مقتبس: “تستغل السلطة الأعراف والتقاليد مُرتكبةً جرائمها بحق المرأة؛ فتختلق بذلك أقسى أنواع العنف بحقها، لتمنعها عن أداء دورها المتنامي حيث تستعبدها بعد أنْ تشلها كلياً كما تبديه الوقائع والرد لن يكون إلا مجتمعياً تحررياً إنسانيا شاملاً“.
إنَّ (حرية) المرأة بدأت بامتلاكها (العقل العلمي وثقافة التنوير) إذ تمكنت أولاً من أدوات تحقيق تلك الحرية والإفلات من عبوديتها التاريخية التي استغلت الطابع الذكوري ومنطقه في إضعافها ومن ثمّ تهميشها ومصادرتها وجودياً بإلقائها على أرفف التخلف والتجهيل؛ الأمر الذي ولَّد الفوارق وأشكال التمييز ليضعها بمنطقة دونية تعسفية مرفوضة إنسانياً!
هل سنركز اليوم، في مسيرة التحرر على دعم نهج تمكين المرأة وإدراكها أنّ الحرية مرتبطة بتبني المسؤولية؟ وأنّ تلك المسؤولية تعني بناء قدرة الفعل المتحققة بالتعليم وحجم ما امتلكته المرأة فعلياً من وعي متحول إلى إدراك وفعل مؤثر للتغيير؟؟؟ |
لقد تفاقم توارد أنباء الجرائم التي وقعت بحق المرأة العراقية مؤخراً؛ بخلفية ارتكاب العنف الأسري بصورته المجتمعية التي تعتمد منطق التقاليد والأعراف السائدة.. فأولاً هناك استدارة والتفاف على الدور المركزي الرئيس للمرأة كونها شاركت فعليا في انتفاضة أكتوبر 2019 ومن ثمّ في الثورة الشعبية وخطاها المستمرة حتى يومنا..
فلقد تعاورت الفتاوى المتذرعة بالتدين السياسي من جهة والمستندة إلى تبريرات ثقافة ذكورية ممرغة بخطاب التقاليد والأعراف المجترة من مجاهل عصور التخلف، لتفرض نهج تعطيل نصف المجتمع عن أداء الدوري الجوهري في التغيير بادعائها العصمة عبر إسقاط قدسية على فلسفتها وعدم السماح بأي جدل يفكر بالاعتراض.
لقد قرأنا مؤخراً أخبار جملة من تلك الجرائم العنفية البائسة من قبيل ارتكاب جرائم الاغتصاب سواء التي افتضحت بتسليط الحقوقيين الضوء عليها كما بجريمة كركوك الأخيرة، أم تلك التي مرَّرها المجتمع متكتماً على فظاعاتها بسبب الذكورية التي أشاعت مفاهيم (العيب) و (العار) والوصمة التي ستأتي من إعلان الجريمة إذ تلك الهوية في التفكير ترى أنَّ طمس الجريمة ومعالمها والتكتم عليها أفضل لها من إشهار محاسبة المجرم ومعاقبته بخلفية الابتعاد عن الفضيحة..!
بينما الفضيحة الحقيقية تكمن في تمرير الجريمة نفسها بانتصار المجرم في أداء رغباته المرضية بكل عوارضها القذرة مستغِلاً تكتكم المجتمع على الجريمة خشية افتضاح أمرها وتكون المنقصة! إنهم لا يرون في اختراق المجرم للثغرات المجتمعية فضيحة ومنقصة وجريمة لكنهم يرون أي مسّ بالسطوة (المطلقة) للمجتمع ومنظومته عار لا يجب الإقرار به!!
لقد وجد المجتمع العراقي الذي ثار على منظومة ثقافية منغلقة تدور في فلك الماضوي المتخلف ومزاعم التفوق الذكوري الذي لا يستقيم إلا من بوابة الفرض القسري والإكراه على أي ممارسة وطابع وجود، وجد نفسه بمجابهة فعلية مع تلك المظومة القيمية السلبية مع بدء الحجر الصحي والعودة إلى دوامة تفاصيل العيش اليومي وتعقيداتها وسط الجردان الأربعة..
إنَّ كلا الجنسين باتا محاصرين في نطاق يضيق بهما بأشكال مضاعفة من تفاصيل اليوم العادي المطحون بالانهيارات الاقتصا اجتماعية فضلا عن استمرار الهزيمة السياسية بوجود سلطة تلاعبت وتتلاعب بالمصائر على أهواء أركانها المطلوب إزاحتهم عن سدة الحكم المجتمعي والرسمي الحكومي.. وهنا لم تقف الأمور عند تزايدها بل انفتحت على تفاقمٍ وتضخم في المشكلات والأزمات السايكوسوسيولوجية.. فحصلت تفجرات وتجاوزات انفرط عقد ضبطها لعدم توافر أسس البديل المفقود في مجتمع مغلق تستعبده سلطة (سياسية) روحانية التمظهر؛ مدعية التدين ولكنها على الرغم من كل التمظهرات والادعاءات لا تتوافر على منظومة قيمية أخلاقية أبعد من ارتداء عمامة وجلباب للتخفي والتستر والجوهر يتشكل من التصيد واقتناص الفرص لمزيد استغلال واستعباد!
لقد انحصر في المجتمع المغلق موضوع القيم بحدود شكلانية ضيقة تجسدها الادعاءات الأخلاقية فيما هي بحقيقتها ليست سوى تعطيل لمنظومة الأنسنة قيمياً حيث القيم السامية التي تتأتى من العمل ومبادئ المساواة والحرية والعدل وليس في المحبس الذي صادر ويصادر حركة الإنسان في إطار الحريات والمساواة أي بالمنطقة التي توضع فيها المرأة بمستويات دونية بفضل التمييز الجندري وبفضل التفوق الذكوري المزعوم وبمصادرة إنسانيتها كيما يستمر استمراء الاستغلال وإقرار ما يُرتكب في ظلاله..
وهكذا مع تعاور الظروف المركبة المعقدة وجدنا تفاقماً خطيراً لظاهرة العنف؛ فوجدنا بدءاً الخلل البنيوي – الهيكلي الناجم عن الصراع بين أطراف العملية السياسية وهي أطراف العنف السائد، التي تجسد المنظومة القمعية من الميليشيات والحركات الراديكالية التي تسطو على الحياة العامة، بقوة البلطجة وعسكرة الصراعات السياسية خدمة لمآربها وأطماعها.. بالمقابل يُشاع في الحياة الاجتماعية كل ما يعود القهقرى بالمجتمع؛ حيث القيم الماضوية السلبية وحيث طابع العلاقات المشوّه بالتحديد تلك العلاقات الاستغلالية ومنها القائمة على فلسفة ذكورية استبدادية كما ذكرنا ذلك قبل قليل، بالإشارة إلى تلك السلطة التي تقوم على المنطق البطرياركي (الأبوي) وعلى فرض آليات عيش متعارضة والحداثة ونقيضة لمنطق التحرر وهي السلطة التي تعتاش على آليات تتمترس خلف قيم هي بجوهرها قيود الفكر الظلامي الماضوي الفكر الذي يقتضي وجوده مصادرة طاقة المرأة ومشاركتها بالعمل فيضعها تحت نيره ومسار قيوده.
من هنا نشير إلى ما سبق تناوله في معالجاتنا المستندة للدراسات الأممية المتخصصة، ففي أحدث المؤشرات العالمية قالت منظمة تدابير متساوية 2030 المعنية بدعم المساواة بين الجنسين عالمياً، في تقريرها في العام المنصرم: إنها درست أوضاع المساواة في 129 دولة بوساطة 51 مؤشراً تتضمن 17 هدفاً إنمائيا مستداماً مما تبنته الأمم المتحدة وكانت النتيجة السافرة أنْ حلَّ العراق في ذيل القائمة الذي قبعت فيه كل من اليمن وموريتانيا.
أما قضية إعداد قانون الحماية من العنف الأسري ومن التمييز الجندري، فإننا نشهد نضالا مميزا للأمم المتحدة منذ نهاية السبعينات، إذ أكدت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمادها: “اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة”، فأصدرت الجمعية العامة قرارها 48/104 الذي أسس الطريق نحو عالم خالٍ من العنف الجنساني ثم أطلقت مبادرة أخرى عام 2008 بعنوان: “مبادرة اتحدوا لإنهاء العنف ضد المرأة”. وكان الهدف دائما يتجسد في استهداف زيادة الوعي العام حول هذه القضية بخاصة في المجتمعات الهشة والمتخلفة عبر تفعيل رسم سياسات ورصد موارد مخصصة لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم إلا أننا مازلنا نشهد ظاهرة العنف بل بتنا بظرف استثنائي [كما ظاهرة كورونا والحجر أو العزل الصحي] نرى تفاقمه تجاه النساء و\أو ارتكابه على أساس الجنس!
فاثنين من أصل ثلاثة بلدان بالمستوى العالمي فقط هما من قام بتجريم العنف الأسري، ما يعني أنه، ما زال بحدود 37 بلداً يُعفي مرتكبي الاغتصاب من المحاكمة إن تزوج أحدهم بالضحية ما ينكّل بها طوال عمرها!!
ونذكّر أنه فعلياً، يوجد حوالي 49 بلداً لا تمتلك قوانين تحمي النساء من العنف المنزلي! الأمر الذي تسبب بمزيد من الضحايا القتيلات اللواتي نهضت تظاهرات حقوقية في بروكسل برفع صورهن وأسمائهن رفضا لبشاعة الجريمة وهمجيتها وهي بالأصل من جرائم ضد الإنسانية، لكنها مازالت في مختلف أنحاء العالم تدور مطحنتها الوحشية بذات الاتجاه وبصورة أكثر في حجم فظاعاتها وبشاعاتها وهو ما رصدناه اليوم عراقياً بالتحيد..
إننا نذكر أيضاً، بأنه منذ 2017 انطلقت مجدداً مبادرة تسليط الأضواء للعمل على قضاء فعلي حاسم على أشكال العنف ضد النساء والفتيات، في إطار خطة التنمية المستدامة حتى 2030. الأمر الذي تابعته ثورة أكتوبر تشرين أول العراقية بمساهمة مباشرة من المرأة في فعاليات الانتفاضة ثم الثورة وبتضمين شعارات التحرر والانعتاق من منظومة القيم الماضوية الطائفية الظلامية مستفيدين من خطط أممية وشعارات مناسبة مرفوعة من طرف النسوة والحركة التنويرية التحررية الرافضة للتمييز والعنف بأشكاله..
لقد احتفت المرأة العراقية والمجتمع التنويري الثائر في العراق باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة الذي صادف يوم 25 تشرين الثاني\نوفمبر، وكان انطلق أولاً منذ 1981 حيث واصل التذكير بالجريمة البشعة للاغتيال الوحشي الذي جرى عام 1960 للأخوات ميرابال الثلاثة الناشطات السياسيات من جمهورية الدومينيكان، وقد توبع الاحتفال منذ 20 كانون أول\ديسمبر 1993، تلبية لمضامين قرار اتخذته الجمعية العامة قرارها 48/104 الذي اعتمدت فيه إعلانا مخصوصاً بشأن القضاء على العنف ضد المرأة.
لقد بات يتجدد سنوياً يوم 25 تشرين الثاني\نوفمبر منذ عام 1999 يوماً دولياً للقضاء على العنف ضد المرأة، بقصد الضغط على الحكومات والمنظمات الدولية الرسمية ودفع تلك الأطراف غير الحكومية، لترتيب فعاليات للتعريف بهذه المعضلة الجوهرية بمجتمعنا الإنساني بعامة والعراقي بخاصة في ظرفين الأول تخلف منظومة القيم المشاعة من طرف السلطة وأزلامها وأركان نظامها والثاني الحال المخصوصة بخلفية كورونا وجائحتها والحظر الصحي الذي تطلب عزلا أو حجراً منزليا.
إنّ استغلال السلطة السياسية للتخلف في المشهد الاجتماعي بظروف ما تفرضه وتبثه من سموم في خطابات المجتمع العراقي إنما يمثل فلسفة العنف التي تظل تشكل خطراً مهولاً على ملايين العراقيات وحتى العراقيين بعموم الوجود الإنساني في المجتمع العراقي.. ولهذا فإنني أُجمِل هنا ما ظهر وما وجب المعالجة في حركة التصدي للعنف الأبشع الذي عانت وتعاني منه العراقية قبل أن يبيت مجتمعنا المنغلق بوصاية عبودية ونير لوكلاء التخلف والتجهيل وبشاعاتهما:
لقد طاول العنف ليس المرأة والفتاة والطفلة بجرائمه في المنزل حصراً بل اتسع وشمل مفاصل ومناطق مجتمعية كبيرة فصار عنوانا منهجيا للسلطة لا السياسية لوحدها بل ومعها السلطتين الاجتماعية والدينية بزيف ادعاءاتهما وفروضهما القسرية .. ومن هنا نؤشر المشكلات الآتية وبمقابلها نوحي ونؤكد الحلول والبدائل المناسبة كما في الآتي:
- قمع حرية تشكيل المنظمات النسوية وحرية ممارسة الأنشطة النسوية بفضاء ديموقراطي كامل الحرية.
- رفضت حتى الآن قوى السلطة إيجاد التشريعات المغلّظة بمرحلة انتقالية، ضد ظواهر العنف ضد المرأة ومنه العنف الأسري..
- كما توجهت السلطات التي تمارس سطوتها بالإكراه إلى ممارسة ظواهر التزويج القهري بسلطة ذكورية بخاصة منه للقاصرات مما تمَّ ويتم خارج سلطة الدولة والقانون بمسميات تتبارك بالشيخ والسيد أو ما يسمونه زوراً رجل الدين بوقف المعالجات قانوناً وتطبيقاً..
- تمارس السلطات الحكومية المنحرفة والمجتمعية المرضية، أشكال التمييز بخاصة من ظواهر أولوية التعليم من جهة وأسبقية من يخضعونه للتسرب الدراسي فضلا عن محتوى المناهج ومنظومتها القيمية التي تعنى بالمساواة والعدل والإنصاف الأمر الذي يجور فعليا على النسوة.
- تجري مصادرة حرية الأنشطة الإبداعية الأدبية الفنية وتُحظَر من الحماية ومن أي شكل لدعم فرصها في مجالاتها كافة..
- ارتكاب التمييز في فرص التعيين والتوظيف بنسب كان ينبغي أن تكون متساوية للجنسين في مختلف منصات العمل وميادينه..
- تسيّد شبح السلطة الذكورية بميدان سطوة منظومة القيم العشائرية وأشكال السلوك المجتمعي المشوهة الخارجة على القانون..
- منح الكهنوت الديني المزيف سلطات مضافة للمصادرة والمعاقبة مما يضعه اليوم فوق سلطة القانون المدني العلماني.
- إطلاق فرص السلوك الاجتماعي الماضوي كما في بيع النساء وتحويلهن إلى فعاليات ذاك الزمن المجتر بمسميات الفصلية والنهوة وما شابه في مسمى التزويج وهي شكل من أشكال الرقيق الأبيض وسلوك طريقه..
فيما تتطلع المرأة العراقية وجموع قوى التنوير والتحرير إلى منح فرص التوعية والتثقيف وحملات التنوير المجتمعي في مجالات: الإعلام وأنشطة المنظمات والمنتديات كافة.. تعزيزاً لمكانة المرأة من جهة وإنصافا لقدراتها وحقوقها وحرياتها وتمكينا لنهج كفاحي ينهض بمهمة أبعد من التنوير الفكري والتعريف المعلوماتي بقضية إنسانية رئيسة كقضية العنف ضد المرأة والخلاص منها بل بالتغيير الفعلي وتحقيقه والانتهاء من تلك الممارسات الإجرامية بتوصيفها..
ولابد لنا هنا من التذكير بمحاور أخرى مجتمعيا من قبيل دفع الأجور المتساوية للعمل المتساوي.. والانتباه القانوني الفعلي للضمان الاجتماعي والصحي وإلزامية التعليم المجاني لمرحلة التعليم الأساس بأكملها.. والالتفات ببرامج متخصصة للأرامل والمطلقات وبعموم وحيدات العيش ومنهن من يرعى الأيتام فضلا عن نزيلات بيوت الرعاية وحمايتهن من ظاهرة باتت سلوكا شائنا ثابتا بالاعتداءات عليهن وانتهاك القيم والثوابت الإنسانية عبر جرائم الابتزاز والاستغلال المفضوحة…
ولا يبتعد عن معالجاتنا مهمة معالجة ظواهر العمل المنزلي وثقافته ومن ثمَّ طبيعة العلاقات الأسرية القائمة على التمييز والمصادرة والاستغلال .. عدا عن ضرورة بل حتمية كبح ظواهر الفصل والتمييز بمختلف ميادين الدراسة والعمل والأنشطة المجتمعية التي وصلت حد البيوت والمنازل بصورة شوهاء مرضية ما يعني إدامة تبني ثقافة ذكورية مقصودة المخرجات بخلاف الضرورة التي نتحدث عنها تغييراً للأوضاع السائدة…
ولربما كان تبادل التجاريب والانفتاح على العالم المتقدم ونقل المناسب المؤاتي للاستفادة منه بمختلف ميادين الحياة سببا جديا لتجاوز المعضلات الناجمة عن التفاوت المجتمعي مما يجري استغلاله من السلطة السياسية في مهمة فرض إرادتها ومصادرة المجتمع كل المجتمع بتعطيل نصفه وتشويه النصف الآخر.
على أننا نؤكد أنه يُفترض في المثقف العضوي التنويري أن يعالج ما ينتشر من ظواهر اليوم ناجم بعضها عن ضغوط الواقع وأمراضه ويخترق الوجود المجتمعي سلبيا بقدر تعلق القضية بالوجود الإنساني المشترك، ما يفرض ضرورة إفراد مساحات كافية للحوار الموضوعي بالخصوص مع أفضل حالات الوضوح في ذاك الحوار المتبنى المخرجات باتجاه التغيير الجوهري الشامل..
بالمقابل علينا التوكيد على حقيقة أن ضم النساء للتشكيلات الميليشياوية وفرض ثقافة العنف والبندقية لم يفتح بوابة مساواة ولكنه فتح منافذ تكريس ثقافة العنف وبلطجته ومزيد استغلال للمرأة وفرض ما يتعارض وكونها رمزاً للسلام ونهجه..
ومن معالجاتنا كان منح فرص تقوية إرادة المرأة ورفض سلبيتها بخلاف محاولات تكريس ثقافة البكاء والنواح والسلبية والعزيات وفرضها على مدار السنة ما ظل يمثل ركنا جوهريا في فرض سلوكيات السلبية للمرأة ولمسخ شخصيتها من صانعة الحياة إلى متقوقعة في سجن مصطنع لها لا ينتج إلا الحزن والسلبية، وهو إضرار بشخصيتها الإنسانية ومصادرة نوعية لها ومشر لإرادتها وتمهيد خطير لاستلابها ووضعها في خانة التبعية والخنوع والتعنيف بلا اعتراض واجب.
على أننا يجب دائما التذكير بأن قضية المرأة هي قضية مجتمع بأكمله وبأن حلولها الموضوعية هي الحلول التي تشمل مجمل ثقافة المجتمع وأن التغيير المجتمعي الكلي هو الأساس الأشمل للحل لكن ذلك لا يمنع من الوقوف بوجه بعض (رجال) بخاصة ممن يرتدي الجلباب والعمامة ومن يمثل السلطة السياسية الطائفية أي بوجه اختلاق غيتوات ومحابس حتى في مجتمعات الجاليات العراقية المهاجرة الموجودة بمجتمعات متقدمة، وهو أمر بشديد الأسف أباح ارتكاب جرائم مركبة ومعقدة تتطلب موقفا من منظمات المجتمع المدني ومنها النسوية في مطاردة ما يشاع بحجة التدين ولباس العفة وعلامات ما يسمونها سن التكليف (الشرعي) وما شابه من منظومات قيمية لا تنتمي لا لدين ولا لمذهب ونحن بحاجة ماسة وملحة لخطاب يحترم إنسانية الإنسان ومنه إنسانية المرأة وتتطلب الأمور دراسة الغث من السمين والإيجابي من السلبي في ضوء القوانين المرعية وقيم الأنسنة وإبعادا لاحتمالات الاستغلال وإيقاع الإجحاف بحق المرأة..
إن قوى التنوير ينبغي ألا تنسى أنها اليوم بحال ثوري ينادي بالتغيير الأشمل وعليه فإن أي مطالبات يلزم ألا تتراجع إلى منطقة القبول بالحكومة وقوى السلطة التي تم سحب شرعيتها وإنهاء صلاحية وجودها وهو ما يفرض على قوى التنوير أن تؤكد على مطالب الشعب الرئيسة بالإسراع بتشكيل حكومة إنقاذ انتقالية تعد للانتخابات في ظل انعتاق الإنسان وحرياته وبالتأكيد يعني هذا حرية المرأة ومنع كل أشكال العنف الواقع عليها ومنه العنف المنزلي ووجود قانون مؤهل وسليم ومتكامل تعده هذه القوى للإقرار ولا تنتظر أن يعده من يمارس الجرائم ضد النساء بلا ما يصده عن جريمته طالما تلك القوى تستجدي أو تضع المطالب وتهرب متبرئة من المسؤولية…
إن من يدعو لتشريع قانون وقف العنف الأسري وحماية المرأة يلزم أن يساهم فعليا بصياغة مشروعه ومن يتحدث عن تبعات الحظر الصحي والحجر المنزلي يلزمه تفعيل ما تقوم به الشبيبة من مشروعات متفتحة بالخصوص ولعل من بين الأمور تعزيز الوصول إلى من يحتاج للدعم والمؤازرة والمرأة هنا وما تعانيه أول من يحتاج لذلك فعليا عمليا. وطبعا لن يقبل المجتمع المدني التبريرات التي تحيل الأمور إلى الأوضاع الاقتصادية المعيشية والاجتماعية وبعض العادات والتقاليد من دون موقف عملي يتصدى لتلك الجريمة، إذ ما ترك للمنظمات الحقوقية وهو يمارس لعبة الإدانة اللفظية ويكتفي بالشكلي من دون الممارسة العملية!؟
إننا جميعا معنيون وإلا فإن الجريمة ستقع قانونا على كواهل الصامتين مثلما من يرتكبها ويضحك من مجتمع مهزوم مستسلم لما يُرتكب من دون رد حازم حاسم تمثل بمتابعة حركة التنوير والتغيير لولا ظروف الجائحة المنتهية قريبا لا بعيدا بل التي قد يتم كسر فروضها إذا ما أوغل من يفرض سلطته وسطوته بالإكراه ومعه جرائم من قبيل العنف السري واشكال العنف الأخرى التي تسرح وتمرح بها قوى الميليشيات الظلامية الرعناء
فلنقف معا وسويا بقضية ليست حصرا بامرأة أو أخرى ولا بالنسوة جميعا بل تعني المجتمع كليا وبرمته.. فهل وعينا الدرس من تلك المؤشرات العنفية الجارية؟؟؟
التعليقات
٢
-
أبرز المعجبينلا شك مقال يتناسب مع حدوث حالة واحدة لكن الوضع في العراق يتماشى مع انهيار العراق سياسيًا وحتى اجتماعيًا وبدات تحل العادات العشائرية التي تعلي من الذكورية والتي تتعارض مع مبادئ الدين الحنيف ومع النظم والقوانين العالمية هذا الى جانب ان يكون الأب لديه أمراض نفسية انعكاسًا للحالة العراقية الذي تحول المجتمع الى عسكرة ومليشيات انعكست على سلوك الأب هذا اضافة الى ان المجتمع العراقي منهار في كافة مؤسساته الاجتماعية وعلى رأسها منظمات حقوقية تحمي حقوق المرأة والطفل خصوصًا لمن تخلى من الآباء عن مسؤولية الرعاية والأبوة وتحولوا الى وحوش داخل بيوتهم فأصبح الرعب اجتماعي وأسري دمت اخي الدكتور تيسيرا مفكرا تنويريا.
٢
أبرز المعجبينليست تحيتي كما دائما بل هي تنفرد اليوم باعتداد مخصوص لإيجاز وشمول للحالة العراقية.. فكما تفضلت الوضع ينحدر من منبع الوضع العام ومشكلاته المعقدة المستعصية وإقفاله أو انغلاقه على ذاك المنطلق القائم على مرض سلطة سياسية تتحد بسلطة مجتمعية ممزقة منهارة تنهل منظومتها الثقافية من زمن السطوة العصمللية كما يسميها العراقيون لققرون الحكم العثماني الظلامي وأزمنة الطائفية المتخلفة الظلامية لنجابه اليوم ما أشرت غليه: وضعا بطرياركيا أبويا ذكوري النهج والخطاب ما يتعارض وإنسانية وجودنا مع استناد لبلطجة عنفية ميليشياوية تستيغ الخنوع لزعامات البلطجة وتشكيلات التسلح وتستأسد على الفئات الهشة و\أو السلبية ومنها هنا أولا المراة العراقية .. صديقي العزيز إن دراسات تستند للسوسيوسايكولوجي وللسياسي التنويري هي ما نحتاجه لنبسط الصورة ونوضحها بدقة وسلاسة كيما نصل إلى عقول تم إغلاقها عن عمد وسبق إصرار باختلاف ما حملت من أمراض وأوبئة.. دمت بهيا مشرقا بمثل هذي الومضات المميزة التي ننتظرها ونتطلع لمساهماتها المهمة في نقل المادة إلى جمهور جديد مضاف يفيد ويستفيد ويبدأ حوارات منتظرة بخاصة مع علامات ربما تبدو فردية في الحدث الذي تقع به وتتلبسه ولكنها حتما مؤشرات لظواهر اجتماعية وسياسية خطيرة .. احترامي أيها الرائع
زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية 5 – 67 الروابط في أدناه
للانتقال إلى ((زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية)) يرجى الضغط هنا على هذا الرابط \ د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
موقع الصدى.نت
توطئة: اخترتُ تسمية نوافذ، لأنّ كل معالجة تتجسد بموضوع بعينه يمثل (نافذة) من النوافذ ليمر إلى جمهوره عبر تلك النافذة؛ في حلقات.. وتمثل كل حلقة (إطلالة) من الإطلالات التنويرية. ومن هنا جاء اختيار اسم الزاوية كونها (نوافذ) تمر عبرها (إطلالات) تنويرية الدلالة والقصد. بمعنى أنّها تجسد محاولة لـ تلخيص التجاريب الإنسانية بجهد لمحرر الزاوية؛ متطلعاً لتفاعلات تجسد إطلالات المتلقين بتداخلات ورؤى ومعالجات مقابلة، يمكنها تنضيج المشترك بين مقترح النوافذ وإطلالاتها التنويرية وبين توصيات المتخصصين والجمهور وما يروه حاسماً في تقديم المعالجة الأنجع.
مرحبا بكنّ، مرحباً بكم في زاوية ((نوافذ وإطلالات تنويرية))، إنها محاولة لتفتيح النوافذ ومن ثمّ تفتيح البوابات وجعلها مشرعة للحوار الأنجع والأكثر تنضيجاً لمعطيات تجاريبنا الخاصة والعامة، تجاريبنا الجمعية التي نتبادل فيها الخبرات ونستقطب منها وبوساطتها المتاح من القيم السامية لمنجزنا المشترك
نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام
بالأساس أكتب إطلالات لكل نافذة من نوافذ التنوير بوصفها حلقات في إطار الخطاب الثقافي جوهرياً، ولكنني هنا بهذه النافذة أشير إلى وجه آخر بقع بإطار ضغوط الخطاب المجتمعي العام ومنه السياسي على حركة التنوير بما يجسد ما يرتكبه الظلاميون وخطابهم وأضاليله ضد التنوير محاولا الإجابة عن أسئلة تحدد مهام التنوير والتنويريين بروح سلمي مكين.. متطلعا لحوار القارئ وإضافاته مقترحاتٍ وتوصياتٍ فأهلا وسهلا
صفحة د. تيسير عبدالجبار الآلوسي: زاوية نوافذ وإطلالات تنويرية بموقع الصدى نت
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة (05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة(71): سيوضع هنا بوقت لاحق
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة (05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة(70): سيوضع هنا بوقت لاحق
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة (05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة(69): سيوضع هنا بوقت لاحق
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة (05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة(68): سيوضع هنا بوقت لاحق
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة (05):فضاءات التنوير يقارع الظلام \\إطلالة(12): إدارة مشروعات التعليم بين المال والخرافة
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (11): الوحدة في التنوع وإجابات المصير والحرية
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (10): علمنة الخرافة ومحاولات اختراق التعليم العالي وتشويهه!
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (09): حرق الغاز وانعكاساته على الاقتصاد والسياسة في العراق؟
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (08): الثقافة وتنوير طريق التغيير في عراق اليوم
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (07): بقعةُ ضوءٍ لـ تنويرٍ في القضيةِ العراقية بين فيضانٍ وطوفان؟
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (06): معنى وجود الميليشيا بوجود الجيش الوطني؟
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (05): حركات شعبية من أجل التغيير ومنطقة على صفيح ساخن
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (04): بين التسامح والثأر ماذا نختار من الخطابين المتضادين فكرياً منهجياً؟
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (03): الوطنية والمشهد العراقي بين الحاكم والمحكوم
نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة(05): فضاءات التنوير يقارع الظلام \\ إطلالة (02): هل حقاً لا يمكن التخلي عن الميليشيات في المدى المنظور؟
***************************************
نافذة (1) بعنوان: منطق العقل العلمي ومنهجه
نافذة (2) بعنوان: المسرح والحياة
نافذة (3) بعنوان: التعليم وآفاق متغيراته
إطلالات جديدة في نافذة (4) بعنوان: التنوير بين جماليات الأدب ومضامينه
سلسلة إطلالات تنويرية للنافذة الرابعة؛ تقدم حركة التنوير عبر اشتغالات الأدب وجمالياته ومعالجاته موضوعاته واقتراحات مضامين المعالجة تلك.. إنَّ سلسلة الكتابات التنويرية تتطلع إلى تحولها لكتيبات تكون قناديل وسط ظلمة مفروضة قسرا على العقل الفردي والجمعي في العراق بقصد إدامة استعباد الناس وإخضاعهم لنير التخلف ومنطق الخرافة وإفرازات نفاياتها.. فهلا تفاعلنا لمزيد تنضيج وتفعيل لأدوار التنوير تلك !؟؟؟؟
سنتابع إطلالات التنوير والأدب مع ظهور إطلالات ضمن نافذة التنوير يقارع الظلام
*** ***** ***
إلى إطلالات النوافذ التنويرية السابقة
*** ***** ***
إطلالات النافذة (3) وكانت بعنوان: التعليم وآفاق متغيراته
سلسلة إطلالات تنويرية للنافذة الثالثة؛ كل إطلالة هي حلقة من سلسلة حلقات المعالجة التي تصب بتناول العمق الفلسفي الفكري لخطاب التعليم وعلاقته بالواقع ومتغيراته في حركة التقدم اللولبية بإطار يتحدد بمنطق العقل العلمي ومنهجه:
يمكنكنّ ويمكنكم الاطلاع على حلقات النافذة الثالثة أسفل (تحت) مادة الحلقة الأخيرة الموجودة في الرابط أعلاه
*** ***** ***
إطلالات النافذة (2) وكانت بعنوان: المسرح والحياة
زاوية: نوافذ وإطلالات تنويرية \\ نافذة 02: المسرح والحياة \\ إطلالة 20: المسرح المدرسي ونظام التعليم
يمكنكنّ ويمكنكم الاطلاع على حلقات النافذة الثانية أسفل (تحت) مادة الحلقة الأخيرة الموجودة في الرابط أعلاه
*** ***** ***
إطلالات النافذة (1) وكانت بعنوان: منطق العقل العلمي ومنهجه
نوافذ وإطلالات تنويرية منهج العقل العلمي \\ نافذة 1ج منهج العقل العلمي وقدرات الفعل \\ إطلالة 30: منهج العقل العلمي وجوهر التجربة التاريخية لحركة التنوير
يمكنكنّ ويمكنكم الاطلاع على حلقات النافذة الأولى أسفل (تحت) مادة الحلقة الأخيرة الموجودة في الرابط أعلاه
******************************************************
اضغط على الصورة للانتقال إلى الموقع ومعالجاته
********************يمكنكم التسجيل للحصول على ما يُنشر أولا بأول***********************
تيسير عبدالجبار الآلوسي
https://www.facebook.com/alalousiarchive/
للوصول إلى كتابات تيسير الآلوسي في مواقع التواصل الاجتماعي
https://www.somerian-slates.com/2016/10/19/3752/