ارتكبت عناصر الإرهاب الدولي جرائم متعاقبة في سلسلة من تعبيراتهم عن طابعهم التصفوي الدموي المعادي للسلام والأمن والاستقرار وفي بشاعات وفظاعات مستنكرة فكان من أولها الجرائم التي ارتكبوها في فرنسا بذرائع لفظتها البشرية عبر تجاريبها بمختلف عصور المسيرة نحو الأنسنة..معالجة في الجريمة وتسجيل لندوة متلفزة مخصوصة
بلى إنها جرائم إرهاب إسلاموية ينبغي أن نتحد في إدانتها ومكافحتها
إذ ندين كل جرائم الإرهاب، فإننا نؤكد أنَّ من يلحق العار والأذى بالإسلام ديناً ليس من يشخّص الجريمة وطابعها وإنما الإرهابي بهويته المؤدلجة بتسويق الإسلام السياسي، على حساب معتقد ملايين البشر..
ولهذا فإنّ نداءات من قبيل تلك التي تدين طرفين! فإنها تتجاوز الطرف الوحيد الذي يرتكب الجريمة الإرهابية لتخلط الأوراق بوضع الضحية وهو الطرف المقابل شريكاً بالجريمة! وهذا ما يعبر عن خطاب تبريري يشوش ويضلل ومن ثم فهو يَجبُّ الإدانات الموجهة لجرائم الإرهاب الإسلاموي التي تصدر لفظاً بتلك الحال بخاصة مع خلط كثيرين بين الدين ومعتقد الناس من جهة ومن يحاول أن يكون بديلا من قوى الإسلام السياسي ونهج فلسفتهم الإرهابية من جهة أخرى..
أشير هنا إلى أطراف (إسلاموية) تسعى لتعزيز طابع انفصام الجاليات (المسلمة) عن مجتمعاتها المضيفة، بذريعة الحفاظ على إيمانٍ وطقوس لا تنتمي بحقيقتها لمعتقد الناس بقدر ما توفر لهم أرضية التحكم بالآخر! إنهم بهذا يقدمون صورة أخرى من الغيتوات لعزل الجاليات والسيطرة عليها من أجل ابتزازٍ أكبر في المجتمع!
إنّ منطق الإسلام السياسي هو منطق الحض على الجريمة القائمة على احتكار (الأيديولوجيا) الصائبة وتخطئة الآخر وتكفيره ومن ثم نشر التحريض على الكراهية والمواقف العنصرية الفاشية عندما يكون التكفير منطلقاً لمنطق تصفوي يُصادر الآخر ويقرر إبادته بادعاء تلبية الأمر الإلهي!
إذن فالجريمة ليست ردّ فعل ومن غير المنطقي والمقبول التحدث عن كون ارتكاب كل تلك الأهوال والفظاعات الدموية بكونها ردّ فعل على المسّ بقدسية بعينها عن الاخر.. فمن قد يكون ارتكب خطأ في التعبير في رؤية (طرف) هو ذاته الذي يوفر الحماية والرعاية لأنشطة هي في صميم ممارسة حرية الاعتقاد الحقيقية من قبيل توفير فضاءات ممارسة الطقوس ودعم بناء المؤسسات الدينية القانونية ومنحها تراخيص العمل في إطار القوانين الإنسانية المنحى والمنهج…
عليه، ينبغي الالتفات إلى عدم الجمع بين جرائم الإرهاب الإسلاموي وبين منطق رد الفعل العنيف لزعران السياسة من أميي العصر والامتناع عن الخضوع لابتزاز ظواهر مجتمعية ناجمة عن أوضاع اقتصا اجتماعية مرضية من قبيل ظواهر الفقر والبطالة وتفشي تشكيلات الحض على العنف الدموي والتحريض على الكراهية…
إننا بوصفنا مجتمعا إنسانيا معاصرا ينبغي أن نعزز وقوفنا معاً وسوياً، موحدين بمختلف أطيافنا وهوياتنا الفرعية، القومية منها والدينية، ضد من يحاول النيل من الاستقرار والأمن والأمان في هذا المجتمع وأنْ نعمل معا وسوياً من أجل فرض خطاب التعايش السلمي، بصورة ملزمة للجميع؛ بما يرتقي بالفعل الجمعي المشترك لمستوى التصدي للظواهر الشاذة مثلما ظاهرة الذئاب المنفردة والخلايا النائمة والتنظيمات الأوسع تلك التي تستقوي بركنين، هما: المال السياسي الفاسد وإطاراته المافيوية والميليشيات الدموية ومنظومة مناهجها الفاشية..
إنّ أغلب القراءات الموضوعية الرصينة ترصد المنابع الفكرية والمادية لتلك الجماعات ومن يدعمها ويوجهها بصورة مشهودة مفضوحة.. فكل من تركيا وإيران يشكلان اليوم تحالف الأخوان – الملالي في اختلاق المشكلات بما فيها تلك الاحتقانات المتفجرة بجرائم إرهاب دموية..
فهم لا يدعمون مؤسسات مجتمعية خيرية لوجه الله بل يخترقونها بقصد وضع اليد عليها وتوجيهها بالصورة التي تخدم مآرب منظومة إرهاب دولي باتت مفضوحة في الصراع بين التمدن وإطار الحضارة الإنسانية المعاصرة وبين الهمجية ووحشية ما ترتكب… إن بناء مساجد وجوامع ومؤسسات جمعوية جرى ويجري بطريقة تبحث عن حواضن الانفراد بعناصر بعينها وتطويعها في توجهات داعمي الإرهاب ليس في بلديهما ودول الجوار بل دوليا وبصورة حولت بعض المناطق الهشة في قارات أمريكا اللاتينية وأفريقيا وىسيا إلى مزارع مخدرات ومراكز تدريب لأحزاب تنسب وجودها إلى (الله) وتُسقط على نفسها القدسية الزائفة فتختلط الأعمال الخيرية المحدودة التي تدار للتغطية على الفعل الحقيقي لتلك المؤسسات والتستر على إثارة خطاب الكراهية والعنصرية وتغذية الاحتقانات والعداء حدَّ التفجر!
كما لا ننسى أن تلك القوى باتت تبحث عن عناصر مختفية وربما من براءة فقراء أوطانها لتبتزها مستغلةً إياها في ارتكاب جرائم لأغراضها، ولا ننسى حجم المصلحة الأردوغانية في طعن فرنسا وهويتها الفكرية القائمة على كفالة الحريات وعلى العدل والتعايش السسلمي بين جميع الأطياف.. ولهذا السبب فإن ما اُرتُكب في فرنسا الديموقراطية والتنوير يمكن أن يهدد ويطال دول أوروبا ما يتطلب موقفا شاملا ونوعيا واستفادة جدية من التجربة ..
إن على المجتمع الأوروبي البحث في وسائل التعايش وتعزيزه وحظر الغيتوات وكل اشكال المنعزلات التي تشطر المجتمع وتغرس فيه قنابل موقوتة من جهة وأرضية لنشر الاحتقانات والكراهية والعداء …
إننا بحاجة لنشر الوعي وثقافة التنوير ودعم الشخصيات والأطراف التنويرية في جهودها من أجل دحر التخريب العنفي الإرهابي ووقف مرجعياته الموجودة هناك حيث طهران وأنقرة تدرب عناصرها الانتحارية ليس بالضرورة بالإشارة إلى ذئاب الإرهاب وعناصره الانتحارية ولكن الإشارة بالتأكيد تأتي لفضح خطاب الدولتين الحليفتين بين سلطة ملالي الجهل والتخلف والإرهاب وتطلعات السلطنة لفاشي جديد يعدّ لولادة أخرى للعثمنة وجورها الأخواني ومقاصد إرهاب العالم وإعداد لحروب من اشكال جديدة….
إن جريمة بشاعة الذبح التي استهدفت شخصية أستاذ معلم لقيم التنوير وحرية التعبير تلك التي ردوا عليها بفظاعات دموية وحشية إنما تستهدف بالصميم الحضارة الإنسانية المعاصرة وتمدين البشرية وتفتح منطق العقل العلمي المنتظر سيادته… ولهذا فهي متبوعة بما أكّد مقاصدها المرضية الخبيثة لتسجل نقطة نوعية لا ينبغي التنازل أمام هجماتها الإرهابية أو التراخي أو قبول الابتزاز..
فقصية الاختلاف بمحددات التعبير وحدوده، وميادين اشتغاله يمكن أن تستمر بأسس موضوعية هادئة ومسيطر عليها بالعقل العلمي وحواراته وهي لا تدخل في إطار التناظر والمعادلة مع جرائم الإرهاب وفظاعاتها ووحشيتها وهمجية نهجها.. فالأخيرة لن تكون رد فعل للأولى ولكنها منهج ومنظومة قيم بحاجة لمعالجة شذوذها في عصرنا واجترارها ظلاميات قرون انصرمت وانقرضت…
عليه لا تردد من توصيف تلك الجرائم بكونها أكبر من جنائية بما تختزنه من بعد سياسي يحمل فلسفة عدائية ونهج الكراهية مستنداً لمنطق الأسلمة الذي يتعدى على جوهر قناعات المسلم واعتقاده وإيمانه بمنظومة دينه مثلما حق اي مؤمن بأي دين ومعتقد… بمعنى أن وصف الإرهاب بالإسلاموية موقف دقيق وموضوعي أكيد لا يرتبط بمعاداة حرية الاعتقاد بل يكافح من يعتدي على حق الإنسان بالاعتقاد الصحيح القائم على احترام حق الاعتقاد الآخر وليس مصادرته كما يفعل الإسلام السياسي بتكفيره كل من عداه ومن ثم ارتكاب جرائم الإرهاب التصفوية بحق الآخر…
بلى إن الجريمة هي إرهاب إسلاموي بلا تردد ومن تستفزه هذه العبارة إنما يساعد الإرهابي ومنبعه في طهران أو أنقرة على استباحة قيم التسامح والتعايش السلمي ويخدم مآربهما في ابتزاز المجتمع الإنساني باسم الدين المزيف بغرض السيطرة على أذهان الناس ومعتقداتهم….
المجتمع الإنساني برمته وبكل أطيافه يقف اليوم ليدين الجريمة كونها رمزا لفلسفة عدوانية ونهج الكراهية ومنطق الهمجية ووحشية ما يرتكب.. فلنجابه ((الإسلاموية)) وإرهابها بكل تنظيماتها وعناصر وجودها ومنابع دعمها الموجودة هناك حيث ترعى أنقرة الميليشيات الإرهابية وتدربها وتغزو بها لا العراق وسوريا المجاورتين وإنما ليبيا القصية وبلدان مطلة على بحار بعيدة فضلا عن أذربيجان إنها بوضوح تعلن بداية حملاتها لاستيلاد العثمنة الجديدة بجوهر أخواني إرهابي صريح… ومثلها طهران وملاليها وما ينشرون فيه من خراب من العراق إلى لبنان مرورا بسوريا وانحدارا إلى حيث اليمن وكل دول الخليج العربي بل إلى فنزويلا ودول أمريكا اللاتينية!!
فلينعقد المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب ودحر نهج الدولتين الراعيتين لهذا الإرهاب ومعهما كل أذرعهما التي يلزم حظرها ومنعها من السطو على البلدان التي تفشت فيها وايضامن أي احتمال للولوج والتسلل إلى المجتمعات الديموقراطية المستقرة كما أوروبا…
وليصدر اليوم بيان من كل دولة ديموقراطية حرة ومن كل منظمة تنويرية بذات الصياغة توقع عليه وتقره وتتمسك بمضمونه في محاربة الإرهاب ومصادره ووسائل استمراره…
معاً وسوياً بمجتمعات التحضر والتمدن نمضي بحركة تنوير ليس دفاعاً عن بلد وقع ضحية اليوم لجرائم الإرهاب الإسلاموي وفظاعاته بل دفاعاً عن المجتمع الإنساني باتساعه وكليته وشموليته ضد وحشية التطرف والتشدد وما يثيره من احتقان وعدائية وكراهية وانفصال يوقع بحروب تصفوية بلا منتهى.. إن الحلقة الساس لانتصار الشعوب تكمن في وحدتها وفي رفضها الابتزاز ودحرها اية حال انجرار يتراءى لها أنها تدافع عن حق ولكنها تقع بورطة التبرير والتضليل الداعم لتفشي فكر الإرهاب ونهجه والمتعارض مع محاولات البشرية دحر ذاك الفكر غطاء الجريمة وأداتها…
التسجيل الكامل للندوة المتلفزة في قناة الآرامية ABN
**********************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/