للتمسك بمنظومات قيم الخير والسلام وأنوار كشف الخطابا والمثالب والتخلص من كل شر ومثلبة وسوء.. إذ يجري الاحتفال شعبيا في ميادين مفتوحة بكل تفاصيل تلك الميادين وعائليا يمثل العيد الكرنفالي قيمة ((ثقافية)) تشكّل وجوداً فكريا يحفر معانيه عميقاً في الوجدان ليُعنى بـ(التنوير والعقل العلمي)…
إنّ ديوالي هو رمز كبير مميز لكنس مخلفات الجهل والفكر الظلامي، كيفما وأينما ظهرت وبأي قيمة أو سلوك تجسدت. لهذا يكون عيد ديوالي كرنفالا يمتد جماهيريا لكن عبر ما يتضمنه من تخصيص أيامه الخمسة للـ((علاقات العائلية)) مثلما تخصيص يوم للعلاقة بين الزوجة والزوج.. ويوم آخر بين الأخت والأخ ومن ثمَّ أيضاً لما بين الأصدقاء….
إنّ هذه الطريقة ونهجها إنما تشكل أفضل أداة للتغيير المجتمعي ومعالجة أي احتمال للاختلال السلوكي القيمي بتسلل ثيمة أو أخرى للشر والظلام إلى نفس بشرية أو أخرى ليتحدى المجتمع الإنساني شرور الظلام بكرنفال (الأنوار) وحركة التنوير وفعلها بهذا العيد الكرنفال ليس هنديا أو هندوسيا أو بوذيا حصراً مع أنه كذلك من جهة المنطلق إلا أنه يتحول اليوم إلى عيد إنساني عالمي في ثيمته ومنطق التنوير ومعالجاته التي يضعها للتحديات التي تجابه المجتمعات الإنسانية.. إنه يهمنا ويهم أي مجتمع إنساني انطلاقا من ثيمة الانتصار للمعرفة على الجهل ومن تكريس القيم السامية وجهود طرد ما ترسَّب من أخطاء ولربما قطيعة… وتمترسات بررت لولادتها ولتكريسها لكنها حتماً ليست سوية باي من مبرراتها ما يتطلب فتح صفحات التسامح واللقاء والتعايش …
هنيئا لكُنّ أيتها النسوة ولكم أيها الرجال، هنيئاً للجميع والكافة بعيد التنوير ولنؤكد أننا إذ أشعلنا الشموع ليلة السادس من توفمبر على السابع منه إنما أعلنا مشاركة بعيد إنساني بهيّ لسيادة أنواره تطرد الظلام وما يعنيه من معالم..
كل عام وأحبتنا جميعا في الهند طبعا لمبادرتهم البهية المهمة وفي العالم لأننا نسعى لجذب هذا الطقس وممارسته بجوهر معانيه، أقول كل عام والجميع بخير يتمتع بشجاعة الاحتفال بل ممارسة تلك المعاني الدالة النبيلة في خطى أنسنة وجودنا وإزاحة ما علق بنا من شوائب الشرور ومعانيه..
عراقياً أدعو أحبتي لهذا الاحتفال الكرنفالي لنكرس به تعلقنا بل تمسكنا بالآخر بدءاً من علاقاتنا الفردية المباشرة ومعاناتها من كثير أوصاب وأمراض والجمعية المبتلاة بالشحناء واشكال اقتتال مصطنعة اختلقت شروخا زلزالية جد عميقة فأعتمت وأظلمت لكننا نضيئها بقيم بديلة وباكتساب معرفة تدلنا إلى الصواب وصحيح السلوك المؤدي للأنسنة ..
شكرا لأحبتنا في الهند ولهم ديوالي مشرق بأنواره ..
تيسير الآلوسي